الإسلام في بنغلاديش: تعريف شامل لدخول الإسلام في بنغلاديشمقالات

محمد هارون العزيزي الندوي

المصدر: إسلامي ميديا - يوليو 2020م.

 

قبل أن أتكلم عن دخول الإسلام إلى بنغلاديش مباشرة، أود أن أعرف إلى القراء "بنغلاديش" جغرافيًا، لأنه ربما لا يكون القارئ على علم وبصيرة بجغرافيا بنغلاديش وموقعها الاستراتيجي والمعلومات اللازمة للتعريف بها. فإليكم نبذة يسيرة من تاريخ بنغلاديش:

التعريف والموقع الجغرافي والحدود والمساحة وعدد السكان:

لم يعرف اسم " بنغلاديش " في التاريخ، ولم يوجد في خريطة العالم إلا حديثا، وذلك في القرن الثالث عشر الهجري الموافق سنة 1971م، في اليوم السادس عشر من ديسمبر، اليوم التاريخي والتذكاري لأهل بنغلاديش. وحصلت بنغلاديش على مكانتها اللائقة من الحرية والاستقلال بعد نضال طويل، بيد المناضل الباسل زعيم الحرية المعروف بنمر البنغال وأبى بنغلاديش الشيخ مجيب الرحمن. وكانت بنغلاديش معروفة باسم " الباكستان الشرقية " منذ 1947م إلى 1970م، وقبل ذلك كانت جزءا هاما من الهند.

تقع بنغلاديش في شرق آسيا الوسطى بين 2034 و2637 خط العرض شماليا، وبين 8801 و9252 خط الطول شرقيا، في منطقة محيطة بالبحار والأنهار والجبال والخضراوات والمناظر الزرقاء الخلابة والحدائق الخصبة والبساتين ذات بهجة.

وتشترك بنغلاديش في الحدود مع دولتين: الهند من ثلاثة جوانب، وبورما من جانب واحد، حيث تحدها من الغرب البنغال الغربي وولاية بيهار من الهند، ومن الشمال البنغال الغربي وميغالاى وآسام من الهند، ومن الشرق آسام وميجورام وتريفورا من الهند، وبورما، ومن الجنوب خليج البنغال. ومساحتها تبلغ إلى 56990 ميل مربع الموافق 147570 كلوميتر مربع.

وتنقسم جمهورية بنغلاديش إلى أربعة أقاليم: داكا، وشيتاغونغ، وخولنا، وراجشاهى. وتوجد فيها 64 مديرية و460 شبه المديرية و4401 لجنة اتحاد و68385 قرية. ولغتها الرسمية " اللغة البنغالية". وعملتها تسمى بـ" تاكا "، ومناخها معتدل ومتوسط، والغذاء الرسمى هو الرز والعدس، ونظام حكمها النظام البرلمانى.

وتعتبر بنغلاديش من البلاد الكثيرة الأمطار والفيضانات والطوفانات. وفيها من الثروات: الثروة الحيوانية، والثروة السمكية، والثروة الغابية كما توجد فيها معامل ومصانع للحرف والصناعة.

وعدد سكانها حسب آخر احصائية 180 مليون نسمة تقريبا. ومنهم 3. 88% في المائة مسلمون و5.10% في المائة من الهندوسيين، والباقي من المسيحيين والبوذيين والقاديانيين الذين يسمون أنفسهم بـ "الجماعة الأحمدية المسلمة"، وأحمد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم والمسلمون منهم براء.

وتعتبر بنغلاديش من حيث عدد سكانها ثامنة دول العالم، ومن حيث عدد السكان المسلمين ثانية دول العالم الإسلامي.

قدوم العـرب إلى بنغلاديش قبل الإســلام:

إن التاريخ الحديث ولوكان يحاول - ولكن محاولته فاشلة - ويسعى أن يجعل ويعد قدوم العرب إلى مناطق البنغال وسكونتهم فيها من الوقائع والأحداث التي حدثت ما بعد الإسلام، فإن التاريخ القديم ينكره بشدة، لأنه يحمل في بطون أوراقه، وطي مجلداته، ثروة ضخمة من المعلومات الواقعية، والحقائق التاريخية الثابتة، والوثائق المستندة المعتبرة، التي تنم عن حقيقة، وتسفر عن واقعية، وتدل بالوضاحة على أن العرب قدموا إلى البنغال وجعلوها مسكنا لهم مستقلا قبل أيام كثيرة كثيرة جدًا.

قال الكاتب الآري التاريخي:

"إن منطقة "تري فورا" أو " تين " كان يقطنها العرب أولا، ومنطقة "تين فوري" تحتوي على شيتاغونغ وكوملّا وراشاناه. وهذه المواضع الثلاثة كانت معروفة باسم "تري فورا"، وكانت تحت سيطرة العرب، وكان السكان في المناطق المجاورة لتلك المناطق يظنونهم أغوالا وماردين، لكبر بنيتهم الجسمية وجسدهم الفضفاض، صرح به المؤرخ الكبير كرنيل جريمي".

وقال سروليم جوناس في كتابه (scours on the Arabia ):

" توجد في الهند أسماء تشبه الأسماء العربية كنهر " عربيان " وقوم "عرائب" أو "عربس" و"سفرو" و"سفارا" تقليدا لمركز العرب التجاري "سبائيا". وعلم أن منطقة " شابار" التي تقع في داخل داكا، كان العرب سموها بهذا الإسم، وكانت ساعتئذ تنسج فيها ثياب "مَسلين" الرقيقة الشهيرة في العالم حينذاك، وتصدر منها إلى شتى أنحاء العالم ومختلف نواحي البلاد ".

ويقول الدكتور رابرت سن:

"كان سكان ميناءات ومراسى هذا البلد وقاطنوه، يفهمون اللغة العربية وكانوا يستطيعون أن يتكلموا بهذه اللغة ويتحدثوا بها، وكانت الكثرة الكاثرة من أهل العرب يسكنون مدينة "كينتون"، من أشهر مدن بلاد الصين، حتى اضطر الإمبراطور الصيني على أن يعين لهم قاضيا مستقلا منهم، يعني فيما بينهم، لكثرة مسائلهم بكثرة الأفراد والسكان، وكان ذلك تلبية لندائهم وإجابة على طلبهم.[1]

يقول عباس على خان في كتابه " تاريخ مسلمي البنغال ":

" لقد قدم كثير من التجار العرب قبل ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بزمان كبير إلى "مليبار"، وكانوا يذهبون دوما من هناك إلى الصين لغرض التجارة، عابرين " شيتاغونغ " و" سلهت " و " كامروف". وهكذا كانت شيتاغونغ وسلهت منزلان من منازل طريقهم التجارى إلى الصين. وهذا يدل دلالة واضحة على أن العرب كان لهم مستعمرات في مليبار من الهند، وفي شيتاغونغ وسلهت وغيرهما من المواضيع من بنغلاديش".[2]

متى وكيف دخل الإسـلام إلى بنغلاديش:

أرض بنغلاديش لها النصيب الأكبر والحظ الأوفر في كونها منبت العلماء والدعاة والمصلحين منذ طلوع فجر الإسلام إلى يومنا هذا، حكم المسلمون هذه المنطقة كلها ستمائة وخمسين عاما، واستطاع الإسلام أن يلعب دورا هاما ملموسا في هذه البلاد، وأن تتكون هناك اليوم دولة مسلمة حرة، ارتسمت فيها ملامح الإسلام وسماته على المجتمع والثقافة والأدب والتقاليد ودوائرالحكومة. وموقعها الإستراتيجي الطبيعي منح للمبلغين والمصلحين ولرجال الفكر والدعوة فرصة سانحة لأن يلعبوا دورا رائعا بارزا في مجال الدعوة والتبليغ ونشر رسالة الإسلام وتعاليمه الصحيحة قرنا بعد قرن من أقصاها إلى أقصاها، وأن يقوموا بتضحيات منقطعة النظير فى سبيل نشر رسالة الإسلام الخالدة وإعلاء كلمة الله العليا.

انتشار الدعوة الإسـلامية عن طريق التجار العـرب:

مما لايشك فيه اثنان أن الإسلام إنما ولد ونشأ وترعرع في جزيرة العرب، ثم انتشر عن طريق التجار والدعاة والغزاة والمصلحين إلى جميع أنحاء العالم، وكان العرب لهم حذق كامل وخبرة تامة في التجارة، وكانوا يتجولون في ربوع العالم من مداها إلى مداها لغرض التجارة. وكل تاجركان بمثابة داعية يقوم بمهمة الدعوة والتبليغ بجنب التجارة، وعن طريق أمثال هؤلاء التجار دخل الإسلام إلى بنغلاديش وانتشرت دعوته أولا في الساحل الشرقي والجنوبي لهذا البلد.[3]

1.أماتحديد وقت دخول الإسلام في بنغلاديش فعسير جدا، لأنه ليست عندنا مستندات تاريخية موثوق بها تشير إلى تحديد وقت دخول الإسلام وانتشار دعوته في هذا البلد، وكل ما لدينا هي الأقوال الشائعة فى الناس والوقائع والقصص المتناقلة حول رجال التزكية، وهى كثيرة.

قدوم الصحابة إلى شيتاغونغ:

ومما يروى أن الإسلام دخل بنغلاديش زمن الصحابة رضي الله عنهم ثم انتشرت دعوة الإسلام فيها رويدا رويدا، كما كتب الأستاذ أبوالكلام آزاد في بعض كتاباته عن شيتاغونغ: أن هذا مكان توضأ فيه ركبنا، (يعنى ركب الصحابة)، في طريقهم إلى الصين.

وكتب بعض المؤرخين: أن الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة وعادوا إلى الحجاز لا توجد في قائمتهم أسماء بعضهم مثل أبى وقاص والد سعد رضي الله عنهما، والأغلب أنهم سافروا إلى الصين للدعوة الإسلامية، ولذلك لم يشتهر أبووقاص في قائمة الصحابة كما اشتهرابنه سعد، والله أعلم.[1]

يقول ابن الأثير فى كتابه " أسد الغابة في معرفة الصحابة " عن الصحابي الجليل أبى وقاص والد سعد: " مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوى أبووقاص والد سعد بن أبى وقاص، أورده عبدان في الصحابة، وقال: هو ممن خرج إلى أرض الحبشة، لاتعلم له رواية، هو ممن توفي في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه أبوموسى وقال: لاأعلم أحدا وافق عبدان على ذلك.[2]

ومما لاشك فيه أن منطقة شيتاغونغ هي المنطقة الأولى التى بلغ فيها الإسلام وتشرف أهلها باستقبال التجار العرب ودعاتها، حتى تحولت بعض المناطق بجوار ميناء شيتاغونغ، إلى مستعمرة المسلمين العرب في القرن الثامن والتاسع الميلادي وانتشرت دعوة الإسلام في وسط القرن العاشر في منطقة شيتاغونغ انتشارا واسعا.

