المسلمون في كوبا: الواقع المعاصر والتحديات المستقبليةمقالات

سيلفيا هينس

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

المسلمون في كوبا: الواقع المعاصر والتحديات المستقبلية[1]

سيلفيا هينس

 

بلدة سانتا كلارا -كوبا-

يدير حسن جان -43 عامًا- في بلدة سانتا كلارا الكوبية مطبعة من منزله في تلك البلدة الكوبية الجامعية، ويتقاضى بيزو كوبيًا واحدًا (0.04 دولارات) لكل ورقة يطبعها، ونادرًا ما يكسب أكثر من دولار واحد في اليوم، وهو ما يكفي لسد رمقه ورمق أسرته المؤلفة من زوجه شبانة وطفليهما، وحسن ذو لحية داكنة وعينين زرقاوين صافيتين يرتدي الدشداشة، وهو الثوب الأبيض الطويل الذي يلبس في العديد من البلدان الإسلامية، ويضع غطاء أبيض على رأسه، وينتمي حسن وزوجه شبانة إلى عدد صغير ولكن متزايد من الكوبيين الذين يعتنقون الإسلام، إذ يُعتقد أنه لا يوجد سوى بضعة آلاف من المسلمين في دولة كوبا ذات الطابع العلماني رسميًا، ولكنها تعتنق الكاثوليكية دينًا إلى حد كبير، ويقدر الحاج عيسى المعروف سابقًا باسم خورخي إلياس، وهو فنان كوبي اعتنق الإسلام أن هناك حوالي 1000 مسلم كوبي من معتنقي الإسلام الجدد، إضافة إلى أحفاد المهاجرين المسلمين، ويقول عيسى: "إن المجتمع المسلم مجتمع شاب، حيث كان المسلمون المهاجرون ولا يزالون عاملاً حاسمًا في إنشاء المجتمعات الكوبية المسلمة ونموها، فقد كان للطلبة المسلمين من أفريقيا، والصحراء الغربية، واليمن، وفلسطين، والدول العربية الأخرى تأثيرًا كبيرًا في تسعينيات القرن الماضي، ثم تبعهم لاحقًا العديد من الباكستانيين".

كان اعتناق حسن للإسلام غير متوقع

ولد Froilan Reyes (حسن) ولم تكن لديه ميول دينية أثناء نشأته، ويقول عن ذلك: "لقد نشأت في النظام الكوبي، ولم أكن أنتمي حتى إلى الكنيسة من قبل"، فقد كان أحد رواد الحفلات محبًا للمرح، وعمل كمنسق موسيقي كعمل ليلي لفترات، بيد أن هذا تغير في عام 2010 وخلال شهر رمضان المبارك حين طُلب منه العمل مع مجموعة من طلاب الطب الباكستانيين الذين يدرسون في الجامعة، والذين قدمت لهم الحكومة الكوبية منحًا دراسية إبّان زلزال كشمير المدمر، حيث تم قبول ما يقرب من 300 منهم في الجامعة، وفي البداية تجنبهم حسن، ويقول عن ذلك الأمر: "تحدث الناس بشكل سيء عن المسلمين، ووصفوهم بالإرهابيين، وصفات أخرى من هذا القبيل"، ثم تم تكليفه بتأمين المتطلبات لصلاة الطلاب طوال شهر رمضان، فكان معهم من الساعة 2 مساءً حتى 2 صباحًا كل يوم، وقد اعترف أنه لم يكن مرتاحًا للغاية في البداية، إذ كان ينتابه شعور بالغضب والخوف منهم، وأضاف أنهم كانوا يدعونه لتناول الإفطار معهم، بيد أنه كان يرفض؛ لأنه لم يكن يرغب في تناول الطعام معهم، وأضاف القول: "أتذكر اليوم الثالث حين كانوا يصلون جميعًا، فقلت لنفسي ماذا أفعل هنا بحق الرب !؟، إذ لم أكن أشعر بالراحة تمامًا، واستمر الأمر هكذا حتى وافقت ذات يوم على تناول الطعام معهم، وبدأت أتحدث معهم، فاكتشفت أنهم قد ضحوا كثيرًا لمواصلة إيمانهم بكوبا، وحينها سألت نفسي حسنًا، إذا كانوا سيئين جدًا، فكيف يتعاملون معي بشكل جيد جدًا !؟، وهكذا بدأت أتحدث معهم أكثر، وأدركت أن الإسلام كان شيئًا مختلفًا عن الطريقة التي يتحدث بها الكوبيون عنه"، وبمجرد انتهاء شهر رمضان استأنف عمله المعتاد، لكنه استمر في مقابلة الطلاب، وبدأ في قراءة القرآن والاستفسار عن معانيه معهم، وبعد سبعة أشهر اعتنق الإسلام وغيّر اسمه، ووصف اعتناقه للدين الجديد بقوله: "أراني الله من خلال سلوكهم أن الإسلام شيء آخر: الإسلام سلام، إنه إرادة الله الذي أعطاني الفرصة لفهم ذلك"، بيد أن إسلامه قد سبب مشاكل مع عائلته في البداية، حيث عارضت عائلته الأمر لما للإسلام من سمعة سيئة في المجتمع الكوبي، وقد واجه صعوبة بالغة في إقناعهم حتى رضخ بعصهم وقبلوا بالأمر، وكانت زوجته مترددة أيضًا في البداية، فقالت عن ذلك: "لم أرغب في التحول إلى الإسلام بسبب الأشياء التي قالها الناس عنه من أنه يسيئ معاملة النساء، لكنني قرأت كثيرًا، وبحثت في الكتب حتى أفهم الإسلام بشكل أفضل إلى أن اعتنقته بعد خمسة أشهر من تحول زوجي، وغيرت اسمي إلى شبانة، وفي البداية لم أرتدي الحجاب خوفًا من كلام الناس، ولكن بعد عام اطمأن قلبي وارتديته"، كما يرتدي ابناهما عينا (16 عامًا)، وإسماعيل (12 عامًا) الحجاب والدشداشة.

