الإسلام لغة: هو الاستسلام والانقياد والخضوع .
أما في الاصطلاح: فهو الدين السماوي الخاتم الذي ارتضاه الله تعالى للبشرية جمعاء، وبعث به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لهداية الثقلين: الإنس والجن، وتوحيده سبحانه وتعالى توحيدًا خالصًا في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، والإذعان لمشيئته عن رضا واختيار، وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه وإقامة حدوده، من خلال إخلاص العقيدة، والتمسك بمكارم الأخلاق، ومراقبة الله في العبادات، وذلك إقامة لأركان الإسلام الخمسة، واعمالًا لأركان الإيمان الستة، وتمسكًا بجوهر الإحسان.
أساسيات:
الإسلام هو الدين السماوي الذي أوحاه الله سبحانه وتعالى إلى رسله، ومن أجل عبادته سجانه خلق الثقلين: الجن والإنس، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [سورالذاريات، الآية :56] .
ولبيان ذلك للناس أرسل الرسل، قال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومتهم من حقت عليه الضلالة) [سورة النحل، الاية: 36].
ولما ضل الناس وحرفوا كتبهم وغلوا في أنبيائهم، وأشركوا بالله، بعث الله محمدًا بهذا الدين المتين، الذي ارتضاه الله تعالى لكل البشرية إلى يوم الدين، وجعله الدين الحق عنده (إن الدين عند الله الإسلام) [سورة آل عمران: الآية: 19] . والناسخ لما سواه فلا دين سواه (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [سورة آل عمران: الآية: 85].
نبذة عن بعض جوانب العظمة في شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
لا يتسع المجال هنا للحديث عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنا نشير إلى بعض المعالم التي تلقي الضوء على بعض جوانب العظمة في حياته صلى الله عليه وسلم.
وتتمثل بعض جوانب العظمة في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما يلي:
1 - حفظ الله تعالى له صلى الله عليه وسلم منذ طفولته وعصمته إياه، حيث كان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقاً، وأكرمهم حسباً، وأحسنهم جوارًا، وأعظمهم حلمًا، وأصدقهم حديثاً، وأكثرهم أمانة، وأبعدهم من الفحش؛ لذلك سمي في قومه: «الأمين»، وهكذا لم يكن يتمه مدعاة لخروجه عن سواء السبيل، ولا شبابه دون أب يرعاه سبباً في انقياده لرغبة أو هوى أو شهوة، بل رعاه الله فتزوج في الخامسة والعشرين من سيدة فاضلة هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
2 - وبعد بعثته صلى الله عليه وسلم وهو في الأربعين حافَظَ على كل ما يلزم الاقتداء به فيه من حيث اعتقاداته، وأفعاله، وأقواله، وأخلاقه، وعندما أُمِر بتبليغ ما أنزل إليه بعد ثلاث سنوات من نبوته قام يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وعندما أوذي صبر على الأذى حتى أذن الله له بالهجرة الى المدينة المنورة، فجعلها - بعد هجرته مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه - مركز دعوته، حيث بدأ نشر الإسلام في ربوع العالم.
3- وقد أجرى الله على يديه صلى الله عليه وسلم معجزاتٍ ذكرَها القرآن، وكتب الحديث والسيرة، منها: معجزة الإسراء والمعراج، وانشقاق القمر، وتآكل صحيفة قريش، ورد عين قتادة، وغوص قوائم فرسي سراقة بن مالك في الرمال، وتحطيم صخرة الخندق، وحديث الشاة المسمومة، وحنين الجذع، وتسبيح الحصى، والبعير الشاكي، وتكثير الطعام، والبلاغة والفصاحة المتناهية رغم أميته. وأما معجزته الخالدة فهي القرآن الكريم الذي لا تنتهي عجائبُه، ولا يخلق على كثرة الرد. وقد ضمن الله حفظه من كل تغيير أو تحريف حين قال : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). [سورة الحجر، الآية: 9]0
4- ربَّى صلى الله عليه وسلم أتباعه من المهاجرين والأنصار على الإخلاص لدين الله والتفاني في نصرته والجهاد في سبيله، فخاضوا معه غزوات، أهمها: غزوة بدر، وأحد، وبني النضير، وخيبر، وبني المصطلق، والأحزاب، والخندق، وفتح مكة.. إلخ، وكلها كانت حروباً عادلة، فقد كانت إمَّا ردًّا على عدوان، أو دعوة إلى التوحيد، ولم يحدث فيها أي اعتداء على كرامة أي إنسان .
5- وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 11 ه وله من العمر 63 عامأ.
6 - وقد اعترف بعظمته كثير من الباحثين من غير المسلمين والمستشرقين المنصفين، وأدلوا بشهادات لا تُحصى، ولا تعد، سجلها التاريخ، وكلها تؤكد أن الإنسانية لم تر له مثيلًا. ولعل من ذلك ما سجله عالم الذرة الأمريكي مايكل هارث في كتابه (الخالدون المائة) حيث وضع محمدًا في هذه المجموعة كأعظم رجل عرفته البشرية في تاريخها، قائدًا دينيًّا ودنيويًّا لا نظير له، حيث يقول: (فلا عيسى ولا ماركس وإنما هو محمد الذي تبوأ سيرة أعظم رجل في التاريخ الإنساني) .
الخلفاء الراشدون:
الخلفاء الراشدون هم أفضل الصحابة، والمؤسسون الأولون للدولة الإسلامية، ومنفذو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم:
1- أبو بكر الصديق رضي الله عنه (11 - 13 ه/632 – 634م):
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بايعه المسلمون في سقيفة بني ساعدة، ومن أهم أعماله: حرب المرتدين، وجمع القرآن الكريم، وإنفاذ حملة أسامة بن زيد، وتوجيه الجيوش لفتح بلاد العراق وبلاد الشام، ولكن المنية عاجلته حيث لم يستمر في الخلافة سوى ستتين وثلاثة أشهر.
2-عمر بن الخطاب رضي الله عنه (13-23هـ/634-644م):
أوصى أبو بكر الصديق له بالخلافة من بعده، وتم في عهده : الانتصار على الفرس بقيادة سعد بن أبي وقاص في معركة القادسية، وفتح فلسطين ومصر على يدي عمرو بن العاص.
وقد أنشأ عمر رضي الله عنه نظام الخراج، ورتب الدواوين، ووضع التاريخ الهجري، وأنشأ المدن ونظَّم الولايات، وعين القضاة، وأنشأ نظام الحسبة والبريد.
وقد طعنه أبو لؤلؤة المجوسي بخنجر في المسجد وهو يصلي بالناس صلاة الفجر، وكانت وفاته رضي الله عنه في 27 ذي الحجة سنة 23 ه الموافق 3 نوفمبر 644م.
3-عثمان بن عفان رضي الله عنه (23-35هـ / 644-656م):
تولى الخلافة بعد عمر بن الخطاب وفي عهده تم القضاء على الثورات المعادية للإسلام، واستمر التوسع في الفتوحات الإسلامية، حيث غزا عبد الله بن أبي السرح والي مصر شمال إفريقيا، وتخطت جيوش المسلمين نهر جيحون، ودخلت بلاد ما وراء النهر على يد عبد الله بن أبي عامر.
وفي عهده تأسس أسطول إسلامي فتح به المسلمون قبرص ورودس، وهزموا البيزنطيين في معركة ذات الصواري سنة 31ه (652م).
عهد إلى زيد بن ثابت بكتابة المصحف، فجمع المسلمين على وجه واحد في قراءة القرآن الكريم.
قتل على يد بعض الخارجين من البصرة والكوفة ومصر، بتحريض من اليهودي عبد الله بن سبأ في ذي الحجة سنة 35هـ، الموافق (يونيو 656م).
