مفتي زامبيا: التضامن بين المسلمين يحقق طموحاتهم ويحل مشكلاتهممقالات

موقع aliqtisadalislami

المصدر: موقع aliqtisadalislami - نوفمبر 2019م.

 

في  معظم  المؤتمرات  والفعاليات  الإسلامية  بالعاصمة  المصرية  القاهرة،  نسعد  بلقاء  فضيلة  الشيخ  أسد  الله  موالي،  مفتي  زامبيا،  فهو  حريص  على  الحضور،  ومحاورة  علماء  الأمة  الإسلامية،  الذين  يأتون  من  كل  بقاع  الأرض،  وتبادل  المعارف  والخبرات  معهم،  حيث  يرى  أن  الفعاليات  الإسلامية  مهمة  حتى  وإن  كانت  معظم  توصياتها  لا  تطبق  على  أرض  الواقع،  فيكفى - في  نظره – أن  يلتقي  علماء  الإسلام،  ورؤساء  ومسؤولي  المنظمات  الإسلامية  في  العالم،  ليتعارفوا،  ويتآلفوا،  ويستفيدوا  من  بعضهم  البعض .                                            

في  زيارته  الأخيرة  للقاهرة  التقيت  بفضيلة  مفتي  زامبيا – بلد  التسامح  الديني  واحترام  المخالفين – كما  يصفها  فضيلته – حيث  أكد  لـ»الاقتصاد  الإسلامي »  أن  بلاده  ساحة  مفتوحة  لكل  من  يرغب  في  الاستثمار  الزراعي  والصناعي  الجاد،  فمعظم  مساحة  الجمهورية  صالحة  للزراعة،  ولا  يستغل  منها  إلا  القليل،  وهي  تشجع  على  الاستثمار،  وترحب  بالمستثمرين  من  العرب  والمسلمين .. كما  أن  زامبيا  غنية  بالمعادن،  وبها  ثروة  هائلة  من  النحاس،  وهي  بذلك  بيئة  خصبة  للصناعات  المتنوعة،  وسوف  يجد  كل  مستثمر  جاد  ضالته  بها .

تفاصيل حوار « الاقتصاد الإسلامي » مع مفتي زامبيا في السطور التالية..

أجرى الحوار في القاهرة: بسيوني الحلواني              

مؤتمرات مفيدة  

هل تجد فائدة من المؤتمرات والفعاليات الإسلامية التي تحرص على المشاركة فيها.. أم أنها أصبحت مجرد ظاهرة صوتية – كما يرى البعض؟

أنا أختلف مع الذين يقللون من أهمية المؤتمرات الإسلامية، وأرى أنها من الأهمية بمكان، ويكفي أن يلتقي علماء ودعاة من مختلف قارات العالم، ليتحاوروا ويتناقشوا حول قضية من قضايا الأمة، وينبهوا إلى الأخطار المحيطة بنا، ويبحثوا عن حلول للمشكلات التي تواجه المسلمين.. هذا في ذاته أمر مهم، وهو الهدف الأهم من وراء هذه المؤتمرات حتى ولو كانت التوصيات لا تنفذ، ففي كل المجالات هناك إهمال للتوصيات، في المجال السياسي والاقتصادي وفي مجالات العلوم المختلفة توجد هذه المشكلة، بل إن المؤتمرات الدولية أيضاً لا تنفذ توصياتها.

لذلك لا ينبغي أن نقف عند هذا الأمر، فأنا أرى أن مجرد تجمع علماء الأمة من كل قارات العالم، وإقامتهم في فندق واحد، وتحاورهم حول موضوع المؤتمر أو غيره، ولقاء علماء المسلمين بأبنائهم وإخوانهم الإعلاميين، والحديث معهم حول أحوال المسلمين في بلادهم.. كل هذا ما كان يمكن أن يتاح لو لم يكن هناك مؤتمر يجتمع العلماء من أجله.

