كيف فتح المسلمون جزيرة مالطا؟ (1)مقالات


• يرجح المؤرخون أن دخول الإسلام "مالطا" تم على الأرجح في وقت ولاية "الأغالبة"، حيث تمكنوا من فتحها عام 255 هـ.

• بفتح مالطا تأكدت سيطرة المسلمين الكاملة على المضايق الواقعة بين صقلية وإفريقية.

• نظرًا لأهمية الجزيرة أنشأ "الأغالبة" دارًا لصناعة السفن من أشجار الصنوبر التي تكثر بها، وصيَّروها قاعدة بحرية في البحر المتوسط.

• بقيت مالطا تحت سيطرة "بني زيري" أصحاب إفريقية حتى سنة 483 هـ.

•  كان - خلال العهد الإسلامي - أكثر سكان الجزيرة من المسلمين، حيث أسلم سكانها اختيارًا؛ لما رأوه من حسن معاملة المسلمين لهم، وبقيت بأيدي المسلمين نحو 220 سنة.

•  حاول العثمانيون كف أذى "فرسان الإسبتارية" عن طريق دخول حصنهم المنيع في مالطا، وسيَّروا جيشًا ضخمًا في عام 1565 م لغزو الجزيرة؛ لكن حصار الجزيرة فشل لتفشِّي الأوبئة في الجيش العثماني.

• احتل الفرنسيون مالطا عام 1798 م، فالبريطانيون عام 1801 م، ثم حصلت مالطا على الاستقلال في 21 سبتمبر عام 1964م.

• خضعت "مالطا" لسيطرة المسلمين في عهد (دولة الأغالبة) في القرن الهجري الثالث، وكانت قاعدة عسكرية وحضارية إسلامية مهمة في البحر المتوسط، قبل أن تضيع من أيدي المسلمين مع سقوط الأندلس بيد الأوروبيين في نهاية القرن الخامس الهجري.

 

نبذة عامة عن جزيرة مالطا:

مالطا دولة صغيرة تقع في منتصف حوض البحر المتوسط، مساحتها 320 كيلو مترًا مربعًا؛ ولكنها تقع في موقع استراتيجي مهم في البحر المتوسط، ويقدر عدد سكانها بنحو 525,285 نسمة (2020 م)، حوالي ۹۸ ٪ منهم نصارى والباقي مسلمون ويهود ومن ديانات أخرى.

كانت مالطة مستعمرة بريطانية خلال القرن التاسع عشر الميلادي، وحصلت على الاستقلال عام 1964م[1].

                                                                                                                                                                                                     

كيف وصل الإسلام إلى مالطا؟

• يُرجِّح المؤرخون أن دخول الإسلام "مالطا" تم في وقت ولاية "الأغالبة"[2] على "إفريقية" حيث اتجهوا إلى منطقة حوض المتوسط لاتخاذها قاعدة استراتيجية لكف خطر الروم البيزنطيين، وكانت "مالطا" من توابع الدولة البيزنطية، قبل وصول الإسلام إلى الجزيرة، واتخذ البيزنطيون من "مالطا" قاعدة لشن هجماتهم على البلاد الإسلامية في شمالي إفريقيا لا سيما على تونس وليبيا، فمالطا لا تبعد عن الساحل التونسي أكثر من مائتين وتسعين كيلو مترًا، وكان العرب يصدون هجات الروم ويتعقبونهم أحيانًا إلى قواعدهم في مالطا، فلقد أرسل "الأغالبة" - حكام تونس - حملة تأديبية إلى مالطا في سنة مائتين وتسع هجرية، ثم تمكنوا من فتحها في سنة مائتين وخمس وخمسين هجرية[3].

• تم افتتاح "الأغالبة" لمالطا في سنة 255 هـ، في إمارة "أبي الغرانيق محمد بن أبي إبراهيم أحمد"، وبفتحها تأكدت سيطرة المسلمين الكاملة على المضايق الواقعة بين صقلية وإفريقية[4].

• ذكر "ابن الأثير" أن والي صقلية "محمد بن خفاجة بن سفيان"، سيَّر جيشًا في سنة ست وخمسين ومائتين إلى ‌مالطا للدفاع عنها، وكان الروم يحاصرونها، فلما سمع الروم بمسيرهم رحلوا عنها[5].

• ونظرًا لأهمية الجزيرة أنشأ الأغالبة دارًا لصناعة السفن من أشجار الصنوبر التي تكثر بها، وصيروها قاعدة بحرية للأغالبة في البحر المتوسط[6].

• ووقت استيلاء الفاطميين على إفريقية، دان لهم ولاة "مالطا" المسلمون، وقد حاول البيزنطيون استرجاع مالطا بعد سنة 440 هـ - 1048 م؛ لكنهم لم ينجحوا.

• وقد بقيت تحت سيطرة "بني زيري" أصحاب إفريقية حتى سنة 483 هـ[7]، حينما استولى عليها "النورمان"[8] في نهاية القرن الخامس الهجري.

