الأقلية المسلمة في كولومبيامقالات

موقع الإسلام

إحدى دول أمريكا الجنوبية، احتلها الأسبان في سنة (915هـ - 1509م) وأطلقوا عليها اسم غرناطة الجديدة في سنة (972هـ – 1564م) وكانت تضم كولومبيا وبنما، وفي سنة (1131هـ - 1718م) أصبحت هذه المستعمرة مركزا لنائب ملك أسبانيا، وظهرت جمهورية كولومبيا الكبرى في سنة (1233هـ - 1817م)، وكانت كولومبيا الكبرى تضم بنما، وفنزويلا وأكوادور، ثم انسحبت فنزويلا وأكوادور من الاتحاد بعد ثلاثين عاما، وتغير الاسم إلى "جمهورية غرناطة الجديدة" في سنة (1273هـ - 1856م)، ثم إلى "الاتحاد الغرناطي"، وبعد ذلك إلى "الولايات المتحدة الكولومبية"، بعد انسحاب شريكتها.

تبلغ مساحة كولومبيا 1.138.919 كيلو مترا مربعا، وسكانها في سنة (1408هـ – 1988م) 30.567000 نسمة، وعاصمتها مدينة "بوغوتا"، وسكانها في العام نفسه 7 ملايين نسمة. وكولومبيا رابعة أكبر دول أمريكا الجنوبية مساحة، ومن أبرز مدنها: مدلين، وكالي، وبيكاو، وقرطاجنة. واللغة الرسمية هي الأسبانية.

• الموقع:
تقع كولومبيا في الركن الشمالي الغربي من قارة أمريكا الجنوبية، وتطل على المحيط الهادي من الغرب، وعلى البحر الكاريبي من الشمال، وفي شمالها الغربي بنما، وتشترك في حدودها الشرقية مع فنزويلا والبرازيل، وتحدها جمهورية بيرو، وكذلك أكوادور من الجنوب.

• الأرض:
التضرس من سمة أغلب أرض كولومبيا، ويتكون سطحها من سلاسل من جبال الأنديز، وتتفرع إلى مجموعة من الجبال هي: (كوردليرا الشرقية)، (وكوريدليرا الوسطى)، (وكوردليرا الغربية)، وتنحدر هذه المرتفعات نحو الشرق إلى حوض نهر الأمازون، كما تنحدر شمالا وغربا إلى السهول الساحلية على البحر الكاريبي والمحيط الهادي، وتنبع من هذه المرتفعات بعض روافد نهر الأمازون، وأطول أنهار كولومبيا نهر مجدوليبا، وهذا يتجه نحو البحر الكاريبي، ويشكل أكبر شرايين المواصلات المائية بكولومبيا.

• المناخ: 
رغم موقع كولومبيا الاستوائي إلا أنها تتمتع بمناخ مداري معتدل، وذلك نتيجة تضرس أرضها، وتختلف أحوالها المناخية من منطقة لأخرى، وتسقط عليها كميات وفيرة من الأمطار تجعلها من أغزر مناطق أمريكا الجنوبية، ويتنوع النبات بين الغابات المدارية والحشائش وغابات المنجروف على السواحل.

• السكان: 
يتكون سكان كولومبيا من عناصر المستيزو، وهؤلاء يشكلون 58% من الأسبان، والزنوج الأفريقيين، وكذلك أقلية من الهنود الأمريكيين ويشكلون حوالي 5% من جملة السكان، وفي كولومبيا حوالي 60 ألفًا من أصول عربية من لبنان وسوريا وفلسطين، ويشكل المسلمون حوالي 5000 من هؤلاء، ويعيش أغلب سكان كولومبيا في المناطق المرتفعة في غربي البلاد.

• النشاط البشري: 
الزراعة حرفة السكان الأولى، ويعمل بها حوالي 30% ويزرع من أراضي كولومبيا حوالي 4%، وتتكون الحاصلات من البن، وهي ثانية الدول المنتجة للبن، وبلغت مساحة الأراضي المخصصة له أكثر من ¼1 مليون هكتار، ويمثل نصف صادراتها، ومن الحاصلات الزراعية: القطن، والأرز، والشعير، والذرة، والبطاطس، والقمح، والموز. وثروتها الحيوانية تتكون من الأبقار والأغنام، وتنتج القليل من البترول، والذهب، والفضة، كما يستخرج النحاس، والرصاص، والزئبق، والبلاتنيوم، وتتركز الصناعة في العاصمة، ومولين، وميكاو، وكالي. وأهم الصناعات تشمل المواد الغذائية والمنسوجات. وكولومبيا من أكبر منتجي المخدرات في الأمريكتين، ويعاني العالم من هذه المشكلة المدمرة للإنسانية، والمخربة للمجتمعات.

