إغلاق

تابع محتوى الدولة

الفرق الاعتقادية المخالفة لأهل السنة والجماعة

  • التعريف

قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى : " أصل اثنين وسبعين هوى أربعة أهواء ؛فمن هذه الأربعة الأهواء تشعبت الاثنان وسبعون هوى :
1) القدرية.
2) والمرجئة.
3) والشيعة.
4) والخوارج.

فمن قدم أبا بكر وعمر وعثمان وعليًا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم في الباقين إلا بخير ودعا لهم ؛ فقد خرج من التشيع أوله وآخره .
ومن قال: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقد خرج من الإرجاء أوله وآخره .
ومن قال : الصلاة خلف كل بر وفاجر ، والجهاد مع كل خليفة ، ولم ير الخروج على السلطان بالسيف ودعا لهم بالصلاح ؛ فقد خرج من قول الخوارج أوله وآخره " .
ذكره البربهاري في شرح السنة (ص128-129) .

ونظم ذلك الإمام أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى في الأرجوزة المنبهة (ص191-192) بقوله :

وكلُّ ما أحدثَهُ أهل البدع = فبدعةٌ مُضلَّةٌ لا تُتَّبَع
والبدعُ الأُصُول فاعلم أربعة = قولُ الشُّراةِ مذهبٌ ما أشنَعَه
أخسس بهم وما به قد جاؤوا = والرفضُ والقدرُ والإرجاءُ

والشراة : هم الخوارج ، قال أبو الحسن الأشعري رحمه الله تعالى في مقالات الإسلاميين (1/111) : "وللخوارج ألقاب: فمن ألقابهم الوصف لهم بأنهم خوارج ومن ألقابهم ، الحرورية ، ومن ألقابهم الشراة ، والحرارية ، ومن ألقابهم المارقة ، ومن ألقابهم المُحكِّمة ".
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في أول شرح كتاب التوحيد من فتح الباري (13/344) الجهمية بدلاً من المرجئة ، وعبد الله بن المبارك رحمه الله لم يذكر الجهمية لأنه لم يكن يراهم من فرق الأمة. انظر : مجموع الفتاوى (3/350-351) ، (17/447).
وفي ثلاث من هذه الأربع أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : فالقدرية والمرجئة جاء فيهم حديث : " صنفان من أمتي لا تردان علي الحوض ، القدرية والمرجئة " أخرجه الطبراني في الأوسط ، والخوارج جاء فيهم أحاديث منها : " الخوارج كلاب النار " . وغير ذلك من الأحاديث المستفيضة. 

درجات الشيعة: 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (التسعينية) (1/263-264)

"والشيعة هم ثلاث درجات:

شرها الغالية: الذين جعلوا لعلي شيئًا من الإلهية، أو يصفونه بالنبوة، وكفر هؤلاء بين لكل مسلم يعرف الإسلام، وكفرهم من جنس كفر النصارى من هذا الوجه، وهم يشبهون اليهود من وجوه أخر.

والدرجة الثَّانية، وهم الرافضة، المعروفون كالإمامية وغيرهم: الذين يعتقدون أن عليًّا هو الإمام الحق بعد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بنص جلي أو خفي، وأنه ظلم ومنع حقه، ويبغضون أبا بكر وعمر، ويشتمونهما، وهذا عند الأئمة فيما الرافضة، وهو بغض أبي بكر وعمر وسبهما.

والدرجة الثالثة: المفضِّلة من الزيدية وغيرهم: الذين يفضلون عليًّا على أبي بكر وعمر، ولكن يعتقدون إمامتهما وعدالتهما ويتولونهما، فهذه الدرجة -وإن كانت باطلة- فقد نسب إليها طوائف من أهل الفقه والعبادة، وليس أهلها قريبًا ممن قبلهم، بل هم إلى أهل السنة أقرب منهم إلى الرافضة، لأنهم ينازعون الرافضة في إمامة الشيخين وعدلهما وموالاتهما، وينازعون أهل السنة في فضلهما على علي، والنزاع الأول أعظم، ولكنهم هم المرقاة التي تصعد منه الرافضة فهم لهم باب.

درجات الجهمية: 

الجهميَّةُ على ثلاثِ درجَات

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (التسعينية) (1/265-271) : " الجهميَّةُ على ثلاثِ درجَات :

1- فشرها الغالية: الذين ينفون أسماءَ الله وصفاته ، وإن سَمَّوهُ بشيء من أسمائه الحسنى قالوا : هو مجازٌ ، فهو في الحقيقة عندهم ليس بحي ولا عالم ولا قادر ولا سميع ولا بصير ولا متكلم ولا يتكلم ، وكذلك وصف العلماء حقيقة قولهم ، كما ذكره الإمام أحمد فيما أخرجه في الرد على الزنادقة والجهمية ، وأبو الحسن الأشعري في كتاب الإبانة ومقالات الإسلاميين .

وهذا القولُ الذي هو قول الغالية النفاة للأسماء حقيقة ، هو قول القرامطة الباطنية ، ومن سبَقَهم من إخوانهم الصابئة الفلاسفة .

2 - والدرجة الثانية من التجهم : هو تجهُّم المعتزلةِ ونحوِهم ، الذين يُقرُّون بأسماء الله الحسنى في الجملة ، لكن ينفُون صفاتِه، وهم أيضاً لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلِّها على الحقيقة ، بل يجعلُون كثيراً منها على المجاز ، وهؤلاء هُمُ الجهميَّةُ المشهُورونَ .

3- وأما الدرجةُ الثالثَةُ : فهُمُ الصِّفاتِيَّةُ المثبتُون المخالفون للجهمية ، لكن فيهم نوعٌ من التجهُّم، كالذين يُقرُّون بأسماء الله وصفاته في الجملة ، لكن يردُّون طائفةً من أسمائه وصفاته الخبرية ، أو غير الخبرية ، ويتأوَّلُونها كما تأوَّل الأولون صفاتِه كلَّها .

ومن هؤلاء من يُقرُّ بصفاتِه الخبريَّةِ الواردةِ في القرآن دونَ الحديث ، كما عليه كثيرٌ من أهل الكلام والفقه وطائفةٌ من أهل الحديث .

ومنهم من يُقرُّ بالصفاتِ الواردة في الأخبار أيضاً في الجملة ، لكن مع نفيٍ وتعطيلٍ لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول ، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتَّبعه .

وفي هذا القسم يدخُل أبو الحسن الأشعريُّ وطوائفُ من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضَةِ أقربُ منهم إلى الجهمية والرَّافضة والخوارج والقدرية، لكن انتسب إليهم طائفةٌ هم إلى الجهمية أقربُ منهم إلى أهل السُّنَّة المحضةِ، فإن هؤلاء ينازِعُون المعتزلة نزاعًا عظيمًا فيما يُثبِتُونه من الصفات أعظم من منازعتهم لسائر أهل الإثبات فيما ينفُونه .

وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم أكثر وقدَّموهم على أهل السنة والإثبات، وخالفوا أوليهم، ومنهم من يتقارب نفيه وإثباته، وأكثر الناس يقولون: إن هؤلاء يتناقضون فيما يجمعونه من النفي والإثبات " .

فقد تناولنا في هذا العرض المختصر تعريفًا مجملًا بأبرز الفرق الاعتقادية المخالفة لأهل السنة والجماعة، ودرجاتها، أما تفاصيل المعلومات عن كل فرقة، وما يتعلق بها من تفاصيل كثيرة، فسيكون في الأقسام الفرعية، التي كان التركيز فيها على ما كان حاضرًا اليوم من الفرق الاعتقادية المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة.