لمحات عن المسلمين في تايوان ووصول الإسلام إليها (2)مقالات


عدد المسلمين في تايوان:

واليوم وصل عدد المسلمين في تايوان إلى حوالي ستين ألف مسلم، وتبلغ نسبة المسلمين حوالي 0.3% من السكان.

يتكوَّن المسلمون في تايوان من عرقيات متعددة؛ إذ ينتمي حوالي 90 % منهم إلى مجموعة "هوي" العرقية، بالإضافة إلى الأتراك والأويغور والكازاخ، إلى جانب عدد آخر من الصينيين[1].

والعديد من المسلمين من دول مثل: إندونيسيا، وميانمار، وماليزيا، وتركيا، وباكستان، والهند، ودول من إفريقيا، والشرق الأوسط يقيمون ويعملون هناك، وقد قُدِّرت أعدادهم بـ 254000 في عام 2015 م، ومن المثير للاهتمام أن عدد المسلمين المحليين أقلُّ من أولئك الذين أتوا إلى تايوان للعمل أو للدراسة[2].

وجميع مسلمي تايوان من أهل السُّنَّة، ولا يوجد بينهم أحد من الشيعة، ولله الحمد.

 

المساجد في تايوان:

ويوجد في الجزيرة 7 مساجد أكبرها وأقدمها هو مسجد تايبيه الكبير في العاصمة تايبيه، وحتى عام 1925 م لم يكن في تايوان سوى مسجد واحد يقع في (لوقانغ)، وفيه بئر تُستخدَم مياهه للاستحمام، وتتوزع هذه المساجد في شمالي ووسط وجنوبي تايوان؛ حيث يوجد مسجدان في مدينة تايبيه، ومسجد في كل من (لونغقانغ) التابعة لمدينة (تشونغلي)، ومدينة (تايتشونغ)، ومدينة (قاوشيونغ)، ومدينة (تاينان).

• مسجد تايبيه الكبير: بُني عام 1947 م، وأُقيمت أول صلاة جمعة فيه في 28 مايو 1948 م، وقد طُوِّر المسجد عام 1960 م، وأضيفت إليه مساحة كبيرة لزيادة عدد المصلين، إلى جانب غرفة استقبال للضيوف، وميضأة للرجال وأخرى للنساء، ومكتب ومكتبة على جانبي المسجد.

• مسجد تايبيه الثقافي: أُسِّس سنة 1950 م، وكان أصلًا بنايةً سكنيةً على الطراز الياباني، اشتراها الإمام (شياو يونغ تاي) من ماله الخاص، وجعلها مُصلًى للمسلمين، جرت توسُّعات وتطويرات للمسجد في سنة 1954 م، و1971 م، و1984 م[3].

• مسجد تايتشونغ: لم يكن في منطقة (تايمشونغ) مسجد حتى استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية، فلم يكن أمام المسلمين الذين هاجروا من بر الصين الرئيسي إلى تايوان في تلك الفترة سوى إقامة صلاة الجمعة في مسكن الشيخ (يوي له تينغ) الواقع في طريق "سانمين تايبيه".

وفي عام 1951 م، استأجروا بناية مصممة على الطراز الياباني تقع على طرق (تشونغشياو)، واتخذوها مسجدًا لهم، وجُدِّد المسجد سنة 1975 م، وقد أصبح مسجد (تايتشونغ) هو مركز النشاطات الدينية للمسلمين المحليين، كما يتردد عليه العديد من المسلمين الإندونيسيين الذين يعملون في تايوان، لأداء صلاة الجمعة.

 

الجمعيات والمعاهد الإسلامية في تايوان:

تعد الجمعية الإسلامية الصينية في "تايبيه" من أعرق الجمعيات الإسلامية في الصين وتايوان، التي أُسِّسَت سنة 1937 م، على يد كل من "وانغ جينغ تشاي" و"شي تسي تشو" وآخرين من "جمعية قومية هوي الصينية لمقاومة العدوان الياباني" بمقاطعة "خنان"، والتي تحولت بعد ذلك من منظمة أهلية إلى هيئة تابعة للإدارة الحكومية.

وقد تغيَّر اسمُها بعد ذلك إلى "الجمعية الإسلامية الصينية" عام 1939 م، ثم في سنة 1949 م، انتقلت تلك الجمعية إلى تايوان مع حكومة حزب (الكومينتانغ)، ومنذ ذلك الوقت اتسعت أعمالها الخيرية في تايوان، من الإشراف على بناء المساجد، وتوفير مقبرة إسلامية للمسلمين في تايوان، وبناء مسلخ إسلامي للحوم الحَلال، وإصدار ترجمة لمعاني القرآن الكريم بلغة مندرين الصينية وطباعتها وتوزيعها على مسلمي تايوان، وإصدار مجلة دورية إسلامية تحت اسم "لسان الحق" لمتابعة أخبار المسلمين وأنشطتهم، كما تحاول الجامعة إنشاء جيل من الدعاة عن طريق إرسالهم إلى البلاد الإسلامية للتعليم والدراسة.

ومن أهم المؤسسات الإسلامية الأخرى: "رابطة الشباب المسلم الصينية"، و"المؤسسة الثقافية والتعليمية الإسلامية الصينية"، و"الهيئة الإسلامية الصينية"، و"جمعية المسلمين الصينيين".

