التحديات المعاصرة للهوية الإسلامية في كندامقالات

صدام أحمد

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

التحديات المعاصرة للهوية الإسلامية في كندا[1]

 

مسجد جديد لن يؤدي فقط لحدوث الأزمات المرورية والضوضاء، ولكن ذلك من شأنه أن يؤدي أيضًا إلى "الاغتصاب، والجريمة، وتدمير القيم الكندية"- هذه كانت أنواع المطالبات التي ناضل من أجلها مايور بوني عمدة ميسيساغا في مجلس المدينة عام 2015 في اجتماع لاقتراح مشروع بناء مسجد جديد، وهذا كان حال العديد من المساجد في الآونة الأخيرة، والتي واجهت معارضة شديدة من الجمهور، وغالبًا ما يتم إخفاء مقاومة بناء المساجد وانتشار الإسلام وراء التذرع بأنها تختلق أزمات في حركة المرور وهو ما يؤدي إلى الفوضى في وجهة نظرهم.

ومنذ أوائل القرن العشرين كان المسجد واحداً من أبرز علامات الإسلام في الغرب كهيكل تاريخي مميز، فالمسجد مركزي لدين المسلمين وحياتهم الثقافية في كندا، ويحتل مكانة كبيرة في ممارسة ونشر الإسلام هناك، ولقد أوى إليه المسلمون كمؤسسة دينية مهمة، ومكان للعبادة والتعليم الديني.

وقد أصبحت المساجد الكندية أيضًا أماكن للمسلمين يمكن أن ينخرط في الخدمات والأنشطة، مثل الرعاية النهارية، وصالة الألعاب الرياضية، ومدرسة لفئة الشباب، ورغم وجود عدد كبير من هذه المساجد في كندا الآن، إلا أنها تحيط بها بيئات معادية لها، جنبا إلى جنب مع الصراعات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية للمسلمين في بلدان الشتات، وقد أصبح المسجد منصة تمثل ثقافة المسلمين ودينهم، فالمساجد في الأصل مبنية لهذا الغرض. وأشكالها المعمارية هي محاولة استنساخ تاريخية مباشرة، مثل القباب مختلفة الشكل والحجم، والمآذن، والتي تشكل هوية للمسلمين في شتى بقاع المعمورة، وتثير هذه الأشكال المعمارية الذكريات لدى المسلمين في غربتهم، ولديها القدرة على مواكبة الابتكار المعماري الحضري الكندي، وقد حصلت حالات صراع سابقة في اجتماعات مجلس المدينة المنعقدة ضد مشروع بناء المساجد المعاد تخصيصها تكييفها.

هذا وتبنى المساجد على أنقاض محلات البقالة والمستودعات التي هجرها أهلها، فتم الحصول عليها بثمن بخس في المزادات نتيجة لذلك من حبس الرهن المصرفي، أو مبيعات العقارات، والسبب الكامن وراء بناء المساجد إنما يتمثل في الحاجة الماسة للمسلمين لها، بغية أداء واجباتهم وفروضهم الدينية، ويتم تمويه هويتها الخارجية خلف واجهات هياكلها السابقة، وهناك قضية أساسية مهمة أخرى هي حاجة المساجد إلى إصلاحات في بناها الاجتماعية من قبل الجاليات المسلمة نفسها، مثل إجراءات الفصل والعزل التي ينبغي أن تراعيه إدارة المساجد لعزل النساء المسلمات عن الرجال بحواجز معمارية مادية.

ويتجنب الشباب المسلمون والمعتنقون الجدد للإسلام الاختلاط في المؤسسات الإسلامية؛ لأن معظم المساجد تهيمن عليها مجموعة عرقية محددة توجه التعاليم والبرامج الإسلامية نحو ثقافة معينة ووجهة معينة،

ويتلخص الهدف الأساسي من هذا المقال في فحص وتوثيق كيفية تداخل المساجد المعاصرة بشكل أساسي مع المفاهيم المعمارية التقليدية، وسوف يسلط الضوء على قضيتين أساسيتين تجسدان الوضع الحالي القائم في كندا، وهما:

أولًا: دولة المؤسسات الإسلامية: ابتداء من ناحية الصراع المتزايد ضد المسلمين ومعتقداتهم إلى الوصول للتعبير الجمالي المعاصر لمساجد مشيدة ومُعاد استخدامها لأغراض أخرى تجسد مع بعضها البعض الهوية الكندية الواحدة والقائمة على تقبل واحترام الثقافات المختلفة.

ثانيًا: التحقيق في النظام الاجتماعي السياسي داخل المجتمعات المسلمة نفسها: وذلك من جهة أنه مجتمع يفرض عزلة متزايدة على النساء والشباب من المعتنقين الجدد في المساجد.

كما سيورد أمثلة محددة من المساجد ويطرح أسئلة رئيسة مثل: كيف يمكن لمؤسسة دينية "المسجد" على سبيل المثال إيصال رسالته في مجتمع تسوده القيم العلمانية وشعور العداء تجاه الدين الإسلامي؟، وما هي القيمة الجمالية المعمارية في المساجد، وكيف يمكن تصميم المسجد لإثبات الشعور بالهوية والانتماء؟

 

الإسلام في التاريخ الكندي

في مقالة نشرت عام 2004 بعنوان "العمارة الإسلامية كمجال للبحث التاريخي، ذكرت أنه حتى وقت قريب كانت العمارة الإسلامية بين أقل المناطق تطورًا من الناحية النظرية، فالعديد من المؤرخين، والمهندسين المعماريين، والفنانين، والرسامين الرواد في هذا المجال كانوا من أصل أوروبي، وتم دمج أبحاثهم ودراساتهم التاريخية في نسيج الثقافة الأوروبية، أما الإسلام في كندا فقد تم توثيق القليل حوله في تاريخ المسلمين في الشتات، وهناك مساجد عدة بنيت هناك منها مسجد الرشيد الذي تأسس عام 1938 في إدمونتون، وكان AB أول مسلم في كندا، وقد قدم الخدمات لحوالي سبعمائة مسلم هناك، ومع تزايد أعداد السكان المسلمين، وانتشار الإسلام في جميع أنحاء البلاد بنيت عدة مساجد في المدن الكندية الكبرى الأخرى، كما في تورونتو التي بني أول مسجد فيها عام 1961م، وكان أغلب مرتاديه من ثقافات مختلفة كباكستان، والهند، والبوسنة، وألبانيا، وتركيا، ومصر، وقد فرض هذا التنوع العرقي والثقافي قيم التسامح، والاعتدال بين هؤلاء المسلمين.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://www.erudit.org/en/journals/jssac/1900-v1-n1-jssac05965/1076509ar.pdf

0 شخص قام بالإعجاب