المسلمون في منغوليا (1)مقالات


• دخل الإسلام منغوليا منذ القرن العاشر الميلادي، وصار الدين الرسمي للبلاد أيام حكم السلطان المغولي "بركة خان" خلال القرن الثالث عشر الميلادي.

•  يمثل المسلمون في منغوليا نسبة 6 ٪ من جملة السكان في البلاد.

• ويمثل "المغول" العِرْقية الأكبر في البلاد، كما أن هناك أقلية كبيرة من المسلمين السُّنَّة في المناطق الغربية من منغوليا، ومعظمهم من قبائل تركية "الكازاخ".

• يعتنق الإسلام في منغوليا مجموعات صغيرة من "عرقية خوتون" و"الإيغور" من تركستان الشرقية.

• أكبر المحافظات التي يتركز بها المسلمون هي محافظة "بايان- أولجي"، ومحافظة "خوفد".

• بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، أعاد مسلمو منغوليا بناء مساجدهم وتعميرها من جديد.

• يوجد في منغوليا اليوم أكثر من 50 مسجدًا، وقرابة 20 مدرسة شرعية لتعلُّم الإسلام.

•  أبرز المساجد في منغوليا:  مسجد "هوهيهوت الكبير"، ومسجد "باوتو الكبير".

• المميز باللغة المنغولية هو طريقة كتابتها، حيث تُكتَب اللغة المنغولية منذ أزمان طويلة بحروف شبيهة بالآرامية التي تطوَّر منها الخط العربي الكوفي.

• تلمع في سماء أعلام منغوليا أسماء أباطرة المغول المسلمين الذين أسسوا إمبراطورية إسلامية عظيمة حكمَتْ مساحات واسعة من اليابسة، وقاموا بإصلاحات إدارية فريدة.

• يأمل المسلمون في منغوليا في مشاركة فعَّالة داخل البلاد، على صعيد التمثيل السياسي في البرلمان والمجالس الإدارية.

 

الإسلام في منغوليا:

دخل الإسلام منغوليا منذ القرن العاشر الميلادي، وكان الإسلام الدين الرسمي للبلاد أيام حكم السلطان المغولي "بركة خان" خلال القرن الثالث عشر الميلادي، ثم سقطت ممالك المغول تحت حكم الروس والصينين، واحتلت الصين منغوليا قرابة سبعة قرون، حيث انتشرت البوذية، وصارت هي الديانة الرسمية للبلاد.

ويبلغ عدد سكان منغوليا 3.278 ملايين، ويمثل المسلمون نسبة 6 - 10 ٪ من جملة السكان، ويمثل السكان المغول العرقية الأكبر في البلاد، كما أن هناك أقلية كبيرة من المسلمين السُّنَّة في المناطق الغربية من منغوليا، ومعظمهم من قبائل تركية "الكازاخ".

ويعتنق الإسلام أيضًا في منغوليا مجموعات صغيرة من "عرقية خوتون" و"الإيغور" من تركستان الشرقية.

وأكبر المحافظات التي يتركز بها المسلمون هي محافظة "بايان- أولجي"، ومحافظة "خوفد".

وقد بدأ الكازاخ المسلمون الاستقرارَ في منطقتي "جونجاريا" و"ألتاي" منذ أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت غالبية هؤلاء الكازاخستانيين من قبيلتي "كيري" و"نعيمان"، وكثير منهم هربوا من الاضطهاد في روسيا القيصرية، وعندما تولى الحاكم "بوغدو خان" السلطة في منغوليا في 29 ديسمبر 1911 م، اعترفت بهم حكومة "بوغدو خان" كمواطنين، وسمحت لهم بالاستقرار في المنطقة الغربية من إقليم "كوبدو" في "منغوليا".

المساجد والمراكز الإسلامية:

تم هدم غالبية مساجد المسلمين في منغوليا أيام احتلال روسيا الشيوعية للبلاد الذي استمر قرابة سبعين عامًا، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، أعاد مسلمو منغوليا بناء مساجدهم وتعميرها من جديد، ويوجد في منغوليا اليوم أكثر من 50 مسجدًا، وقرابة 20 مدرسة شرعية لتعلُّم الإسلام، ويتلقَّى الأئمة والدعاة المنغوليون العلمَ في البلاد الإسلامية ككازاخستان وتركيا وباكستان والبلاد العربية.

ومن أبرز تلك المساجد في منغوليا:

• "مسجد هوهيهوت الكبير": وهو أقدم وأكبر مسجد في منغوليا، تم إنشاؤه عام 1104هـ -1693م في عهد أسرة "كانغشي" من سلالة "تشينغ"، ويغطي مساحة حوالي 4000 متر مربع، في مدينة "هوهيهوت"، ويُعَدُّ أفضل مساجد منغوليا الداخلية؛ حيث يتميز بتصميمه المعماري الفني، وطرازه الفريد، تم تصميم المسجد بدمج العمارة الصينية والعربية، وبُني من الطوب الأسود، وله  مئذنة واحدة بارتفاع 15 مترًا.

