• غزو العرب لجزيرة رودس تم منتصف القرن الأول الهجري عام 46 هـ أثناء إرسال الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" عامله "معاوية بن حديج" لغزو جزيرة صقلية ورودس. • يورد "ابن كثير " في "تاريخه" في أحداث سنة 53 هـ (673 م) توجه حملة بقيادة "جنادة بن أبي أمية الأزدي" في زمن الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" رضي الله عنه إلى "رودس" و"أرواد" ثم "كريت"، لفتحها. • استولى المسلمون على كلٍّ من جزيرة "قبرص" و"رودس" وذلك خلال حملات عديدة أثناء القرن الأول الهجري واتخذوهما قاعدتين هامتين وجهوا منهما الحملات البحرية على أملاك الدولة البيزنطية. • اكتسبت "رودس" أهميتها من قربها الشديد لسواحل البيزنطيين، وقد أقام فيها "معاوية بن أبي سفيان" حامية ثابتة، وزوَّدها بأسطول مقيم على ساحل الجزيرة بهدف شل حركات أساطيل البيزنطيين. • كانت للمسلمين برودس أموال كثيرة وزراعات غزيرة؛ ولكن "يزيد بن معاوية بن أبي سفيان" أعاد المسلمين من الجزيرة في فترة ولايته خوفًا من تكالب الروم عليهم. • استولى "فرسان القديس يوحنا" على "رودس" من المسلمين، وكانوا يهددون الأساطيل التجارية المسلمة؛ لذا فكر العثمانيون في فتح الجزيرة من جديد، وقاموا بمحاولات عديدة لاقتحامها. • في عهد السلطان "سليمان القانوني" نجح المسلمون في فتح "رودس" عام 929 هـ / 1522 م بعد حصار دام نحو خمسة أشهر، وطرد منها "فرسان الصليب". • اشتهر حصار السلطان "سليمان" لرودس بما أطلق فيه من الكرات الحجرية الضخمة (المنجنيق)، وما وُضع من اللغوم المخربة في أماكن كثيرة. • بقيت جزيرة رودس في حوزة العثمانيين لما يقرب من أربعة قرون إلى أن احتلها الإيطاليون في سنة 1912 م. • قام الإيطاليون ومن بعدهم اليونانيون بمحو أي أثر إسلامي على أرض الجزيرة. • يقدر عدد المسلمين الأتراك في الجزيرة في الوقت الحالي بحوالي أربعة آلاف مسلم. |
نبذة عامة عن جزيرة رودس:
"رودس" هي جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، تتبع دولة "اليونان" الآن، تقع بالقرب من الساحل الجنوبي لتركيا، في منتصف المسافة بين جزر اليونان الرئيسية و"قبرص"، تعد "رودس" أبعد الجزر الشرقية بالنسبة لليونان وبحر إيجة، تبعد عن غرب تركيا بحوالي 18 كلم، في عام 2011 م بلغ عدد سكانها 115,490 نسمة، منهم 55 إلى 60 ألفًا يعيشون في "مدينة رودس"، وتبلغ مساحة الجزيرة 1,400.68 كم².
"رودس" لديها العديد من الألقاب، مثل "جزيرة الشمس"، و"جزيرة اللؤلؤة"، و"جزيرة الفرسان"، التي سميت على اسم "فرسان القديس يوحنا"، الذين حكموا الجزيرة من عام 1310 م إلى عام 1522 م.
يوجد في "رودس" 43 بلدة وقرية، أكثرها كثافة سكانية، مدينة "رودس"، و"ياليسوس"، و"أفانتو".
الاقتصاد موجَّه نحو السياحة، والقطاع الأكثر تطورًا هو الخدمات، وقد ارتفعت مستويات السياحة في رودس اقتصاديًّا، مقارنة ببقية جزر اليونان.
تعالج الصناعات الصغيرة المواد الخام المستوردة للتجزئة المحلية، إلى جانب الصناعات الأخرى التقليدية التي تشمل إنتاج السلع الزراعية وتربية الماشية ومصايد الأسماك وصناعة الأجبان.
