الشيخية فرقة خرجت من رحم الاتجاه الإخباري الذي برز فـي أوسـاط الشـيعة الإمامية الإثني عشرية منذ مطلع القرن الحادي عشر الهجري، واستمر حتى منتصـف القرن الثالث عشر، حيث تغلب عليه الاتجاه الأصولي.
والشيخية تنسب إلى الشيخ أحمد زين الدين الإحسائي، المولـود سـنة 1166هــ (1752م) والمتوفى سنة 1241هـ (1825م)، ويلقبه أنصاره بـ (الشيخ الأوحـد)، وقد تنقل في حياته بين إيران، والعراق، وبلاد الخليج.
وقد ترك الإحسائي مؤلفات كثيرة منها: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، وشرح (العرشية) لصدر الدين الشيرازي، وشرح (المشاعر) للشيرازي أيضاً، والفوائد.
وقد ترك الرشتي مثل شيخه مؤلفات كثيرة منها: مجموعة الرسائل، وشرح الخطبة التطنجية، وشرح القصيدة اللامية، وأصول العقائد.
أ-آل المامقاني: محمد حسين بن زين العابدين، وأبناؤه "محمد حسـين" بـن محمـد، "محمد تقي" بن محمد، إسماعيل بن محمد، وبرز كذلك: محمد حسين بـن الشـيخ محمد المامقاني.
ومن غير هذه الأسرة برز في تبريز كذلك علي بن الميرزا موسى التبريزي.
ب-آل الأسكوئي: وهم من منطقة أسكوء في إيران، ولهم وجود في مدينـة كـربلاء وفي دولة الكويت وبرز منهم: محمد باقر الأسكوئي وابنه موسى، ثم علي بن موسى الذي أقام في الكويت، وحسن بن موسى بن محمد بـاقر الأسـكوئي، وابنـه عبـد الرسول، ثم أخيرًا عبد الله بن عبد الرسول، وهذه الأسرة تتخذ الآن مـن الكويـت مقراً لها. وتجد تاريخهم المفصل في كتاب " قرنان من الاجتهاد والمرجعية " للحاج الميرزا عبد الرسول الحائري الإحقاقي .
وآل الأسكوئي يطلق على الواحد منهم أيضاً لقب "الإحقاقي" نسبة إلى كتاب (إحقاق الحق) الذي ألفه أحد علمائهم.
ويعود وجودهم في الكويت إلى علي بن موسى الأسكوئي الذي أقام في الكويت سنيناً، حيث كان مجموعة من شيعة الكويت الشيخيين يقلدون والده موسى بفعل تأثر الكويـت وقربها من العراق وكربلاء خاصة، حيث أحد مقرات هذه الطائفة وإقامة شيوخها.
وسكن علي موسى الكويت، وكان يقضي أيام الصيف في كـربلاء غالبـاً. وأثنـاء وجوده في الكويت قام بتأسيس الحسينية الجعفرية والعباسية وأقام أول منـارة ومئذنـة لمسجد شيعي في الكويت وهو مسجد الصحاف، وسعى إلى الجهر بـ"أشهد أن أميـر المؤمنين عليا ولي االله" أو ما يعرف عند الشيعة بالشهادة الثالثة في الأذان.
وكان لعلي بن موسى هذا نشاط في الإحساء حيـث أسـس الحسـينية الجعفريـة والحسينية الحيدرية، وأحيى كثيراً من آثار ومؤلفات علماء الشيخية.
وبعد وفاته أصبح شقيقه حسن بن موسى رئيساً للطائفة، وقد استطاع تأسيس مكتبـة عامة وصناديق إعانة.
وبعد وفاته سنة 1966 ،تسلم ابنه عبد الرسول رئاسة الطائفة حتـى وفاتـه فـي2003/11/26 ، وبالرغم من أن عبد الرسول أوصى برئاسة الطائفة إلى ابنه الشاب عبـد االله، إلا أن هذا الإجراء واجه معارضة من مجموعة مقلدي عبد الرسول الذين رأوا عدم جواز تقليد من لم يعرف عنه أنه بلغ مرتبة الاجتهاد، ورفضوا بأن تكون المرجعية بالوراثـة أو التوصية. ورأى هؤلاء المقلدون بأن كمال الدين الحائري هو الأحق برئاسة الطائفة.
الشيخية ليست فرقة من فرق الإمامية الإثني عشرية، وليس هناك فرق بينها وبين الشيعة الإمامية، بل هي خط التشيع الواضح والعقائدي اللائح، وإن أردت الاطلاع على الأمر فانظر في مصنفاتهم وكتبهم، فهم لا يفترقون عن التشيع، وقد أشار للمسألة السيد محمد حسين الطبطبائي في كتابه "الشيعة والإسلام" ويمكنكم الاطلاع عليه.