يقول الدكتور حسن زمان في كتابه:

"إنه قدم عدد من الدعاة إلى هذا البلد في زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (13-14هـ)، وكان مأمون ومهيمن زعيميهم، ثم قدم في نفس القرية وفد مكون من أربعة أعضاء لغرض تبليغ الإسلام وتوسيع نطاق الدعوة وهم حميد الدين وحسام الدين وعبد الله وأبو طالب، وهكذا قدم خمس عصب من الدعاة بالتوالي إلى هذا البلد لنفس الغرض، وكانوا لا يحملون معهم كتابا ولا سلاحا كما أنهم لا يبالون بأي دعم ملكي في مجال الدعوة والتبليغ.[3]

قائمة أسماء الصحابة والتابعين الذين قدموا إلى بنغلاديش:

وهنا أتحفكم أيها القراء قائمة أسماء الصحابة والتابعين الذين تفضلوا بقدومهم الميمون إلى بلدنا بنغلاديش. يقول اى كى ايم محى الدين: إن ما اكتشفته الدراسات الحديثة من أسماء الصحابة والتابعين الذين قدموا إلى بلدنا، هي كما يلى:

الصحابة رضي الله عنهم:

(1) أبو وقاص مالك بن وهيب رضي الله عنه، كان قائدا للوفد المكون من أربعة أعضاء من الصحابة الكرام الذين هاجروا إلى الحبشة أولا ثم منها إلى بلاد الصين لغرض تبليغ صوت الإسلام ونشر رسالته، كان يسكن في ميناء كينتون الشهيرة في الصين، وبنى مسجدا في " كوانتا ". وقرب المسجد يوجد قبره رضي الله عنه.

(2) تميم الأنصارى رضي الله عنه كان يقطن في مليبار (كيرالا، الهند)، وتوفي هناك، وهناك يوجد قبره رضي الله.

(3) قيس بن حذيفة رضي الله عنه.

(4) عروة بن أثاثة.

(5) أبو قيس بن حارثة.

التابعون:

(1) محمد مامون (2) محمد مهيمن (3) محمد أبوطالب (4) محمد مرتضى (5) محمد عبد الله (6) حميد الدين (7) حسام الدين.[4]

مصدر يدل على مجيء الإسـلام إلى بنغـلاديش زمن الصحابة:

لقد تم العثور أخيرا على مسجد أسس سنة 69 هجرية في منطقة " رنغبور"، من أقدم مناطق بنغلاديش. حيث وجدت اللبنات المكتوب فيها كلمة " لا إله إلا الله محمد رسول الله "، وتحت الكلمة مكتوب 69 يعني سنة التأسيس، وهذا يدل على أن المسجد تم تأسيسه - على أغلب الظن بل شبه اليقين- بأيدي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي زمنهم المبارك، فإنهم انتشروا إلى آفاق البلاد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم هناك مصدر يدل على قدوم الصحابة إلى هذا البلد عن طريق البحر، ومن ثم ذهابهم إلى بلاد الصين، ولقد توفي بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بلاد الصين، ولهم هناك قبور تزار، وحتى الآن معروف لدى الناس. فلعلهم جاءوا إلى هذا البلد لغرض تبليغ الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية، وحينذاك بنوا هذا المسجد، وهكذا كان المسلمون الأوائل يذهبون لدعوة الإسلام إلى بلاد ساشعة ويبنون هناك المساجد. ومن الممكن جدا أنه لما تقادم العهد وتباعد الزمان هاجر المسلمون من هذه المنطقة، وبسبب ذلك اختفى المسجد تدريجيا من أعين الناس بتقلبات الدهر وتغيرات الزمان، ثم إن بنغلاديش -كما هو معلوم - أرض الفيضانات والطوفانات، فلايبعد هناك أن تختفي المعالم والآثار عن أعين الناس على فترات السنين. فلايعلم أحد اليوم منذ كم مدة كان هذا المسجد عامرا، وإلى كم مدة أخفاه الله عن أعين الناس تحت تل التراب. ومهما كان فالعثور على هذا المسجد بوجه يقينى يدل دلالة واضحة على دخول الإسلام إلى هذا البلد زمن الصحابة رضي الله عنهم، وفي القرن الأول من القرون الإسلامية، وأما كيف تم العثور على هذا المسجد المبارك وهذا الأثر القديم، فتلك قصة طويلة أذكرها ههنا بالاختصار من مصدر معتمد عليه وموثوق به.

لقد قرأت تقريرا مفصلا عن هذا الموضوع الظريف المثير الانتباه للجهات الخاصة المعنية بالآثار القديمة، التي نشرته جريدة " معين الإسلام " الشهرية البنغالية الغراء التى تصدرها أكبر الجامعات الإسلامية الأهلية في بنغلاديش " جامعة دار العلوم معين الإسلام هاتهزاري، شيتاغونغ " في عددها الصادر أكتوبر سنة 1999م، وقام بكتابة التقرير رجل عاش القضية عن كثب، وهو من سكان المناطق القريبة من القرية التى يقع فيها ذلك المسجد المبارك الذى أطلق عليه اسم " المسجد المفقود"، وهو الشيخ عبد الخالق جواردار، من أتقن الكتاب البنغاليين.

يقول الشيخ عبد الخالق جواردار في مقالته القيمة: " اسم الموضع "رام داس" واسم القرية " مجديرآرا"، هناك أجمة كبيرة للخيزران، وفي جانبها شبه غابة، وفيها تل يرتفع 9 أو 10 قدما، ولم يعرف أحد أن هذا التل كيف وجد ؟ وماهو تاريخ وجوده هنا؟ وفي تلك القرية سادت سكنات ثم بادت، ولازال هذا الوضع سائدا ومستمرا في تلك القرية حتى اشترى رجل يسمى رحمة الله تلك الأجمة والغابة والتل وعقارات فيما حولها، سنة 1349 البنغالية، وحيث أن الرجل لم يكن في حاجة إلى التل والغابة لم يلتفت إليها، وهكذا مضت سنوات. وفي أواخر سنة 1986م أخذ مشروعا لإحياء تلك الغابة كارض للزراعة، فبدأ العمال يسوونها بالمعاول، فما مكثوا أن عثروا على أجزاء قبة مبنية مكسورة، فتوخوا الحذر، ولازالوا في هدم التل بكل حذر وحيطة كاملة، حتى عثروا على بيت مبنى مكسور، ولكنهم لم يعرفوا أنه كان مسجدا، بل زعموا أنه يمكن أن يكون من القصور القديمة لعهد الملوك والإقطاعيين أو معابدهم. وبناء ا على هذه الفكرة بدأ أهل القرية يجلبون لبنات الجدران، وهذه اللبنات التى بنى بها البيت طولها 7بوصة إلا ربع بوصة وعرضها 6 بوصة ونصف بوصة، وكثافتها واحد ونصف بوصة، وكانت أغلب هذه اللبنات مطروزة منقوشة مزخرفة. ومثل بقية الناس جلب صاحب الأرض حينذاك نواب علي لبنات كثيرة إلى بيته، وذات يوم جعل ابنه أيوب علي يرتب وينظم تلك اللبنات المجلوبة إلى بيته ففاجأته لبنة ثقيلة شعر بها وكأن بها شيء مكتوب فبادر إلى أنبوب الماء فدلكها وأزال ما بها من تراب، ونظفها وغسلها بالماء فظهرت جليا كلمة " لا إله إلا الله "، وتحت الكلمة مكتوب بالأرقام العربية 69 سنة هجرية.

ثم أجرى " أيوب علي" التحقيق والتفتيش عن مكان المسجد مع رجال معتبرين من أهل القرية، فاكتشفوا محراب المسجد، فأيقنوا أنه كان مسجدا، ولكن الناس سلبوا الجدران الثلاثة وما بقي من مبنى المسجد إلا الجدار الأمامي، ولما علموا أنه مسجد توقفوا وامتنعوا عن أخذ اللبنات وجلبها إلى بيوتهم، فانتشر الخبر إلى أنحاء البلد، فجاء صحفي جريدة " انقلاب " اليومية البنغالية الأخ مجيب الرحمن من كوري غرام، فأخذ من أهالي القرية تلك الكتبة الحجرية التاريخية واعدا إرجاعها بعد تصويرها، وهكذا طبع تقرير مع صورة الكتبة في الجريدة اليومية الآنفة الذكر في عددها الصادر 12/ يناير سنة 1987م. وهكذا كشف عن مسجد تاريخي قديم بني بأيدي الصحابة رضي الله عنهم في بنغلاديش.

مصادر عديدة تدل على قدم الإسـلام في البنغال:

قال الكاتب البنغالى الكبير الأديب الشهير مولانا محي الدين خان رحمه الله في مقالته "الإسلام في بنغلاديش: مصادر عديدة"، (باللغة البنغالية) المطبوعة في جريدته الغراء البنغالية الشهيرة الشهرية "مدينة ":

" لقد عثر على مسجد أسس سنة 169هـ في قرية من قرى " لال منيرهات ". كان هناك مسكن شامخ ذو أجمة على قرب من نهر " تيستا " في الجانب الشمالى. وكان ذلك المسكن معروفا باسم " مجديرآرا " ( غابة المجد )، ولما حفر هذا المسكن كشف عن ذلك المسجد، ومما روى أنه قدم داعية إسلامي في بداية عهد الإسلام إلى هذا الموضع عن طريق " تيستا "، وكان أتباعه يتدربون الرمي في ذلك الموضع، ومن أجل ذلك سمى ذلك الموضع بعد باسم " تيريرغر" (بيت السهام). وكانت وقعت حرب كبيرة بين أتباعه وبين الجمهور المحلية في شاطىء نهر " تيستا"، ولم تبرد نار الحرب حتى أسفرت عن كثير من القتلى من الجانبين، ولقد احمر ماء تيستا بدمائهم، فمن أجل ذلك سمى " بانى لاليركهات " ( مورد الماء الأحمر)، واليوم هو معروف فيما بين الناس باسم " باني لاليركهات ".[5]

قال المستر هاروى فى كتابه " تاريخ بورما":

كانت توجد سلسلة من المساجد العجيبة الغريبة في مناطق سواحل البحر مابين آسام إلى ملايا، قبل القرن العاشر الميلادي، وكانت تسمى هذه المساجد باسم " بدر مقام ". [6]

وحتى الحين يوجد في كوكسبازار مسجد يحمل اسم " بدر مقام"، وليس ببعيد أن تكون لهذا المسجد علاقة ما بتلك السلسلة التاريخية. والله أعلم.

بعض المواضع التى قدم إليها العرب حاملين الدعوة الإسلامية:

إذا تقلبنا صفحات التاريخ وحاولنا أن نعلم ما هي المواضع التى كان العرب يرتادونها من بنغلاديش كمنازل الطريق أوكمسكن مستقل، وجدنا أسماء كثيرة من المدن القديمة والشهيرة لبنغلاديش، وصل إليها العرب قبل الإسلام وبعده لغرض التجارة وتبليغ الإسلام. وهى: مثل شيتاغونغ، وسلهت، وكوملا، وداكا، وسنارغاؤن، وكوكسبازار، وراجشاهى وغيرها.

