• تحدثت بعض المصادر العربية القديمة عن وصول المسلمين واستقرارهم في مناطق أقصى شرق الصين، سموها الشيلا"، و"السلا"، و"الأشبيلا"، دلالة على شبه الجزيرة الكورية. • سبق المسلمون الغربيين في التجارة مع "شيلا" كوريا وتسجيل اسمها في كتبهم، وسجل "الإدريسي" موقعها على خريطته، وخريطته أسبق من خريطة "مركاتور" بـ441 عامًا. • ورد على كوريا في ظل حكم مملكة "غُوريُو" بعض المسلمين الإيغور من موظفي مغول الصين، وكانت لهم عدة امتيازات في بلاط مملكتي "غوريو" و"جوسون". • يكثر الكلام عن المسلمين في كتب التاريخ الكوري من بداية القرن الثالث عشر الميلادي. • بانهيار مملكة "جوسون" باحتلال اليابان أرض كوريا (1910-1945 م) هاجر مليون كوري على الأقل إلى منشوريا إبان تلك الفترة، واختلطوا بالمسلمين هناك، وأسلم بعضهم في منشوريا. • يعتقد أن الوصول الفعلي للإسلام جاء أثناء الحرب الكورية، بعد سنة 1370 هـ - 1950م، حيث وصلت إلى كوريا الجنوبية قوات تركية قامت بالدعوة للإسلام بين الكوريين. • أقبل الكوريون على اعتناق الإسلام، فاعتنق 4000 كوري الإسلام، وتكون "الاتحاد الإسلامي الكوري" في سنة 1383 هـ - 1963م. • أبدت الدول الإسلامية المجاورة بكوريا اهتمامًا كبيرًا بالمجتمع الإسلامي الجديد في كوريا الجنوبية في عقد الستينيات، ومن ضمن تلك الدول: ماليزيا وباكستان. • اهتمت الأجيال الجديدة من الكوريين بدين الإسلام والبحث عنه في وسائل الإعلام. |
نبذة عن كوريا الجنوبية:
تقع "كوريا الجنوبية" في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية، يحيط بها البحر الأصفر (بحر الصين) من الغرب، وبحر الشرق (بحر اليابان) من الشرق، ومضيق كوريا من الجنوب، أما من الشمال فتحدها جمهورية كوريا الشمالية، وتقع كوريا الجنوبية في المنطقة المعتدلة الشمالية وهي ذات طبيعة جبلية في الغالب، وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو 100,210 كم².
بلغ عدد سكان كوريا الجنوبية قرابة 52 مليون نسمة في عام 2020 م، ويسكن 49.4 ٪ من السكان بالعاصمة "سيول" والمناطق المجاورة لها؛ ولذلك فإن كوريا تشهد ظاهرة كثافة السكان بالمدن.
يرجع الأصل العرقي للشعب الكوري إلى الجنس الأصفر، وسلالات قبائل الألتك المنغولية، وقد عُرفوا باسم (دونجي) في الأدب الصيني واتَّصَفوا بالطيبة واحترام القيم الإنسانية[1].
وتقدر نسبة الجبال في كوريا 73 ٪، والباقي سهول زراعية صغيرة.
كيف وصل الإسلام كوريا؟
• تحدثت بعض المصادر العربية القديمة عن وصول المسلمين واستقرارهم في مناطق أقصى شرق الصين[2]، وقد أطلق على هذه المناطق الواقعة في أقصى شرق الصين مسميات منها "الشيلا"[3]، و"السلا"[4]، و"الأشبيلا"[5]، وقد وصفها "أبو الفدا" في "تقويم البلدان" فقال: "وهي من أعالي الصين من الشرق، وقلما يسلك إليها في البحر وهي من جزائر في بحر الشرق"[6] ويتضح هنا أن بلاد "الشيلا" و"السيلا" هي "كوريا" الآن، والتي تقع شمال شرق الصين كما وصفت في "تقويم البلدان".
• ويبدو أن هذه الممالك القديمة قد اشتهرت بالذهب حسبما ورد في "المسالك والممالك": "وفيها الذهب الكثير"[7]، وكما ورد في "المنتظم": "بها الذهب الكثير"[8]، "وسكن بها المسلمون ومن دخلها من المسلمين استوطنها لطيبها"[9].. ومن المرجح أن تلك هي المصادر العربية الأولية التي ذكرت جزر كوريا واستقرار المسلمين فيها.
• وقد سبق المسلمون الغربيين في التجارة مع "شيلا" وتسجيل اسمها في كتبهم، قال د. "جونغ سو إيل": ((إن مسلمي العرب سبقوا الغربيين في التجارة مع بلاد شيلا بسبعمائة أو ثمانمائة عام منذ منتصف القرن التاسع الميلادي، وظن المسلمون أن "شيلا" أحد بدلَي الخُلد، وسافروا إلى "شيلا" تكرارًا، ومسلمو العرب هم الذين تعارفوا لأول مرة على "شيلا" وأخبروا العالم بوجودها، و"محمد الإدريسي"، العالم الكبير في علوم الجغرافية في العصور الوسطى، قد كتب في خريطته اسم "السلى" (شيلا) عام 1154م (549هـ)، وخريطته أسبق من خريطة "مركاتور" بـ441 عامًا في ذكر اسم كوريا، وخريطة "ماركاتور" هي أول الخرائط الأوروبية المذكور فيها اسم كوريا Corea))))[10].