• كيف وصل الإسلام إلى كولومبيا؟ 
تعود البداية إلى الوجود الإسلامي بالأندلس، ولقد اهتم الكولومبيون بحضارة الإسلام بالأندلس، وممن اهتم بذلك كالدون ازكيال، واريكواشا، وعندما ضعفت قبضة الكنيسة على السكان بعد استقلال البلاد وصلت الشجاعة ببعض الكتاب الكبار إلى أن يفتخروا ويشيدوا بالحضارة الإسلامية، وتحدث بعضهم باللغة العربية، ومن أشهرهم: دون، وفينو، وخوزي كوارفو. وفي النصف الثاني من القرن الماضي في أعقاب الحرب العالمية الأولى، اتجهت إليها بعض الهجرات العربية، وكان معظم المهاجرين من بلاد الشام، وازدادت الهجرات العربية بعد الحرب العالمية الثانية، ووصل عدد المسلمين في كولومبيا في سنة 1371هـ - 1951م إلى بضعة آلاف مسلم، ويقدر عددهم الآن بأكثر من 5 آلاف مسلم في آخر إحصائية قديمة

• مناطق المسلمين: 
يعيش المسلمون في العاصمة بوجوتا، وفي ميكاو، وفي مدينة بانكينا، وفي كالي، وفي جزيرة سان أندريس، وفي سانتامارتا، وألبي لدوبار، وباستو ومولين، وإيبوليز وكوكوتا، وبيونا فنتورا، ومعظم تجمع المسلمين في مدن ميكاو؛ حيث يوجد أكثر من 1000 مسلم، وفي العاصمة أكثر من ذلك، وفي بادنكيناد أكثر من 500 مسلم، وفي جزيرة سان أندروس كذلك، وفي المدن الأخرى جالية مسلمة تتراوح أعدادها بين 150 نسمة و50 نسمة، ويتكون المسلمون في كولومبيا من المهاجرين من لبنان، وفلسطين، وسوريا، ومن بعض الكولومبيين في كولومبيا، وهناك مجموعة مسلمة من الأفارقة الذين جلبهم الأسبان كرقيق للعمل في كولومبيا، وتتركز هذه المجموعة في ميناء ببونا – فرنتودا على المحيط الهادي، ومن الغريب أن الإسلام وصل إليهم عن طريق أحد البحارة من المسلمين الأفارقة الأمريكيين، حيث مكث هذا الداعية بينهم فترة علمهم مبادئ الإسلام، ويشتغل معظم المسلمين بالتجارة والصناعة الخفيفة؛ ولذلك معظمهم في حالة اقتصادية جيدة.

• الهيئات والمؤسسات الإسلامية: 
ظل المسلمون في كولومبيا في ضياع وذوبان في المجتمع الكولومبي أكثر من نصف قرن منذ هجرتهم إلى هذه البلاد في أعقاب الحرب العالمية الأولى، ولقد أهملهم العالم الإسلامي فترة طويلة، ولكن زاد اهتمام المؤسسات الإسلامية بهم في الربع الأخير من القرن العشرين، أو في بداية القرن الخامس عشر الهجري، فذهبت إليهم بعض الوفود الإسلامية، كما وصل إليهم بعض الدعاة، ونتيجة لجهود مكثفة بذلها هؤلاء، إضافة إلى جهود بعض السفارات العربية، عاد الكثير من المسلمين الكولومبيين إلى حوزة الإسلام، واستيقظوا من ثباتهم بعد أن ذاب الكثير منهم في المجتمع الكولومبي، ولا يعرف عن تلك الفئة التي انصهرت في المجتمع الكولومبي شيء. 

وعندما ثاب العديد من المسلمين إلى رشدهم، وعادوا إلى هويتهم الإسلامية ظهرت لهم بعض الأنشطة في مجال الدعوة الإسلامية، وأخذوا يتجهون في تشكيل بعض المؤسسات الإسلامية، ففي مدينة ميكاور توجد أكبر جالية مسلمة أقاموا مسجدا وبنوا مدرسة نموذجية بها أكثر من 400 طالب في سنة 1990م، ربعهم تقريبا من غير المسلمين، ولكن للأسف تعاني هذه المدرسة من قلة عدد المدرسين، لدرجة أنها تستخدم درزيا ونصرانية في التدريس، ولقد طلبت تزويدها ببعض المدرسين لتعليم اللغة العربية، والثقافة الإسلامية لأبناء الجالية، وللأسف لم يصل إليهم غير بعض الدعاة، وفي ميكاو جمعية خيرية إسلامية، ولقد قدمت هذه الجمعية برنامجا تلفزيونيا في شهر رمضان 1410هـ، وفي هذه المدينة مجموعة من الشيعة من لبنان، ولقد بدأ نشاط الدعوة الإسلامية في الظهور في منطقة ميكاو، وفي هذه المنطقة حوالي 1000 مسلم، وربما يكون عدد المسلمين أكثر من ذلك، فالكثير منهم قد انصهر في المجتمع الكولومبي، ويمكن إرجاعهم إلى حوزة الإسلام، وللمسلمين في ميكاو مقبرة إسلامية، ومن العناصر النشطة الأخ إبراهيم ديب. 