كيف وصل الإسلام رودس؟
• عرف المسلمون جزر بحر إيجة، وحاولوا فتحها مع بداية تطور العسكرية البحرية الإسلامية، حيث هدفَ المسلمون لتأمين تجارتهم في البحر المتوسط عن طريق مهاجمة قواعد الروم المتمركزة في تلك الجزر، وتورد المصادر التاريخية العديد من الشواهد على تاريخ تلك الحملات على تلك الجزر؛ لكن الأكثر صحة وترجيحًا هو أن غزو العرب لجزيرة رودس قد تم منتصف القرن الأول الهجري عام 46 هـ أثناء إرسال الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" عامله "معاوية بن حديج" لغزو جزيرة صقلية - في إطار غزوه لإفريقية وصد حملة بيزنطية بقيادة "نقفور" قدمت من "صقلية" ونزلت في "تونس" - فقام "معاوية بن حديج" بمطاردة الروم في "صقلية" و"رودس"، وغنم منهم غنائمَ كثيرةً ورقيقًا وأصنامًا منظومة بالجواهر اقتسمها المسلمون[1].
• وقد استولى المسلمون على كلٍّ من جزيرة "قبرص" و"رودس" وذلك خلال حملات عديدة أثناء القرن الأول الهجري واتخذوهما قاعدتين هامَّتين وجَّهوا منهما الحملات على أملاك الدولة البيزنطية، أما "رودس" فقد اكتسبت أهميتها من قربها الشديد لسواحل البيزنطيين، وقد أقام فيها "معاوية بن أبي سفيان" حامية ثابتة، ونظرًا لقرب هذه الجزيرة من أراضي البيزنطيين زوَّدها معاوية بأسطول مقيم على اتصال بالأساطيل الإسلامية الأخرى بهدف شل حركات أساطيل العدو[2].
• ويورد "ابن كثير " في "تاريخه" في أحداث سنة 53 هـ (673 م) توجه حملة بقيادة "جنادة بن أبي أمية الأزدي" في زمن الخليفة "معاوية بن أبي سفيان" رضي الله عنه إلى "رودس" و"أرواد" ثم "كريت"، لفتح تلك الجزر واتخاذها مقَرَّ إقامة حامية عسكرية، حيث "أقام بها طائفة من المسلمين كانوا أشد شيء على الكفار، يعترضون لهم في البحر، ويقطعون سبيلهم، وكان معاوية يدرُّ عليهم الأرزاق والأعطيات الجزيلة، وكانوا على حذر شديد من الفرنج، يبيتون في حصن عظيم عندهم فيه حوائجهم ودوابهم وحواصلهم، ولهم نواطير على البحر ينذرونهم إن قدم عدو أو كادهم أحد، وما زالوا كذلك حتى كانت إمارة "يزيد بن معاوية" بعد أبيه، فأقفلهم من تلك الجزيرة، وقد كانت للمسلمين بها أموال كثيرة وزراعات غزيرة..."[3].
• في العصر الأموي تبيَّن لولاة العرب في إفريقية أهمية إنشاء دار صناعة لإنشاء السفن في إحدى مدن الساحل لتزويد الجيش البري بأسطول مستقل عن أسطول مصر ينفرد بحركاته في البحر لغزو "صقلية" و"رودس" وغيرها من قواعد البيزنطيين البحرية التي كانت تُشكِّل خطرًا ماثلًا أمام السواحل التونسية، ويقوم بحماية هذه السواحل والدفاع عنها من غارات البيزنطيين[4]، حيث تحولت "تونس" إلى قاعدة بحرية هامَّة، وأعظم ثغور إفريقية، لمهاجمة الجزر البيزنطية وفي مقدمتها "صقلية" و"رودس" و"سردانية".
