استعمار ماليزيا المسلمة عبر التاريخ (2)مقالات


الغزو الياباني لماليزيا وروح الاستقلال الوطنية:

خلال أحداث الحرب العالمية الثانية استولت اليابان على أرخبيل الملايو سنة 1941 م، وهيمنت على مقاليد السلطة فيه حتى سبتمبر سنة 1945 م، حيث تمكنت قوات الحلفاء من إعادة احتلال البلاد بعد استسلام اليابان، وقد نمت الرغبة الوطنية بالاستقلال في أعقاب الغزو الياباني للملايو واحتلالها لاحقًا خلال الحرب العالمية الثانية[1].

في مرحلة ما بعد الحرب وضعت بريطانيا خططًا لتوحيد الإدارة في ماليزيا تحت مستعمرة وحيدة للتاج ودعيت (اتحاد الملايو) الذي تعثر بسبب معارضة قوية من قبل الملايو الذين عارضوا التخلص من حكامهم، ومنح الجنسية للعرقية الصينية من عرقيات سكان أرخبيل الملايو، وقد انحل هذا الاتحاد الذي أُنشئ في عام 1946 م، وتألَّف من جميع الممتلكات البريطانية في الملايو باستثناء "سنغافورة".

في عام 1948 م تم الاستعاضة عنه باتحاد الملايو الفدرالي، الذي أعاد الحكم الذاتي لحكام ولايات الملايو في ظل الحماية البريطانية، عدا (مالاقا، وبيانغ) اللَّتَيْنِ بَقِيَتَا مستعْمَرَتين بريطانيتين[2].

 

استقلال ماليزيا:

نجد أن الحركات الاستقلالية في ذلك الوقت قد حاولت جذب الإسلاميين للانضمام إلى صفوفها، وتأييد كفاحها كما فعل "اتحاد الشباب الملايوي"، و"الحزب الوطني الملايوي" بالملايو، و"الحزب الإسلامي" بماليزيا (PAS)، و"جماعة الإصلاح"، و"الجمعية الخيرية الإسلامية الماليزية" (PERKIM)، و"حركة الشباب الإسلامي" بماليزيا (ABIM).. وقد ساهم الإسلاميون في العمل السياسي، وقد منعت الحكومة البريطانية بعض الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية من مزاولة نشاطها؛ لإدراكها أن الإسلام هو العقبة الكؤود في الملايو ضد أهداف الاستعمار الحقيقية[3].

بدأت مفاوضات الاستقلال مع الإنجليز، وتم الاتفاق على الاستقلال قبل شهر أغسطس عام 1957 م، وأعلن استقلال ماليزيا في 31 أغسطس 1957 م، غطى هذا الاستقلال في البداية شبه الجزيرة فقط، فسنغافورة ظلت خارج الاتحاد، أما ولايتا "سراواك" و"صباح" فقد بقيتا مستعمرتين بريطانيتين[4].

عام 1962 م اقترح رئيس وزراء الملايو "تنكو عبد الرحمن" لتعاون سياسي واتحاد جديد يضم شعوب بلاد سنغافورة وبورنيو الشمالية وبروني وساراواك، وقام بالفعل اتحاد بين هذه الدول فيما عدا "بروني" التي لم تقرر الدخول في هذا الاتحاد، وتم هذا الاتحاد في 1963 م، لكن عارضت هذا الاتحاد الملايوي كلٌّ من الفلبين وإندونيسيا، ودعت لاستفتاء شعبي لأهل "سراواك" و"صباح"؛ لكن شعبي "سراواك" و"صباح" أعلنا رغبتهما في الاتحاد مع جيرانهما في ماليزيا، ولم يمضِ عامان حتى انسحبت سنغافورة من الاتحاد[5]، وبذلك تكونت دولة ماليزيا من اتحاد فيدرالي يضم ثلاث عشرة ولاية و3 أقاليم اتحادية، مقسمة إلى قسمين:

• القسم الغربي ويشمل إحدى عشرة ولاية وهي:

(قدح دار الأمان، بينانج، بيراق دار الرضوان، كلنتن دار النعيم، بهانج دار المعمور، ملقا، سلاغور دار الإحسان، نجری سبيلان دار الخصوص، برليس دار السُّنَّة، ترنجانو دار الإيمان، جوهور دار التعظيم).

• القسم الشرقي ويشمل: (ولاية سراواك، وصباح) اللتين تقعان في برنيو الشمالية.

• أما الأقاليم الاتحادية:

(ولاية كوالالمبور الاتحادية، ولاية لابوان الاتحادية، ولاية بوتراجاي الاتحادية).

