التجربة الإسلامية في تايبيه - (تايوان)مقالات

ريك جاريتي

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

التجربة الإسلامية في تايبيه - (تايوان) [1]

 

أثناء الجلوس بجانب قاعة الصلاة بالمسجد يتحدث الدكتور إبراهيم تشاو عن أصول الجالية المسلمة في تايوان، وتجربة المسلمين المحلية التي نشأت، وتجربة السفر للمسلمين المحليين والمسلمين من دول أخرى.

الدكتور إبراهيم تشاو رجل عالمي وغير عادي، فهو إمام مسجد تايبيه الكبير، وكبير المستشارين الشرعيين لدى الجمعية الإسلامية الصينية، وأستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بدوام جزئي في جامعة تشياو تونغ الوطنية، ومن المناصب المهنية التي تبوأها في الماضي: دبلوماسي يمثل جمهورية الصين في ليبيا والشرق الأوسط منذ أكثر من 20 عامًا.

لقد شهد تشاو طوال حياته التاريخ الإسلامي في تايبيه، ودعانا إلى مسجد تايبيه الكبير للتحدث عن ذكرياته، ومشاركة أفكاره حول الثقافة الإسلامية في تايبيه.

بواكير الإسلام في تايوان

وفقًا لشاو تعد تايوان اليوم موطنًا لما يقرب من 60 ألف مسلم، ينتمي حوالي 90٪ منهم إلى مجموعة الهوي العرقية ذات الأصول الصينية، وهناك أيضًا حوالي 150.000 مسلم أجنبي يعملون في تايوان معظمهم من جنوب شرق آسيا، ويوجد في الجزيرة 11 مسجدًا أكبرها وأقدما هو مسجد تايبيه الكبير في العاصمة تايبيه، ويقول الدكتور تشاو إنه كانت هناك ثلاث موجات من هجرة المسلمين إلى تايوان، وقد وصل الإسلام لأول مرة إليها عندما جاء المسلمون من مقاطعة فوجيان الصينية مع Zheng Chenggong المعروف أيضًا باسم Koxinga في حملته لطرد الهولنديين من الجزيرة في ستينيات القرن السادس عشر، وتم استيعاب أحفادهم في نهاية المطاف في عامة السكان الهان الصينيين، وجاءت الموجة الثانية مع نزوح القوميين من الصين إلى تايوان في نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949، حيث جاء حوالي 20 ألف مسلم، وكان العديد منهم جنودًا وموظفين حكوميين، وكان جد الدكتور تشاو واحدًا منهم، وهم في الأساس أحفاد أفراد عسكريين قوميين فروا إلى هذه المنطقة بعد الانتصار الشيوعي في الحرب الأهلية الصينية، أما الموجة الثالثة من المسلمين فقد وصلت إلى تايوان في الثمانينيات، حيث هاجر المسلمون بالآلاف من تايلاند وميانمار بحثًا عن حياة أفضل.

هذا ويُطلق على الحي الشهير المحيط بشارع هوا شين في منطقة تشونغهي بمدينة تايبيه الجديدة اسم "ليتل بورما"، أو "شارع بورما"، وهو مليء بالمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية ذات الطابع البورمي الخاص.

 

مسلم في تايوان

يقول الإمام أن المسلمين لا يواجهون أي تمييز بأي شكل من الأشكال في تايوان، متفقًا في ذلك مع عمر وانغ رئيس مؤسسة المسجد الكبير في تايبيه -صديق الدكتور تشاو-، إذ جعل موقع تايوان الجغرافي منها "مفترق طرق للبشرية" كما يقول الدكتور تشاو، وقد تعلمت المجموعات المختلفة التوافق مع بعضها البعض ودعم بعضها البعض، ويقول تشاو إن العديد من المواطنين قد لا يميزون أن الفرد مسلم؛ لأن المسلمون المحليون يمتزجون في المظهر الخارجي، ومعظم العادات بسلاسة مع الأغلبية الصينية الهانية، وهناك نهج فلسفي للحياة في العالم الإسلامي يتمثل في "إنشاء بيئتك الخاصة"، وهذا يعني أنه عندما يتعلق الأمر بالصلاة ومثل هذه الأمور فإن بإمكانك تعديلها بحيث يمكنك الحفاظ على السلام والوئام في حياتك عبر عدم إجبار الآخرين على تغيير أساليب حياتهم، فالمهم هو الإخلاص الداخلي، وليس الرياء الخارجي.

يوجد اليوم العديد من المرافق العامة الصديقة للمسلمين، ويقول وانغ: "الجذور البوذية في تايوان تعني العديد من المطاعم النباتية، وعلى أي حال يميل المسلمون إلى التجمع مع بعضهم البعض في أماكن خاصة، لإعداد الطعام بشكل جماعي"، ولديه ذكريات جميلة عن أيام دراسته في جامعة تايبيه، حيث اجتمع مع زملائه الطلاب المسلمين من تايوان وحول العالم.

 

السفر الصديق (الملائم) للمسلمين في تايبيه

يذكر الدكتور تشاو أن تجربة السفر للزوار المسلمين في تايبيه وجميع أنحاء تايوان قد تقدمت بشكل مثير للإعجاب على مدى العقدين الماضيين، وفي السنوات الأخيرة تم تصنيف تايوان باستمرار كواحدة من أفضل الوجهات للدول غير الإسلامية في مؤشر السفر العالمي للمسلمين MasterCard-CrescentRating (GMTI)، وهو ما تدركه حكومة تايوان جيدًا؛ لذا تشارك حكومة المدينة في حملة ترويجية منتظمة مدتها سنوات لجذب السياح من جنوب شرق آسيا، وتعمل مع شركات السياحة لتطوير حزم سفر تفضيلية مستهدفة، كما تم تنظيم جولات إرشادية خاصة صديقة للمسلمين.

يقول الدكتور تشاو إن الحكومة تعمل عن كثب مع جمعية المسلمين الصينيين لتحسين وتوسيع مرافق الترحيب بالمسلمين، وقد تم إنشاء وسائل الراحة الخاصة مثل غرف الصلاة، ومرافق الوضوء في الأماكن العامة، ولا سيما في محطات النقل، فمحطة تايبيه الرئيسية -أكبر مركز في تايبيه- هي واحدة من الأمكنة التي توفر غرف صلاة للمسافرين المسلمين، وكذلك العمال الأجانب من جنوب شرق آسيا، ويمكن للمسافرين المسلمين العثور بسهولة على قائمة من المطاعم والفنادق الصديقة للمسلمين عبر الإنترنت، والتي توفر جداول مواقيت الصلاة، وسجادات الصلاة، وعلامة القبلة لاستخدام المسلمين في الغرفة، وبالتنسيق مع حكومة مدينة تايبيه، فإن العديد من البائعين في تايبيه ونانجي تشانغ، والأسواق الليلية الأخرى لديهم أيضًا لافتات "خالية من لحم الخنزير"، و"غير كحولية".

وعندما سئل عن المناطق التي يود أن يرى فيها تحسنًا في بيئة المسافرين المسلمين صرح الدكتور تشاو أنه يود أن يرى التوسع في المرافق الصديقة للمسلمين في المزيد من الأماكن العامة، مثل المباني الحكومية، والمستشفيات، والمتنزهات، وبخاصة في أماكن مستخدمة بشكل شائع من قبل المسلمين المحليين ومن الخارج.

 

[1]  الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://international.thenewslens.com/article/133739