وإليكم بيان بعض تلك المواضع على سبيل المثال:

شيتاغونغ:

قال الدكتور انعام الحق فى كتابه:

" حمل التجار العرب رسالة الإسلام إلى المناطق الساحلية لهذا البلد أمثال شيتاغونغ وداكا وغيرها فى أوائل القرن الثامن الميلادى، قبل فتح اختيار الدين محمد بن بختيار الخلجى البنغال سنة 1201م بقرون. وأصبحت مدينة شيتاغونغ مستعمرة لتجار العرب منذ القرن الثامن والتاسع، ولما أخذ الشعب والجمهور يعتنقون الدين الإسلامي الحنيف في شيتاغونغ والمناطق المجاورة لها في أواسط القرن العاشر، نتيجة لنفوذ التجار العرب وتأثير دعوتهم، وطفق هذا الدين ينتشر فى ربوع هذا البلد وأبعاده، غادر كثير من الدعاة والمصلحين بلادهم من العرب وآسيا الوسطى إلى هذا البلد لغرض تبليغ الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية وتعميمها فى الناس فانتشروا فى مختلف مناطق البنغال الشرقية.[7]

وقال أيضا: " قدم العرب إلى شيتاغونغ والمناطق المجاورة لها في القرن الثامن لغرض التجارة، وأقاموا فيها مستعمرات، وتجولوا فى البلاد وأقاموا العلاقة التجارية مع المواطنين، تشهد بذلك عملة عربية قديمة عثر عليها فى أطلال وأنقاض منتزه " سومفور" ( النـزهة البوذية ) بموضع " فهارفور " من مديرية راجشاهى. ضربت هذه العملة سنة 172هـ- 788م فى دار الضرب المسماة بـ" المحمدية ". زمن الخليفة العباسى هارون الرشيد ( 786م- 809م ). [8]

يقول السفير البرتغالى " جواى دى باروس" (joao de barros):

" قدم شاب كريم مع مائة من أتباعه من جنوب العرب من جزيرة " عدن " (Aden) إلى شيتاغونغ قبل قدوم البرتغاليين إلى هذا البلد، بنحو مائة سنة أو يزيد، وكان البرتغاليون قدموا إلى هذا البلد سنة 1517 م. ولما وصل الشاب إلى هذه المنطقة تفطن لسوء نظام حكومتها وشعر بأنه لو أراد يستطيع التسلط على الحكومة واحتلالها، ولكنه أخفى هذا السر وأكمنه في ضميره وأظهر نفسه كتاجر عربى، ثم جاء من العرب بثلاثمائة آخرين من الأتباع، فأصبح جميع أتباعه خمسمائة، ثم أقام صلة عميقة ورابطة وثيقة مع مسلمي " غور" بواسطة أحد من رجال الحكومة بشيتاغونغ، فساعده سلطان "غور" في فتح " أوديسا " فأقره السلطان رئيسا لحرسته الخاصة. وذات يوم قتل الشاب السلطان وقبض على عرش الحكومة، واختلف المؤرخون في تعيين ذلك الشاب، ولكن على حسب رأى (bloch mann) الملك الذى بينه باروس هو، حسين شاه أو فيروزشاه الثانى.[9]

ولأجل أن العرب استوطنوا هذه المنطقة واختاروها مسكن حياتهم يوجد فى كثير من أسر البنغال وبيوتاتها المسلمة وخاصة فى مناطق شيتاغونغ أطفال تحمل خصائص العرب الجسمية، كالأنف المحدب (convex) والعظم الوجني الطويل (high cheek bones) والأنوف المكلبة (hooks noses) والوجوه الهزيلة (narrow faces) وهذا هو التأسل والرجعي، الذى هو معروف فى علم الحيوانات باسم (atavism) يعنى العودة إلى صفات الأسلاف التى ابتعدت عنها الأنسال السابقة.[10]

كوكسبازار:

وقال المؤرخ الدكتور عبد الرحيم في كتابه:

It is clear that the Arab visited the coastal regions of Bengal from the mouth of Meghna to Cox's Bazar and prized its commodities such as the fine cotton cloth (muslin) and aloe wood.

والمعنى، من الواضح البين أن التجار العرب كانوا وصلوا في المناطق الساحلية عن طريق نهر " ميغنا " إلى " كوكسبازار"، وكانوا يعدون ثياب هذا الموضع القطنية (مسلين) والأخشاب من الأشياء الثمينة.[11]

سنارغاؤن:

سنارغاؤن قرية منسية في نرائن غنج من مديرية داكا، عاصمة بنغلاديش، وكانت تسمى فى القديم " سبرنا غرام "، كانت هذه القرية قبل عهد المغول مقر سلاطين البنغال المسلمين وعاصمة الحكام، وكانت تعد من كبريات مدن البنغال إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وكانت ميناء ا كبيرا، في الطريق البحرى لـ"جاوا وسماترا " ومرسى كبيرا لأوربا، ومن هذا المكان كانت السفن الشرائية تتوارد ذهابا وإيابا من جزائر الهند ومصر والعراق. فتحها السلطان غياث الدين ايوز أحد خلفاء فاتح البنغال بختيار الخلجى مع البنغال الشرقية سنة 610هـ- 1214م، وضمها إلى سلطة البنغال الغربية.[12]

لقد كانت " سنارغاؤن " بلغت إلى الذروة العليا من السمعة والشهرة، وكانت الثياب التى تصنع فى هذا البلد من " الململ" و "الخاصى" و"خاصة " و" المسلين" و" الشبنم" تعد من أحسن ثياب العالم لنفاستها وأناقتها، وكانت شهيرة في الخط، وصياغة الذهب والمسكوكات والفنون اللطيفة الأخرى مع كونها شهيرة للعلاقات التجارية.