 

الاستعمار يقضي على ممالك الملايو الزاهرة:

قامت في أرخبيل الملايو عدة سلطنات إسلامية زاهرة، بالإضافة إلى سلطنة ملقا الإسلامية التي كانت أكثر تلك الإمارات تأثيرًا ونفوذًا بالمنطقة، وكانت لها علاقات سياسية ودبلوماسية كبيرة بجيرانها، وقامت على غرار "ملقا" عدة إمارات أخرى في شبه الجزيرة منها ما كان في "قداح" و"براق" و"باهانغ" و"جوهور".. وطبعت هذه الإمارات تاريخ أرخبيل الملايو بالطابع الإسلامي حتى وقتنا الحالي رغم محاولات الاستعمار في وأد الإسلام من قلوب المالايويين، حيث قضى ما يقارب خمسمائة عام تقريبًا من (1511 - 1975 م)، وابتدأ هذا الاستعمار بالاستعمار البرتغالي (1511م -1641م)، ثم الهولندي (1641م -1824 م)، ثم البريطاني (1824 - 1957م)، كما استولت اليابان على ماليزيا وجميع جنوب شرقي آسيا لمدة أربع سنوات (1941 - 1945م) في الحرب العالمية الثانية، غير أن الاستعمار رغم أنه قضى على تلك الإمارات الإسلامية في المنطقة، وقام بإنهاء وجودها، فإنه لم يفلح في القضاء على الإسلام في أرخبيل الملايو أو يعلن إنهاء وجوده.

 

• عرف سكان "أرخبيل الملايو" الإسلام منذ القرنين الثاني والثالث الهجري، وأسسوا عدة إمارات وممالك إسلامية، كان من أبرزها مملكة "ملقا" أو "ملاكا" الإسلامية في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي - التاسع الهجري.

• استعمر البرتغاليون أرخبيل الملايو مائة وثلاثين عامًا، وقد وصل البرتغاليون إلى "ملقا" بنيَّة احتلال تلك المناطق عام 915هـ - 1509 م، وكان هدفهم في المقام الأول إنهاء وجود المسلمين في تلك المنطقة كما فعلوا في الأندلس.

• عامل المستعمر البرتغالي الأهالي أسوأ معاملة، الأمر الذي أدى إلى ثبات القوم على دينهم، وتمسكهم بالإسلام، ووجدوا فيه كل الخير لهم، فكان ذلك عاملًا قويًّا في نشر الإسلام ودوام أمره وحاله في المنطقة رغم الاضطهاد وحملات القمع البرتغالي.

• حل الهولنديون محل البرتغاليين والأسبان في "ملقا" عام 1052هـ / 1641 م، ولبثوا في الملايو قرابة قرنين من الزمان، قاموا فيها بانتزاع ممتلكات المسلمين من أيدي أصحابها في "ملقا" عن طريق الإقراض الربوي، ووأد الدعوة في أرخبيل الملايو.

• في عام ۱۸۲5 م سلم الهولنديون ولاية "ملقا" للبريطانيين، الذين عمدوا إلى استغلال ثروات المنطقة أسوأ استغلال، وقاموا بتقسيم المناطق الإسلامية لعدة إدارات يحكمها سلاطين بالوكالة عن المندوب السامي البريطاني.

• خلال أحداث الحرب العالمية الثانية استولت اليابان على أرخبيل الملايو سنة 1941 م، وهيمنت على مقاليد السلطة فيه حتى سبتمبر سنة 1945 م.

• في مرحلة ما بعد الحرب وضعت بريطانيا خططًا لتوحيد الإدارة في ماليزيا تحت مستعمرة وحيدة للتاج ودعيت (اتحاد الملايو) الذي لاقى معارضات كثيرة من دول الأرخبيل!

• منعت الحكومة البريطانية بعض الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية من مزاولة نشاطها بماليزيا؛ لإدراكها أن الإسلام هو العقبة الكؤود في الملايو ضد أهداف الاستعمار الحقيقية.

• أعلن استقلال ماليزيا في 31 أغسطس 1957 م.

• في النهاية تكوَّنت ماليزيا من اتحاد فيدرالي يضم ثلاث عشرة ولاية و3 أقاليم اتحادية.

• طبعت الإمارات الإسلامية "ملقا" و"قداح" و"براق" و"باهانغ" و"جوهور" تاريخ أرخبيل الملايو بالطابع الإسلامي حتى وقتنا الحالي.

• لم يفلح الاستعمار في وأد الإسلام من قلوب المالايويين، حيث قضى ما يقارب خمسمائة عام تقريبًا من (1511 - 1975 م)، وما زال الإسلام باقيًا في المنطقة.

 

 

[1] اتحاد ماليزيا، محمود شاكر الحرستاني، المكتب الإسلامي للنشر والتوزيع، ط7، 1409 هـ - 1989 م، صـ41-42.

[2] المسلمون في الشرق الأقصى (الفلبين- إندونيسيا - ماليزيا)، د. محمد محمد زيتون، صـ147.

[3] الحركة الإسلامية في ماليزيا، محمد نوري الأمين بن إندوت، دار البيارق- الأردن، 1421 هـ - 2000 م، صـ54-56.

[4] ماليزيا للقارئ العربي، سعيد كريديه، صـ42.

[5] اتحاد ماليزيا، محمود شاكر الحرستاني، صـ48.