4-علي بن أبي طالب رضي الله عنه (35-40هـ/656-661م):
تولى الخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وبدأ بعزل الولاة الذين كانوا مثار الفتنة، كما رد القطائع والهبات إلى بيت المال، فعارضه معاوية بن أبي سفيان فحدثت فتنة ومعارك، أهمها موقعة الجمل ومعركة صفين وموقعة النهروان. وخرج عليه من يعرفون بالخوارج في 17 رمضان سنة 40ه. وقد قتله عبد الرحمن بن ملجم بعد أن أمضى أربع سنوات وتسعة أشهر في الخلافة، ودفن بالكوفة.
قادة الفتح الإسلامي:
ومن أشهر القادة المسلمين :
من أهم الشخصيات الإسلامية:
الإسلام دين علم وحضارة، ومن أهم الشخصيات ذات الدور البارز في هذا الصدد:
1-في الفقه: الإمام أبو حنيفة، وتوفي سنة 150هـ، والإمام مالك، وتوفي سنة 179ه، والإمام الشافعي، وتوفي سنة 204 هـ، والإمام أحمد بن حنبل، وتوفي سنة 241ه، وهم مؤسسو مذاهب أهل السنة الأربعة، التي بقيت بعد اندثار عشرات من مذاهب أهل السنة الأخرى، كمذهب الإمام الليث بن سعد، ومذهب الإمام الأوزاعي.
2-في التفسير: في صدر الإسلام علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وفي عهد التابعين سعيد بن جبير بن هشام الكوفي، وجابر بن يزيد الجعفي، ومجاهد بن جبر المكي، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة، وطاووس بن كيسان اليماني، ثم سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من رجال الحديث.
ومن أشهر التفاسير تفسير محمد بن جرير الطبري المعروف بـ(التفسير الكبير) ثم تفسير ابن ماجه، وتفسير النيسابوري، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، وغير ذلك.
3 - في الحديث والسنن: كان أكثر من روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديثه أبوهريرة رضي الله عنه، والسيدة عائشة رضي الله عنها، ثم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ثم أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم، ومن أشهر كتب الحديث: الجامع الصحيح للإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وموطأ الإمام مالك بن أنس، ومسند الإمام أحمد، وسن أبي داود وسنن ابن ماجه، وسنن الترمذي وغير ذلك.
4-في اللغة العربية: أبرز واضعي علم النحو: أبو الأسود الدؤلي، والخليل بن أحمد، وسيبويه.
5- في الأدب: يعتبر حسان بن ثابت من أشهر شعراء المسلمين في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي العهد الأموي نبغ جرير والفرزدق والأخطل، وفي العصر العباسي نبغ أبو تمام، والبحتري، وأبو العلاء المعري، وابن الرومي، والمتنبي، وفي النثر نبغ كثيرون مثل: عبد الحميد بن يحيى، وعبد الله بن المقفع، والجاحظ.
6- في العلوم الاجتماعية: تناول محمد بن إسحاق المتوفى سنة 120ه (سيرة الرسول)، وتناول البلاذري المتوفى سنة 279ه (فتوح البلدان)، وتناول الطبري المتوفى سنة 310ه (تاريخ الأمم والملوك)، وكتب المسعودي المتوفى سنة 346ه كتاب (مروج الذهب)، وكتب ابن الأثير المتوفى سنة 630 ه كتابه (الكامل في التاريخ)، وكتب ابن خلدون مقدمته الشهيرة كتاب (المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر).
وألف في علم الجغرافيا ياقوت الحموي صاحب كتاب معجم البلدان، والإدريسي صاحب نزهة المشتاق، والخوارزمي صاحب كتاب صورة الأرض. ويعتبر المسلمون أول من وضعوا فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
7- في العلوم الطبيعية: نبغ جابر بن حيان في الكيمياء، وموسى بن شاكر والبيروني وعباس بن فرناس في علم الميكانيكا، والكندي والحسن بن الهيثم والبيروني في علم الفيزياء.