وفي الواقع نحن نعلق عليكم آمالاً كبيرة، لنشر أحوال المسلمين في بلادنا، وفي كل البلاد الأفريقية، ونقل مطالبنا لمن بيدهم مساعدتنا على مواجهة مشكلاتنا.

مطالب مشروعة  

ما أهم مطالب المسلمين في زامبيا؟

كما تعلمون فإن أغلبية سكان زامبيا من المسيحيين (80%) تقريباً، والمسلمون في البلاد أقلية تمثل نسبة من الطوائف الدينية الأخرى من عدد السكان الذي يبلغ حوالي 15 مليون زامبي، ونحن – والحمد لله – نعيش في مناخ جيد من حرية الاعتقاد والعبادة، ولا يتدخل أحد في شؤوننا الدينية، وعدد المساجد في البلاد 1050 مسجداً، ولنا حرية إقامة ما نريد من المساجد، ولذلك نناشد المنظمات الإسلامية الكبرى وأهل الخير مساعدتنا على إقامة المزيد من المساجد والمدارس الإسلامية التي تربي أبناء المسلمين على الفضائل والآداب والتشريعات الإسلامية، ونناشد الأزهر زيادة العلماء والدعاة المبعوثين لنشر التعاليم الإسلامية الصحيحة بين المسلمين في بلادنا، ومساعدتنا في نشر أحكام الشريعة الإسلامية.. علماً بأنني من الذين تعلموا في الأزهر... ونعتمد على فتاوى الأزهر، ومجمع البحوث، وهيئة كبار علماء الأزهر في الأمور الخلافية والأمور المستحدثة.

ونحن نؤكد أن زامبيا أرض خصبة لانتشار الإسلام، خاصة في ظل انتشار العديد من الديانات الوضعية والوثنية، ولذلك نتطلع إلى دعم المؤسسات الإسلامية الدعوية والتعليمية في زامبيا من المؤسسات الإسلامية في العالم، ونؤكد أهمية استقبال الجيل الجديد من المسلمين الزامبيين للدراسة في الجامعات الإسلامية والعربية.

الإعلام والتعامل مع الإسلام        

كيف تتعامل وسائل الإعلام في زامبيا مع الأمور الدينية الإسلامية؟

يحسب لوسائل الإعلام في بلادنا أنها لا تنشر أو تعرض ما يسيء إلى ديننا، ولا يستطيع أحد أن يفتي في الأمور الإسلامية في وسائل الإعلام، إلا إذا كان حاصلاً على تصريح من المفتي العام للمسلمين في البلاد، وهذا أمر يعيننا كثيراً على نقل الصورة الصحيحة لديننا، ويقطع الطريق على المتطرفين الذين ينتشرون في كثير من البلاد الأفريقية.

أين المستثمرون؟  

زامبيا من الدول الأفريقية التي تشتهر بالزراعة وتمتلك مساحات شاسعة من الأراضى الخصبة والصالحة للزراعة.. فهل تستغل هذه المساحات جيداً؟ وكيف ترى واقع ومستقبل الاستثمار الزراعي في بلادكم؟

نعم .. نمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ولكن للأسف لا يستغل منها إلا القليل، ونتطلع إلى إخواننا المسلمين في أن يأتوا إلى بلادنا للاستثمار في قطاع الزراعة وغيرها، ولو استغلت الأراضي الصالحة للزراعة في بلادنا استغلالاً جيداً لأصبحنا «سلة غذاء للبلاد العربية»، وفي بلادنا معادن جيدة أهمها النحاس والزنك والرصاص وغيرها من المعادن التي يمكن الاستثمار فيها، ولذلك نناشد رجال الأعمال العرب والمسلمين عموماً أن يأتوا إلى بلادنا، وسوف يجدون ما يسرهم، وبالمناسبة هناك عرب جاءوا من بعض البلاد العربية وخاصة مصر جاءوا إلى بلادنا، واستقروا فيها، ويعمل بعضهم في مجال الطب والإلكترونيات والتجارة، وأنا أعرف بعضهم وأسعد بوجودهم في بلادنا.

نسبة المسلمين إلى غيرهم        

وكم عدد المسلمين في زامبيا مقارنة بغيرهم من أتباع الشرائع السماوية والوضعية؟

ليس لدينا إحصاء رسمي للسكان حسب الديانة، كما أن هناك تغيراً مستمراً في الأعداد والنسب بسبب دخول البعض في دين الإسلام بشكل مستمر، إلا أن المتفق عليه أن الغالبية العظمى من السكان مسيحيون(في حدود 80%)، وباقي النسب موزعة بين المسلمين والهندوس وأديان ومعتقدات وثنية، ونحن نعمل على تكثيف الدعوة إلى ديننا ونرحب بكل من يأتي إلينا عن قناعة ورضا، بعد أن يتعرفوا على تعاليمه السمحة، ولا يقل عدد المسلمين عن 4% من إجمالي عدد السكان البالغ 15 مليوناً.

المؤسسات الإسلامية في زامبيا

هل لديكم  مؤسسات إسلامية فاعلة في زامبيا.. أم أن الوضع لا يختلف عن كثير من الدول الأفريقية التي تعاني من ضعف في مؤسساتها الإسلامية دعوية أو إغاثية؟

نحن أقلية في مجتمع يعاني من مشكلات اقتصادية، والحكومة تمنحنا حرية إقامة مؤسسات دعوية أو إغاثية في إطار شرعي، وعلى أن يكون نشاطنا علنياً ومعلناً وله أهدافه المعلنة لمساعدة المسلمين في البلاد.. والحمد لله الوضع لدينا يتحسن من وقت إلى آخر، وهناك نمو في عدد المؤسسات التي تهتم بالإسلام، ونشر تعاليمه الصحيحة، وأشهرها: «الجمعية الإسلامية» التي تشرف على المساجد وشؤون العاملين بها وهي نشطة، ويوجد في العاصمة لوساكا المركز الإسلامي، وهو مؤسسة ضخمة ويقع على مساحة كبيرة؛ حيث يضم مدارس ومعهداً للدعاة ومعهداً حرفياً صناعياً وكلية جامعية، ويدرس به كثير من أبناء المسلمين، وهو مدعوم من منظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية بجدة، ويقوم المركز بواجبات دعوية وتعليمية كبيرة في تعليم المسلمين أصول دينهم، ولدينا أيضاً «جمعية الشباب المسلم»، التي ينتمي عدد من أعضائها إلى جذور هندية وباكستانية، كما تم تأسيس «جمعية العون المباشر»، وهي لا تقتصر على الأغراض الدعوية فقط، بل تقوم بتوجيه جزء كبير من جهودها إلى مساعدة الأيتام والفقراء، ولدينا ما لا يقل عن عشرين هيئة ومؤسسة إسلامية بعضها في العاصمة لوساكا، كما تنتشر عشرات المساجد في مناطق تجمعات المسلمين، التي تتم إقامتها بجهود فردية بأموال المسلمين.

الإسلام في أفريقيا     

البعض يرى أن الإسلام يتراجع في أفريقيا بسبب المشكلات الاقتصادية وانتشار الأمراض وقصور التعليم ونشاط القوى المعادية للإسلام.. هل هذا صحيح؟

هذا غير صحيح، ومجرد مزاعم لا تستند إلى أدلة أو براهين، فالإسلام في أفريقيا ينتشر بين غير المسلمين بشكل كبير، وهذا فضل من الله الذي تكفل بنصرة دينه الخاتم، والمشكلات الاقتصادية أو الاجتماعية التي تتحدث عنها لن تدفع مسلماً إلى ترك دينه، لأن الدين البديل لن يوفر له الطعام والشراب والدواء والكساء.. ولكن الذي يوفر مقومات الحياة هو العمل والإنتاج، ومطلوب من كل إنسان، مسلماً كان أم غير مسلم، أن يعمل عملاً مفيداً له ولأسرته ومجتمعه، وهذا ما نركز عليه في نصائحنا وتوجيهاتنا للمسلمين في بلادنا.

