كيف دخل الإسلام منغوليا؟ (1)مقالات


• تُعَدُّ منغوليا هي الموطن الأصلي للمغول، ومسقط رأس مؤسس إمبراطورية المغول "جنكيز خان".

• يُعَدُّ السلطان "بركة خان" هو مؤسس ما سُمِّي بدولة "مغول القبيلة الذهبية"، وبذل جهودًا عظيمة في نشر الإسلام، والدعوة إليه.

• أصبح الإسلام هو الدين الرسمي لدولة السلطان "بركة خان"، ودخلت جميع المناطق التي تحت سيطرته في دين الإسلام ومنها منغوليا.

• يُعتَقد أن الإسلام دخل منغوليا أول مرة في القرن العاشر الميلادي، وكان ذلك على أيدي "السامانيين".

• كما وصل الإسلام إلى منغوليا مبكرًا عن طريق قوافل التجارة الإسلامية من خلال طرق التجارة القديمة، وعن طريق عناصر الكازاخ والإيغور منذ عدة قرون.

• أسهم في نشر الإسلام في منغوليا جوارها لمنطقة تركستان الشرقية المسلمة.

• من أقدم الأدلة على وجود مساجد بمنغوليا منذ وقت مبكر ما حكاه الرحالة الأوروبي "ويليام أوف روبروك" حول رحلته لمنغوليا عام 1254 م.

• يرجح مؤرخون تاريخ وصول الإسلام إلى منغوليا إلى ما بين عام 1222 وعام 1254 م.

• بسقوط منغوليا تحت الاحتلال الصيني، صارت البوذية هي الدين الرسمي للدولة، وتوارى الإسلام ليصبح ثاني ديانة رسمية في البلاد.

• عمدَ الروس الشيوعيون إلى سياسة اضطهاد ديني لمسلمي منغوليا، وقتلوا منهم المئات، وهُدِّمتْ جميع مساجدهم بالبلاد.

• رغم وطأة السنوات الطويلة من الشيوعية والإلحاد، فالمسلمون بمنغوليا متشوقون لمعرفة أمور دينهم، والعودة للإسلام من جديد.

 

نبذة عامة عن منغوليا:

تُعَدُّ "منغوليا" دولةً داخليةً تقع في أقصى شمال الصين، عاصمتها "أولان باتور"، لغتهم "المنغولية"،  مساحتها أكثر من مليون ونصف المليون كم2، وتُعتبَر من الدول الأقل كثافة سكانية في العالم، ويزيد عدد سكانها على 3.278 ملايين نسمة، وهي تُعَدُّ أيضًا ثاني أكبر دولة غير ساحلية في العالم بعد "كازاخستان"، مناخها قاري، وسكانها يعملون بالزراعة وتربية الماشية والرعي، خضعت هذه الدولة للصين ثم للسوفيت ثم استقلت[1].

كانت هذه الدولة تُعرَف قبل اندحار الشيوعية بجمهورية منغوليا الشمالية، ومنغوليا هي الموطن الأصلي للمغول[2].

المغول قوة مدمرة:

وفي عام 603 هـ - 1206 م، أسس "جنكيز خان" إمبراطورية المغول، و"جنكيز خان" من قبائل المغول الرعوية، كان اسمه "تيموجين" ولد في الهضبة المعروفة باسم هضبة منغوليا شمال صحراء "جوبي"، وهي تمتد من أواسط جنوبي سيبيريا وشمال التبت وغربي منشوريا وشرق تركستان بين جبال ألتاي غربًا وجبال خنجان شرقًا.

وقد بادر بإخضاع قبائل التتار والمغول من حوله، ثم بادر بتوسيع نطاق حملاته العسكرية فهاجم خانات "قراخيطان" و"القوقاز" و"الدولة الخوارزمية" و"زيا الغربية" و"إمبراطورية جين"، وفي نهاية حياته كانت إمبراطوريته قد احتلت جزءًا ضخمًا من أواسط آسيا والصين.