تصورات المجتمع الكوبي عن الإسلام

ساهمت التقارير الإعلامية حول الهجمات الإرهابية والصراعات في الشرق الأوسط في تشكيل تصور سلبي لدى الكوبيين عن الدين، وهذا شيء يحرص الحاج جمال على تغييره، والحاج جمال سائق تاكسي في سانتياغو مثله مثل العديد من الكوبيين الذين تحولوا إلى الإسلام بعد نشأتهم على المسيحية، ويقول عن ذلك: "كنت عضوًا في الكنيسة المعمدانية، وكنت أعرف الكثير عن المسيحية، لكنني لم أستطع أبدًا فهم الثالوث الأقدس، ثم قابلت مسلمًا كوبيًا كان قد اعتنق الإسلام لسنوات عديدة، وبدأت أتحدث معه عن الإسلام، فأعطاني القرآن، وقال: اقرأ هذا، ولقد استغرق الأمر مني بعض الوقت، ولكن بعد أن قرأته استطعت أن أرى فيه منطقًا هناك، وكان هذا هو ما جذبني إلى الإسلام "، فتحول جمال إلى الإسلام عام 2009، وقد شعرت والدته بالفزع من قراره في البداية، وطلبت منه مغادرة منزل العائلة، لكنها رضخت بعد ذلك بوقت قصير، وسمحت له بالبقاء طالما لن يدخل أي من أصدقائه المسلمين إلى المنزل. ويقول جمال عن أمه: "ما زالت لا تقبل الإسلام، لكن المسلمين الذين تعرفهم ترحب بهم، وتحضر لهم الطعام وكل شيء".

وجمال ممثل غير رسمي للجالية المسلمة في سانتياغو المكونة من حوالي 30 كوبيًا و90 طالبًا أجنبيًا، ويقول: "نحاول أن نعطي أفضل مثال ممكن للإسلام؛ لأنه يوجد في الوقت الحالي الكثير من الرسائل السلبية التي تبثها وسائل الإعلام، وهذا ما يجعل الناس يفكرون في أنك إذا كنت مسلمًا فلا بد أنك إرهابي"، ويقول جمال إن الحرية الدينية تحترم بموجب القانون الكوبي، إذ لا يمكن التمييز بين الناس بسبب العرق أو الدين أو اللون، ورغم ذلك فقد واجهت بعض النساء الكوبيات المعتنقات للإسلام واللواتي يرتدين الحجاب اعتراضات وتمييزًا من السلطات في أماكن عملهن أو جامعاتهن.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://www.aljazeera.com/features/2016/9/23/the-muslims-of-cuba