وأنشطة المنظمات المناهضة للإسلام لا تحقق أهدافها كلية، قد يستجيب لها قلة، لكن أغلبية المسلمين في أفريقيا لا يتركون دينهم من أجل حفنة من الطعام والشراب أو المال، لأن العقيدة مترسخة في النفوس، وما نعاني منه هو الجهل بتعاليم الإسلام وأحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك فإن المسلمين الأفارقة بحاجة إلى من يعلمهم دينهم الصحيح.

نحن دعاة حق، وديننا هو خاتم الأديان السماوية، وقد ارتضاه الخالق سبحانه وتعالى ليكون الدين الشامل لكل الناس، ونحن ننشر تعاليمه  بين الأفارقة من مسلمين وغير مسلمين بالتسامح واحترام الأديان المخالفة ونرفع الشعار القرآني (لكم دينُكم ولي دينِ) الكافرون 6، فمن يأتي إلى ديننا عن قناعة فأهلاً ومرحباً به، ونحن لا نُكرِه الآخرين على دخول الإسلام، لأن العقيدة الصحيحة تصل إلى العقول والقلوب بلا إكراه.

الاهتمام بالتعليم  

في حواراتنا مع علماء ودعاة كثيرين من أفريقيا نجدهم مهتمين بالمساجد والمدارس الإسلامية الموجودة في بلادهم .. فلماذا عدم الاهتمام بتعليم أولادكم العلوم الحديثة لكي يسهموا في تطوير قدراتهم على العمل والإنتاج وينفعوا أنفسهم والمجتمعات التي ينتمون إليها؟

المساجد والمدارس الإسلامية بالنسبة لنا مهمة للغاية لربط المسلمين بعبادتهم، والمسجد في الإسلام – كما هو معروف – مؤسسة علمية شاملة وليس مجرد مكان للعبادة،  ومن خلال المسجد نستطيع أن نحشد أبناء المسلمين لتعلم مختلف العلوم والتخصص فيها، ونحن ندرك أن التعليم هو وسيلة المسلمين الأساسية لتحقيق النهضة والتقدم، ولكن كيف لنا بتحصيل العلوم والمعارف الحديثة ونحن في أمس الحاجة إلى مقومات الحياة الكريمة؟ كيف لنا بإقناع أولادنا بأهمية التعليم في كل المجالات ونحن لا نملك أبسط مقومات ترسيخ الهوية الإسلامية؟

هناك مؤسسات تنتشر في أفريقيا وتغري أبناء المسلمين بالتعليم الحديث والرعاية الصحية والاجتماعية، ولكنها تقدم عقائدها ومذاهبها الفكرية مع ما تقدمه من علوم ومعارف وخدمات اجتماعية وإنسانية، ونحن لا نريد أن يقع أبناؤنا في هذا الفخ ويفقدون هويتهم الإسلامية داخل هذه المؤسسات التي ترفع شعارات براقة ولكنها ليست مؤسسات تعليمية نزيهة، كما أنها ليست مؤسسات اجتماعية أو إنسانية بريئة.

أبناء المسلمين والعلومالحديثة        

أنتم ترسلون أبناءكم للتعلم في الجامعات الإسلامية، وفي مقدمتها جامعة الأزهر، لدراسة العلوم العربية والإسلامية.. لماذا لا ترسلونهم لتعلم الطب والهندسة والتجارة والزراعة، وهي متاحة أيضاً في جامعة الأزهر؟

في الواقع دراسة العلوم العربية والإسلامية في الجامعات الإسلامية، وخاصة جامعة الأزهر، تمثل أولوية بالنسبة لنا، فنحن في حاجة ماسة إلى تعليم أبنائنا العلم الديني الصحيح، ولن نجد أفضل من جامعة الأزهر التي تعلمت فيها وأعلم مناهجها الوسطية جيداً.

والطلاب الذين يأتون من بلادنا ومن مختلف الدول الأفريقية للدراسة في الأزهر والجامعات الإسلامية في البلاد العربية يأتون على منح دراسية التي تحددها البلاد الذين يسافرون للتعلم فيها، فنحن لا خيار لنا، بل نتطلع إلى أن يتعلم أبناؤنا كل العلوم والمعارف الحديثة في البلاد العربية والإسلامية، فهي الأكثر أماناً وانضباطاً من الناحية الأخلاقية من بلاد أوروبا، ونحن نعلم أن هذه العلوم والمعارف قد تقدمت كثيراً في بلادكم، بل نحن نعالج في زامبيا على يد أطباء مصريين وعرب مهرة ونحن نثق فيهم ونذهب إليهم ونفضلهم على غيرهم من الأطباء.

نحن بالفعل في أمس الحاجة إلى تعليم أبنائنا كل العلوم والمعارف الحديثة في بلادكم، ولذلك أناشد الجامعات العربية عموماً أن تقدم منحاً دراسية لأبناء أفريقيا الفقراء لدراسة الطب والهندسة والعلوم المختلفة فيها، فهذا أفضل عطاء علمي ننتظره من إخواننا العرب، وهو لو تم يحقق التواصل الحقيقي بين المسلمين في مختلف الأقطار.. كما نناشد الأثرياء ورجال الأعمال وكل أهل الخير التكفل بتعليم أبنائنا في البلاد العربية والإنفاق عليهم مما أعطاهم الله، ونذكر الجميع بأن المسلمين في مختلف العصور كانوا يوقفون بعض أموالهم على تعليم أبناء المسلمين غير القادرين، ونحن في أمس الحاجة إلى إحياء هذه السنة الحسنة لكي ننشر العلم المفيد في كل بلادنا الأفريقية.

التعليم المفيد للمسلمين     

من خلال دراستك بالأزهر وزياراتك المتكررة للبلاد العربية والإسلامية.. كيف ترى واقع التعليم غير الديني في البلاد العربية؟ وهل يستطيع أن ينهض بالشعوب العربية ويحقق طموحاتها العلمية والحضارية؟

كما تعلم أنا أحضر إلى مصر وغيرها من البلاد الإسلامية والعربية لحضور مؤتمرات وفعاليات إسلامية، وما يناقش في هذه المؤتمرات كلها قضايا وموضوعات تتعلق بالدعوة الإسلامية وما يواجهها من تحديات، وما نسعى – نحن علماء الإسلام – إلى إيصاله للناس على وجهه الصحيح.. ومن خلال تجربتي الشخصية ومقارنة ما درسته بالأزهر مع ما يدرسه وينشره الآخرون أشهد للأزهر بالوسطية والاعتدال وتبني صحيح الدين، وأشهد لعلمائه بالكفاءة والإخلاص في تعليم طلابهم من مختلف دول العالم الإسلامي.. لكن عموماً من خلال قراءاتي ومتابعاتي لما يحدث في بلادكم، خاصة وأنني أجيد اللغة العربية، أؤكد أن بلادكم العربية عموماً تشهد تطوراً كبيراً في التعليم، ويبقى السعي لربط هذا التعليم بالمشكلات التي تعاني منها البلاد العربية، فالتعليم ليس هدفاً في ذاته، بل هو وسيلة تطوير وأداة لحل مشكلات الإنسان في البيئة التي يعيش فيها، فالتعليم ينبغي أن يستثمر لحل مشكلات الإنسان.

أموال الزكاة  

من خلال موقعك مفتياً لبلادكم .. هل ترى جواز توظيف بعض موارد الزكاة لتعليم أبناء المسلمين وتأهيلهم للعمل والإنتاج؟

كما نعلم، الزكاة لها مصارفها الشرعية التي ينبغي أن نحرص عليها لتحقق أهدافها كما أرادها الخالق سبحانه وتعالى، ونحن أمامنا موارد أخرى كثيرة من العطاء المالي الخيري للمسلمين يمكن الإنفاق منه على تعليم وتأهيل أبناء المسلمين الفقراء لكي يكونوا قادرين على العمل والإنتاج وكفاية أنفسهم ومن هم تحت رعايتهم.. كما أجاز بعض الفقهاء تخصيص بعض أموال الزكاة لإقامة مؤسسات تعليمية وتدريبة لأبناء الفقراء، وهؤلاء لهم حجتهم التي نحترمها، لكنني شخصياً أفضل الإنفاق على تعليم وتأهيل أبناء الفقراء من أموال الوقف والصدقات التطوعية.

لكن من حقنا أن نسأل: أين مليارات الزكاة المفروضة على المسلمين كل عام؟ وما قدر ما يجمع من أموال الزكاة؟ وهل ينفق على مصارفه الشرعية كما ألزمنا الخالق سبحانه وتعالى في نص قرآني واضح؟

الاستثمار الإسلامي الأمثل     

وكيف ترى الاستثمار الإسلامي الأمثل في بلادنا الإسلامية؟

برؤية بسيطة يجب على المسلم الذي أنعم الله عليه بالمال أن يستثمره ولا يكتنزه، هذا مطلب شرعي، والاستثمار له مجالات كثيرة ومتنوعة ومن حق المسلم أن يستثمر ماله بالشكل الذي يحقق طموحاته بشرط ألا يغضب الله.. أي لا يستثمر في المحرمات أو في المجالات التي توجد فيها شبهة الحرام، لكن لو استثمر المسلم أمواله في مكان مشبوه يختلط فيه الحلال بالحرام واستطاع أن يطهره من الحرام فله أجره وثوابه عند الله عز وجل.

ونحن دائماً ننصح إخواننا الذين يستفتوننا في بلادنا في مثل هذه الأمور أن يحرصوا على الحلال ويتجنبوا كل ما هو حرام أو فيه شبهة الحرام، خاصة أن مجالات الاستثمار في الحلال والتجارة في الطيبات كثيرة والحمد لله، وهي مشمولة ببركة الخالق عز وجل، فالحرام ولو كان الربح فيه كبيراً ومغرياً إلا أنه وَبَالٌ على صاحبه في الدنيا والآخرة، فالله سبحانه وتعالى لا يبارك في مال آل إلى صاحبه عن طريق حرام، ومهما كثر المال الحرام وتضخم فهو إلى زوال وسوف يجلب المصائب والنكبات على صاحبه إن عاجلاً أم آجلاً.

تضامن الأمة.. طريق قوتها        

رغم الثروات الطائلة وتنوع موارد وخيرات البلاد الإسلامية إلا أن العديد منها تعاني من مشكلات اقتصادية.. هل لديكم تفسير لذلك؟

السبب في ذلك معروف لكثير من الناس، وهو عدم وجود تعاون وتكامل بين المسلمين، إلى جانب انتشار الفساد الاقتصادي في بلاد كثيرة، ولذلك يجب على القائمين على شؤون البلاد الإسلامية أن يتعاملوا مع الفساد الاقتصادي والأخلاقي في بلادهم بكل حزم.. أما التعاون والتكامل فيجب أن يدرك الجميع أن التعاون وتبادل المنافع والموارد الاقتصادية هو الطريق الصحيح لوحدة الأمة وتحقيق طموحاتها العلمية والاقتصادية.

وعلينا أن نعي أننا نمتلك كل مقومات التضامن والتعاون والقوة الاقتصادية، فقد أنعم الله تعالى على هذه الأمة بخيرات وموارد طبيعية وفيرة، لا يوجد مثلها لدى أية أمة أخرى. كما أنعم الله عليها بموقع فريد متنامي الأطراف تتوفر فيه كل عوامل التميز والتنوع، ومع ذلك فإمكانات الأمة الإسلامية غير مستثمرة جيداً، ولذلك نرى معظم سكانها يعانون من مشكلات وأزمات اقتصادية وترتفع بين سكانها نسب الأمية والفقر والبطالة لأنها لم تستثمر مواردها جيداً، ولم تنفذ منهج الإسلام في تحقيق التضامن والتعاون في مختلف المجالات.