 

مالطا وفرسان القديس يوحنا:

• رغم خضوع الجزيرة للنورمان، فإنهم حافظوا على طابعها الإسلامي، واستغلوا قدرات سكانها المسلمين، ولم يضيقوا عليهم في عهد الملك "روجر"، وقد كان - خلال العهد الإسلامي - أكثر سكان الجزيرة من المسلمين، حيث أسلم سكانها اختيارًا؛ لما رأوه من حسن معاملة المسلمين لهم، وبقيت بأيدي المسلمين نحو 220 سنة[9].

• في عام 1524 م عرض الإمبراطور الروماني "شارلكان" مالطا على تنظيم "فرسان مالطا" بصفته ملكًا على صقلية (كانت مالطا من أملاكها)، وكان "فرسان القديس يوحنا" أو "فرسان الإسبتارية" فرقة عسكرية صليبية وجماعة دينية صليبية محاربة ساهمت بشكل بارز في الحروب الصليبية، واتخذت حرب المسلمين غاية لها تقيم من خلالها مجد الصليب على أراضي الدول الإسلامية، وكانت قد أقامت بجزيرة رودس، ثم احتلت "طرابلس الغرب" في ليبيا، ولما طردهم العثمانيون من "رودس" نزحوا إلى "مالطا".

• في عهد "فرسان مالطا" كان اضطهاد المسلمين والتضييق عليهم؛ مما جعلهم يهاجرون إلى البلاد الإسلامية المجاورة، ومغادرة الجزيرة، وقد اشتهر تنظيم "فرسان مالطا" وقت إقامته بالجزيرة بعدائه المستمر للمسلمين وقرصنته لسفنهم حتى كوَّن من غنائمها ثروة.

• واستطاع رئيس "فرسان مالطا" (جان دي لافاليت) أن يقوي دفاعاتهم في الجزيرة ضد الأتراك العثمانيين مصدر خوفهم، وأن يبني مدينة (فاليتا - عاصمة مالطا حاليًّا) التي أطلق عليها اسمه.

 

[1] الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مج 14، القسم الثاني، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1419 هـ - 1999م، صـ103.

[2] الأغالبة أو بنو الأغلب (800- 909 م) سلالة عربية من بني العنبر بن عمرو من قبيلة بني تميم، حكمت في إقليم إفريقية بالمغرب العربي (شرق الجزائر وتونس وغرب ليبيا) مع جنوب إيطاليا وصقلية وسردانية وقرشقة ومالطا، كان مؤسس الأسرة الأغلب بن سالم بن عقال العنبري التميمي قائدًا لجيش العباسيين، ثم أصبح ابنه إبراهيم (800-812) واليًا على إفريقية من طرف هارون الرشيد ابتداءً من سنة 787، غير أنه استقل بالأمر سنة 800 بعد تراجع دور العباسيين، وقد عمل الرشيد على دعم إبراهيم حتى لا يستقل نهائيًّا كباقي الإمارات، تعاقب على حكم الأسرة أحد عشر أميرًا، وظلت دولة الأغالبة قائمة يتعاقب عليها أمراء البيت الأغلبي حتى قضى عليها الفاطميون سنة 296هـ / 909م.

[3] الأقليات المسلمة في أوروبا، سيد عبد المجيد بكر، سلسلة دعوة الحق، منشورات رابطة العالم الإسلامي، 1985 م، صـ83.

[4] القوى البحرية والتجارية في حوض البحر المتوسط، أرشيبالد. ر. لويس، ترجمة: أحمد محمد عيسى، مكتبة النهضة المصرية، 1951 م، صـ217.

[5] الكامل في التاريخ، عز الدين ابن الأثير الجزري، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، ط 1، 1417هـ / 1997م، (6/ 182).

[6] تاريخ البحرية الإسلامية في المغرب والأندلس، د. السيد عبد العزيز سالم، د. أحمد مختار العبادي، دار النهضة العربية- بيروت، 1969 م، صـ121.

[7] الأقليات المسلمة في أوروبا، سيد عبد المجيد بكر، صـ85.

[8] النورمان أو النورمانديون وسمَّاهم العرب قديمًا الأردمانيون أو المجوس (من النوردية القديمة: «نورذمانذر» أيْ رجال الشمال) كانوا مجموعة عرقية نشأت في نورماندي، المنطقة الشمالية من فرنسا، ناتجة من الاتصال بين الفرنجة الأصليين، والغال الرومان، والمستوطنين الشماليين الفايكنج، وجاءت هذه الاستيطانات كسلسلة من الغارات على الساحل الفرنسي من الدنمارك، النرويج، وأيسلندا، لعب المغامرون النورمان دورًا في تأسيس مملكة صقلية تحت حكم روجر الثاني بعد غزوهم لفترة وجيزة جنوب إيطاليا ومالطا، خلال رحلة استكشافية نيابة عن دوقهم "وليام الفاتح"، وأيضًا قاموا بغزو إنجلترا في "موقعة هاستنجز" التاريخية في عام 1066، ساهمت قوات النورمان والأنجلو نورمان في استرداد شبه الجزيرة الأيبيرية من أوائل القرن الحادي عشر إلى منتصف القرن الثالث عشر.

[9] المدخل إلى تاريخ الإسلام في الشرق الأقصى، علوي بن طاهر الحداد، عالم المعرفة- جدة، 1405 هـ - 1985 م، صـ28.