ولما جاء رحالة القرن الرابع عشر الأفريقي ابن بطوطة إلى الهند لازال يسيح في أرض البنغال من سنة 1345م إلى 1346م، وجاء إلى آسام عن طريق شط غاؤن (شيتاغونغ ) وقابل الشيخ جلال الدين التبريزي في منطقة " سلهت "، ثم قدم من هناك إلى سنارغاؤن راكبا على السفينة، ثم غادرها إلى جاوا وهو على باخرته.[13]

قال الدكتور جي وايس j. Wise:

"كانت سنارغاؤن تحمل شهرة كاملة في القرن الرابع عشر الميلادي لكونها مستقرا ومقرا للعلماء الكرام والأعلام الأجلاء، وأسلم الملك الشهير " راجه جيت " وسمى نفسه بجلال الدين، ودعا الشيخ زاهد بن الشيخ نور قطب عالم حفيد العلامة علاء الحق الباند وي من سنارغاؤن، ليعلمه العلوم الدينية فكان مأمورا بتعليم الملك المعارف الإسلامية والتعليمات الدينية كما كان مستشارا معتمدا للملك في الأمور النظامية.[14]

وغابات سنارغاؤن وأطلالها وأنقاضها تدل على وجود كثير من اللحافات والوسادات للدرويشين في تلك المنطقة، وتشهد كتبات مسجد ملا هزبر خان ومسجد ملا مبارك أن بانيهما كانا يلقبان بـ " ملك الأمراء " و " الوزراء " وقدوة الفقهاء والمحدثين، وأسس مسجد ملا هزبر خان سنة 925هـ - 1519م، ومسجد ملا مبارك سنة 929هـ - 1523م.[15]

بدأ انحطاط سنارغاؤن سنة 1608م بأيدى العسكر المغولي، وأقام المغول فيها ثكنة عسكرية، وسموا المنطقة بـ"جهانكير نغر" انتماءا إلى سلطان الوقت الإمبراطور جهانكير، وأصبحت عاصمة جديدة لولاية البنغال.[16]

وحينما انهزم حاكمها الأخير السلطان موسى خان سنة 1611م من إسلام خان والي البنغال من جانب الإمبراطور المغولي جهانكير، فقدت سنارغاؤن مكانتها العلمية والثقافية ومنـزلتها الأدبية وشخصيتها الجامعة، ثم تسلط عليها قوم " مغ " بعد المغول فأفنت بقايا حضارتها ورواسب ثقافتها أيضا.[17]

وملخص القول، أنه من الممكن أن نقول: إن بنغلاديش حظيت بدخول الإسلام إليها زمن الرعيل الأول من هذه الأمة، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن علاقتها مع الإسلام قديمة قدم التاريخ الإسلامي. ففي القرن الأول الهجري وصل صوت الإسلام إلى هذا البلد وتعرف أهله بمبادئ الإسلام وتعاليمه. وهذا من فضل الله يؤتيه من يشاء.

الدعاة ومناهج دعوتهم في بنغلاديش:

ومما يجدر بالذكر أن المنهج الذى انتهجه هؤلاء الدعاة في دعوتهم، هو أنهم كانوا يتعلمون أولا اللغة المحلية التى كانت متداولة ساعتئذ، فكانوا يستخدمون اللغة كوسيلة هامة في نشر الإسلام، وكان غرضهم أولا إعداد جيل مسلم خالص، ثم نشر الإسلام مع التعاون منهم كتفا بكتف، وكانوا يسكنون في القرى ثم يتجولون في ربوعها ليقوموا بعمل الدعوة، والتبليغ فيها، وكان كثير منهم يقيمون الزوايا أو مراكز الدعوة في مختلف الأماكن ثم يقومون بالدعوة والتبليغ فيها.

وسنذكر فيما يلي انتشار الدعوة الإسلامية وأدوارها ومراحلها المختلفة عبر الأيام بالاختصار منسقا إن شاء الله تعالى.

أدوار الدعوة الإسلامية في بنغلاديش:

يمكن أن تقسم الأدوار للدعوة الإسلامية في بنغلاديش إلى أربعة أدوار من حيث السنين، فالدور الأول يبتدئ من أوائل القرن الحادي عشر الميلادي إلى النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي، والدور الثاني يبتدئ من النصف الأخير للقرن الثالث عشر الميلادي ويمتد إلى أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، والدور الثالث يبتدئ من أوائل القرن الخامس عشر الميلادي وينتهى إلى أواخر القرن السابع عشر الميلادي ويمتد إلى ثلاثمائة عام، والدور الرابع يبتدئ من نهاية عصر المغول ويستمر إلى الآن.

الدور الأول وأشهر الدعاة فيه:

يمتد هذا الدور لانتشار الإسلام في بنغلاديش إلى 250 سنة تقريبا. وفي خلال هذه المدة المديدة قدم عدد كبير من الدعاة والمصلحين، أمثال الداعية بايزيد البسطامي المتوفى سنة 261هـ - 874م، والشاه سلطان البلخي، والشاه محمد سلطان الرومي، وبابا آدم الشهيد، وفريد الدين غنج شكر، والشيخ مخدوم روبوش، والشاه نعمت الله بُتشِكن (كاسر الأصنام)، ومخدوم شاه دولت الشهيد وغيرهم.

لقد واجه هؤلاء الدعاة والمبلغون أنواعا من العقبات والعراقيل والصعاب في سبيل نشر الدعوة والإرشاد في بيئات غير إسلامية وظروف غير ملائمة، ولكنهم لم يبالوا بها أيما مبالاة، بل صمدوا على وجهها صمود الجبال الراسيات، وحققت دعوتهم نجاحها بعد أن قضى كثير منهم نحبهم.

منهج دعوتهم:

إذا استعرضنا الموضوع وتصفحنا كتب التاريخ التى ألفت حول تاريخ الدعوة الإسلامية في هذا البلد، وجدنا أن الدعاة في الدور الأول استخدموا وسائل عديدة في حقول الدعوة والتبليغ، وهي:

إقامة المراكز الدعوية والإصلاحية، وانشاء الزوايا الروحية الربانية، ودعوة غير المسلمين من الهنادك والبوذيين إلى الإسلام من طريق عرض محاسنه عليهم، وإذا كانوا يرفضون الدعوة الإسلامية ويحاولون صد الناس عن سبيلها يستعدون للحرب، فأكثرهم يعتنقون الإسلام بعد الحرب، وإنشاء الجيل الدعاة إلى الإسـلام، وبعثهم إلى أنحاء شاسعة، وربما يقومون بالدعوة بمدد ما يظهر منهم من الكرامات والوقائع الخارقة، واستجلاب قلوب الناس إلى الإسـلام بعرض فضائله ومناقبه عليهم، وانشاء المساجد كمقر للدعوة والتبليغ.

