المسلمون في كولومبيامقالات

أحمد محمود السيد

المصدر: مجلة البيان، ديسمبر 2010م.

 

يبلغ إجمالي عدد السكان في كولومبيا حوالي 44 مليون نسمة، وإجمالي عدد المسلمين حوالي 80 ألف مسلم، وتعتبر النصرانية هي الديانة الأُولَى للدولة؛ وتمثل 90 %؛ وهـم من الرومـان الكاثوليك، وباقي الديانات 10 % نسبة المسلمون بينهم 0.1 %.

كما تُعدُّ الإسبانية هي اللغة الرسمية للدولة.

المجموعات العرقية: 58 % إسبان وبرتغاليون، 20 % بيض، 14 % ميولاتو (ملون هجين)، 4 % سود، 3 % خليط من السود والهنود الحمر الأمريكان، 1 % هنود أمريكا الحمر.

أول مركز إسلامي تأسس كان عام 1993م، وقد قام بتأسيسه الدكتور «خوليان أبرتوروزا أباتا» وهو مدير المركز؛ وذلك بعد 3 سنوات من إسلامه.

المساجد والمؤسسات الإسلامية: هناك عدد كبير من المؤسسات الخيرية والمنظمات الإسلامية والمساجد، مثل: مسجد بلال، ومسجد الجمعية الخيرية الإسلامية في برانكيا، ومسجد ذي النورين عثمان بن عفان، والجمعية الخيرية في بيدوبار، ومسجد مياكو.

المدارس الإسلامية: مدرسة دار الأرقم والمدرسة العربية الكولومبية، ومدرسة مياكو.

ويُذكَر أن تلك البلاد قد وطئتها أقدام المسلمين منذ فترة طويلة خلال رحلات مسلمي قرطبة عبر (المحيط الأطلسي)، التي استفاد منها (كولومبوس) فيما بعد، والتي ذكرها المسعودي في كتابه (مروج الذهب) الذي كُتِب عام 956م، وذكر أن الإسلام دخل إلى أمريكا اللاتينية ومنها كولومبيا منذ اكتشاف أمريكا في القرن الخامس عشر، مع العبيد الذين جُلبُوا من شمال وشرق إفريقيا، وقد استقر أغلبهم في البرازيل، ثم انتشروا في باقي أنحاء أمريكا الشمالية والجنوبية.

وكانت الأغلبية الساحقة لهؤلاء العبيد من المسلمين، الذين أُرغموا على ترك دينهم تحت التهديد والتعذيب، وذاب كثير منهم في هذه القارة، وتنصر من تنصر تحت الإكراه البدني والنفسي والمعنوي، وبناءً عليه تقهقر الإسلام في هذه القارة.

كما كانت هناك محاولة ثانية للهجرة في القرن السادس عشر، وبعد تحرير العبيد وعودة كثير منهم إلى هذه الديار، بالإضافة للهجرات المكثفة في خمسينيات القرن الماضي من الهند وباكستان ولبنان وسوريا عامة، بينما كان معظم المهاجرين من الشام من مسلمين ونصارى، ولم يكونوا على معرفة باللغة الإسبانية (لغة كولومبيا)، وهو الأمر الذي عانوا منه كثيراً في وسيلة الحوار والتعامل مع الشعب الكولومبي، هذا وقد تمركز أغلبهم في البرازيل والأرجنتين وفنزويلا وكولومبيا، وهكذا كان الوصول الأول للإسلام إلى العالم الجديد مبكراً، كما أثبته كثير من المؤرخين المنصفين.

وتعيش أغلب الجاليات المسلمة في العاصمة بوكوتا ومياكو، وكذلك في مدينة برانكليا، وفي كالي، أما أكبر تجمع للمسلمين في كولومبيا يوجد في مدينة ميكاو، ورغم الحياة البسـيطة التي تعيشـها هذه المدينة، إلا أن فيها ما يزيد على 5 آلاف نسمة من السكان العـرب 80 % من المسـلمين السُّنة و20 % من الشيعة، والباقي من الدروز والمسيحيين العرب، ومعظمهم من لبنان وسوريا، وتبدو حياة هذه المدينة وكأنها قرية عربية.