وقد استمر خلفاؤه في غزو باقي العالم؛ حيث كانوا قوة مدمِّرة لا يقف أمامها أحد، وانحدر من نسل "جنكيز خان" المغول الذين أخضعوا الصين وروسيا تحت سيطرتهم، فكان من بين أحفاد "جنكيز خان" الإمبراطور "قبلاي خان"، الذي هيمن على الصين وبورما وأراضٍ أخرى من شرق الهند، و"هولاكو" الذي دَمَّر بلاد فارس، واقتحم بغداد، وأنهى الخلافة العباسية، أما القائد الآخر فهو "باتو" الذي غطَّى روسيا بالدماء والرماد، ودمَّر هنغاريا وطارد ملكها حتى البحر الأدرياتيكي، وسحق القوات الألمانية وحلفاءها المتضامنين ضد المغول في "ليغنيتسا"، وعاد إلى منطقة الفولجا حيث أنشأ فيها مقرَّه الرئيس.

وحكم أتباع "جنكيز خان" روسيا مدة قرنين وخمسة عقود، وسيطروا على الصين لمدة ثمانية وستين عامًا[3].

انتشار الإسلام بين المغول:

لقد انتشر الإسلام بين المغول نتيجة العديد من العوامل، كان من أهمها احتكاكهم بالمسلمين في البلاد التي غزوها، ومعاينتهم لحضارة الإسلام، وإعجابهم بها، ولما انقسمت دولتهم بعد موت "جنكيز خان"، كان القسم الغربي من الإمبراطورية من نصيب "جوجي خان"، الذي تزوج مسلمة وهي واحدة من بنات "خوارزم شاه"، و"جوجي" هو جد "بركة خان" الذي بذل جهودًا عظيمة في نشر الإسلام، والدعوة إليه، كما أنه مؤسس ما سمي بدولة "مغول القبيلة الذهبية"، وكانت مملكة "مغول القفجاك" تمتد من نهر "إرتش" شرقًا إلى أرض البلغار غربًا في حوض الفولجا، ومن روسيا وبلاد الصقالبة شمالًا إلى مملكة المغول الأخرى في وسط آسيا جنوبًا، وكان أغلب سكان مملكتهم يعتنقون الإسلام؛ مثل: أهل خوارزم والقفجاك وبلاد الخزر وبلغار الفولجا[4].

ونجد أن السلطان "بركة خان" تولَّى الحكم عام 256هـ (1257م) وفي عهده أصبح الإسلام دين الدولة، وبنى عاصمة جديدة سميت سراي الجديدة "سرى بركة " وهي مجاورة لسراي القديمة على الضفة الشرقية لنهر الفولجا، وتركزت أعمال "بركة" في الدفاع عن الإسلام، ونشره بين قومه والشعوب التي خضعت لحكمه، وقد خلفه عدد من سلاطين المغول كانوا أشد حماسة وغيرة في نشر الإسلام ومحاربة أعدائه[5].

• بحلول عام 1330 م، أصبح ثلاثة من الخانات الأربعة الرئيسية للإمبراطورية المغولية مسلمين، كانت تلك هي "خانية القبيلة الذهبية" و"الدولة الإيلخانية" و"خانية الجاغاطاي"، كما احتضنت إمبراطورية "أسرة يوان" أيضًا الشعوب المسلمة مثل الفرس[6].

 

[1] الأقليات المسلمة في العالم، د. أحمد الخاني، نشر على موقع الألوكة، صـ76.

[2] في شمال شرق آسيا: رحلة إلى سيبيريا ومنغوليا وحديث في شؤون المسلمين، محمد بن ناصر العبودي، دار الثلوثية للنشر والتوزيع، 1428 هـ، صـ167.

[3] رحلة إلى جنوب سيبيريا: المغول وديانتهم وأساطيرهم، جيرمايا كيرتن، ت: عدنان خالد عبد الله، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث- الإمارات، 1430 هـ - 2009م، صـ19-20.

[4] الإسلام والمسلمون في آسيا الوسطى والقوقاز، محمد يوسف عدس، إصدارات مركز دراسات الجامعة الإسلامية العالمية بكوالالمبور- ماليزيا، 2017 م، صـ37- 43.

[5] الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مج 14، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1419 هـ - 1999م، صـ291-293

[6] The Encyclopedia Americana, by Grolier Incorporated, p. 680.