وصول الإسلام إلى نيبال (2)مقالات


المسلمون في الصدارة على قلة أعدادهم:

تذكر السجلات التأريخية أنه في الفترة الأخيرة من عهد "ملوك الشاه"[1]، كان المسلمون مقربين من الملك "بهاسكرماللا" (سنة 1703م) حيث أصبحوا من أفراد الحاشية الملكية ومستشاريين. وكان البلاط الملكي يضم أشرافًا محليين من الهندوس والذين كانوا يشكلون الأغلبية ويؤلفون طبقة خاصة، وقد شعر هؤلاء بالمرارة من تقلد المسلمين للمراكز العليا، ودبروا المؤامرات ضدهم، وكانت الغلبة في ذلك لهم مما أدي إلى تراجع المسلمين، وعلى رغم هذا التراجع فقد استطاع المسلمون أن يكيفوا أنفسهم بالتدريج مع جو السياسة الاجتماعية المحلية[2].

تقول الباحثة "شميمة صديقة":

"بدأ التجار المسلمون يستوطنون في الوادي حيث بدؤوا التجارة مع نيبال. ودخل أيضًا بعض المتصوفة المعلمين نيبال واستقروا هناك إذ أذن لهم الملوك من سلالة "ماللا" باستيطانهم. واتبع الملك "بريتهوي نارائن شاه" (Prithvi narayan Shah) أيضًا بعد توحيد نيبال السياسة نفسها نحو المسلمين. واستقر بعض المسلمين هناك كالصانعين. وقد بعث بعضهم إلى الصين والتبت مع الوفد النيبالي الدبلوماسي مترجمين لهم. وكانت حضارة المسلمين مؤثرة في نيبال أيضًا في عهد حكام "رانا". وتشير أيضًا القصور والمنشآت الباقية إلى يومنا هذا إلى تأثير حضارة المسلمين وثقافتهم كما يظهر ذلك أيضًا من أزيائهم وحليهم.

وقد دُعي المسلمون فيما بعد خلال حملات "بريتهوي نارائن شاه" العسكرية لصناعة البنادق، والتي ساعدت الملك المذكور للحصول على أهدافه السياسية"[3].

 

المسلمون يواجهون التنصير في نيبال:

رغم قلة أعداد المسلمين بالنسبة للسكان في نيبال، فلم ينجوا من حملات التنصير التي رافقت الحملات الاستعمارية لشبه القارة الهندية، حيث كانت لبعض البعثات التنصيرية إلى شبه القارة الهندية علاقة وثيقة مع العمل التنصيري في "نيبال"، ورغم وعورة التضاريس في نيبال، وصعوبة وصول المنصرين إليها، فقد انتقل القساوسة من مراكز التنصير في المدن الهندية "بتنه" و"كلكتا" و"غُوا" إلى جبال نيبال في القرن السابع عشر الميلادي، وحاولوا إقامة مقرات تنصيرية في "كاتماندو"، وفي البداية ترك لهم الملوك النيباليون المجال مفتوحًا لتقديم خدماتهم، ثم لما أدركوا خطر هؤلاء المنصرين، طليعة حملات الاستعمار، قاموا بطردهم خارج البلاد، حيث قام الملك "بريتهوي نارائن شاه" الذي وحد دولة نيبال، بطرد 62 منصرًا وقسيسًا وذلك في عام 1769 م خارج البلاد.

وقد عانى المسلمون من تغلغل تلك المنظمات في مجال العمل الخيري، وتقديمهم الخدمات الطبية والتعليمية والإغاثية وغيرها من الخدمات الاجتماعية بأهداف تحقق خدمات الكنيسة[4]، ورغم قلة الوعي لدى مسلمي نيبال، وتأثرهم بالمعتقدات الهندوسية فقد بدأوا ينأون بأبنائهم عن تلك المدارس، ويحاولون منع تداول المطبوعات التي يصدرها هؤلاء القساوسة في قراهم، وبين شبابهم.

وقد عادت المنظمات التنصيرية للعمل في نيبال من جديد في العصر الحديث، وقد بلغ عدد المدارس التي أسستها البعثة المتحدة إلى نيبال (UMN) وحدها 39 منظمة مسيحية اتحدت للعمل معًا في نيبال باسم المسيح كما جاء في أهدافها المعلنة[5].

 

حرية العبادة في نيبال:

للمسلمين في النيبال الحرية في أداء أعمالهم الدينية كالصلاة والزكاة والصوم والأضحية والزواج وغير ذلك من إقامة الاجتماعات الدينية وبناء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية، كما أن إجازة عيد الفطر يومًا أو يومين، أما أحوالهم الاقتصادية فأكثرهم فلاحين وعمال، ينتشر الجهل بينهم كما انتشاره في البلد، ويتأثر دعاة المسلمين بنيبال في الأمور الفقهية بالتعصب المذهبي المسيطر في أوساط المسلمين والدعاة بشبه القارة الهندية، كما تقوم بعض الجمعيات الخيرية الإسلامية بتقديم مساعدات مختلفة للمسلمين في النيبال لدعم المسلمين بالبلاد.

 

• تقع "نيبال" على السفوح الوسطى لجبال الهملايا HIMALAYA، بين الهند والصين، تجاورها التبت من الشمال، وتحدها الهند من الشرق والجنوب والغرب.

• يرجح أن الإسلام وصل إلى نيبال مبكرًا في القرن الخامس الهجري عن طريق التجار المسلمين، من شبه القارة الهندية.

• كان أول غزو إسلامي إلى البلاد في القرن الرابع عشر الميلادي عندما هاجم السلطان "شمس الدين إلياس" - حاكم البنغال - "وادي كتمندو" عام 1349 م.

• زادت صلة المسلمين بنيبال في عهد الإمبراطور المسلم "أكبر" فلقد أرسل البعثات الإسلامية إلى البلاد، وكان ذلك سنة 1491م.

• زاد النشاط الإسلامي بنيبال في القرن الخامس عشر الميلادي، واستوطن التجار المسلمون مناطق عديدة من نيبال.

• تذكر بعض المصادر أن التجار الكشميريين كانوا هم المسلمون الأوائل الذين جاؤوا إلى "كاتماندو" في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.

• وصل الإسلام أعلى مناطق العالم ارتفاعًا، فلقد صعد الإسلام إلى جبال الهملايا، وارتقى قممها، وانتشر في نيبال بين أهلها.

 

[1] "الشاه" لقب لأولئك الملوك النيباليين الذين حكموا البلاد في القرن السادس عشر، وقد منحهم هذا اللقب إمبراطور المغول في دهلي.

[2] R. Aryal and T. P. Dhungyal: "A new history of Nepal", p. 69

[3] واقع الدعوة الإسلامية في نيبال في العصر الحاضر، شميم أحمد بن عبد الحكيم، صـ58.

[4] التبشير والاستعمار في البلاد العربية، د. مصطفى خالدي وعمر فروخ، منشورات المكتبة العصرية- بيروت، 1982 م، صـ66.

[5] واقع الدعوة الإسلامية في نيبال في العصر الحاضر، شميم أحمد بن عبد الحكيم، صـ219.

0 شخص قام بالإعجاب