الأقلية المسلمة في جمهورية جورجيامقالات

موقع الإسلام

المصدر: شبكة الألوكة، 27/ 8/ 2013م، نقلًا عن موقع الإسلام.

 

الموقع:

جورجيا إحدى الجمهوريات الاتحادية السوفيتية سابقًا، ذات حكم فيدرالي، تبلغ مساحتها 70.000 كيلو متر، وسكانها حوالي 5.297.000 نسمة، ويعتنق الإسلام منهم 794 ألف مسلم، ويحد جورجيا جمهورية داغستان من الشرق، وتطل على البحر الأسود من الغرب، ومناطق شاشان واستينا الشمالية وكبارديا من الشمال، وتشترك حدودها الجنوبية مع أذربيجان وأرمينيا السوفيتية، أما حدودها الجنوبية الغربية فتشترك مع تركيا، وعاصمة جمهورية جورجيا مدينة تبليس، وسكان العاصمة حوالي مليون نسمة.

الأرض والسكان:

لقد عرفت منطقة جورجيا ببلاد الكرج، وتشغل جورجيا السفوح الجنوبية الغربية لجبال القفقاس، لذا فأرضها جبلية في القسم الشمالي حيث تسير حدودها مع قمم القفقاس، ولكنها تشرف بسهول ساحلية على البحر الأسود، كما تظهر السهول في جنوبها الشرقي، ولقد أثرت جبال القفقاس على أحوالها المناخية. ومناخ جورجيا ينتمي إلى طراز البحر المتوسط، فأمطارها في الشتاء وحرارتها معتدلة في الصيف، ودفيء في الشتاء.

والحاصلات الزراعية بجورجيا تتألف من الحبوب، والشمندر السكري، والعنب، والحمضيات، غير أن أبرز غلاتها الاقتصادية الشاي، ونجحت زراعته، وتنتج أكثر من تسعين بالمائة من الشاي المنتج بالاتحاد السوفيتي سابقًا، هذا إلى جانب ثرواتها من المعادن والمراعي.

بلغ عدد سكان جورجيا في أواخر سنة 1397هـ خمسة ملايين نسمة، يشكل الجورجان 77% من هذا العدد، والروس الذين هجروا إليها يشكلون حوالي 9%، والباقي من الأذربيجانيين والأرمن والأبخار، وقدر سكان جورجيا في سنة 1988م (5.300.000 نسمة) من بينهم 794 ألف مسلم.

مناطق ملحقة بجورجيا:

من الأمور الغريبة أن جورجيا تضم ثلاث جمهوريات تتحد معها في حكم ذاتي، وهي جمهوريات صغيرة لا تتجاوز مساحة أكبرها بضعة آلاف من الكيلومترات، وهذا تنظيم عجيب قصد منه تفتيت القوميات وتقوية النعرة العرقية؛ حتى يضمن الحكم السوفيتي سيطرة كاملة.

وأولى هذه الوحدات السياسية الصغيرة جمهورية أبخاريا، وتوجد هذه الجمهورية في شمال غربي جورجيا، ومساحتها ثمانية آلاف وستمائة كيلو متر، وسكانها حوالي نصف مليون نسمة، وعاصمتها مدينة سوخوم على البحر الأسود، وينتشر الإسلام بين جماعات الشركس، وتأسست جمهوريتها في سنة 1349هـ.

والوحدة السياسية التي تتبع جمهورية جورجيا في منطقة أجاريا، وتوجد على ساحل البحر الأسود بين جورجيا وتركيا، ومساحتها ثلاثة آلاف كيلو متر، وسكانها حوالي نصف مليون نسمة، وعاصمتها مدينة باطوم على ساحل البحر الأسود، وهي ميناء بترولي هام، يصلها خط أنابيب بباكو، وتأسست أجاريا في سنة ألف وثلاثمائة وأربعين هجرية، وأغلب سكان أجاريا يعتنق الإسلام، وللأتراك العثمانيين جهد في هذا.