وفي مدينة بوغوتا العاصمة أكثر من 100 أسرة مسلمة من أصول فلسطينية ولبنانية وسورية، ولقد أسسوا الجمعية الخيرية الإسلامية، وبنوا مسجدا ومدرسة إسلامية، ولهم مقبرة إسلامية، ولقد أخذوا قطعة أرض من الدولة، ويحاولون إقامة مركز إسلامي عليها يتكون من مسجد، ومدرسة، ومكتبة، ومن أنشط المسلمين في بوغوتا الأخ إبراهيم بن سالم، حيث يتصدر العمل الإسلامي بالعاصمة. 

وفي جزيرة سان أندروس حوالي 300 مسلم من المهاجرين من لبنان وفلسطين، ولقد ذاب الكثير منهم في المجتمع الكولومبي، وللأسف ليس لهم نشاط إسلامي ملحوظ، وليس لديهم غير النادي العربي، ولقد ظهر بينهم أخيرا بعض التائبين الذين عادوا إلى الإسلام. 

وفي مدينة بارنكيبا حوالي 100 أسرة مسلمة من لبنان وفلسطين، معظمهم لا يحمل من الإسلام غير الاسم، وذاب الكثير منهم في المجتمع الكولومبي نتيجة الزواج المختلط، وفي مدينة سانتامارتا حوالي 30 أسرة مسلمة، معظمهم من قرية واحدة من لبنان، هؤلاء يحافظون على أصولهم، خصوصا في التزاوج من مسلمات، ولديهم صحوة دينية، وأقاموا مسجدًا ومدرسة إسلامية، وشكلوا جمعية خيرية إسلامية، ولهم علاقة قوية بالمسلمين في ميكاو. 

وفي مدينة ألبي لدوبار حوالي 20 أسرة مسلمة من لبنان وفلسطين، ولقد ذاب الكثير منهم في المجتمع، ولهم مسجد، ومدرسة إسلامية صغيرة، ولهم علاقة بمسلمي ميكاو وبوغوتا، وفي مدينة كالي 40 أسرة مسلمة، معظمهم من فلسطين، ونشاطهم محدود، ولهم مسجد صغير، ومدرسة عبارة عن فصل واحد. وتواجه الدعوة الإسلامية مشاكل كثيرة في كالي. 

وفي مدينة باستو حوالي 25 أسرة مسلمة، معظمهم من فلسطين، وتواجه الدعوة مشاكل عديدة بينهم، وهناك العديد من الأسر المسلمة في مدلين، وفي أبيولز وكوكوتا، وفي بيونا فونتودا عدد من المسلمين الأفارقة، وأقام هؤلاء مسجدا متواضعا ومدرسة صغيرة. 

وأخيرا تكون الاتحاد الإسلامي الكولومبي كهيئة وليدة لرعاية أحوال المسلمين في كولومبيا.

• التحديات: 
أبرز التحديات تتمثل في الآتي: 

1- الزواج المختلط والذوبان في المجتمع الكولومبي. 
2- انغماس الشباب في المجتمع الكولومبي. 
3- النعرة القومية وانقسام المسلمين على أنفسهم. 
4- الأحقاد وتفكك الأسر المسلمة. 
5- غياب الإرشاد الديني، والتعليم الإسلامي. 
6- انتقال الخلافات الطائفية والمذهبية إلى أرض المهجر، وتفشي الماركسية بين بعض الجماعات. 
7- العناصر المضادة مثل: اليهود، والنصارى، والفئات الضالة.

• المتطلبات: 
1. حل الخلافات والمنازعات التي تقوم على النعرة القومية والاختلافات المذهبية والطائفية. 
2. الحاجة الماسة إلى دعاة يجيدون اللغة الأسبانية، وكذلك الحاجة إلى الكتب باللغة الأسبانية، خصوصا كتب التفسير والحديث والفقه. 
3. تطوير العلاقة بين هؤلاء المسلمين والعالم الإسلامي، وزيادة الروابط بينها. 
4. العناية بالمدارس الإسلامية الموجودة وتطويرها، ووضع مناهج دراسية على أسس إسلامية. 
5. دعم الهيئات النشطة معنويًّا وماديًّا.