• كما ورد على كوريا في ظل حكم مملكة "غُوريُو" بعض المسلمين الإيغور من موظفي مغول الصين، أخبر "كتاب تاريخ غوريو" بمجيئهم للبلاط الملكي أكثر من ثلاث مرات، في سنوات تولي الملك "هيون جونغ" وذلك عام 1024 م (415 هـ)، وعام 1025 م (416 هـ)، وعام 1040 م (432 هـ)، ونجد أنه بعد ظهور "جنكيز خان" (1165- ۱۲۲۷م، 561 - 625هـ) في الصين وتوسع إمبراطورية المغول، استشارت الإمبراطورية كثيرًا من المسلمين ووظفتهم في حكمها على الصين، وقد تمكَّن المغول من التدخل السياسي في "مملكة غوريو" فأرسلوا المسلمين من قبائل الإيغور في الصين إلى شبه الجزيرة الكورية للنظر في سياسة مملكة غوريو.
فبهذه الخلفية التاريخية يكثر الكلام عن المسلمين في كتب التاريخ الكوري من بداية القرن الثالث عشر الميلادي، ومن أبرز المسلمين الماكثين في كوريا في عصر "مملكة غوريو": "جانغ سون ريونغ"، وهو من الذين جاءوا إلى كوريا مع الأميرة "جاي غوك داي جانغ" في عام 1254م (652 هـ)، وكان "جانغ سون ريونغ" مرافق الأميرة واسمه الأصلي "جانغ سام غا" وكان أبوه موظفًا علميًّا لحكومة "يوان" الصينية، وهو من ضمن المتجنسين المسلمين الباقين في كوريا في عصر "غو ريو"، وخرج من ذريته علماء كثيرون في عصر "غو ريو" و"جو سون"؛ لذلك يعتبر "جانغ سون ريونغ" أبًا للمسلمين الكوريين عند بعض المثقفين الكوريين[11].
• كذلك وُجِد المسلمون في البلاط الملكي في عصر مملكة "جوسون" الحاكمة بعد انهيار مملكة "غوريو" في نهايات القرن الرابع عشر الميلادي، واستمرت امتيازاتهم الخاصة، وبعد انهيار أسرة "يوان" في الصين، وظهور إمبراطورية "مينغ" توقفت امتيازات المسلمين في كلٍّ من البلاد الصيني والكوري، وانقطع الاتصال بين المسلمين والكوريين حتى العصر الحديث[12].
[1] الدعوة في كوريا الجنوبية: فرص وطموحات، قسم الأبحاث بمرصد الأقليات المسلمة، د.ت، صـ8.
[2] المسالك والممالك، أبُو القَاسِم عُبَيد اللّه بن عَبد اللّه بن خُرْداذبه، دار صادر أفست ليدن، بيروت، 1889 م، صـ70؛ وتقويم البلدان، أبو الفداء إسماعيل بن علي بن محمود بن محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب، دار الطباعة السلطانية - باريس، 1840م، صـ396-397.
[3] المسالك والممالك، أبُو القَاسِم عُبَيد اللّه بِن عَبد اللّه اِبن خُرْداذبه، صـ70.
[4] تقويم البلدان، أبو الفداء، صـ 396.
[5] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، 1412 هـ - 1992 م، (1/ 134).
[6] تقويم البلدان، أبو الفداء، صـ 396.
[7] المسالك والممالك، أبُو القَاسِم عُبَيد اللّه بِن عَبد اللّه بن خُرْداذبه، صـ70.
[8] المنتظم، ابن الجوزي، (1/ 134).
[9] المسالك والممالك، أبُو القَاسِم عُبَيد اللّه بِن عَبد اللّه اِبن خُرْداذبه، صـ70.
[10] الحوار العلمي عن الحضارات والتبادل الحضاري، جونغ سو إيل، شركة ساليم للنشر (سيئول- كوريا)، 1430 هـ - 2009 م، صـ 102 (بالكورية).
[11] الدعوة الإسلامية في كوريا الجنوبية: واقعها ومعوقاتها وسبل علاجها (دراسة وصفية تحليلية)، وُنْ سُو كِيم، رسالة ماجستير في الدعوة والثقافة، كلية الدعوة وأصول الدين، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1439 - 1440 هـ، صـ100.
[12] الإسلام والثقافة الكورية، لي هي سو، تشونغ آه للطباعة، (سيئول- كوريا)، 1433 هـ - 2012 م، صـ239 (بالكورية).
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.