لماذا كان القرآن أكثر الكتب مبيعًا بين المسيحيين في القرن الثامن عشر بأمريكامقالات

بيكي ليتل

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

لماذا كان القرآن أكثر الكتب مبيعًا بين المسيحيين في القرن الثامن عشر بأمريكا[1]

بيكي ليتل

 

ينشط الدين الإسلامي في أمريكا الشمالية منذ مئات السنين وخاصة عندما هاجر العبيد الأفارقة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي القرن الثامن عشر الميلادي أصبحت الترجمة الإنجليزية للقرآن من أكثر الكتب مبيعًا بين البروتستانت في إنجلترا ومستعمراتها الأمريكية، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، ستبين هذه المقالة أهمها.

كان من بين أهم الذين قرأوا القرآن توماس جيفرسون، أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، والكاتب الرئيسي إعلان الاستقلال (1776) وثالث رئيس للولايات المتحدة (1801–1809). كان متحدثاً باسم الديمقراطية، نادى بمبادئ الجمهورية وحقوق الإنسان، وكان له تأثير عالمي. لفتت نسخة جيفرسون الشخصية من القرآن الانتباه في أوائل عام 2019 وذلك عندما أعلنت رشيدة طليب - وهي واحدة من أول امرأتين مسلمتين تم انتخابهما لعضوية الكونغرس - أنها ستستخدمها خلال حفل أداء اليمين، ولكنها قررت لاحقًا استخدام نسختها الخاصة، وهذه ليست المرة الأولى التي يؤدي فيها عضو في الكونجرس اليمين الدستورية مع القرآن.

اكتسب القرآن شعبية بين البروتستانت في كل من إنجلترا وأمريكا الشمالية، كان ذلك بدافع الفضول بدرجة أولى، كما تقول دينيس أ. سبيلبيرج، أستاذة التاريخ في جامعة تكساس في أوستن ومؤلفة كتاب توماس جيفرسون: المؤسسون. بالإضافة إلى أن البعض الآخر ظن وفهم أن القرآن عبارة عن كتاب قانون، فأرادوا الإطلاع عليه وفهمه من أجل فهم المسلمين خاصة خلال الإمبراطورية العثمانية.

اشترى جيفرسون القرآن عندما كان طالب في كلية قانون عام 1765، كان ذلك بسبب اهتمامه بفهم القانون العثماني. تأثر جيفرسون بالمحيط الذي كان يعيش فيه في ولاية فيرجينيا خاصة أن القانون في ولاية فيرجينيا يضمن الحرية الدينية لجميع البشر سواء كانوا يهود، أو وثنيين، أو مسيحيين، أو هندوس، وكان لهذا الانفتاح تأثير على جيفرسون. ولسوء الحظ، لم يكن جيفرسون على دراية بمدى امتداد الإسلام إلى إفريقيا، ولم يدرك أن العديد من المستعبدين في أمريكا الشمالية يؤمنون بنفس الإيمان الذي كانوا يدرسونه.

كان قرآن جيفرسون ترجمة عام 1734 لمحامي بريطاني يُدعى جورج سيل. كانت أول ترجمة مباشرة للقرآن من العربية إلى الإنجليزية (في حين أن النسخة الإنجليزية الوحيدة الأخرى كانت ترجمة لترجمة فرنسية نُشرت عام 1649). كتب "سيل" في مقدمته أن الغرض من الكتاب هو مساعدة البروتستانت على فهم القرآن حتى يتمكنوا من المجادلة ضده.

عُني "سيل" ولمدة كافية بدراسة اللغات الشرقية وغيرها سواء الحديث منها أو القديم، وقد ساعده في فهم اللهجات الشرقية مترجم الملك في ذلك الوقت كارلوس داديتشي (Carolus Dadichi)، كما عرف عنه أنه أمضى 25 عاما في جزيرة العرب والتي تعلم من خلالها اللغة العربية وبعض العادات، وهو ما صرح به ( فولتير) في قاموسه المعجمي (Dictionnaire Philosophique ) في مقالتيه الأولى عن القرآن والثانية عن هاروت وماروت، وعلى النقيض من ذلك ذكر هارولد تومسون في معجم السير الوطنية قاموس السير الوطنية أنه لم يغادر دولته قط

تمكن جورج سيل في عام 1734 م من نشر ترجمته لمعاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية والتي قدمها إلى اللورد جون كارتريت (John Lord Carteret )، والتي قدم "سيل" فيها العديد من الملاحظات ومقدمة تمهيدية وضح من خلالها عمق معرفته بتقاليد المشرق وأخلاقه وأنظمته، وانتقد ترجمة إنكليزية أقدم مأخوذة عن الترجمة الفرنسية نسبها إلى ألكسندر روس، وأغدق فولتير مديحًا جمًا على ترجمة سيل تلك، ولكن مع هذا كله لم يضع "سيل" الإسلام بمكانة مساوية للمسيحية.

أعيدت طباعة ترجمة سيل لمعاني القرآن الكريم حتى وقتنا الحاضر، وفي يناير من عام 2007 أدى كيث إلسون (كيث إليسون) - أول مسلم ينتخب عضوا في الكونغرس الأمريكي- اليمين الدستورية على نسخة قديمة من ترجمة سيل لمعاني القرآن الكريم، والذي تم ضمها إلى مكتبة الكونغرس في القرن التاسع عشر على يد توماس جيفرسون.

 

[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب.