الجالية المسلمة التشيكية: منارة للتقوى في بلد يغلب عليه الملحدونمقالات

Coilin O'Connor

المصدر:  Radio Purge International[1]

 

"مترجم عن اللغة الإنجليزية"

 

منذ أقل من قرنٍ مضى، كان السكان المسلمون في أوروبا يتركزون بشكل أساسي في البلقان، أما في الوقت الحاضر، فهناك مسلمون يعيشون في جميع أنحاء القارة، من آيسلاندا إلى جورجيا، وتمشياً مع هذا الاتجاه، يوجد في جمهورية التشيك أيضًا مجتمع مسلم صغير ولكنه نشيط، فهناك حاليًّا حوالي 20000 مسلم يعيشون في هذا البلد.

وقد جاء معظم أبناء هذا المجتمع في الأصل إلى التشيك من الدول العربية للدراسة، وانتهى بهم الأمر بالبقاء..

هذا ما حدث لجهاد حمرشية، وهو فلسطيني - أردني المولد، جاء إلى هنا عام 1987 ليأخذ دورة في الهندسة الكهربائية، ومثل العديد من المسلمين الذين يعيشون الآن في هذا البلد، كانت تجربته الأولية مع المجتمع التشيكي إيجابية... ثم أحب جهاد المكان لدرجة أنه قرر أن يعيش حياته في براغ، وتزوج من امرأة تشيكية وأنشأ أسرة، ثم أصبحت زوجته منذ ذلك الحين واحدة من بضع مئات من التشيك الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام.. يقول:

"تزوجت في عام 1995، وكانت زوجتي في ذلك الوقت مسيحية، لكنها كانت تعرفني، لقد عرفت أنني لا أشرب الخمر، وأنني لم أذهب إلى النساء وما إلى ذلك، وعندما تزوجنا ظلت مسيحية وبقيت أنا مسلمًا، ورأت كيف تصرفت تجاهها ومع أسرتها ومع أي شخص آخر، وبدأت تطرح أسئلة حول سبب قيامي بأشياء معينة وما إلى ذلك.. ثم أرادت أن تكون مسلمة، فرحبت بها ودعوتها".

لدى جهاد الآن أطفال يتم تربيتهم كمسلمين، لكن حياتهم تشيكية من جميع النواحي تقريبًا:

"إنهم يعيشون بشكل طبيعي.. يذهبون إلى المدرسة مثل أي فتيان تشيكيين آخرين.. ونقول لهم فقط إننا لا نريدهم أن يأكلوا أي دهون من الخنازير وأشياء من هذا القبيل.. والمدرسون في المدارس هم بالفعل مدرسون جيدون.. إنهم يتفهمون ويحترمون أنه ليس من الجيد لهم أن يأكلوا هذه الأشياء وما إلى ذلك".

فلاديمير سانكا هو مدير المركز الإسلامي في براغ، وهو نفسه أيضًا تشيكي اعتنق الإسلام، ولا تزال مثل هذه التحولات المحلية غير معتادة في هذا البلد، حيث يتمتع الكثير من الناس بميول إلحادية قوية والبعض الآخر حذرون تمامًا من الأديان، لكن السيد سانكا يقول إن الجالية المسلمة هنا أصبحت جزءًا مقبولاً من الحياة التشيكية:

"أود أن أقول إن معظم مجتمعنا لديه موقف طبيعي تجاهنا، لقد اخترنا ديننا بحرية وهو أسلوب حياتنا، نحن لا نجبر أي شخص على اتباع ديننا، ولدينا الحق في العيش هنا في أوروبا كالآخرين، وأود أن أقول شخصيًّا إننا نعيش بشكل جيد هنا بشكل عام، وإن مجتمعنا الصغير ليس لديه أي مشاكل كبيرة".

ويوضح سانكا أنه من الشائع جدًّا بالنسبة للمسلمين هنا أن يشاركوا بنشاط في مجتمعاتهم وأن يعتنقوا العديد من جوانب الحياة التشيكية، يقول:

"كل المسلمين الذين أعرفهم مهتمون بالاندماج مع المجتمع التشيكي.. وأعتقد أن هذا هو الموقف الصحيح، فنحن لا نريد أن نعيش في عزلة أو أن نصنع مجتمعًا مغلقًا داخل جمهورية التشيك.. على العكس، نريد إثراء هذا المجتمع وأن نعيش مع أشخاص آخرين.. لا نريد أن نعيش في أحياء معزولة".

