كيف وصل الإسلام إلى كمبوديا؟ (2)مقالات


أماكن وجود المسلمين في كمبوديا:

وُجِد المسلمون في كمبوديا في تجمعات في أربع عشرة ولاية كمبودية، وإن كان تركيزهم في القسم الجنوبي من البلاد في مقاطعة "كامبونج تشام"، ويقطن المسلمون في كمبوديا في:

1- کامبونج تشام (عاصمة منطقة كامبونج تشام).

۲- منطقة كوهثوم (محافظة كانداك).

3- المنطقة حول مدينة بنوم بنه العاصمة

4- محافظة كامبوت.

5- كومبونج صوم.

6- محافظة جانج (على طول نهر توتيل ساي).

۷- محافظة بوست.

۸- كوميونح سوم.

۹- محافظة باتامبانج.

وظل المسلمون يعيشون في سلام، ويتمتعون بحرية نسبية، واستمروا على ذلك دون عقبات قبل الإطاحة بحكم الأمير (نوردم سيهانوك) عام 1975 م، ومجيء الخمير الحمر.

 

اضطهاد المسلمين تحت حكم الخمير الحمر:

وعندما استولى "الخمير الحمر"[1] التابعون لنظام "بول بوت" Paul Bet على الحكم، وكانوا شيوعيِّي المذهب، بدأوا عملية استئصال للأقلية المسلمة في كمبوديا.

وقامت الحكومة الشيوعية في كمبوديا بشن غارات على الجماعات المسلمة وقتلت قاداتهم، ومن بين القتلى شيخ الإسلام في كمبوديا "عبد الله إدريس"، وطردوا المسلمين من قُراهم، ففروا إلى الخارج أو اضطروا إلى اللجوء إلى مناطق العزلة، وهدموا المساجد، ومنعوا المسلمين من تأدية الصلاة في قُری "انجكويان" و"اندويخصا"[2].

وقد شعر الشيوعيون بالفشل في إجبار المسلمين على ترك دينهم؛ لذا لجؤوا إلى القتل الجماعي والإبادة التامة لبعض القُرى المسلمة، وإحراق الكتب الدينية، واتخاذ المساجد مخازنَ للحبوب، ومستودعات للآلات الزراعية، وحظائرَ للخنازير، وتكليف أئمة المساجد برعايتها، وقتلهم إذا مات خنزير منها، وإلقاء القبض على حكام القُرى المسلمة والأساتذة وأئمة المساجد وتقديمهم إلى "المنظمة العليا للشيوعيين" (Ong Kaloeu) حيث غابوا هناك إلى الأبد[3].

وفي عام 1975 م ازداد قتل المسلمين واضطهادهم حتى إن المساجد التي كان عددها في كمبوديا آنذاك 127 مسجدًا قد دُمِّرت كلها تقريبًا، وقتل عدد من أئمة المساجد والدعاة إلى الإسلام، ورجال الفتوى، حتى صارت عقوبة أدنى ممارسة للشعائر الدينية الإسلامية، أو حتى استخدام لغة (تشامبا) هي القتل، وقد بذل المسلمون لمقاومة هذا الاضطهاد أقصى ما تتحمله الطاقة البشرية للتشبث بإسلامهم، وحثَّ الناسُ بعضهم البعض على عدم الاستسلام للإرهاب والعقاب، ومحاولة المحافظة على عقيدتهم طيلة حكم الشيوعيين[4].

وحتى الآن لم يحدد على وجه الدقة عدد المسلمين الذين قُتلوا أو ماتوا من المرض أو الجوع أثناء حكم نظام (بول بوت)، وإن كان يرجح أنَّ ثلثي عدد المسلمين ماتوا أثناء حكم الشيوعيين فيما بين 1975 – 1979م.

 

سقوط الشيوعيين في كمبوديا وتحسُّن أحوال المسلمين:

بعد سقوط "الخمير الحمر" عقب غزو فيتنام لكمبوديا عام 1979 م، واستيلائهم على مدينة "بنوم بنه"، وإقامتهم حكومة عميلة لهم، تراجعت قوات "الخمير الحمر" إلى غرب البلاد، وفقدوا سيطرتهم على البلاد، ولم يستطيعوا العودة لمقاعد السلطة مرة أخرى لمعاناة الشعب الكمبودي بكافة أجناسه من فترة حكمهم الدموية.