1-الاعتقاد بأن الأئمة والمعصومين الأربعة عشر هم علـة تكـوين العـالم وسـبب وجوده، وهم الذين يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون، والاعتقاد بأن االله العزيز قد تكرم عن مباشرة هذه الأمور بنفسه، وأوكلها إلى المعصومين، حيث جعلهـم أسـباباً ووسائط لأفعاله، فهم -كما يعتقد الشيخية - مظاهر لأفعال االله.
يقول الإحسائي:
إن مصير الخلائق، وإياب الناس كلهم إلى علي عليه السلام الـذي هو ولي االله، لأن االله وكَّل الأمر إليه وجعله عنده.
وقال المفسر الألوسي رحمه االله قوله عن الإحسائي وأتباعه:
ترشح كلماتهم بأنهم يعتقـدون في أمير المؤمنين علي على نحو ما يعتقده الفلاسفة في العقل الأول.
2- الاعتقاد بوجود الجسد (الهورقليائي) للإنسان إلى جانـب الجسـد (الصـوري)، وقـال الإحسائي بأن هذا هو الجسد الذي عرج به رسول االله صلى االله عليه وسلم إلى السماء، والذي يعيش به الإمام الثاني عشر، وكان يعتقد أن الإمام عندما غاب نزع عنه جسـده (الصوري) وبقي محتفظاً بجسده (الهورقليائي) وهذا هو سر بقائه كل هذه المدة.
3-الاعتقاد بالكشف كما يؤمن به الصوفية، حيث يقـول الإحسـائي :
إن الإنسـان إذا صفت نفسه وتخلص من أكدار الدنيا يستطيع أن يتصل بأحد الأئمة من أهل البيـت عن طريق الكشف والأحلام، فيوحي له الإمام بالعلم الغزير، وتكشف له الحجـب.
وادعى الإحسائي أنه حصل على العلم بهذه الطريقة الكشفية.
وكان الإحسائي يكرر في مواضع عديدة من كتبه أنه سـمع مـن الإمـام جعفـر الصادق، ويصرح في بعضها أنه سمعه شفاهة يقول كذا، ويروي أنه طلـب مـن الإمام الحسين أن يعلمه شيئاً يتلوه إذا أراد أن يرى أحد الأئمة ليسأله عما أشكل عليـه، فأعطاه أبياتاً من الشعر، ويؤكد الإحسائي أنه أخذ بقراءة الأبيات، والتحلّي بمضامينها، فكان يرى من يريد متى شاء.
4-التبشير الدائم بقرب ظهور المهدي، وكان الإحسائي يقول للناس في كل قريـة يمـر بها أن الإمام الغائب على وشك الظهور، وأنهم يجب أن يكونوا على أهبة الاستعداد لنصرته، وكان يقول لهم: إن الإمام الغائب حين يظهر سوف يبدل الكثير من العقائد والتعاليم الإسلامية الموجودة.
5-الاعتقاد بأن المعاد روحاني ولا علاقة للجسد الدنيوي فيه.
6 -اختص أتباع كريم خان المعروفين "بالركنية " باعتقادهم بالإمام النـاطق والـركن الرابع، وخلاصتها: أنه لابد لكل زمان من إمام غير الإمام الغائب تكون له الوساطة بينه وبين رعيته، ويجب على العلماء دعوة الخلق إليـه، ولـيس لغيـره التصـدي للأمور العامة إلاّ بأمره. وهذه العقيدة خاصة بشيخية كرمان، الذين اعتبروا أصـول الدين أربعة (معرفة االله، والنبي، و الإمام، والركن).
وقد كتب محمد كريم خان الكرماني رسالة طويلة إلى كاظم الرشـتي ظهـر فـي بعض فقراتها ما يؤيد عقيدة الركن الرابع، منها:
اعتقادي أن من لم يعرف السابق عليه والباب الذي تجري منه جميع الفيوض، لـم يعـرف شـيئاً مـن التوحيـد والنبـوة والإمامة، وأنا عبدك الأثيم محمد كريم قد انقطعت من الدنيا كلها إليـك، إن الشـيخ الأجل الأمجد كان قطب زمانه، لتصريح النبي صلى االله عليه وسلم فيه: أنت القطـب، فالشيخ الأكبر هو الذي يعبد به الرحمن وتكتسب الجنان، لأنه العقل وقد رأينا أن الأمر بعده رجع إليك ظاهراً، فأنت نائبه بالنص الجلي منه، فإذن أنت الذي يعبد به الرحمن ويكسب به الجنان.
الشيخية نشأتها وتطورها: محمد حسن آل الطالقاني.
أصول مذهب الشيعة: د. ناصر عبد االله القفاري.
الشيرازي: المرجعية في مواجهة تحديات التطور: أحمد الكاتب.
الفرق والمذاهب الإسلامية منذ البدايات: سعد رستم.