العالمُ قريةٌ صغيرةٌ، هكذا أطلقَ مارشال ماكلوهان عليها في بدايةِ الستيناتِ الميلاديةِ من القرنِ الماضي
كان قد مضى عامانِ على مقولتِه تلكَ حينما بدأتُ الترحالَ مؤمنًا أنَّ خلفَ هذه القرية قصصًا تستحقُّ أن تُكتَشَف..
بدأتْ قصتي أنا محمدُ بن ناصر العبودي بعد ثلاثِ سنواتٍ من إنشاءِ الجامعةِ الإسلاميةِ في المدينةِ المنورةِ تحديدًا عامَ 1383م الموافق 1964 م..
حيث كانت مهمتي أمينًا عامًا تقتضي البحثَ في حاجةِ الدولِ للتعليمِ الإسلاميِّ ومعرفةَ أحوالِ المسلمينَ، وهكذا انطلقت رحلاتي التي طافتْ بي أركانَ الدنيا الأربعةَ
كانت افريقيا محطتي الأولى نحوَ العالمِ بقاراتِه المتعددةِ ،
يومَها عبرتُ البحرَ الأحمرَ من جدةَ بطائرةِ داكوتا صغيرةٍ باتجاهِ الميناءِ المقابلِ في العمقِ الأفريقيِّ ، بورتسودان، ولتستمرَّ بعدها الرحلةُ..
عالمٌ آخرٌ كان بانتظاري خلفَ البحرِ، عالمٌ من الدهشةِ، أجبرني لأسلَّ عن قلمي.
كتابي الأولُ كانت ولادتُه من رحمِ هذه الكتاباتِ التي كانت مجردَ انطباعاتٍ ويومياتٍ نصحني أحدُ الأصدقاءِ بتحويلِها إلى كتابٍ مطبوعٍ..
كنتُ هنا وهناكَ حولَ الأرضِ، أطيرُ شمالًا تارةً ثم أعودُ لجنوبِه،
وتارةً أخرى أتتبعُ الشمسَ، نطاردُ بعضَنا، أُصبحُ وأمسي في اليومِ أكثرَ من مرة..
أتريدُ أن أقولَ لكَ كم عددُ الدولِ التي زرتُها؟ من الأفضلِ أن أقولَ لك كم عددُ الدولِ التي لم أَزرْها!
كلُّ العالمِ كان تحتَ بصري عبرَ أكثرَ من نصفِ قرنٍ، عبرتُ فيها مئاتِ الآلافِ من الكيلومتراتِ ومثلَها من الساعاتِ والخطواتِ..
مطاراتٌ بألوانِ الدنيا، ومحطاتُ سفرٍ على امتدادِ الأرضِ.
تجاربُ جديدةٌ وأماكنُ نائيةٌ، بعضُها لم يطأْها أيُّ مسلمٍ من قبل، وبعضُها كانت وما زالت عصيةً في الوصولِ إليها.
وجوهُ الدنيا وأجناسُها كانت بانتظاري، ولغاتُها..
وكان حصادي دسمًا، فعبرَ الرحلةِ والرحلةِ، تراكمت القصصُ، وتوالت الكتبُ، كتبٌ بلونِ العالمِ كلِّه، واختلافاتِه نثرتُها قصصًا لتحكي للناسِ، الناسِ في كلِّ مكانٍ على هذه الأرض..
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.