8- في الرياضات: نبغ الخوارزمي في علم الجبر، والحسن بن الهيثم ومحمد البغدادي في الهندسة، ونصير الدين الطوسي - وهو من الشيعة الإثني عشرية - في حساب المثلثات.
9- في علم الفلك: نبغ فيه محمد بن إبراهيم الفزاري، وأبو الريحان البيروني، وعمر الخيام.
10- في علم الطب والصيدلة: اشتهر مجموعة من العلماء على رأسهم : ابن سينا والرازي وغيرهما، كما برز علماء في فن العمارة والزخرفة وصناعة الخزف والقيشاني والزجاج والتطعيم بالصدف أو العاج .
وهكذا نرى أن الحضارة الإسلامية أينعت وازدهرت وآتت أكلها على مر التاريخ، وكان للمسلمين إسهامهم البارز في تقدم الحضارة البشرية، وكان لمبادىء الحضارة الإسلامية أثر كبير في حركات الإصلاح الفكرية التي قامت في أوروبا منذ القرن السابع حتى عصر النهضة الحديثة، وفي تفتح أذهان الشعوب في الغرب على مبادىء الإسلام الخالدة، وكانت الجامعات الأوروبية تعتمد على كتب العلماء المسلمين التي ترجمت إلى اللاتينية، وقام العلماء المسلمون بتدريس العلوم والفلسفة في مساجد اشبيلية وقرطبة وغرناطة، وغدت كتب العلماء المسلمين تدرس في جامعات أوروبا، وهكذا الشأن بالنسبة لكثير من العلوم والآداب التي انتقلت للغرب عن طريق الأندلس، ولذا فإن الإسلام، وبحق، كان دين الحضارة والمدنية العاقلة المستنيرة بنور الله.
1-أركان الإسلام:
بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا .
أ-فالشهادتان: تستهدفان توحيد الله بإخلاص العبادة له، والبراءة من عبادة كل ما سواه، والإقرار للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والنطق بالشهادتين هو المفتاح الذي يدخل به الإنسان في الإسلام، وتجري عليه أحكامه، والشهادة بوحدانية الله تتضمن كمال العقيدة في الله من جهة الربوبية والألوهية، أو العبادة والأسماء والصفات.
ب - والصلاة: عبادة بدنية فرضها الله تعالى على المسلم في اليوم والليلة خمس مرات، وصلة بين العبد وربه لتهذيب النفس ووقايتها من الفحشاء والمنكر، وتطهيرها من غرائز الشر، والنأي بها عن الغي والضلال والخلود في النار، وفي الصلاة يخلص المؤمن من دنياه، ويتفرغ لربه بالتكبير والمناجاة، وطلب المعونة والهداية، والأصل في تطبيقها على الوجه الصحح قوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي). والصلاة سبيل لتعارف المسلمين ووحدتهم، لا سيما إذا امتثل المسلمون لأوامر الدين، ولم يفرطوا في صلاة الجماعة والجمعة والعيدين وغير ذلك.
جـ-والزكاة: عبادة مالية، يمد فيها الغني يده للفقير، بما يسد حاجته، وهي فرض على الغني فيما زاد من ماله عن حاجته وحاجة من ينفق عليهم إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، وذلك من ماله النقدي ومواشيه وثماره وزروعه، وقيم أعيانه التجارية بنسب محددة تفي بحاجة الفقير ولا ترهق الغني. وزكاة النقود والتجارة تؤدى في كل عام مرة، بينما تؤدى زكاة الزرع في كل زرعة، وهذه الفريضة تقي الأغنياء شر الطغيان المالي المفسد، وتشفي صدور الفقراء من كل حقد وحسد.
د - وصوم رمضان: هو الركن الرابع من أركان الإسلام، له مظهر مادي هو حرمان الإنسان نفسه من الطعام والشراب والجماع، من الفجر حتى غروب الشمس طيلة شهر رمضان طاعة لله عز وجل، واتباعًا لرسوله صلى الله عليه وسلم، وله مظهر معنوي هو غرس خلق المراقبة في الذات، وتثبيت الصبر في الصدور، فتصدق النية، وتقوى العزيمة، ويزكو القلب، وتصفو النفس، وتتهذب الروح، ويصبح الإنسان منبعاً فياضاً للخير.