 

ذوبان الهُوِيَّة الإسلامية:

رغم الحرية التي تتيحها حكومة تايوان للمسلمين في إقامة شعائرهم والدعوة إلى الله، إلا أن بعض المسلمين في تايوان لطول الأمد وقلة المؤسسات الإسلامية التي تنشط داخل تايوان إلى جانب ضعف - أو على الأرجح غياب - التعليم الديني، أصبحوا مسلمين اسمًا فقط، وذابوا داخل القومية الصينية، يقول "صالح علي" (يو جيا مينغ) الذي يحرر مجلة "الإسلام في الصين" التي تصدر كل شهرين: "أحيانًا يصبح عدم تناول لحم الخنزير بمثابة هوية مسلم"، وقد هاجر جد علي من مقاطعة شاندونغ في الصين عام 1949 م، وهو من الجيل الرابع، ويعيش في جزيرة تايوان، ويشرح "صالح" الذي يبحث عن الأقليات المسلمة في تايوان، وقضايا المهاجرين الصينيين المسلمين حول العالم في جامعة "تشنغ تشي" الوطنية في تايبيه، ويقول: "الآباء في وقت سابق لم يهتموا أكثر بالشؤون الدينية، وليس لدينا مدارس إسلامية، والتعليم الكامل يعتمد فقط على فصول الأحد في المسجد، حتى إن بعض الناس تخلَّوا عن الإسلام، وهم يعرفون فقط أنهم لا يأكلون لحم الخنزير، وأن والدهم مسلم"[4].

ونجد غلبة الجو الدنيوي داخل الجزيرة فقلَّ مَنْ يتمسك بشعائره الظاهرة - فالعمل يأخذ جُلَّ وقتهم - ومن مظاهر ذلك أنك لا ترى في المساجد إلا من قارب عُمُرُه الأربعين أو زاد، بينما يقل الشباب أو يكاد ينعدمون حتى في أيام العُطَل.

وقد ذابت كثير من الفروق بين المسلمين وغيرهم، فترى المسلمة متزوجةً من البوذي والعكس كذلك، ومن المسلمين من يحضر بعض شعائر الكُفَّار، ويعتقدون أن الفرق بين المسلم والكافر في الدفن بعد الموت فقط، فهذا يُدفَن في مقابر المسلمين، وذاك يُدفَن في غيرها!

يقول إبراهيم تشاو (Hsi-lin Chao) مستشار جمعية مسلمي الصين (CMA) - إحدى الهيئات التمثيلية الرئيسية للمسلمين في تايوان - و"إبراهيم" أكمل شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية والقانون من جامعة أم القرى في مكة المكرمة، ويعمل أيضًا إمام مسجد تايبيه الكبير: "على الرغم من أن نظامنا التعليمي مثالي، إلا أنه بمجرد أن يبلغ الطلاب 9 سنوات، يقضون معظم الوقت في المدرسة، ويكون لدى أولياء الأمور وقت أقل لتعليم الأشياء الأساسية عن الإسلام".

 

دور الدول الإسلامية في دعم الإسلام بتايوان:

حقَّق التايوانيون العديد من الصناعات المتطورة، وأنجزوا نهضةً عمرانيةً وحضاريةً عمَّت بلادهم، وكان للمسلمين دور كبير في ازدهار الجزيرة، وإنشاء واقعها الحالي خلال العصر الحديث، لكن مع قلة المدارس الدينية بالجزيرة والمعاهد المتخصصة في دراسة العلوم الشرعية جعل ارتباط المسلمين في تايوان بالإسلام ذا تأثيرٍ ضعيفٍ للغاية، وهو ما يستلزم من الدول الإسلامية دعم إنشاء جامعة إسلامية، ودعم توفير أو كفاية الأئمة والدُّعاة الأكْفَاء داخل تايوان الذين سيبدأون بنشر الدعوة الإسلامية من جديد بين مسلمي تايوان في المقام الأول، ثم أهل تايوان أنفسهم الذين لديهم وعيٌ جيد بدور المسلمين في تشكيل المجتمع داخل تايوان.

• انفصلت تايوان عن الصين عام 1949 م حينما فرَّت إليها حكومة الصين الوطنية فرارًا من الشيوعيين.

• لا تعترف الصين بجمهورية تايوان، وتعتبرها جزءًا من التراب الصيني.

• يُرجَّح أن الإسلام وصل إلى تايوان مع وصوله للصين في القرن الأول الهجري.

• أكبر استيطان إسلامي بجزيرة تايوان كان عام 1661 م حينما نزل القائد العسكري "جينغ تشانغ قونغ" الجزيرة لمقاومة الغزو المنشوري، وكان في قواته عدد كبير من الجنود المسلمين.

• استوطن الجنود المسلمون ميناء "لو قانغ" جنوب تايوان، و"دان شوي" شمال تايوان، وجعلوها مراكزَ إسلاميةً زاهرةً.

• الهجرة الثانية للمسلمين للجزيرة كانت مع  انسحاب حكومة "جمهورية الصين" من البر الصيني إلى تايوان أمام القوات الشيوعية الصينية في عام 1949 م.

• حضر إلى تايوان من المسلمين عدد يقدر بعشرين ألف مسلم انضموا لمسلمي الجزيرة عام 1949 م.

• يعاني مسلمو تايوان من هشاشة الهُوِيَّة الإسلامية، والذوبان داخل المجتمع البوذي، ويرجع ذلك لغياب التعليم الديني، وقلة عدد الدُّعاة داخل تايوان.

 

 

[1] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا، سيد عبد المجيد بكر، دار الأصفهاني للطباعة بجدة، 1393 هـ، صـ118.

[2] مقالة "المسلمون في تايوان: مجتمع صغير مزدهر"، آيبو زافار، المصدر:

 https://worldbulletin.dunyabulteni.net/news-analysis/muslims-in-taiwan-a-small-thriving-community-h176106.html

[3] زيارة رسمية لتايوان، محمد بن ناصر العبودي، صـ124.

[4] مقالة "المسلمون في تايوان: مجتمع صغير مزدهر"، آيبو زافار، موقع worldbulletin.