الإسلام في اليابان (2)مقالات

أ. د. صالح مهدي السامرائي

المصدر: شبكة الألوكة، التاريخ: 11/1/2011

 

زار اليابان مبعوثٌ للسلطان عبدالحميد يدعى محمد علي في عام 1902، وذكرت الوثائق أنَّه كان يخطط لإقامة مسجد في "يوكوهاما".

كما زار اليابان الضابط "برتو باشا" مبعوث السلطان عبدالحميد؛ لمراقبة الحرب اليابانيَّة الروسيَّة (1904 - 1905) وأقام سنتين، وقابل الإمبراطور وألَّف كتابًا من جزأين باللغة التركية.

وبعد الحرب اليابانيَّة الروسيَّة نُشِرَت أنباء عالميَّة عن اهتمام اليابان بالإسلام والعالم الإسلامي، مما حفَّز المسلمين في كل مكان على القيام بنشر الإسلام في اليابان.

فقد ذكر العقَّاد أنَّ ضباطًا مصريين بهرَتْهم انتصارات اليابان على روسيا، فتطوَّعوا في الجيش الياباني وتزوجوا يابانيَّات وخلفوا، منهم من عاد إلى مصر، ومنهم من بقي.

كما زار الدَّاعية الهندي "سر فراز حسين" اليابان في أواخر عام 1905 وأوائل 1906، وألقى محاضرات عن الإسلام في "ناغاساكي" و"طوكيو".

وأقيم أول مسجد في "أوساكا" للأسرى المسلمين الروس بعد الحرب التي ذكرناها، وذلك عام 1905.

كما نشرت الأخبار في العالم الإسلامي أنَّ مؤتمرًا يُعقد في طوكيو عام 1906 يقارِن فيه اليابانيون بين مختلف الأديان؛ لاختيار الدين الصَّحيح، هكذا وصلت الأخبار المبالغ فيها، فتحمَّس المسلمون في كل مكان لحضور المؤتمر، وذكر السيد علي أحمد الجرجاوي - وهو محامٍ شرعي أزهري - أنَّه ذهب لحضور المؤتمر، وألَّف كتابًا عام 1907 أسماه "الرحلة اليابانيَّة" ادَّعى أنَّه ومعه داعية صيني يدعى "سليمان الصيني"، وروسي يدعى "مخلص محمود"، وهندي اسمه "حسين عبدالمنعم"، كوَّنوا جمعية في طوكيو للدَّعوة الإسلاميَّة، وأسلم على أيديهم اثنا عشر ألف ياباني.

وبعد سنتين أو ثلاث زار اليابان "عبدالرشيد إبراهيم"، وهو رحَّالة وداعية مسلم من روسيا واستهجن هذا الادعاء، واستهجن كذلك بادعاء الجرجاوي الدَّاعيةُ والمفكر الهندي "محمد بركة الله" الذي أقام في اليابان خمس سنوات ما بين 1909 - 1914، وإن كاتب السطور منذ بضع سنوات يجري التَّحقيق: هل زار الجرجاوي اليابان أم لا؟ ولم يتمكَّن من الحصول على أي دليل مادي غير الكتاب الذي ألَّفه الجرجاوي.

وجاء الدَّاعية "عبدالرَّشيد إبراهيم" الذي سبق ذِكْره إلى اليابان عام 1909 وأقام ستَّة شهور، قابل فيها رجالات اليابان من الوزراء إلى الفلاَّحين، وأسلم على يديه نخبة من المفكرين والصحفيين والضبَّاط الشباب، كما زار الصين وكوريا والهند والحجاز، وألَّف كتابًا من ألْف صفحة باللغة العثمانيَّة، أشرف كاتب هذه السطور على ترجمته ومراجعته، وسيصدر قريبًا - إن شاء الله.

"عبدالرشيد" رحَّالة وداعية وسياسي وأديب وعالم، وقال عن كتابه المرحوم "عبدالوهاب عزام": إنَّه أهم من كتاب ابن بطوطة، كما روى ذلك الدكتور/ محمد رجب البيومي في مقالة له في مجلة الأزهر.

كما زار اليابان "محمد بركة الله" من "بهوبال" في الهند، وهو أول من علَّم الأردية في جامعة اللغات الأجنبيَّة في طوكيو، وأصدر لثلاث سنوات مجلة "الأُخُوَّة الإسلاميَّة ISLAMIC FRATERNITY ما بين 1910 - 1912، وأسلم على يديه عدد من اليابانيين، ولم أحصل إلاَّ على عددين من مجلته، ولا أزال أفتِّش عنها؛ لأنَّها تحمل براعم انتشار الإسلام في اليابان.

ومنَ الضبَّاط الذين ذكرهم العقَّاد عرفت عن "أحمد فضلي" الذي أقام في اليابان وتزوَّج يابانيَّة عام 1908، ولقي "عبدالرشيد إبراهيم" وتعاون معه، كما تعاون مع "بركة الله" لستة شهور في إصدار المجلة ثم تركه، وألَّف "فضلي" كتابَ "سر تقدم اليابان" عام 1911 بالعربيَّة، كما ترجم من اليابانيَّة كتابَ "النَّفس اليابانيَّة" الذي يوضح الشَّخصيَّة اليابانيَّة، وزار جامعة "واسيدا" بصحبة "عبدالرشيد"، وترجم له محاضرةً عن الإسلام بالجامعة لثلاث ساعات، وذكر "عبدالرشيد" أنَّ في جامعة "واسيدا" حوالي الألف صيني من بينهم تسعة وثلاثون مسلمًا، وهم الذين أصدروا صحيفة إسلاميَّة باللغة الصينيَّة عنوانها "الاستيقاظ الإسلامي"، هكذا كتبوا العنوان بالعربيَّة.

كما أصدر "حسن هاتانو" الذي أسلم على يد "بركة الله" مجلة شهريَّة مصوَّرة باللغة الإنجليزيَّة أسماها أيضًا "الأخوَّة الإسلاميَّة"، واسمها بالإنجليزيَّة ISLAMIC BROTHERHOOD، ولم أعثر على أي عدد منها حتى الآن، وذلك في عام 1918، كما أنَّه أصدر في عام 1911 مجلة Islam باليابانيَّة والإنجليزيَّة، ولم أعثر حتَّى الآن على أي عدد منها.

وأدَّى الحجَّ أوَّلُ يابانيٍّ عام 1909، وهو "عمر ياما أوكا"، فقد صاحب "عبدالرشيد إبراهيم" إلى الديار المقدَّسة ثم إلى إسطنبول.

ونَشَرَت مجلة العالم الإسلامي بالفرنسيَّة عام 1911 خبرًا عن إسلام شخصين يابانيين مقيمين في الصين، وعزمهما على نشر الإسلام في اليابان بعد عودتهما إلى بلدهما.