• عرف سكان "أرخبيل الملايو" الإسلام منذ القرنين الثاني والثالث الهجري، وأسسوا عدة إمارات وممالك إسلامية، كان من أبرزها مملكة "ملقا" أو "ملاكا" الإسلامية في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي - التاسع الهجري. • استعمر البرتغاليون أرخبيل الملايو مائة وثلاثين عامًا، وقد وصل البرتغاليون إلى "ملقا" بنيَّة احتلال تلك المناطق عام 915هـ - 1509 م، وكان هدفهم في المقام الأول إنهاء وجود المسلمين في تلك المنطقة كما فعلوا في الأندلس. • عامل المستعمر البرتغالي الأهالي أسوأ معاملة، الأمر الذي أدى إلى ثبات القوم على دينهم، وتمسكهم بالإسلام، ووجدوا فيه كل الخير لهم، فكان ذلك عاملًا قويًّا في نشر الإسلام ودوام أمره وحاله في المنطقة رغم الاضطهاد وحملات القمع البرتغالي. • حل الهولنديون محل البرتغاليين والأسبان في "ملقا" عام 1052هـ / 1641 م، ولبثوا في الملايو قرابة قرنين من الزمان، قاموا فيها بانتزاع ممتلكات المسلمين من أيدي أصحابها في "ملقا" عن طريق الإقراض الربوي، ووأد الدعوة في أرخبيل الملايو. • في عام ۱۸۲5 م سلم الهولنديون ولاية "ملقا" للبريطانيين، الذين عمدوا إلى استغلال ثروات المنطقة أسوأ استغلال، وقاموا بتقسيم المناطق الإسلامية لعدة إدارات يحكمها سلاطين بالوكالة عن المندوب السامي البريطاني. • خلال أحداث الحرب العالمية الثانية استولت اليابان على أرخبيل الملايو سنة 1941 م، وهيمنت على مقاليد السلطة فيه حتى سبتمبر سنة 1945 م. • في مرحلة ما بعد الحرب وضعت بريطانيا خططًا لتوحيد الإدارة في ماليزيا تحت مستعمرة وحيدة للتاج ودعيت (اتحاد الملايو) الذي لاقى معارضات كثيرة من دول الأرخبيل! • منعت الحكومة البريطانية بعض الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية من مزاولة نشاطها بماليزيا؛ لإدراكها أن الإسلام هو العقبة الكؤود في الملايو ضد أهداف الاستعمار الحقيقية. • أعلن استقلال ماليزيا في 31 أغسطس 1957 م. • في النهاية تكوَّنت ماليزيا من اتحاد فيدرالي يضم ثلاث عشرة ولاية و3 أقاليم اتحادية. • طبعت الإمارات الإسلامية "ملقا" و"قداح" و"براق" و"باهانغ" و"جوهور" تاريخ أرخبيل الملايو بالطابع الإسلامي حتى وقتنا الحالي. • لم يفلح الاستعمار في وأد الإسلام من قلوب المالايويين، حيث قضى ما يقارب خمسمائة عام تقريبًا من (1511 - 1975 م)، وما زال الإسلام باقيًا في المنطقة. |
دخول الاستعمار أرخبيل الملايو:
عرف سكان "أرخبيل الملايو" الإسلام منذ القرنين الثاني والثالث الهجري، وأسسوا عدة إمارات وممالك إسلامية، كان من أبرزها مملكة "ملقا" أو "ملاكا" الإسلامية في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، والتي قامت بجهود ملموسة من أجل نشر الإسلام بين ممالك الملايو وجزرها، حتى صارت تسيطر على مساحات واسعة من جنوب تايلند (شمالًا) إلى سومطرة في المنطقة الجنوبية الغربية من شبه جزيرة ملايو وجزر رياو.
وقد صحا العالم الإسلامي على خبر سقوط الأندلس على يد الأسبان عام 1492 م، ومن ثم ظهور الأسبان والبرتغاليين كقوى صليبية أخذت على عاتقها تنصير العالم الإسلامي تحت مسمى "الرحلات الاستكشافية"، ووطأت أولى أقدام القوى الاستعمارية أرض أرخبيل الملايو، لتحتلها عام 1511 م، وتسقط "سلطنة ملقا" الإسلامية.
استعمار البرتغاليين ماليزيا:
استعمر البرتغاليون أرخبيل الملايو مائة وثلاثين عامًا، وقد وصل البرتغاليون إلى "ملقا" بنيَّة استعمار تلك المناطق عام 915هـ - 1509 م حيث كانت أولى انطلاقاتهم من قاعدة "غوا" على سواحل الهند الغربية؛ لكن هجومهم باء بالفشل، ومن ثم أعادوا الكرة مرة أخرى بعد عامين، وكان القائد العسكري للبرتغاليين "وي البوركرك"، والذي ألقى خطابًا قبل الهجوم الثاني قال فيه: "الأمر الأول هو الخدمة الكبرى التي ستقدمها للرب عندما نَطرُد المسلمين من هذه البلاد، وإذا استطعنا الوصول إليها فسيترك المسلمون الهند كلها، إن غالبية المسلمين وربما كلهم يعيشون على تجارة هذه البلاد، ولقد اغتنوا، وأصبحوا أصحاب ثروات ضخمة، و"ملقا"، هي مركزهم الرئيسي، فمنها ينقلون كل عام التوابل والأدوية إلى بلادهم دون أن نستطيع منعهم، فإذا تمكنوا من حرمانهم من هذه السوق القديمة لا يبقى لهم ميناء واحد أو محطة واحدة مناسبة في كل هذه المنطقة ليستمروا في تجارتهم، وأؤكد لكم أنه إذا استطعنا تخليص "ملقا" من أيديهم، ستنهار القاهرة، وبعدها مكة نهائيًّا..."[1].
