التاريخ المنسي لجورجيا "الكرج" المسلمةمقالات

خالد آل كمال

المصدر: موقع رتبها، 12 سبتمبر 2021، نقلًا عن صفحة الكاتب على تويتر.

 

عرفت جورجيا قديماً باسم بلاد الكرج، حيث أطلق العرب هذا الاسم عليها، وهي تجاور بلاد الرحاب من الشمال، والرحاب عند الجغرافيين العرب تشمل أذربيجان وأرمينيا وأران، لهذا فانتشار الإسلام بجورجيا مرتبط بانتشاره في بلاد الرحاب.

وكانت أولى خطوات الإسلام نحو هذه المنطقة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي أرسل لها الفاتح حبيب بن مسلمة فدخل عاصمتها تبليسي التي سماها العرب تفليس وفرض عليها الجزية،

وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وصل إليهم الفاتح حبيب بن مسلم الفهري عليه رضوان الله

الذي يعتبر الفاتح الحقيقي لبلاد الرحاب وما حولها.

وقد وطد المسلمون حكمهم في هذه المنطقة في غزوات متلاحقة في عهد بني أمية مع القادة العظام أمثال الجراح بن عبد الله الحكمي وسعيد بن عمرو الحرشي ومسلمة بن عبد الملك الأموي، و أسسوا ولاية إسلامية أموية في جورجيا أسموها بلاد الكرج، وعاصمتها تفليس، وقد تولاها مروان بن محمد عندما كان أميراً قبل أن يتولى الخلافة.

في عهد العباسيين أصبحت مهمة إمارة جورجيا هي حماية الدولة العباسية ضد هجمات الروم والبلغار في الشمال، واتبعت الدولة العباسية سياسة تعيين ولاة عرب مسلمين إلى جانب أمراء من السكان الأصليين

(البطارقة)، فيتولى الأمير العربي شؤون الحامية العسكرية الإسلامية ويتولى الأمير المحلي شؤون السكان، ثم اعترفت الدولة العباسية بإمارة أسرة البطارقة المسلمة المحلية التي مكثت في الحكم حتى جاء الغزو السلجوقي وبسط نفوذه على البلاد، وظل حكم السلاجقة الأتراك حتى اجتاحهم الغزو المغولي فتعرضت منطقة جورجيا للتدمير، ولما اعتنق المغول الإسلام ازدهرت الدعوة بالبلاد، ولما ضعف المغول تقاسم السيطرة على جورجيا الأتراك العثمانيون والفرس والداغستان. ولما ضعفت العثمانية بدأ قياصرة روسيا التدخل، وأعلنوا الحماية على بلاد القفقاس بما فيها جورجيا في سنة 1784م، ثم أعلنوا ضمها إليهم في سنة 1800م، بعد حرب خاضتها روسيا ضد العثمانيين والشاشان والداغستان، وأخيرًا أصبحت جورجيا جمهورية فيدرالية ضمن الاتحاد السوفيتي في سنة 1922م.

ألحق السوفييت بالمسلمين أضراراً بالغة كان من بينها التهجير القسري أو النفي في أصقاع سيبيريا، علاوة على هدم المساجد، وحرق القرآن، وعدم السماح بطباعته، وسجن من يعثَر في بيته على نسخة منه، وهو ما دفع الكثير من المسلمين إلى الهجرة إلى تركيا وإيران، وشبه الجزيرة العربية.

في 9 نيسان 1991، وقبل وقت قصير من انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلنت جورجيا استقلالها عنه.

ويشكل المسلمون في جمهورية جورجيا 15% من سكانها، لكنهم يعانون من الفقر والتهميش، ونقص الوعي الديني نتيجة لمنعهم من تشييد مساجد ومراكز إسلامية.

كما أن الحكومة الجورجية الصليبية تعمل على طمس هوية المسلمين في بلادها، وتشريدهم والتنكيل بهم تحت مسمى الحرب على الارهاب، ويعتبر النظام الحالي، نسخة من نظام “إدوارد شيفرنادزة”، الذي صرح وزير خارجيته إبان الحرب الجورجية “الأبخازية”، عن أن بلاده على استعداد للتضحية بـ 100 ألف جورجي، لقتل 100 ألف مسلم أبخازي، وترك الأمة “الأبخازية” المسلمة، دون ذرية أو هوية.

وقد أدت حملات الاضطهاد المستمرة، إلى تدهور أحوال المسلمين في جورجيا.

في بعض كتب التاريخ يذكر ان الكرج المسيحيين اشتركوا ضمن جميع الحملات الصليبية التي وصلت الأناضول وبلاد الشام كما وشاركوا المغول في غزواتهم وكانت هذه الفيالق هي الأقدر في التعامل مع الحصون الداخلية والخطط الحربية الاسلامية.