وفي ظل الحكومات التي تلت "الخمير الحمر" في حكم كمبوديا، نَعِم المسلمون من جديد بفترة هدنة من المذابح والاضطهاد، عاودوا فيها ممارسة شعائرهم الدينية، وفتح مساجدهم من جديد التي دمَّرها الشيوعيون.

وقد دخل المسلمون الكمبوديون - في السنوات التي تلت سقوط الشيوعيين - في أتون مصادمات وحرب أهلية بين الحكومة وبقايا جماعة "الخمير الحمر"، التي ظلت تقاتل حرب عصابات للعودة مرة أخرى للسلطة، وأصبح وجود المسلمين داخل "كمبوديا" مهددًا نتيجة الدوَّامة السياسية التي دخلت فيها البلاد لعقود، إلى جانب نزوح وهرب الكثير من المسلمين التشامبيين إلى الخارج، وبعضهم التجأ إلى ماليزيا للصلات الدينية والقومية بينهم[5].

 

• قامت على أرض كمبوديا إمبراطورية كبيرة تعرف بإمبراطورية "خمير"، وهي إحدى الإمبراطوريات القديمة المشهورة في جنوب آسيا الشرقي.

• ينتمي مسلمو كمبوديا إلى جماعات "التشامبا"، وهي جماعات تنتمي إلى العنصر الملايوي (الجاوي).

• نشأت دولة ملايوية عريقة هي مملكة تشامبا المسلمة (Champa)، أطلق عليها العرب الأوائل اسم الصنف (Sanf)، وحكمت في المنطقة التي تؤلف الحدود ما بين فيتنام وكمبوديا.

• يُرجَّح أن الإسلام وصل كمبوديا في القرن التاسع الهجري إبان ازدهار مملكة تشامبا المسلمة التي كانت تسيطر على المناطق الحدودية لكمبوديا.

• هاجرت القبائل التشامبية إلى كامبوديا أثناء القرن الخامس عشر الميلادي، فبنوا هناك مجتمعًا جديدًا وتكتلات عرفت فيما بعد بـ champa Melayu أو كامبونج Kampang champa.

• عندما استولى "الخمير الحمر" التابعون لنظام "بول بوت" Paul Bet على الحكم، قتلوا ثلثي المسلمين في كمبوديا.

• لجأت جماعات كبيرة من المسلمين التشامبيين إلى الخارج، وبعضهم إلى ماليزيا المجاورة هربًا من الصراعات في كمبوديا.

• دخل المسلمون الكمبوديون - في السنوات التي تلت سقوط الشيوعيين - في أتون مصادمات سياسية وحرب أهلية بين الحكومة وبقايا جماعة "الخمير الحمر".

 

 

[1] "الخمير الحمر" كان الحزب السياسي الحاكم في كمبوديا - والتي سميت وقتها كمبوتشيا الديمقراطية - منذ عام 1975 إلى عام 1979، وهو عبارة عن حلف لمجموعة أحزاب شيوعية في كمبوديا، تطوَّرت لاحقًا لتشكل الحزب الشيوعي لكمبوتشيا، أو اختصارًا (PCK)، ولاحقًا حزب كمبوتشيا الديمقراطية، عُرِفتْ أيضًا باسم منظمة حزب الخمير الشيوعي أو الجيش الوطني لكمبوتشيا الديمقراطية.

[2] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا، سيد عبد المجيد بكر، صـ163.

[3] المسلمون في الهند الصينية (فيتنام- كمبوديا- لاووس)، محمود شاكر الحرستاني، محمد يحيى صالح التشامبي، المكتب الإسلامي- بيروت، 1986 م، صـ45.

[4] المسلمون في لاوس وكمبوديا، محمد بن ناصر العبودي، صـ105

[5] نظرات في تاريخ أرخبيل الملايو، عبد الغني يعقوب الفطاني، الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا: دار التجديد للطباعة والنشر والترجمة، ط 1، 2007 م، صـ 272.