وعندما نتحدث عن معاناة الجالية المسلمة في كولومبيا لا يمكن أن نُغفِل الحديث عن تجارة المخدرات والكوكائين (التي تعتبر أحد مصادر الدخل الرئيسة لكثير من أبناء كولومبيا، كما أنها من المشكلات المعضلة التي تواجهها الحكومة الكولومبية)، ونذكر بكل حزن وأسى أن هذه التجارة المحرمة شرعاً وعُرفاً قد أغرت كثيراً من المسلمين في كولومبيا، وانغمسوا فيها، وجلبت لهم الويل والدمار لهم ولأبنائهم، وانعكست سلباً على جُلِّ الجاليات الإسلامية؛ وخاصة أن هذه التجارة ترعاها عصابات واسعة القوة والنفوذ، وتملك تنظيمات سياسية وعسكرية، ويتعاون معها مسؤولون كبار في هذا البلد، وكذلك نظراً للفقر والحاجة وضعف الموارد المالية؛ حيث إنه من المعلوم أن كولومبيا تعيش حياة أمنية مضطربة مع شدة الفقر والمشكلات الاقتصادية المعقدة، بالإضافة إلى تخلي الدول الإسلامية والعربية عن المسلمين الكولومبيين.

ومما يؤسَف له أيضاً ما تواجهه الجالية المسلمة في كولومبيا من خطر الذوبان والانقراض، بسبب الإقبال على الزواج من غير المسلمات، في ظل ظروف صعبة يواجهونها، وعداءٍ من بعض الطوائف الدينية المتعصبة.

وعلى الرغم من سيادة النظام الديمقراطي في كولومبيا، وهو الذي مكَّن كثيراً من المسلمين من الوصول إلى أماكن مرموقة في الحكم، إلا أنهم ذابوا في هذا المجتمع، وأصبح عدد كبير منهم نصرانيين لا علاقة لهم بالإسلام.

وفي ظل غياب التعليم الإسلامي، وندرة المساجد والدعاة والكتب الإسلامية، تعرَّض أبناء الجالية للجهل بدينهم وعقيدتهم، وخاصة أن هناك عدداً كبيراً منهم يتبع عادات أمهاتهم النصرانيات؛ من زيارة الكنائس والمشاركة في الاحتفالات الدينية، وهذا هو التحدي المُلقى على المسلمين في كولومبيا ومعظم دول أمريكا اللاتينية.

وللحفاظ على الأقلية الكولومبية المسلمة، يرى الباحثون المعنيون بأحوال الجالية أنه لا بد من دعم مشروعات الدعوة وبرامجها، وتغطية احتياجات الجالية، وكذلك إقامة مشروعات استثمارية تفتح فرص عمل لأبناء الجالية والمسلمين الجدد، وتشارك السلطات المحلية والدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقوم أيضاً بدفع نسبة من الربح للدعوة الإسلامية تنفَق في بناء المساجد والمدارس، وتنظيم المخيمات الشبابية والدورات الشرعية، وطبع الكتب وترجمتها.

كذلك اقترحوا تأسيس مدارس ومعاهد علمية إسلامية، مهمتها تعليم اللغة العربية، وتحفيظ القرآن الكريم، والتعريف بالإسلام لغير المسلمين، مع ترجمة الكتب الإسلامية ونشرها باللغة الإسبانية.

وطالبوا بالعمل على إنشاء شبكة اتصالات معلوماتية لنشر الثقافة الإسلامية عبر الإنترنت، مع السعي لإنشاء قناة تلفزيونية إسلامية في أمريكا اللاتينية تكون ناطقة باللغة العربية والإسبانية، أو فتح نافذة إعلامية عن طريق إحدى القنوات في كولومبيا لساعات محددة، يجري من خلالها تقديم الإسلام في صورة صحيحة وبأساليب عصرية مشوقة.