ماذا بقي من حضارة الإسلام في الفلبين؟ (2)مقالات


الآثار الإسلامية في الفلبين:

ونجد أن الحكومة الفلبينية قد اهتمت في الفترة الأخيرة بجمع تراث العهد الإسلامي وإتاحته في المعارض لجمهور الزائرين، من باب اعتباره "فلكلورًا تراثيًّا" يعبر عن الثقافات الشعبية لعرقيات أهل الفلبين، وفي عام 2012 م جرى البحث عن ممتلكات ثقافية مختلفة في المناطق الإسلامية في "مينداناو"، وكان من ضمن المقتنيات الثمينة التي تم العثور عليها وعرضها مصحف "ماراديكا" لبايانج، ومصحف "ديبولودان" للبيكونج في "مارانتاو"، ومخطوطة القرآن والصلاة لـ"غورو سا ماسيو" في "تاراكا"، و"قصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم "في مركز البحوث التذكارية في كلية دانسالان، وعدد من المخطوطات الإسلامية التي عثر عليها في مقاطعات جزيرة "مينداناو"

ومخطوطة "مصحف ماراديكا بايانج" تعد أقدم مصحف معروف مكتوب في الفلبين، كانت ملكًا لسلطان بايانج في مدينة "لاناو ديل سور" ونسخها "سعيدنا"، أحد أقدم الحجاج من الفلبين، ويُعتقد أن مصحف بايانج هو أحد النسخ القليلة المترجمة إلى لغة غير عربية - أي باستخدام لغة من عائلة الملايو - ومكتوبة بخط اليد بالخط العربي، وكان هذا المصحف قد استولت عليه الحكومة - فترة اضطهاد المسلمين - من المدينة، وتم إيداع النسخة في القصر الرئاسي، ثم أُودعت بعد ذلك في المتحف الوطني.

ونجد أن العديد من القصور القديمة لسلاطين الإمارات الإسلامية قد تم هدمه خلال فترات الجهاد الإسلامي ضد الاحتلال الإسباني والأمريكي والياباني للجزر الفلبينية، وما تبقى تم تحويله إلى كنائس، إلى جانب أن المساجد قديمًا كانت تُبنى من الخشب، وهي مادة قابلة للتحلل والفناء، وأغلب المساجد الموجودة حاليًّا هي مساجد حديثة، أُنشئت بدعم المنظمات الإسلامية أو على يد أبناء مسلمي جنوب الفلبين، منها أحد المساجد تم بناؤه بدعم سلطان "بروناي"، في مدينة "كوتاباتو"، وهو أكبر مسجد في الفلبين حاليًّا.

 

عودة.. إلى الإسلام من جديد:

نتيجة جهود الدعاة المتواضعة في الفلبين، وعلى غير العادة، يدخل أعداد كبيرة من النصارى الفلبينيين في الإسلام، فقد دخل (200,000) ألف فلبيني في الإسلام منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى بداية الألفية (1970-2006 م) وَفْقًا للتقارير الرسمية[1].

وهناك أيضًا مجتمع متزايد من الفلبينيين المتحولين إلى الإسلام المعروفين باسم "إسلام باليك"؛ أي: (العائدين إلى الإسلام)، وغالبًا ما يقودهم المبشِّرون المسيحيون السابقون الذين تحولوا إلى الإسلام[2].

فدعاة مثل "عبد اللطيف أرسيو" الذي ساهم في الدعوة لشعبة الجاليات في المملكة العربية السعودية وترجم عددًا من الكتب والنشرات إلى اللغة الفلبينية، وكذلك "محمد الأمين رودريقس" الذي له إسهامات مشكورة في الترجمة والدعوة إلى الله، والدكتور "خالد دي لوس سانتوس"، و"نجيب رسول".. وغيرهم[3] كانوا مسيحيين بل من أكبر القساوسة في الفلبين، وقد هداهم الله إلى اعتناق دين الإسلام، وقاموا وتحولوا بالدعوة إلى الدين الحنيف، وناقشوا وجادلوا كبار النصارى في الفلبين، واستطاعوا أن يقدموا برامج إسلامية (صوت الإسلام) من "مانيلا" عاصمة الفلبين، وأحدثوا انقلابًا مفاجئًا في وسط المسيحيين حينما اعتنق الإسلامَ عددٌ كبيرٌ ممن دعوهم بالحوار إلى دين الله الحق.

وقد لاحظ كثير من الباحثين طيلة فترات مقاومة الاستعمار أن الدين يمتزج بالحكم في شعب المورو، فالحكام هم رجال متدينون يحاولون إقامة مُثلٍ عليا يحتذي بها تابعوهم، ودافع أبناء المجتمع شديد التمسك بدينه بقوة ضد كل دخيل أجنبي من الغربيين والفلبينيين الذي حاولوا إخضاعهم، واستمروا في معارضة المستعمرين الإسبان والأمريكيين حتى نهاية نظامهم، ولم يُستعمروا ولم تتغير ديانتهم إلى الكاثوليكية الرومانية كما حدث مع سكان الأراضي الشمالية الذين كانت مقاومتهم ضئيلة أو شبه معدومة[4].

 

• مارس المنصّرون جهودًا كبيرة في تحويل الشعب الفلبيني المسلم إلى أكبر أغلبية مسيحية وسط دول جنوب شرق آسيا.

• تحولت الأغلبية المسلمة (في الجنوب) إلى طبقة محرومة مقموعة، والأقلية المسيحية المهجَّرة إلى طبقة محظوظة محتكرة للثروة، في عملية أقرب إلى "اغتصاب" السلطة.

• تماطل الحكومة الفلبينية في توسيع نطاق الحكم الذاتي للمسلمين في الجنوب، وتتخذ وجود الحركات الإسلامية ذريعة لوجود الديكتاتورية بالفلبين.

• أعرض أبناء الأقليات المسلمة في جزر الفلبين عن الالتحاق بالمدارس التي تسيطر عليها الإرساليات التنصيرية؛ لأن مناهج هذه المدارس لا تتضمن مواد التربية الإسلامية واللغة العربية.

• أغلب التراث الإسلامي بالفلبين تم تدميره طيلة فترات الاستعمار، وأثناء عهد الحكومات الديكتاتورية القومية لمحو تاريخ المسلمين بالبلاد.

• هناك مجتمع متزايد من الفلبينيين المتحولين إلى الإسلام المعروفين باسم "إسلام باليك"؛ أي: (العائدين إلى الإسلام)، وغالبًا ما يقودهم المبشّرون المسيحيون السابقون الذين تحولوا إلى الإسلام.

 


[1] وضع الإسلام والمسلمين في الفلبين تحت الاحتلال الأجنبي وما بعده، إسماعيل حسانين أحمد، صـ161.

 

[2] مقال "الواقع المعاصر للإسلام والمسلمين في الفلبين"، مايكل بوزا، مترجم عن اللغة الإنجليزية، رابط:

https://dawa.center/file/6788

[3] التنصير في الفلبين: نشأته وخطره وكيفية مواجهته، أبو الخير تراسون، صـ449.

[4] إدارة الأقلية المسلمة في الفلبين، فيدريكو في. ماجدالينا، صـ11.