الإسلام في اليابان (7)مقالات

أ. د. صالح مهدي السامرائي

المصدر: شبكة الألوكة، التاريخ: 11/1/2011

 

في السبعينيات 1970 - 1980

- في عام 1970 زار المرحوم الملك فيصل بن عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - اليابان، والتقى بوفد من المسلمين في اليابان، ومعهم وفد من مسلمي كوريا، وتقدَّم الدكتور عبدالباسط السباعي رئيس جمعية الطلبة المسلمين في اليابان في ذلك الحين بطلب للملك فيصل؛ يرجو ابتعاث الدكتور صالح السامرائي، الأستاذ بجامعة الرياض؛ ليساعد في الدَّعوة الإسلاميَّة في اليابان، فاستجاب - رحمه الله - لهذا الطَّلب في عام 1973، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
- رعى المرحوم الملك فيصل أول ترجمة يقوم بها مسلم لمعاني القرآن الكريم لليابانيَّة التي قام بها المرحوم "عمر ميتا"، ورصد لها الأموال في سفارة المملكة بطوكيو لتصرف كلَّما نفذت الطَّبعة، وذكر المرحوم "عمر ميتا" في المقدمة أنَّ السيد أحمد سوزوكي، والدكتور صالح السامرائي ساعداه في المراجعة الأخيرة بالرياض صيف 1970.
- في السَّنتين الأُولَيَيْنِ استمرَّ "سيد جميل" يقود العمل الإسلامي في اليابان وكوريا.
- في عام 1973 أرسل الملكُ فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - كاتبَ هذه السطور للدَّعوة الإسلاميَّة في اليابان ومعه ستة آخرين: "خالد كيبا" (ياباني)، و"أسعد قربان علي" (ابن مؤسس مسجد طوكيو المرحوم عبدالحي قربان علي)، و"عبدالباسط السباعي" (مصري)، و"علي الزعبي" (سوري)، و"عبدالرحمن صديقي" (باكستاني)، و"موسى محمد عمر" (سوداني) وهم مِمَّن درس في جامعات اليابان، ولهم سابقة بالعمل الإسلامي فيها، أسس هذا الفريقُ أوَّلَ مركز إسلامي متكامِل في اليابان بالتَّعاون مع آخرين يابانيين ومقيمين؛ من أمثال "عمر ميتا" مترجم معاني القرآن الكريم لليابانيَّة، و"عبدالكريم سايتو"، و"مصطفى كومورا"، و"تميم دار محيط"، و"عبدالمنير واطانابا"، و"عمر دراز خان"، و"علي حسن السمني"، و"مطلوب علي"، و"عينان صفا"، ولا ننسى دور الشيخ "حسن بن عبدالله آل الشيخ" - رحمه الله - فقد كان السَّاعد الأيمن للمرحوم الملك فيصل في هذا الأمر، ووالى دعم نشاط المركز الإسلامي والدَّعوة الإسلاميَّة في اليابان، وكذلك جهود المرحوم "الشيخ عبدالعزيز بن باز" (هذان الرجلان عملاقان في الدَّعوة الإسلاميَّة على المستوى العالمي، وقلَّ مَن يدانيهما في هذا المستوى، فعليهم من الله الرَّحمة، وأجزل لهما الأجر ولكل من يعمل للإسلام).
- جاء تشكيل المركز الإسلامي باليابان في فترة هامَّة مرَّت بها اليابان، وهي أزمة البترول لعام 1973 وما بعدها، فبدأ اليابانيون يهتمون بالإسلام، حيث إن أكثر الدول المصدرة للبترول - إن لم تكن جميعها - هي دول إسلاميَّة، وكان تأسيس هذا المركز تحقيقًا لحلم كل من اهتم بالدعوة الإسلاميَّة في اليابان منذ مائة عام؛ حيث إنَّ كل من قرأنا لكتاباتهم من الذين زاروا اليابان، وعملوا في الدعوة؛ من أمثال "عبدالرشيد إبراهيم"، و"بركة الله"، و"نور الحسن برلاس" وغيرهم، كانوا يتمنون إقامة مركز إسلامي يقوم بالدَّعوة ويعمل به يابانيون ومن لهم معرفة باللغة اليابانيَّة، ويصدر كتبًا باللغة اليابانيَّة، ويقدِّم الإسلام للشَّعب الياباني.
1 - بدأ يفد إلى المركز الإسلامي الآحاد والعشرات؛ بل المئات من اليابانيين، ودخلوا في الإسلام أفواجًا.
2 - قام المركز بإصدار أعداد كبيرة من الكتب والكتيبات عن الإسلام باللغة اليابانيَّة، وأصدر مجلة السَّلام باللغة اليابانيَّة.
3 - غطى البلاد من أقصى الشمال إلى الجنوب بالنَّشاط الدعوي، ووصل الإسلام لأول مرة جزيرة "هوكايدو" في أقصى الشمال، وفتح الفروع في مدن عدَّة.

4 - أرسل الطلبة إلى المملكة العربيَّة السعوديَّة ومصر للدراسات الإسلاميَّة.

