كيف وصل الإسلام جزر المالديف؟ (1)مقالات


• تتكوّن جزر المالديف من سلسلة من الجزر يصل عددها إلى 1087 جزيرة متنوعة المساحات، ويبلغ عدد الجزر المأهولة بالسكان من بينها قرابة 215 جزيرة.

• ذكر "ابن بطوطة" في رحلته أن اسم تلك الجزر "ذيبة المهل"، وأطلق على الجزيرة اسم "مالديب"؛ أي: بلد السمك؛ لوفرة أسماكها.

• يعتقد أن معرفة العرب بتلك الجزر كان قبل الإسلام للتجارة، حيث جاء العرب التجار إلى جزر المالديف، واستقر بعضهم بالمالديف.

• دخل الإسلام المالديف على يد الداعية المغربي "أبي البركات يوسف البربري" عام 548 هـ/ 1153 م.

• روى ابن بطوطة غرائب مشاهداته في جزر المالديف في رحلته، ووصفها بأنها "إحدى عجائب الدنيا".

• تعرضت المالديف للاحتلال البرتغالي فالهولندي فالبريطاني، ولم تستقل إلا عام 1965 م.

• من الشخصيات الجهادية في تاريخ جزر المالديف: سلطان حرب التحرير "محمد تكرفان".

• تلتزم جزر المالديف منذ استقلالها بعدم الانحياز لأي طرف دولي، وتحاول تطبيق الشريعة الإسلامية في معاملاتها، وإيجاد مصادر دخل للدولة عن طريق السياحة.

 

الموقع:

هي دولة تقع في قارة آسيا في المحيط الهندي، جنوب غرب سريلانكا والهند، ويمر بها خط الاستواء من الجنوب.

تتكون جزر المالديف من سلسلة من الجزر يصل عددها إلى 1087 جزيرة متنوعة المساحات، ويبلغ عدد الجزر المأهولة بالسكان من بينها قرابة 215 جزيرة، وبقية الجزر خالية يستغل بعضها في إنتاج المحاصيل الزراعية، والبعض الآخر في إنتاج الأخشاب، ويحتوي كثيرٌ من هذه الجزر على بحيرات ساحلية عذبة المياه، وتكوِّن هذه الجزر مجموعات بعضها مع بعض، أشهرها: اثنتا عشرة مجموعة، منها "تيلا دوماتي آتول"، و"إيهافات دي فول آتول" وهما في الشمال، و"مالي" و"آري" و"مولاكو" و"هادوماتي" في الوسط، و"سوفاديفا" و"آدو" في الجنوب، وكلمة "آتول" معناها جزيرة مرجانية[1]، والعاصمة هي "مالي" Male، وفيها مقر الملك والوزارات وكل المصالح الحكومية، وتقع مالي في وسط الأرخبيل تقريبًا، ويبلغ تعداد السكان فيها حوالي (15) ألفًا.

وجزر المالديف تنقسم طبيعيًّا إلى (13) مجموعة، تفصل بينها بحار متسعة نسبيًّا، ولكنها مقسمة سياسيًّا إلى (19) مجموعة لاعتبارات إدارية رأتها الحكومة، وعلى رأس كل مجموعة حاكم أو محافظ معين من قِبَل الحكومة، يدير كل شؤونها، ووسيلة المواصلات بين الجزر هي الزوارق البخارية والمراكب والقوارب الشراعية المصنوعة محليًّا[2].

 

أصل التسمية:

ذكر "ابن بطوطة" في رحلته أن اسم تلك الجزر "ذيبة المهل"[3]، وكانت الدوائر الرسمية المالديفية إلى وقت قريب تستعمل اسم (ملديب)، ويعتقد أن اسم "مالديف" الحالي هو تحريف لهذا الاسم "مالديب" وهو مكون من كلمتين باللغة السنهالية، "مال"؛ أي: سمك، و"ديب" ومعناها بلد؛ أي: معناها "بلد السمك"؛ لوفرة أسماكها واشتغال أهلها بالصيد.