• وفي عهد الدولة العباسية حاول الخليفة "هارون الرشيد" فتح "رودس" من جديد؛ ولكنها بقيت تابعة لبيزنطة حتى استولى عليها "فرسان القديس يوحنا"، الذين حكموا الجزيرة من عام 1310 إلى عام 1522 م... وظلت رودس خاضعة للصليبيين حتى انتزعها العثمانيون.
فتح رودس:
• نتيجة تعاظم دور "فرسان رودس" واشتراكهم في كثير من الحروب الصليبية، وتهديدهم مدن الساحل التركي في عهد العثمانيين، أدرك السلطان "سليمان القانوني" ضرورة فتح "رودس" تعزيزًا لقوته البحرية، وتسهيلًا للمواصلات بين مصر والآستانة، والسفر إلى الحرمين الشريفين، وكان يقول: إنه ليس للدولة العثمانية طريق إلى الغرب غير "بلغراد" و"رودس"، فبعد فتح "بلغراد" أخذ يتأهب لفتح "رودس"[5]، فأمر بحشد الجيوش وإعداد المعدات وتجهيز السفن؛ لعلمه بمناعة هذه الجزيرة وشهرة فرسانها، وأعدَّ أسطولًا من 300 بارجة كبيرة و400 سفينة لنقل الذخائر و10000 جندي بحري بقيادة الوزير الكبير "مصطفى باشا" الذي عُيِّنَ "سر عسكر" لهذه الحملة، وقد افتتحها السلطان "سليمان القانوني" بنفسه في سنة 929 هـ / 1522 م بعد حصار دام نحو خمسة أشهر، وطرد منها "فرسان الصليب".
• وقد اشتهر حصار السلطان "سليمان" لرودس بما أطلق فيه من الكرات الحجرية الضخمة (المنجنيق)، وما وُضِع من اللغوم المخربة في أماكن كثيرة، ولما استقام الأمر للعثمانيين بعد خروج الفرسان (الشفاليه) عاملوا أهلها بسماحة ولين، وأبقوا ما في الجزيرة من التماثيل والآثار والرسوم، وأقاموا المساجد العامرة، ودور العلم، والأوقاف الخيرية، وما زالت الجزيرة في حوزتهم لما يقرب من أربعة قرون إلى أن احتلها الإيطاليون في سنة 1912 م.
• وبعد انتصار الجيش العثماني ودخوله لجزيرة "رودس"، تم بناء مسجد في "مدينة رودس"، وسمي "مسجد سليمان" تيمُّنًا باسم السلطان "سليمان القانوني" الذي قاد الحملة لفتح جزيرة "رودس".
• وفي أعقاب الفتح العثماني لرودس في نهاية 1522 م، عين السلطان العثماني "سليمان القانوني" القائد "كوردوغلو مصلح الدين ريس": "سنجق بكي" (Sancakbeyi)؛ أي: محافظًا، لجزيرة رودس، وكان من جيل البحارة العثمانيين العظام في القرن السادس عشر الميلادي؛ دلالةً على أهمية الجزيرة استراتيجيًّا، وخوفًا من عودة "فرسان القديس يوحنا" ثانية لاحتلال الجزيرة.
[1] البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، ابن عذارى، تحقيق ومراجعة: ج. س. كولان، إِ. ليفي بروفنسال، دار الثقافة، بيروت - لبنان، ط3، 1983 م، ج1، صـ16، 17.
[2] Cheira, La Lutte entre Arabes Et Byzantins, Alexandrie, 1947, p. 134.
[3] البداية والنهاية، ابن كثير (ت 774 هـ)، ت عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 1418 هـ - 1997 م، (11/ 259).
[4] تاريخ البحرية الإسلامية في المغرب والأندلس، د. السيد عبد العزيز سالم، د. أحمد مختار العبادي، دار النهضة العربية- بيروت، 1969 م، صـ83.
[5] جزيرة رودس: جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجة، حبيب غزالة، الناشر مؤسسة هنداوي، صدر هذا الكتاب عام 1929 م، صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام 2021 م، صـ27، 28.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.