وبالطبع، على الرغم من أن المسلمين هنا يعامَلون باحترام كبير من قبل العديد من التشيك، إلا أن هناك من ينظر إليهم بريبة شديدة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى الهجمات التي تم الإعلان عنها، وقد هيأت هذه الأحداث مناخًا من الخوف في العالم الغربي، وهذا رأي ردده جهاد حمرشية أيضاً:

"نعرف أن الدين يهتم بطريقة التعامل مع الآخرين: كيف تعيش بهدوء مع الآخرين دون إزعاجهم أو إيذائهم وتفهم احتياجاتهم، لذا يتوقع منك أن تقدم لهم أفضل ما لديك.. وهذا جزء من رسالة وأخلاق الإسلام".

وفي الواقع، فإن هذه الأخلاق بدلاً من أن تشكل خطرًا على المجتمع التشيكي، هناك من تختلف وجهة نظره فيقول إن هذه القواعد الأخلاقية الصارمة التي يلتزم بها معظم المسلمين يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي هنا:

يقول البروفيسور لوبوس كروباسيك من معهد دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تشارلز:

"إن تأثير الأديان مثل الإسلام يمكن أن يضفي بُعدًا أخلاقيًّا على الحياة التشيكية، والتي كان يفتقر أحيانًا إليها هذا المجتمع العلماني للغاية...

هل ستظل الحرية غير المقيدة بدون أي اعتبارات أخلاقية هي الحرية؟ لست متأكدًا..

ولسوء الحظ، في هذا البلد كانت لدينا تجربة سيئة في أوائل التسعينيات عندما بدأ الكثير من الناس في فهم الحرية على أنها تعني الحرية في السرقة أو الثراء بسرعة كبيرة بأي وسيلة ممكنة، دون أي آليات أخلاقية داخلية، والتي من شأنها أن تمنعهم من التصرف بشكل غير لائق..

وهذا ربما يكون جانبًا خطيرًا لبلد علماني مثل جمهورية التشيك.. فالكثير من الناس لا يتمتعون بهذه الأخلاق والآداب التي تنبع من داخل النفس".

ويوضح البروفيسور كروباسيك: إن الأديان مثل الإسلام يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز ما يسمى بالآليات الأخلاقية الداخلية، والتي قد تكون مفقودة في جزءٍ ما من المجتمع التشيكي ما بعد الشيوعية، يقول:

"في الإسلام، هناك عدد من التعاليم الأخلاقية الحميدة، والتي تلعب دورًا إيجابيًا في الحياة الاجتماعية.. وكوني مسيحيًا، أشعر أنني يجب أن أحترم أيضًا معتقدات المسلمين، الذين يجب أن نتحاور معهم ولا نتعارض معهم، إما بالعنف أو بطريقة غير عنيفة".

ويقول أيضاً: "إن طريقة الحياة المسلمة جيدة وإيجابية للغاية، ونحن نركز بشكل كبير، على سبيل المثال، على الحياة الأسرية، والتي أصبحت أقل أهمية في الغرب؛ ولذلك تأثير سلبي للغاية على المجتمع.. ويمكنني أن أذكر أشياء أخرى، مثل موقفنا من المواد الإباحية والبغاء وإدمان الكحول والمخدرات وما إلى ذلك.. وبهذا المعنى، يمكن أن تكون النصائح التربوية مفيدة لهذا المجتمع".

عودة إلى جهاد حمرشية الذي لا يشك في أن الإسلام يمكن أن يكون له تأثير إيجابي للغاية على المجتمع التشيكي إذا كان الناس ببساطة يفتحون عقولهم على الطبيعة الحقيقية لتعاليمه، فيقول:

"نطلب من الناس العاديين أن يكونوا أكثر تفهمًا لما يعنيه أتباع الإسلام، فالإسلام يعني السلام، وإذا رأيت ظرفًا مكتوبًا عليه كلمة "السلام"، فإن عليك فتحه والنظر إلى الداخل لمعرفة معنى هذه الكلمة".

 

[1]  رابط المادة الأصلية: اضغط هنا