ونجد أن "ابن بطوطة" قد قدم المضاف على المضاف إليه؛ إما لأنه أراد تعريب الاسم، أو لأنها كانت تسمى كذلك في زمنه عند الناطقين باللغة الفارسية[4].

وأما (مالديف) فهي التسمية الإنجليزية لهذه الجزر، وقد انتشر استعمالها الآن بصورة أدت إلى هجر الأسماء الأخرى.

 

جزر المالديف قبل الإسلام:

تؤكد الدراسات التاريخية أن الشعب المالديفي ينتمي أصلًا إلى الجنس الآري (Aryan) الذي نزحت جماعات منه قبل الميلاد من شمال الهند إلى سيريلانكا وبقية المناطق المجاورة للهند ومنها جزر المالديف ويرجع تاريخ هذه الهجرة الآرية إلى المالديف في القرن الخامس أو السادس قبل الميلاد[5].

ومن المؤكد أنه قد اشترك كل من المالديفيين والسنهاليين والهندوس في الاستقرار بجزر المالديف منذ 2500 عام تقريبًا، ويدل على ذلك شدة التشابه بين المالديفيين والسنهاليين والسيريلانكيين في الملامح والبيئة والتقاليد[6].

ويعتقد أن معرفة العرب بتلك الجزر كان قبل الإسلام للتجارة، حيث جاء العرب التجار إلى جزر المالديف، واستقر بعضهم بالمالديف، وكانت لهم حرية ممارسة تقاليدهم الدينية والاجتماعية قبل الإسلام وبعده[7].

وقد ارتبطت المالديف بعلاقات وثيقة منذ نشأتها بكل من جزيرة سيريلانكا وممالك البر الواقعة في جنوب الهند، حيث كانت الجزر الجنوبية من أرخبيل المالديف مقصد المهاجرين السيريلانكيين، كما أن الجزر الشمالية من أرخبيل المالديف كانت مقصد المهاجرين من جنوب الهند[8].

 

دخول الإسلام جزر المالديف:

دخل الإسلام جزر المالديف عن طريق التجارة كأغلب جزر تلك الناحية؛ حيث كانت سفن التجار ترسو بتلك الجزر أثناء ذَهابهم إلى شرق المحيط الهندي أو عند عودتهم[9].  

وتكاد تجمع الآراء على أن داعية من المغرب العربي يُدعى الشيخ الحافظ "أبا البركات يوسف البربري"، جاء إلى الجزيرة، ودعا ملكها "مها كلامنجا" Mahaakalaminjaa إلى الإسلام، وكان ذلك في اليوم الثاني من ربيع الآخر عام 548 هـ/ 1153 م، وقد هدى الله صدرَ الملك للدخول في الإسلام، ومنذ ذلك التاريخ أصبح جميع سكان المالديف مسلمين.

وقد ذكر "ابن بطوطة" في رحلته قصة هذا الداعية، ودخوله البلاد، سماعًا من أهل الجزيرة أنفسهم، وأنهم إلى عهده "ما زالوا يعظّمون المغاربة بسببه، وبنى مسجدًا معروفًا باسمه، وقرأت على مقصورة الجامع، منقوشًا في الخشب: "أسلم السلطان أحمد شنورازة على يد أبي البركات البربري المغربي"[10].

ويرى العالم H.C.P.Bell أن تحول أهل المالديف إلى الدين الإسلامي لا يرجع - في المقام الأول - إلى ما ذكره "ابن بطوطة" في هذه الأسطورة، وإنما الإسلام قد انتشر في الجزر بفضل جهود المسلمين الذين كانوا يعيشون فيها والذين هاجروا إليها على مدى ثلاثة أو أربعة قرون، حتى تحولت الجزر جميعها إلى الإسلام، وذلك بخلاف الدين البوذي السابق الذي كان تعتنقه الأسرة المالكة، فلما وجد ملك البلاد أن شعبه قد تحول إلى الإسلام، أعلن إسلامه هو وأهله، وأعلن الإسلام دينًا رسميًّا للبلاد، وكان ذلك عام 548 هـ/  1153 م[11].