الدور الثاني وأشهر الدعاة فيه:

وهذا الدور يمتد إلى مائة سنة ونيف، وما واجهه الدعاة في الدور الأول من عقبات وعراقيل وشوكات الطريق لم تنته كليا، بل بقيت مثل هذه العقبات في الدور الثانى أيضا، نعم إن التيارات المعادية قد تخففت في الدور الثانى بالنسبة إلى الدور الأول، وكان من حسن المصادفة لدعاة الدور الثاني أنهم حصلوا تأييدا وتعاونا من قبل السلطة الحاكمة.[1]

وهذا الدور دور ذهبي لنشر الإسلام حيث إن الدعوة الإسلامية حظيت بقبول عظيم في هذا الدور، ففي ناحية قدم عدد هائل من الدعاة والمبلغين والمصلحين من بلاد العرب واليمن و العراق وايران وتركيا ومن الهند، وذلك في النصف الأخير من القرن الثالث عشر الميلادي إلى أواخر القرن الرابع عشر الميلادي، وقاموا بتبليغ الإسلام في بنغلاديش على نطاق شامل، وفي ناحية أخرى قام الحكام المسلمون في هذا الدور بدور فعال يستحق الإجلال والتقدير في مجال نشر الإسلام في هذا البلد، فانتشر الإسلام في هذا الدور انتشارا واسعا سريعا بمساعى كل من الفريقين.

وأشهر الدعاة في هذا الدور:

الشاه تركان الشهيد، ومولانا تقي الدين العربي، والشيخ شرف الدين أبوتوامة، والشيخ شرف الدين يحى المنيري، والشيخ عبد الله الكرماني، وأميرخان لوهاني، وجعفرخان الغازي، والشيخ بدر الدين، والسيد عباس على المكي، والشاه جلال مجرد، والشاه مالك اليمني، والسيد مولانا أحمد التنوري، والشيخ علاء الدين علاء الحق، والشاه محمد البغدادي، ومن رجال الحكومة محمد بختيار الخلجي، وشمس الدين فيروز شاه، وفخرالدين مبارك شاه، وشمس الدين إلياس، وسكندر شاه، وغياث الدين أعظم شاه.

الدور الثالث وأشهر الدعاة فيه:

وهذا الدور يمتد إلى ثلاثمائة أعوام، وفي أثناء هذه المدة الطويلة تدعمت حكومة المسلمين في البنغال، وقد أسلم عدد هائل من الهنادك والبوذيين على أيدى الدعاة في أواخر القرن الرابع عشر، وكان عدد المسلمين القادمين من الخارج غير قليل أيضا، فقويت القوة المسلمة بالتقاء هذين العنصرين، ولأجل ذلك فإن دعاة الدور الثالث وجدوا المجال مواتيا ومتمهدا بالنسبة إلى الدعاة الأوائل، وعلى الرغم من ذلك كله أنهم واجهوا عراقيل في كثير من المجالات، من قبل القوة الكافرة.

وأشهر الدعاة في هذا الدور الشاه نور قطب العالم، والشيخ أنور الشهيد، والشيخ زاهد، والشيخ زين الدين البغدادي، والسيد أشرف جهانغير سمنائي، والشيخ بدر الإسلام الشهيد، والشاه اسماعيل الغازي، وخان جهان علي، وبدر الدين بدر عالم الزاهدي، والشاه شريف زنداني، والشاه جلال دكني، والشيخ حسام الدين مانكفوري، والشاه سلطان الأنصاري، والشاه عبد الله الكجراتي، ومخدوم شاه ظهيرالدين، ومبارك الغازي، والشاه أفضل محمود، والغازي محمد بهادر، والشاه علي البغدادي، والشاه جلال الحلبي، والشاه نعمت الله، ومولانا شاه عبد الرحيم، والسيد عبد الخالق البخاري، والشاه عبد الرشيد وغيرهم كثيرون.

وأما مناهج دعوتهم فإنهم ذهبوا فى ذلك مذاهب عديدة، منها القيام بعمل الدعوة بالاستيطان بصورة دائمة، وتمهيد الطريق إلى تعليم العلوم الإسلامية عن طريق تأسيس مسجد وإنشاء مدرسة إسلامية.

الدور الرابع والعوامل الأساسية:

هذا الدور طويل جدا، يمتد من نهاية عصر المغول إلى الآن، ويشتمل على العناصر التالية:

·تأثير حركة الإمام ولي الله الدهلوي العلمية والفكرية والدعوية على الشعب البنغالى في إحياء علوم القرآن والسنة.

·السيد أحمد بن عرفان الشهيد ونفوذ دعوته الإصلاحية فى نواحي بنغلاديش.

·الحاج شريعت الله ونفوذ دعوته وثورته باسم " الثورة الفرائضية " التى حصلت لها صيت كبير وسمعة جيدة في ربوع بنغلاديش.

·حركة تتومير وآثارها فى شعب بنغلاديش.

·الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ونفوذ دعوته فى بنغلاديش بواسطة الدعاة المستفيدين من الشيخ ثم بواسطة توافق الفكر الإصلاحي بينه وبين أهالى المدارس القومية.

·السيد جمال الدين الأفغانى وأثردعوته وفكرته فى بنغلاديش.

·معهد دار العلوم ديوبند، الهند وخدمات أبنائه البنغاليين فى مجالات الدعوة والتعليم والتبليغ ونشر التوحيد الخالص والرسالة العظمى الخالدة، وإصلاح المجتمع من البدعيات والشركيات والوثنيات وفتنة القبوريين، والبريلويين، والقاديانيين.