وقد دارت معركة حاسمة استمرت عشرة أيام متوالية حيث استطاع الجيش البرتغالي حسم المعركة لصالحه، ومِن ثَمَّ سقطت "ملقا" في أيدي الغزاة، وقد قام البرتغاليون بتنفيذ مخططهم بقتل العلماء والدعاة الناشطين في الدعوة بالمنطقة، ومعاملة الأهالي أسوأ معاملة، الأمر الذي أدى إلى ثبات القوم على دينهم، حيث زادهم العدوان البرتغالي تمسُّكًا بالإسلام ووجدوا فيه كل الخير لهم، فكان ذلك عاملًا قويًّا في نشر الإسلام ودوام أمره وحاله في المنطقة رغم الاضطهاد وحملات القمع البرتغالي[2].
الاستعمار الأسباني لملقا:
وقد توفي ملك البرتغال عام 1580 م فورثه ملك أسبانيا، وبذلك زالت دولة البرتغال، وتوحَّدت شبه الجزيرة الإيبيرية تحت التاج الأسباني، حيث انتقلت مستعمرة "ملقا" البرتغالية لحوزة الأسبان، الذين كانوا في أزمة حقيقية وقتذاك بتحطم أسطولهم الضخم "الأرمادا" في معركة بحرية مع إنجلترا عام 1588 م، إلى جانب انشغالهم باستعمار القارة الجديدة أمريكا ونهب ثرواتها[3].
الاستعمار الهولندي لملقا:
حل الهولنديون محل البرتغاليين والأسبان عام 1052هـ / 1641 م واستمروا حتى عام 1825 م؛ أي: مائة وأربع وثمانين سنة، حيث استمرت مع مجيئهم سياسة قتل المسلمين وملاحقتهم، هذا وقد اتبع الهولنديون نظام الإقراض الربوي، فتهيَّأت لهم الطريق لانتزاع الممتلكات من أيدي أصحابها في "ملقا" وغيرها.
وفي عهد الهولنديين توقفت "ملقا" عن دورها بنشر الإسلام في أرخبيل الملايو، وأهمل الهولنديون "ملقا" حيث حولوا كل نشاطهم التجاري إلى مدينة "باتافيا" (جاكرتا) في "جزيرة جاوا"؛ لكن بعض الهولنديين اهتم بتجارة القصدير الذي كان يُستخرج بِدائيًّا مِن "بِراق" و"قِداح"[4].
الاستعمار الإنجليزي لملقا:
حاولت "بريطانيا" مد نشاطها التجاري إلى أرخبيل الملايو حيث نجحت سنة 1876 م في تأسيس مستعمرة لشركة الهند الشرقية في جزيرة "بينانج" بعد استئجارها من سلطان "قدح"، وفي عام ۱۸۲5 م سلم الهولنديون ولاية "ملقا" بعد هزيمتهم على يد البريطانيين.
وفي السنة التالية أقامت بريطانيا مستعمرات المضيق المكونة من "جزيرة بينانج" ومقاطعة "ملقا" و"جزيرة سنغافورة"، ثم أقامت في سنة 1873 م مندوبًا مقيمًا لها في ولايات "براق"، و"سلانجور"، و"نجری سبيلان"، و"بهانج"، وبذلك أصبحت الولايات الإسلامية تأتمر بأمر المندوب السامي البريطاني في جميع الأمور ما عدا الأمور التي تمس دين الملايويين وعاداتهم، وصارت إنجلترا كل عدة أعوام تجمع تلك الولايات أو تفرقها حسبما شاءت، وقد تكوَّن اتحاد فيدرالي لهذه الولايات في سنة 1895 م، وعُيِّن له مندوب مقيم بريطاني.
وفي عام 1332 هـ عقدت معاهدة جديدة مع سلطنة "جوهور"، قَبِل حاكمها السلطان بموجبها مستشارًا عامًّا بريطانيًّا له في حكم وإدارة السلطنة.
أما بالنسبة للولايات الشرقية فقد تدخلت بريطانيا في "برونيو" سنة 1840 م بحجة تأمين سلامة بحار تلك المنطقة، وفي عام 1875 تنازل "سلطان بروناي" عن ملكية شمال وشرق "برونيو" لاثنين من التجار الإنجليز[5].
ولكن لم تتوقف الحركات الملايوية ضد الاستعمار الغربي لسلطناتهم، وقام الدعاة والعلماء ببثِّ روح الوقوف ضد ذلك الغزو الاستعماري في عدة تحركات.
[1] استطلاع: ماليزيا إسلام مبكر، مجلة نور الإسلام، منشور إلكترونيًّا، صـ5.
[2] الإسلام الفاتح، حسين مؤنس، مطبعة الزهراء، 1987 م، صـ57.
[3] ماليزيا للقارئ العربي، سعيد كريديه، دار الرشاد- بيروت، ط1، 1996 م، صـ32.
[4] الاستعمار في جنوب شرقي آسيا، فايز صالح أبو جابر، دار البشير- عمان، 1990 م، صـ140.
[5] المسلمون في الشرق الأقصى (الفلبين- إندونيسيا - ماليزيا)، د. محمد محمد زيتون، دار الوفاء للطباعة، 1405 هـ - 1985 م، صـ146.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.