هـ-وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلًا: هو الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي ينتظم من الإنسان قلبه وبدنه وماله، ويقوم به المستطيع من المسلمين في زمن معلوم إلى أمكنة معلومة، امتثالًا لأمر الله وابتغاء مرضاته، مع التجرد من الثياب المخيطة، ومن صنوف الزينة والترف، وغرائز البدن، وعدم التعدي بالأذى على الإنسان، وحتى الحيوان والنبات.
والأصل في القيام بأركانه وواجباته وغير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني مناسككم)). والحج مؤتمر إسلامي كريم، فيه يتشاور المسلمون، ويتعارفون، ويتعاونون.
2-الإيمان:
وهو عند أهل السنة قول وعمل، فالقول قول القلب بالإقرار بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وقول اللسان بالنطق بالشهادتين، والعمل عمل القلب بالتوكل والخشية والرجاء والإنابة والمحبة والخوف، وعمل الجوارح بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والجهاد والبر والإحسان، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء من شعب الإيمان.
وللإيمان أركان محددة وهي الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وخير دليل على الإيمان هو ما يقوم به العبد من أعمال صالحة، ولهذا يجمع الله عز وجل في كثير من الآيات القرآنية يين الإيمان والعمل الصالح كقوله تعالى : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا). [سورة الكهف،الآية:107].
3- الإحسان:
وهو أعلى المراتب في هذا الدين المتين حيث يراقب العبد تصرفاته وعبادته بنفسه، كما لو كان يرى الله سبحانه وتعالى، فإن لم يكن الإنسان يستطيع أن يستشعر ذلك، فلا أقل من أن يدرك أن الله تعالى مطلع على كل أعماله وتصرفاته واعتقاده، فالإحسان هو: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وقد ضبط الإسلام الأحكام الاعتقادية ضبطاً يبلور عقيدة التوحيد، وأفسح مجالًا رحباً للأحكام الخلقية التي هي أساس صلاح نفوس العبيد، وصاغ الأحكام العملية صياغة تستجيب لها فطرة كل من كان له قلب واع مبصر، وكل ذلك في ظل استبعاد الشركيات بنور التوحيد، وسد كل ذريعة أمامها، وتأكيد الوسطية، ونفي الوساطة، وفتح الباب أمام الاتصال المباشر بالله، وتكريم الإنسان بالعقل، ودفعه إلى سبيل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعمال الشورى . وفي ظل أسس هامة : كنفي الحرج، ويسر التكاليف، والتدرج في الأحكام، ومسايرة مصالح الأنام، وتحقيق العدالة، وكل ذلك إنقاذًا للبشرية مما لحق الكتب السماوية السابقة من تحريف، والأديان السابقة من الغلو أو التفريط الذي فتح الباب أمام تيار زعم تعدد الآلهة، وما ترتب عليه ذلك من تجاهل لقيمة العقل والنقل، والحكمة من خلق الجن والإنس.
القرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان للتشريع لا يجوز يعارضا بشيء من المعارضات، سواء كان معقولًا أو ذوقًا أو رأيًا أو سياسة، وكل شخص يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم .
ومن الثابت أنه لا يجوز مخالفة ما أجمع عليه علماء الأمة إذ لا تجتمع أمة محمد على ضلالة، كما أن الاجتهاد في ظل الكتاب والسنة والإجماع من أصول الحكم في الإسلام على ما يفيده حديث معاذ بن جبل الصحيح عندما أرسله صلى الله عليه وسلم قاضيًا على اليمن.
وهكذا نرى أن الإسلام شق طريقه إلى معظم أقطار المعمورة حتى أصبح الدين الثاني بعد المسيحية من حيث عدد معتنقيه.