المسلمون في الشيشان وأنغوشيا (2)مقالات


شخصيات قوقازية:

يبرز من أعلام الشيشانيين الأئمة المجاهدون الذين كان لهم أثر كبير في الوقوف أمام الروس في التوسُّع في القوقاز الإسلامي، ووَأَدُوا طموحاتهم في القضاء على الإسلام في جمهوريات آسيا الوسطى، ومن أبرزهم الشيخ الإمام "منصور الشيشاني" وهو أول من حاول إقامة دولة للشيشان[1]، والمحاولة الثانية لإقامة دولة للشيشان كانت على يد البطل الشيشاني "بيولات تيمييف" عام 1810 - 1832 م وهو الذي وقف ضد الجنرال "يرمولوف" المشهور بأنه "سفاح الشعوب القوقازية"، وقد قُتِلَ "بيولات" بسبب الثأر من إحدى قوميات داغستان.

كذلك يبرز اسم "الإمام شامل" (1797 - مارس 1871 م) وهو أشهر قائد شيشاني؛ حيث كان يحارب لأجل الإسلام، ولقب بأسد القفقاس وصقر الجبال، وقد أعلن قيام الدولة الإسلامية على أراضي الشيشان وداغستان وسماها "إمامات"، لكن وُئِدَتْ حركته الاستقلالية التي استمرت من عام 1834 م إلى 1859 م[2].

وأيضًا من أبرز الشخصيات القوقازية "الحاج مراد" (1800- 1853م)، وينتمي الحاج مراد إلى قرية "تسيلميس" قرب "خونزاخ"، كان زعيمًا قوقازيًّا مشهورًا خلال المقاومة الوطنية لشعوب القوقاز ضد استيلاء الإمبراطورية الروسية على المنطقة، وقد ورد وصف مسهب لكفاح "الحاج مراد" ضد الإمبراطورية الروسية في قصة المؤلف الروسي الشهير "ليو تولستوي" عام 1912م بعنوان "حاجي مراد".

وتجدر الإشارة إلى أن الدين الإسلامي كان ولا يزال له الدور الأكبر في تشكيل الموقف والتوجه في هذه الجمهورية، ومن ذلك الموقف من روسيا وإدارة الصراع معها، فالقيادات التي استطاعت أن تجمع الشيشان وغيرهم من سكان المناطق المجاورة، وتبثُّ فيهم روح المواجهة للروس هي قيادات إسلامية، قادت الناس تحت راية الجهاد، فالإمام منصور - الذي حارب الروس في الشيشان - هو أحد أئمة الدين، وكذلك الإمام غازي مولا، يُضاف إلى هذا أن الحركة المريدية التي عرفت في تاريخ القوقاز وبرزت في قيادة الصراع مع روسيا هي حركة دينية، وكذلك الإمام شامل - الذي قاد حربًا ضروسًا ضد الروس - هو الآخر عالم وإمام من أئمة المسلمين في تلك البلاد[3].

 

بين الماضي والحاضر يبرز أمل الشيشان المسلم:

يشكل هذا الإرث التاريخي للصراع والشعور المرير عند الروس تجاه الشيشان عاملًا من عوامل الأهمية لهذه الجمهورية بالنسبة للساسة الروس؛ مما جعل القادة الروس على اختلافهم منذ عهد القياصرة إلى وقتنا الحاضر يجمعون على مواجهة الشيشان وعدم الاعتراف باستقلالهم.

ويدرك الروس أن استقلال الشيشان مدعاة لمطالبة جمهوريات قوقازية أخرى بالاستقلال، ومن جانب آخر فإن هذا الإرث التاريخي يجعل روسيا تصرُّ على المواجهة؛ إذ أصبحت مواجهة الشيشان ورقةً رابحةً في معترك التنافس في موسكو، ومن خلال النظر في القضية في ضوء المتغيرات والأحداث العالمية، فإنه من المتوقع أن روسيا ستستمر- فترة من الزمن - في التنسيق والدعم لمجموعات تابعة لها لإدارة الأمور في منطقة القوقاز المسلم بشكل عام والشيشان خاصةً.

في مقابل ذلك ما زال الشيشانيون يعتزون بإسلامهم الذي مكَّنهم من مجابهة ذلك الصراع طويل الأمد، وصاغ شخصيتهم القتالية الجبلية شديدة المراس، حتى جعلت عرقية "الشيشاني" مقابلة للفظة "مسلم" في العقل الجمعي السياسي، وكأن القومية صارت هي الإسلام، وصار الإسلام هو القومية.

• من أهم السمات الجيوستراتيجية لبلاد الشيشان وأنغوشيا بمنطقة القوقاز، موقعها الذي يربط بين آسيا وأوروبا، إلى جانب كونها نقطة التقاء وتماسٍّ بين روسيا والبلاد الإسلامية.

• تمثل الشيشان بوابة الاستقلال لهذه المناطق الإسلامية المجاورة في منطقة القوقاز.

• صاغ الإسلام التوجه السياسي للسكان في منطقة الشيشان وأنغوشيا.

• تمتلك الشيشان كميات من البترول، وتشتهر بمواردها الزراعية حيث تتوافر المياه وتسقط الأمطار بغزارة وتتمتع بمناخ ملائم.

• تصل نسبة المسلمين في الشيشان وأنغوشيا 90 ٪ من جملة السكان.

• كانت اللغة السائدة بالمنطقة هي اللغة الشيشانية، وتسمى لغة "الناخ" Nakh من فروع المجموعة اللغوية المعروفة بالأيبروقوقازية، وقد كانت هذه اللغة حتى منتصف العشرينات من القرن العشرين تُكتَب بالحروف العربية.

• كانت العملة تُضرب أيام الإمارات الإسلامية في شمال القوقاز بالألفاظ العربية، وتُزين بالنقوش الإسلامية.

• الشعب الشيشاني اليوم يتعلم ويتحدث العربية ويدرس بها العلوم الشرعية والقرآن الكريم، ويعتز بها من باب التغلب على حركة "التغريب اللغوي" التي فرضها الروس على الشعب الشيشاني وقتًا طويلًا.

• يدرك الروس أن استقلال الشيشان مدعاة لمطالبة جمهوريات قوقازية أخرى بالاستقلال، كما أصبحت مواجهة الشيشان ورقةً رابحةً في معترك التنافس في موسكو.

 

[1] مأساة القوقاز وملحمة الشيشان الصامدة، سعيد عبد الحكيم زيد، مكتبة وهبة، القاهرة، 1421 هـ - 2000 م، صـ109-110.

[2] الشيشان حرب إبادة وجريمة عصر، إحسان عبد الحميد خن، منشورات وزارة الإعلام بالجمهورية السورية، 1997 م، صـ23-24.

[3] المقومات الجيوستراتيجية لجمهورية الشيشان والصراع الشيشاني- الروسي "دراسة في الجغرافيا السياسية "، عبد العزيز بن راشد بن زيد المطيردي، صـ81.

0 شخص قام بالإعجاب