• ومسجد "باوتو الكبير": بني في حيِّ "دونغ" في مدينة "باوتو"، وتمَّ بناؤه في فترة "غوانلوغ" من سلالة "كينغ"، وكان أوَّل مسجد أُنشئ في "باوتو"، على مساحة 1200 متر مربَّع تقريبًا.

أما أهم الجمعيات والمؤسسات الإسلامية بالدولة: فمن أقدمها "جمعية مسلمي منغوليا" أُسِّسَت عام 1990م، كما أُسِّس "اتحاد مسلمي منغوليا" عام 2007م، وهو مؤسسة تشرف على مساجد البلاد وتمثيل المسلمين في اللقاءات والاجتماعات الرسمية.

ونلاحظ أن هناك حضورًا جيدًا للمؤسسات التركية في منغوليا من خلال بناء المساجد، وكفالة الأئمة، وتوزيع المصاحف، والمشاريع الموسمية، وقد افتتح الرئيس التركي مركزًا إسلاميًّا عام 2013م في العاصمة "أولان باتور".

اللغة المنغولية:

اللغة الشائعة في منغوليا هي اللغة المنغولية، وهي لغة عريقة قائمة بذاتها، والبعض يعتقد أنها متفرعة من اللغة التركية، وهو اعتقاد غير صحيح، فالمنغولية لا يستطيع أن يفهمها مَن يُجيد فَهْمَ التركية؛ ولكن الصحيح أنه توجد في اللغة المنغولية كلمات وتعبيرات تركية عديدة، نتيجة للاختلاط الذي نشأ عن خروج المنغول من صحرائهم، وحكمهم عددًا من البلاد الإسلامية، مثلما أنه يوجد شَبَهٌ أو بعض الملامح بين الترك الذين يعيشون في المواطن التركية القديمة مثل الكازاخ، وبين المغول نتيجة لقرب الموقع، وللاختلاط بالزواج ونحوه؛ ولكن دون أن يعني ذلك أن المغول طائفة من الأتراك، أو أن لغتهم فرع من اللغة التركية.

أما المميز باللغة المنغولية فهو طريقة كتابتها؛ حيث تكتب اللغة المنغولية منذ أزمان طويلة بحروف غريبة تُذكِّر العربي مِنَّا إذا رآها بالكتابات العربية التي وُجِدت منقوشةً في البلدان العربية التي يمكن وصفها بكونها مكتوبةً بالخط الآرامي الذي تطوَّر منه الخط العربي الكوفي.

ذلك بأن الكتابة المنغولية هي الكتابة العربية القديمة، حملها النساطرة من النصارى الذين كانوا قد ذهبوا إلى تركستان الغربية في القرن الأول الهجري تقريبًا، بغرض نشر الديانة المسيحية في تلك البلاد التركستانية التي لم تكن توجد بها كتابة هجائية محلية، فأخذها أهل تركستان الشرقية - من "الإيغور" - عنهم، واستعملوها فترةً من الزمن، حتى سُمِّيت بالكتابة الإيغورية، وأخذها عنهم المغول بحكم جوارهم معهم، واحتكاكهم بهم، فاستعملوها في كتابتهم.

ولما انتشر الإسلام في تركستان الشرقية ومعه الكتابة العربية المألوفة، أخذ التركستانيون بها وهجروا الكتابة الآرامية التي كانوا يستعملونها؛ حيث صاروا يكتبون بالكتابة العربية المعتادة، ولا يزالون كذلك حتى يومنا هذا مع شدة الضغط الصيني على إقليمهم.

أما المغول، فإنهم بَقَوا على استعمال الكتابة القديمة التي تُعرَف بالخط الآرامي، ولا يزالون على ذلك حتى اليوم[1].

ونجد أنه بعد أن فرضت الصين على مدارس الإقليم المنغولي التدريس بلغة الماندرين، ضاعفت جمهورية منغوليا جهودها لإحياء الكتابة المنغولية الأصلية، وحاليًّا 90 ٪ من الشعب يستطيع قراءتها، وتسعى الحكومة إلى فرض استخدامها في الإدارات إلى جانب الكتابة السيريلية (الروسية).

 

[1] في شمال شرق آسيا: رحلة إلى سيبيريا ومنغوليا وحديث في شؤون المسلمين، محمد بن ناصر العبودي، دار الثلوثية للنشر والتوزيع، 1428 هـ، صـ168-170.