نبذة عن طاجيكستان:

تعد أصغر جمهوريات منطقة تركستان الغربية، وهي تقع شمال "أفغانستان"، وتشترك معها في الحدود والأقاليم ومنابع المياه؛ إذ ينبع نهر "جيحون" من جبال "بامير" الموجودة فيها، ويأخذ روافده في مجراه الأعلى منها، ومن شمال شرق "أفغانستان"، وتُعَدُّ "طاجيكستان" من الدول الحبيسة في آسيا الوسطى، تحدُّها "أفغانستان" جنوبًا، و"أوزبكستان" غربًا، و"قيرغيزستان" شمالًا، و"الصين" شرقًا.

ويختلف سكانها عن بقية تركستان؛ فهم من أصل إيراني، بينما سكان تركستان من أصل تركي، كذلك يتبع سكان كافة تركستان مذهب أهل السُّنَّة، بينما نسبة كبيرة من سكان طاجيكستان يتبعون المذهب الشيعي[1].

وأكثر من نصف مساحة طاجيكستان تشغله هضبة "بامير" أعلى هضبة في العالم حتى لَتُعْرَف باسم "سقف العالم"، وتحتل الجزء الجنوبي والشرقي من البلاد، ومنها تتوزَّع السلاسل الجبلية الشاهقة، أما القسم الشمالي فتشغله سلسلة جبال "آلاي"، ويعتبر الجزء الجنوبي الغربي هو المنخفض نسبيًّا.

كيف وصل الإسلام إلى طاجيكستان:

• كانت لفتوحات القائد المسلم "قتيبة بن مسلم الباهلي" في العصر الأموي لإقليم خراسان منذ عام 88 هـ أثره في امتداد الفتوح إلى بلاد ما وراء النهر، فنجد "قتيبة" يصل نهر "جيحون" لينتقل بعدها إلى منطقة "وادي فرغانة"، وفي الفترة فيما بين عامي 94 - 96 هـ يواصل "قتيبة بن مسلم" فتح منطقة "وادي فرغانة"، ويتجاوزها نحو الشرق حتى وصل إلى حدود "الصين"، وتم ذلك بفتحه "كاشغر" عاصمة "تركستان الشرقية".

• وبعد وصوله إلى حدود الصين عاد "قتيبة بن مسلم" إلى "مَرْو"، وتولَّى القيادة أخوه "صالح بن مسلم" فأكمل فتح باقي منطقة "وادي فرغانة"، وحيث توجد الآن جمهورية طاجيكستان.

• ثم واصل "صالح بن مسلم الباهلي" فتوحاته، ودخل "کاسان" و"أورشت" في "وادي فرغانة"، ليتم بذلك فتح أغلب بلاد منطقة ما وراء النهر[2].

• واستمر انتشار الدعوة طيلة العصر الأموي، وقام الأمويون بالدعوة السلمية إلى الإسلام خاصةً في عهد "عمر بن عبد العزيز" الذي ألزم العمال أن ينشروا الإسلام، كما اختار الوالي "أشرس بن عبد الله السلمي" المبعوثين من العرب والفرس للتبشير بالإسلام بين الأتراك، يقول "البلاذري": "ودعا "هشام" أهل ما وراء النهر إلى الإسلام، وأمر بطرح الجزية عمَّن أسلم، فسارعوا إلى الإسلام وانكسر الخراج"[3]؛ وهذا يعني أن الآلاف من الناس تدافعوا إلى اعتناق الإسلام وتعلُّم اللغة العربية نتيجة تلك الميزات.

• وفي العهد العباسي استمرَّ الاهتمام بتلك المنطقة، وبنهايات العصر العباسي قامت حركات استقلالية ببلاد ما وراء النهر، كان من أبرزها دولة "السامانيين" التي انطلقت من "فرغانة" و"إقليم الصغد"، وكانت طاجيكستان من مراكز حكمهم، وذلك في عهد خلافة "المعتمد" العباسي، وترجع أصولهم إلى أصل إيراني، مثل "الطاجيك"، وقد كان لحركة الإحياء الثقافية الفارسية التي اتخذت وجهًا إسلاميًّا في العصر الساماني أثرٌ بالغٌ في تاريخ الحضارة الإسلامية فيما وراء النهر خاصةً، وفي تركستان عامةً، والمؤرِّخون يرون في الدور الذي قام به "السامانيون" في هذا الصدد امتدادًا للمحاولات الساسانية القديمة، وإن كانت هذه المحاولات الجديدة قد فتحت أمامها آفاقًا أوسع، وقد كانت تأثيرات المدينة الإيرانية تنفذ إلى ما وراء النهر؛ لكن لم تُتَحْ لإيران على الإطلاق الفرصة لإخضاع الأتراك الغربيين، أما السامانيون فقد فتحوا أمام الحضارة الإيرانية الإسلامية آفاقًا عظيمة، فهي لم تنتشر في إقليم ما وراء النهر فقط؛ وإنما طبعت الأتراك الشرقيين بطابع فارسي واضح[4].

• وقد اجتاح المغول بلاد طاجيكستان ضمن ما اجتاحوه من بلاد ما وراء النهر، وأحدثوا كثيرًا من التخريب بمساجدها ودُور العلم بها؛ ولكن تحوَّل الأمر مع إسلام المغول؛ حيث أصبح المغول دُعاةً جُدُدًا للإسلام على أيدي ملوك "القبيلة الذهبية".

• ولما ضعفت الدولة المغولية وانقسمت لدويلات، سهُل على روسيا القيصرية ابتلاع ممالكها، وكان من ضمن ما استولت عليه روسيا "طاجيكستان".

• بعد انهيار مملكة المغول توزَّعت أراضي "طاجيكستان" الحالية بين "خانية خوقند" التي ضمت إليها شرقها، بينما وقع غربها وشمالها في "خانية بُخارى"، ثم بسطت "خانية طشقند" سيادتها على أجزاء منها، وقد أدَّى استمرار الحروب الطاحنة بين الأمراء المحليين إلى تسهيل غزو "روسيا" لها بعد سيطرتها على الخانيات؛ وهي الممالك المذكورة، واكتمل احتلالها بعد أن ألحق إليها مناطق "شوغناق" و"روشان" و"واخان" بموجب "معاهدة بامير" في 1895 م[5].