والوحدة السياسية الثالثة التي تتبع جورجيا هي أوستينا الجنوبية، وتوجد في شمال جورجيا في وسط جبال القفقاس، وسكانها يقدرون بمائة وخمسين ألفًا، ومعظمهم من الشركس، ويدين أغلبهم بالإسلام، واستولت عليها روسيا القيصرية عقب مؤتمر برلين السابق ذكره، وهكذا جرى تفتيت المنطقة إلى جمهوريات صغيرة، وفي شهر فبراير سنة 1991م قامت ثورة في أوستينا الجنوبية تطالب بالانفصال عن جورجيا، وقتل في هذه الثورة 25 فردًا وجرح العديد.

كيف وصل الإسلام إلى جورجيا؟

عرفت هذه المنطقة ببلاد الكرج، حيث أطلق عليها العرب هذا الاسم، وهي تجاور بلاد الرحاب من الشمال، والرحاب عند الجغرافيين العرب اصطلاح يشمل أذربيجان وأرمينيا وأران، لهذا فانتشار الإسلام بجورجيا مرتبط بانتشاره في بلاد الرحاب.

وكانت أولى خطوات الإسلام نحو هذه المنطقة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلقد وصلت إليهم غزوة حبيب بن مسلم الفهري عليه رضوان الله، فهو الفاتح الحقيقي لبلاد الرحاب وما حولها، وفي عهد الأمويين أرسل إليهم معاوية بن أبي سفيان عبد العزيز بن حاتم بن النعمان، وفي عهد عبد الملك بن مروان أرسل إلى المنطقة محمد بن مروان، وحكم المنطقة مدة طويلة ثبت فيها وجود الإسلام، وقضى على غزو الروم والخزر لمنطقة الرحاب.

وفي عهد العباسيين أطلق على المنطقة اسم الثغور لمواجهتها للروم، وقاد الخلفاء العباسيون العديد من الحملات في صراعهم مع الروم، غير أن عنصرًا وطنيًّا ظهر بين مسلمي هذه المنطقة، فتولت أسرة البقارطة حكم معظم منطقة الرحاب تلك بما فيها جورجيا، واعترفت الدولة العباسية بإمارة هذه الأسرة الوطنية المسلمة، ومكث حكم البقارطة حتى جاء الغزو السلجوقي، فبسط الأتراك السلاجقة نفوذهم على منطقة الرحاب في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري، وبما أن الحكام الجدد من المسلمين فقد دعم حكمهم الإسلام بالمنطقة.

وظل حكم السلاجقة حتى اجتاح الغزو المغولي منطقة الرحاب وما حولها، وتعرضت منطقة الرحاب وبلاد الكرج للتدمير، ولما اعتنق المغول الإسلام ازدهرت الدعوة بالبلاد، وبعد ضعف المغول تقاسم السيطرة على جورجيا الأتراك العثمانيون والفرس والداغستان، واشتد الصراع على حكم جوريا وأرمينيا، ولما ضعفت الإمبراطورية العثمانية بدأ قياصرة روسيا التدخل، وأعلنوا الحماية على بلاد القفقاس بما فيها جورجيا في سنة 1198هـ - 1784م، ثم أعلنوا ضمها إليهم في سنة 1225هـ - 1800م، بعد حرب خاضتها روسيا ضد العثمانيين والشاشان والداغستان، وأخيرًا أصبحت جورجيا جمهورية فيدرالية ضمن الاتحاد السوفيتي في سنة 1341هـ - 1922م.

ويقترب عدد المسلمين لجمهورية جورجيا من (794.000 مسلم) وهذا العدد يمثل 15% من سكانها، وينتشر المسلمون بجمهورية جورجيا وملحقاتها من المناطق التي تخضع للحكم الذاتي، ويتبع مسلمي جورجيا الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس ومركزها بالداغستان، ولقد واجهت جورجيا نفس مصير الجمهوريات المستقلة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في نهاية 1991م، وحدثت بها اضطرابات دامية في أعقاب تفكك الاتحاد السوفيتي.