5 - أسَّس أول مجلس للتَّنسيق بين الجمعيَّات الإسلاميَّة، وعددها حينذاك اثنا عشر، تضم التَّجمعات الإسلاميَّة اليابانيَّة في عدَّة مدن، والجالية الإندونيسيَّة، وجمعيَّة الطَّلبة المسلمين، وذلك في عام 1976.
6 - كما عملت في عام 1977 أول ندوة عن الشَّريعة الإسلاميَّة، أقامها المركز بالتَّعاون مع رابطة العالم الإسلامي، وجامعة شو أو CHUO، وكان محركها الأستاذ "خالد كيبا"، وحضرها عم الإمبراطور الحالي، وأعضاء المحكمة العليا، وثلاثمائة من أئمَّة القانون في اليابان، وحضرها المرحوم "محمد علي الحركان" أمين عام رابطة العالم الإسلامي، واستمرَّت ثلاثة أيام، ونشرت وقائعها باللغات: العربيَّة واليابانيَّة والإنجليزيَّة، وكان من نتائج هذه النَّدوة أن عملت دراسات مستمرَّة حتى يومنا هذا عن الشَّريعة الإسلاميَّة في اليابان.
7 - كما عقدت ندوات ثقافيَّة حضرها الآلاف في "طوكيو" والمدن الأخرى، برعاية كبريات الصحف اليابانيَّة التي تصدر الملايين لكل صحيفة، بالتَّعاون بين المركز الإسلامي وجامعة الرياض؛ حيث حضرها معالي الدكتور "عبدالعزيز الفدا"، وسعادة الدكتور "توفيق الشاوي"، متَّعهما الله بالصحَّة والعافية.
8 - نظم عدَّة رحلات إلى الحج أوَّلها عام 1976، واستمرَّت سنويًّا بدعم سخي من سمو الأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود نائب وزير الدَّاخليَّة، واستضافة كريمة من رابطة العالم الإسلامي، فجزاهم الله خير الجزاء، وأخلف عليهم.
9 - وفي زيارة للمركز قام بها معالي المرحوم حسن آل الشيخ عام 1975، طلب المركز من معاليه إقامة معهد عربي إسلامي في طوكيو؛ ليكون مرجعيَّة إسلاميَّة في اليابان، ويعلِّم اللغة العربيَّة والثَّقافة الإسلاميَّة للشَّعب الياباني، فأحال الأمر إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة، وتولَّى معالي الدكتور "عبدالله بن عبدالمحسن التركي" - حفظه الله - المهمَّة، فأنشأ هذا الصَّرح الشَّامخ، ونهل آلاف اليابانيين منه الثَّقافةَ الإسلاميَّة واللغة العربيَّة وأسلم العديد، كما تنازل سمو الأمير سعود الفيصل عن مقر سفارة خادم الحرمين الشَّريفين في طوكيو وأرضها ليبني عليها صرحًا جديدًا، تولى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله، ومتَّعه بوافر الصحَّة والعافية - دعمَ البناء الحالي بعشرة ملايين دولار، وجهَّزه ومَوَّلَ تسييره بأكثر من مليون دولار.

وإنَّني هنا أقف موقف المؤرخ وليس المدَّاح، أرصد الحقائق من أجل أن يدعو المسلمون في كل مكان وعلى مر الأجيال للعاملين في حقل الدَّعوة الإسلاميَّة في اليابان والدَّاعمين لها.
10 - كنا نعد المسلمين اليابانيين قبل هذه الفترة ما بين ألف إلى ثلاثة آلاف، وبدأنا فيها نعد المسلمين بعشرات الآلاف، وانتشر الوعي الإسلامي لدى الشَّعب الياباني، فبعد أن كان الدين الإسلامي يدعى "كاي كيو" Kai Kyo، أصبح يدعى "إسرام" Isram، لعدم وجود حرف اللام باللغة اليابانيَّة ويستبدلون بها الراء.
- في آخر هذه الفترة رجع الدَّاعية المرحوم "سيد جميل" ثانية إلى اليابان، وأدَّى آخر أعماله الجليلة في المنطقة، ورافقه فيها عملاق آخر هو الشَّيخ "نعمة الله" الذي لا يزال في قمَّة النَّشاط الدَّعوي في اليابان حتَّى يومنا هذا.
- كان الدَّعم الرَّئيس المادي والأدبي والثقافي للنشاطات الإسلاميَّة في اليابان خلال هذه المرحلة والمراحل التي بعدها - يأتي أولاً من المملكة العربيَّة السعوديَّة حكومة وشعبًا، ومن رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، كما كان الدَّعم يأتي من دولة قطر، ودولة الإمارات العربيَّة المتحدة، والكويت، وسلطنة عمان، وكذلك من جمهورية مصر العربيَّة ممثلة في أزهرها العتيد، وليبيا بالدعاة الذين أرسلتهم، وهنا نذكر الأستاذ "حمد الهاجري" أول سفير لدولة قطر الشَّقيقة في اليابان؛ حيث قدَّم لنا أوَّل دعم مادي في أول مرحلة من تأسيس المركز، والمرحوم الشيخ "عبدالله الأنصاري" رئيس المحاكم الشَّرعية في قطر، وكذلك المرحوم "عبدالعزيز المبارك" رئيس المحاكم الشَّرعية في الإمارات العربيَّة المتَّحدة، والمرحوم "عبدالله المحمود" في الشَّارقة لدعمِهم النَّشاطاتِ الإسلاميَّةَ في اليابان.