كيف دخل الإسلام كازاخستان؟ (1)مقالات


• كان فتح القائد "قتيبة بن مسلم الباهلي" لبلاد ما وراء النهر، ودخوله إمارات "بُخارى" و"سمرقند" و"فرغانة" مقدمة للتقدُّم أكثر خلف نهر جيحون، وفتح مناطق "كازاخستان".

• قام "قتيبة" بأربع مراحل من الجهاد استمرت 14 عامًا حتى بسط سيطرته على جميع أراضي "أوزبكستان" و"كازاخستان" (تركستان الغربية) وواصل فتوحاته حتى كاشغر (تركستان الشرقية).

•  في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى ملوك ما وراء النهر – أي: "كازاخستان" - يدعوهم للإسلام من جديد، وأسلم البعض سِلْمًا.

• زاد انتشار الإسلام في "كازاخستان" في عهد العباسيين، خصوصًا في عهد المعتصم العباسي، وكان أتراك المنطقة من الأوزبك والقازاخ في طليعة حرس الخليفة في بغداد.

• زاد ازدهار الدعوة بكازاخستان عندما أسلم الخواقين من "آل بوغرا"، وانتشرت الثقافة العربية، وبرز علماء في الدين واللغة بفاراب وأسفيجاب وطراز.

• كانت المدن الواقعة في جنوب "كازاخستان" مثل "قزيل أوردا" و"دجامبول" و"تشمقند" مدنًا إسلامية منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي).

• في عهد المغول من ملوك "القبيلة الذهبية"، انتشر الإسلام بسُهوب "كازاخستان" وتوطن أراضيها.

• استولى الرُّوس على خانيات المسلمين بأوزبكستان وكازاخستان، وسامُوا أهلَها سوءَ العذاب.

• عمد الرُّوس من القيصريين والشيوعيين إلى سياسة تغيير ديموغرافي وجغرافي للمسلمين بكازاخستان، وتغيير أي مَعْلَم إسلامي بالمنطقة.

• استقلت "كازاخستان" عام 1991 م، ورغم علمانية الدولة، فما زال الكازاخيُّون يفخرون بإسلامهم.

 

نبذة عامة عن كازاخستان:

تُعَدُّ "كازاخستان" إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، مساحتها شاسعة، تساوي مساحتها أوروبا الغربية؛ حيث تبلغ مساحتها نحو 2.7 مليون كيلومتر مربع، وهي تاسع أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، ويحدُّها من الشمال الغربي والشمال "روسيا"، ومن الشرق "الصين"، ومن الجنوب "قيرغيزستان" و"أوزبكستان" و"بحر آرال" و"تركمانستان"، كما يحِدُّ "بحر قزوين" المغلق "كازاخستان" من الجنوب الغربي، وهي لا تطل على سواحل مفتوحة، وتُعَدُّ أكبر دولة حبيسة في العالم.

تتألَّف أراضي "كازاخستان" من مرتفعات في الشرق هي السفوح الشمالية لجبال "تيان شيان" في أقصى الجنوب الشرقي، والسفوح الغربية لجبال "ألتاي" في الشرق، والتي تمتد غربًا مكونة منطقة مرتفعات واسعة وسط البلاد تُعرَف باسم "ضهرة كازاخستان"، وبين السلسلتين توجد مجموعة من البحيرات، أكبرها بحيرة "بالكاش" التي تقع في وسط البلاد تقريبًا، وتجري المياه من المرتفعات الجنوبية الشرقية (أي: من جبال "تيان شيان") فتتجه نحو بحيرة "بالكاش".. ويجري فيها نهر سيحون (سرداريا) بعد أن يمر بطشقند (بنكث) عاصمة إقليم الشاش قديمًا وعاصمة جمهورية "أوزبكستان" حاليًّا، وفي هذه المنطقة كان "سيحون" يُعرَف باسم "نهر الشاش"، ويتجه "سيحون" شمالًا حتى يصل إلى مصبِّه في بحيرة خوارزم (بحر الأرال) قاطعًا بذلك الجزء الغربي الجنوبي من جمهورية "كازاخستان"[1].

كيف وصل الإسلام كازاخستان:

• يعد وصول الفاتح المسلم "قتيبة بن مسلم الباهلي" لبلاد ما وراء النهر[2]، وفتحه إمارات "بُخارى" و"طشقند" و"سمرقند" و"خوقند" و"فرغانة" عام 88 هـ وذلك خلال عهد الدولة الأموية، امتدَّ الإسلام وانتشر عن طريق الفاتحين المسلمين لحدود أراضي دولة كازاخستان بالتبعية[3].

• دخلت فتوحات "قتيبة بن مسلم" مرحلة من التمكين للإسلام بين أهل تلك المناطق على وعورة تضاريسها، وكثرة ارتدادهم عن الإسلام، حينما قام بتوطين عدد من المسلمين العرب بين أهل تلك البلاد، وأشرك العرب في حكم تلك الإمارات التي فُتِح أغلبها صُلْحًا.