ونجد أن هذا الرأي لا ينفي دور "أبي البركات البربري" في تحول ملك تلك الجزر إلى الإسلام، وإسلام رعيته وشعبه بالتبعية.

وقد أطلق "أبو البركات البربري" على الملك المهتدي للإسلام اسم "محمد" ولقبه "الديبي سري بونا آديت"[12].

وأيًّا كان الأمر فإن أهل مالديف أسرعوا إلى الدخول في الإسلام بعد أن كانوا يعتنقون البوذية ويعبدون الأصنام، حتى كانوا عندما زارهم ابن بطوطة بعد إسلامهم بقرابة قرنين من الزمان على غاية من الصلاح والديانة[13].

وذكروا أن الملك عندما أسلم بنى مسجدًا، هو الذي يسمى الآن "مسجد الجمعة"، وذلك بإشارة من الشيخ أبي البركات البربري رحمه الله، ولعل المنارة فيه تدل على تأثير مغربي في طراز بنائها، وإن كان الترميم الحالي لها قد تم قبل أكثر من ثلاثمائة سنة؛ فلعل أصلها كان كذلك.

 


[1] جزر المالديف (مواطن الشعوب الإسلامية في آسيا 10)، محمود شاكر الحرستاني، المكتب الإسلامي- بيروت، ط7، 1409 هـ- 1989 م، صـ14.

[2] مقال "جزر المالديف إحدى عجائب الدنيا.. جنة عائمة في المحيط الهندي يعيش فيها مائة ألف مسلم"، مأمون عبد القيوم، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 16، السنة الثانية، ربيع الثاني 1386 هـ.

[3]  "رحلة ابن بطوطة"، (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي ابن بطوطة، ط أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1417 هـ (4/ 53).

[4] رحلة إلى جز مالديف، إحدى عجائب الدنيا، محمد بن ناصر العبودي، دار العلوم للطباعة والنشر، 1401 هـ - 1981 م، صـ76.

[5] السلطة التشريعية في المالديف، أحمد عبد الله ديدي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1422 هـ / 2002 م، صـ 11.

[6]  -

ADRIAN NEVILLE; " Male capital of the Maldives ", Anove ity publication, Male, Maldives, without date, P.4.

[7] جهود المسلمين في الجغرافية، نفيس أحمد، ترجمة: فتحي عثمان، دار القلم، القاهرة، سلسلة الألف كتاب، رقم 27، (د.ت)، صـ 13.

[8] مظاهر الحضارة الإسلامية في المالديف منذ دخول الإسلام حتى قيام النظام الجمهوري، عبد الباسط محمود محمد الهجرسي، رسالة ماجستير، معهد الدراسات والبحوث الآسيوية، جامعة الزقازيق، 1426 هـ - 2005 م،  صـ28.

[9] تجارة المحيط الهندي في عصر السيادة الإسلامية، شوقي عبد القوي عثمان، الكويت، عالم المعرفة، 1410 هـ - 1990 م، صـ 19.

[10] "رحلة ابن بطوطة"، ط أكاديمية المملكة المغربية، (4/ 63).

[11] Royston Ellis; "Amaldives celebration ", Editions, singapore, 1997, p.12.

[12] جهود علماء المالديف في ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسيره، عبد الستار عبد الرحمن المالديفي، رسالة دكتوراه، كلية أصول الدين، الجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد- كراتشي، 1422 هـ - 2001 م، صـ11.

[13] رحلة إلى جزر مالديف، إحدى عجائب الدنيا، محمد بن ناصر العبودي، صـ85.