تصادم الأديان في ساحل العاجمقالات

نوريميتسو أونيشي

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

تصادم الأديان في ساحل العاج[1]

 

في شارع متعرج هنا في حي مترامي الأطراف تقطنه الطبقة العاملة، وتجد فيه مسجدًا إزاء كنيسة كاثوليكية وكنيسة بروتستانتية، -وهي رموز للتسامح الديني والعرقي الذي جعل هذا البلد موضع حسد من الأفارقة الآخرين-، ولكن إثر ثورة شعبية بدأت ضد دكتاتور عسكري في 24 أكتوبر، والتي سرعان ما تحولت إلى اشتباكات قاتلة هاجم فيها المسيحيون مسجد عائشة نيانغون في حي يوبوغون، وفي فناء المسجد كان يُرى هيكل سيارة الإمام المحترقة بالقرب من شجرة نخيل تم حرقها هي الأخرى.

قالت أنزومانا سيسي (57 عاماً)، وهي معلمة متقاعدة: "لا داعي لخلع حذائك، فلقد تم بالفعل تدنيس كل شيء بالداخل"، وقد كانت النسخ المحروقة من القرآن مبعثرة على درج برج المؤذن، كما تناثرت بقايا الإطارات المحترقة على الأرض، والتي تسببت ألسنة اللهب المتصاعدة منها في اسوداد جدران المسجد، والتهمت السقف، وشوهت الشفرات المعدنية لمراوح السقف التي تدلت مثل النباتات المحتضرة.

هذا وقد سببت الاضطرابات السياسية في ساحل العاج في حدوث انقسامات خطيرة بين المسيحيين في الجنوب، والمسلمين في الشمال حول السلطة السياسية، إلى أن تمت تسوية الانقسام الديني الطاغي في ساحل العاج على يد فيليكس هوفويت بوانيي -وهو مستبد قاد البلاد منذ الاستقلال حتى وفاته عام 1993-، وهو كاثوليكي روماني شجع الهجرة إلى ساحل العاج من البلدان المجاورة -في معظمها من المسلمين من مالي وبوركينا فاسو- عملوا كصيادين ومزارعين، كما عيّن بوانيي العديد من المسلمين في مناصب بارزة، مثل الحسن د. واتارا زعيم المعارضة الرئيسي، إلا أن هؤلاء المهاجرين بعد عامين فقط وجدوا أنفسهم مطرودين من قبل الإيفواريين، الذين تذرعوا بأن المهاجرين يحتلون أراضيهم، ويستنزفون مواردهم الطبيعية كالمياه وغيرها.

وما لبث مسلو الشمال هدفًا للمضايقات الرسمية، وحول ذلك قال إبراهيم توري -38 عاماً-، وهو رجل أعمال مسلم في يوبوغون: "إن السياسيين هم من أفسدوا علاقاتنا، فلقد عشنا معًا، ولعبنا معًا، ولم تكن هناك أي مشاكل''، بيد أن هذا الوضع تغير إذ يقول مصطفى سانجار، وهو تاجر مسلم يبلغ من العمر 30 عامًا عن ذلك: "كلما التقينا في السوق، بدأوا يتصرفون بغطرسة، ورفعوا أصواتهم بوجه نسائنا"، كما بدأ ضباط الشرطة في إيقاف المسلمين، الذي يمثلون حوالي 40 في المائة من سكان البلاد، بغية التحقق من بطاقات الهوية الوطنية الخاصة بهم، ومصادرتها في بعض الأحيان، وكان هذا أحد أشكال التمييز الرسمي، وعن ذلك قال السيد سيسي: "لم يحدث هذا النوع من التمييز في الماضي"، بل "لم يخطر ببال أحد أن يفعل ذلك".

وقد بلغ التوتر المتصاعد ذروته في أحداث 26 أكتوبر عقب يوم من الثورة الشعبية ضد الجنرال جوي، والتي تم فيها استبعاد مرشحين من حزبين من الأحزاب الرئيسة في البلاد من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بما في ذلك السيد واتارا، فكان أن نزل أنصاره إلى الشوارع مطالبين بإجراء انتخابات جديدة، وعارض أنصار السيد غباغبو الذي فاز في الانتخابات أي خطوة من هذا القبيل، فاشتبك الطرفان، واتخذ العنف على الفور أبعادًا دينية وعرقية، وتعرضت عدة مساجد في يوبوغون وأحياء أخرى للهجوم، كما هوجمت كنيسة واحدة، وشوهدت قوات الأمن التي انحازت علنًا إلى جانب السيد غباغبو بعد سقوط الجنرال جوي، والذي هاجم أنصاره المسجد الكبير بدعم مباشر منه.

وقال السيد فونبا توري -45 عامًا-، وهو حارس أمن المسجد عن حادثة حرقه: "اتصلنا بشباننا وتمكنا من دفع المهاجمين إلى الخلف، ولكن بعد وصول الدرك ومساعدتهم، لم نتمكن من فعل أي شيء، واضطررنا للفرار"، وقال أعضاء المسجد إن رجال الدرك أطلقوا النار عليهم، ثم ألقوا قنابل الغاز المسيل للدموع على السطح، مما أشعل النار في مسجد عائشة نيانغون، كما قالوا إن ضباط شرطة مكافحة الشغب ساعدوا المهاجمين المسيحيين على إشعال النار، وبحسب حزب السيد واتارا، فقد قُتل 155 شخصًا معظمهم من المسلمين الشماليين في أعمال العنف التي أعقبت الثورة، وعلاوة على ذلك تم اكتشاف 57 جثة بعد يومين من فرار الجنرال جوي في غابة تمت إزالتها على مشارف المدينة في مذبحة جماعية تم اتهام الدرك بارتكابها.

وعن تلك الأوضاع المأساوية التي شهدتها البلاد ولا سيما بعد حادثة المذبحة الجماعية قال السيد سانجار: "إنني أعوّل على موقف القادة السياسيين الذين عليهم التزلف للشعب بكلمات استرضاء وحثهم على التحلي بالصبر والصمود في مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد البلاد، وإلا فسوف يثور الناس وتسال مزيد من الدماء الزكية''.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://www.nytimes.com/2000/11/06/world/2-religions-clashing-in-ivory-coast.html