• بتولي "قتيبة" إقليم "خراسان" الذي كان يدخل ضمن نطاقه الإداري بلاد "كازاخستان" قام بأربع مراحل من مراحل جهاده وتوسُّعه بالمنطقة، واستطاع قتيبة عبور نهر جيحون "أموداريا" في المرحلة الأولى من جهاده، وفي المرحلة الثانية استولى وسيطر تمامًا على إمارة "بُخارى" بأوزبكستان التي كانت من أكبر بلدان المنطقة التي كانت تدين بالخضوع للإمبراطورية الفارسية، وفي المرحلة الثالثة بين سنتي 90 و93 هـ استطاع أن يثبت راية الإسلام في حوض نهر جيحون "أموداريا"، وفي المرحلة الرابعة من جهاده بين سنتي 94 و96 هـ استطاع توجيه الحملات إلى ولايات نهر سيحون؛ حيث امتدَّ النفوذ الإسلامي إلى "فرغانة" في أعالي نهر سيحون "سرداريا"[4].

• استمرَّ جهاد "قتيبة بن مسلم" بهذه المنطقة الواسعة قرابة 14 عامًا، حتى وصلت فتوحاته إلى مدينة "كاشغر" عاصمة تركستان الشرقية على حدود الصين، وهكذا ثبَّتَ "قتيبة بن مسلم" انتشار الدعوة فيما وراء نهر "سيحون" (في أوزبكستان وكازاخستان).

• في عهد "عمر بن عبد العزيز" رضي الله عنه أرسل إلى ملوك ما وراء النهر- أي: كازاخستان- يدعوهم للإسلام من جديد، وأسلم البعض سِلْمًا، وسارع مَنْ بقي من أهل ما وراء النهر إلى اعتناق الإسلام في عهد "هشام بن عبد الملك" الذي كانت له جهود في إنزال عدد كبير من القبائل العربية ببلاد ما وراء النهر للدعوة إلى الإسلام.

• وزاد انتشار الإسلام في منطقة كازاخستان في عهد العباسيين، خصوصًا في عهد الخليفة "المعتصم" العباسي، وكان أتراك المنطقة من الأوزبك والكازاخ في طليعة حرس الخليفة في بغداد، وشكَّلوا قوةً عسكريةً خطيرةً[5].

• وزاد ازدهار الدعوة عندما أسلم الخواقين من "آل بوغرا"، وانتشرت الثقافة العربية، وبرز علماء في الدين واللغة بمنطقة التركستان عامة[6].

• وكانت المدن الواقعة في جنوب كازاخستان مثل "قزيل أوردا" و"دجامبول" و"تشمقند" مدنًا إسلامية منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي).. حيث لا تزال هذه المناطق إلى اليوم الأكثر تديُّنًا في كل کازاخستان.. وفيها توجد معظم المساجد التي لا تزال مفتوحةً للعبادة اليوم[7].

• أما في مناطق السهوب شمال سيحون (سرداريا) فلم يتوطن فيها الإسلام ويستقر إلا في بداية القرن الرابع عشر الميلادي، وظل فيها ذا تأثير سطحي، ثم جاءت موجة ثانية من نشر الإسلام في القرنين الخامس والسادس عشر الميلاديَينِ بواسطة الدُّعاة وفِرق الصوفية المنتشرة بالمنطقة منذ القِدَم.

• تعرضت "كازاخستان" للغزو المغولي على يد "جنكيز خان" والذي اكتسح منطقة تركستان الغربية والشرقية بالكامل، وواصل غزوه إلى روسيا والصين، وعانت المدينة من آثار ذلك التدمير فترة طويلة.

• اعتنق المغول الإسلام بعد ذلك، وكان الملك المغولي المسلم "بركة خان" من أشدِّ الدُّعاة للإسلام في تلك المنطقة، وفي عهد حكم "أوزبك خان" في سنة ۷۱۳ هـ – 1313م، اهتم هذا الحاكم المغولي بنشر الإسلام في كافة بلاد الرُّوس، ومن ضمنها "كازاخستان".

 

[1] تركستان، محمد شاكر الحرستاني، دار الإرشاد للنشر والتوزيع- بيروت، 1390 هـ - 1970 م، صـ71-73.

[2] بلاد ما وراء النهر، هي منطقة تاريخية وجزء من آسيا الوسطى، تشمل أراضيها أوزبكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان والجزء الجنوبي من قيرغيزستان، وقد عرف الأوروبيون هذه المنطقة حتى بداية القرن العشرين باسم ترانسوكسيانا (بالإنجليزية: Transoxiana)‏؛ وهي ترجمة لاتينية للاسم اليوناني القديم الذي يعني "ما وراء نهر الأوكسوس"، أطلق العرب المسلمون على تلك المنطقة اسم "بلاد ما وراء النهر" عندما فتحوا تلك المنطقة في القرن الهجري الأول إشارة إلى النهرين العظيمين اللذين يحدَّانها شرقًا وغربًا: نهر سيحون (2212 كم) ونهر جيحون (1415 كم)؛ وهي ترجمة للتسمية الفارسية القديمة "فرارود".

[3] تركستان، محمد شاكر الحرستاني، صـ14-16.

[4] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا، سيد عبد المجيد بكر، دار الأصفهاني للطباعة بجدة، 1393هـ، صـ296.

[5] الإسلام في آسيا الوسطى بين الفتحين العربي والتركي، د. حسن أحمد محمود، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1972 م، صـ163.

[6] المسلمون في الاتحاد السوفياتي والصين، محمد سعيد إسماعيل، دار زيني للطباعة والنشر - القاهرة، 1377 هـ، صـ11.

[7] المسلمون في الاتحاد السوفيتي عبر التاريخ، د. محمد علي البار، دار الشروق للنشر والتوزيع، 1983م، صـ352.

0 شخص قام بالإعجاب