·معهد دار العلوم ندوة العلماء لكناؤ، الهند وخدمات أبنائه البنغاليين فى مجالات الدعوة والأدب والثقافة وإصلاح المجتمع.

·الجامعات و المدارس الدينية الأهلية والقومية والكتاتيب والمعاهد والمراكز الإسلامية وتأثير خدماتها الجبارة الجليلة فى تعميم الوعى الإسلامي وتعاليم الدين الحنيف فى أبناء وبنات الشعب البنغالى، ولشدة تمسكهم بالسنة وتنفرهم عن البدع والخرافات سموا بـ" الوهابيين ".

·حركة أهل الحديث بجميع طوائفهم وآثار دعوتها فى رد الشرك والبدعات والتقاليد الجاهلية وإحقاق التوحيد والسنة.

·حركة الداعية الشيخ محمد إلياس التبليغية وآثارها فى إصلاح الأفراد والمجتمع وإحياء النشاط الدعوي والغيرة الإيمانية والوعي الإسلامي، وإعادة ثقة المسلمين بدينهم وإيمانهم.

·الدعاة الذين استرشدوا عند السيد أحمد بن عرفان الشهيد وأمروا بعمل الدعوة والإرشاد والإصلاح فى بنغلاديش. على رأسهم الشيخ كرامت على الجونبورى، والشيخ إمام الدين، والشيخ نور محمد نظام فورى، والشيخ عبد الحكيم، وانضم إلى هذا الركب أخيرا العلامة الإمام الداعية السيد أبو الحسن على الحسنى الندوي، فزار بنغلاديش تكميلا لجهد جده الشيخ السيد أحمد بن عرفان الشهيد رحمهما الله تعالى.

·وهناك دعاة فى العصر الأخير، الدور الرابع، كان لدعوتهم أثر كبير فى نشر الوعى الإسلامي وإصلاح المجتمع.

أذكر هنا أسماء بعض الدعاة والمشائخ على سبيل المثال لا على سبيل الحصر والقصر والاستقصاء، فإن ذلك يحتاج إلى أسفار ومجلدات كبار، فمنهم:

الكاتب الإسلامي الداعية الشيخ شمس الحق الفريدبورى، وشيخ الكل العلامة الشيخ ضميرالدين، والعلامة الشيخ عبد الحميد فخر البنغال، والشيخ عزيز الرحمن، والشيخ العلامة محمد الراموى، والعلامة الشيخ المفتى محمد فيض الله صاحب المؤلفات الكثيرة بالعربية والفارسية والأردية، والعلامة الأديب الداعية المفتى محمد عزيزالحق صاحب المؤلفات الكثيرة، والشيخ المجاهد أحمد حسين، والعلامة الشيخ محمد خليل الرحمن الراموى، و العارف الربانى الشيخ محمد هارون البابونغرى، والشيخ العلامة الزاهد محمد الله الحافظجى حضور، والعلامة الخطيب الأعظم الشيخ صديق أحمد، والعلامة الشيخ مشاهد البهيمبورى، والعلامة المفتى محمد نورالحق، والشيخ الداعية محمد يونس عبد الجبار، والعلامة الشيخ أطهرعلى، والشيخ الداعية سلطان أحمد النانوبوري، والشيخ الداعية مظهر الإسلام النانوبوري، والشيخ العلامة تاج الإسلام فخر البنغال، والشيخ العلامة الداعية عبد الله الكافي، والشيخ الداعية منشي مهرالله، والشيخ العلامة الداعية شارح الحديث أبوالحسن البابونغري صاحب تنظيم الأشتات لحل عويصات المشكاة، والشيخ الداعية على أحمد البوالوي، والشيخ المحدث العلامة عبد العزيز الفتكصريوي، والشيخ العلامة نورمحمد الأعظمي مترجم مشكاة المصابيح بالبنغالية، والعلامة الداعية الشيخ دين محمد، والشيخ الداعية عبدالرحيم صاحب المؤلفات الكثيرة باللغة البنغالية، والشيخ العلامة طاهر السلهتي، والشيخ العلامة حبيب الله، والعلامة الشيخ سعيد أحمد السنديبي، والشيخ عبد الله الندوي، والعلامة الشيخ المفتى عميم الإحسان صاحب المؤلفات الكثيرة بالعربية والبنغالية، والعلامة علاء الدين الأزهري، والشيخ عبد الأحد القاسمي، والشيخ العلامة المفتى إبراهيم صاحب الحواشي الكثيرة على أكثر الكتب التى تدرس في المدارس النظامية، والشيخ العلامة المحقق المدقق أستاذ الأساتذة محمد اسحاق الغازي، ومترجم صحيح البخاري شيخ الحديث العلامة عزيز الحق، والعلامة الشيخ عبيد الحق خطيب بيت المكرم، والشيخ المفتي محمد يوسف الإسلام آبادي، والشيخ العلامة عبد الرحمن الكاشغري، والشيخ عنايت علي، والشيخ بشير أحمد شيخ باغا السلهتي، والشيخ عبد الكريم شيخ كوريا السلهتي، والشيخ محمد أكرم خان، والشيخ منير الزمان الإسلام آبادي، والشيخ نعمت الله، والشيخ القاري إبراهيم، وفقيه الملة العلامة المفتي عبد الرحمن، والشيخ العلامة نور الدين الغوهربوري، والشيخ السيد فضل الكريم بير صاحب سرمونائى، والعلامة الأديب مترجم معارف القرآن الشيخ محي الدين خان، والشيخ عبد الجبار، والشيخ العلامة محمد هارون الإسلام آبادي، والعلامة الشيخ فضل الحق الأميني وغيرهم من العلماء الكبار والدعاة العظام.

21 شخص قام بالإعجاب