المصدر: موقع مداد - 8/ 11/ 2007م.
توجو هي إحدى دول غرب القارة الإفريقية التي شهدت حديثاً إقبالاً على اعتناق الإسلام أدى إلى زيادة رقعة الخصوبة الإسلامية.. حتى تحولت "توجو" من بلدان الأقليات المسلمة إلى الدول ذات الأغلبية الإسلامية في القارة الإفريقية.. وقد وافقت منظمة المؤتمر الإسلامي على قبول عضوية "توجو" بصفة "مراقب".. إلى أن يتم النظر في قبولها عضواً دائماً بالمنظمة.
نشر الإسلام:
وقد عرفت "توجو" الإسلام منذ القرن الرابع الهجري.. عن طريق الدعاة والتجار العرب الذين استقروا في هذه المنطقة من القارة الإفريقية.. وقد عُرفت توجو منذ أقدم الفترات التاريخية بأنها أول سوق إسلامي في إفريقية.. قصده التجار الأفارقة والعرب لترويج بضاعتهم وسلعهم.. وقد تميز هذا السوق الإسلامي بالمعاملات الإسلامية.. وقد أدّت العلاقات التجارية إلى إقامة علاقات طيبة بين المسلمين والأفارقة.. وبادرت القبائل الإفريقية من المناطق المجاورة لـ" توجو" إلى الاستقرار بالمدن التي تُقام بها الأسواق.. وقد تمكنت القبائل المسلمة من نشر الإسلام بين القبائل الوثنية.. ومن أشهر تجار توجو الذين اعتنقوا الإسلام الشيخ "تخارى معلوم" الذي كان يمارس التجارة والحكم في آن واحد.. وقد منح المسلمين حق الإقامة الدائمة في منطقة بشمال توجو.. وقد تحوّلت هذه المنطقة إلى منطقة إسلامية خالصة طبّقت الشريعة الإسلامية في كافة المجالات والمعاملات.
وقد أقام المسلمون الكثير من المؤسسات الإسلامية منذ فجر التاريخ الإسلامي في توجو.. مثل: المساجد والمدارس والمكتبات الإسلامية.. كما أسسوا العديد من المعاهد القرآنية.. ونتيجة لازدهار الجزء الشمالي من توجو الذي قامت به حضارة إسلامية راقية.. امتدت هدايات الإسلام إلى جنوب توجو، وتكوّنت مجتمعات إسلامية فتية حتى أصبحت توجو دولة إسلامية خالصة في غرب القارة الإفريقية.
تعاون إسلامي إفريقي:
قامت بين المسلمين في توجو والدول الإفريقية المجاورة علاقات طيبة.. وتعاونت المؤسسات الإسلامية في نيجيريا وبنين وغانا وساحل العاج ومالي وفولتا العليا والنيجر وتوجو.. على نشر الإسلام واللغة العربية بصفتها لغة القرآن الكريم.. حتى أصبحت هذه المنطقة من أهم مراكز نشر الإسلام والتعريب في إفريقية.. كما تأثرت اللغات واللهجات المحلية بالعروبة القرآنية فاحتوت مفرداتها اللغوية على كثير من الكلمات العربية نتيجة للتلاقح اللغوي بين اللغات الإفريقية واللغة القرآنية.
وفي عام 1312 هجرية (1894 ميلادية) وقعت توجو في براثن المستعمر الألماني الذي ظل حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.. ثم اقتسمتها كل من بريطانيا وفرنسا.. وظهرت في الخريطة الدولية "توجو الفرنسية" و"توجو البريطانية" وفي عام 1377 هجرية (1957 ميلادية) ضُمت توجو البريطانية إلى غانا.. وظلت توجو الفرنسية التي استقلت في عام 1380 هجرية (1960 ميلادية).
توجو الناس والدولة:
وتبلغ مساحة توجو (56 ألف و 785) كيلو متراً مربعاً.. والعاصمة هي مدينة "لومى" واللغة الفرنسية هي لغة توجو الرسمية.. وتنتشر هناك اللغات الإفريقية مثل "الهوسا" و "اليوربا" وبعض اللهجات الإفريقية الأخرى.. والعملة المتداولة هناك هي الفرنك الإفريقي.. وكل (50) فرنكاً يساوي فرنكاً فرنسياً واحداً ويعادل مليماً ونصف مليم مصري.. ونظام الحكم في "توجو" جمهوري.. وقد انضمت توجو إلى الأمم المتحدة في 20 سبتمبر عام 1960 ميلادية.
وتُعدّ توجو من أصغر الدول الإفريقية.. فهي عبارة عن مستطيل ضيق يمتد من فولتا العليا في الشمال وحتى خليج غينيا في الجنوب.. ومن بنين في الشرق وحتى غانا في الغرب.. أما عدد السكان فقد بلغ أكثر من ثلاثة ملايين نسمة أغلبهم من المسلمين.. وتشير الخريطة العقديّة المعاصرة في توجو أن 65% من المسلمين، وأن 20% من السكان مهيؤون لاعتناق الإسلام، وقد خصصت نسبة 15% من السكان لتضم أتباع الديانات الأخرى.
ومن أشهر القبائل في توجو قبائل "الهوسا" و "اليوربا" و "الإيوي" و "الباول".. وقبائل "الهوسا" هي التي كانت تتولى قيادة العمل الإسلامي في توجو إلى وقت قريب.. فإمام "الهوسا" هو شيخ الإسلام، ودعاتهم يتولون الخطابة والإمامة في المساجد وعقد القران ودفن الموتى والقضاء في النزاعات التي قد تنشأ بين المسلمين هناك، ومنهم القضاة.. أما اليوم فقد أصبح لقبائل "اليوربا" دوراً مهماً في العمل الإسلامي.. ومن أشهر المساجد الجامعة في العاصمة "لومى" مسجد "الهوسا" ومسجد "اليوربا"، ويتم انتخاب أئمة المساجد الجامعة بمعرفة الجمعيات الإسلامية المنتشرة في توجو.. أما مؤذن المسجد فيتم انتخابه بمعرفة المسلمين في المدينة أو القرية التي يقع في نطاقها المسجد.
مساهمات إسلامية:
وقد أدت الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية و مصر والأزهر دوراً مهماً في دعم العمل الإسلامي في توجوº إذ أوفد الأزهر ووزارة الأوقاف بعثة تضم علماء مسلمين للعمل على مساعدة دعاة توجو في نشر المعارف الإسلامية الصحيحة، ونشر اللغة العربية عن طريق إنشاء المدارس الإسلامية العربية.. وقد حققت البعثة الأزهرية نجاحاً إيجابياً في مجالي الدعوة والتعليم الإسلامي والعربي.. وقد تضمن التقرير الذي أعدته البعثة الأزهرية.. إنشاء المدارس بالجهود الذاتية حيث لاقت إقبالاً كبيراً.. الأمر الذي شجع أعضاء البعثة لفتح هذه المدارس في فترتين صباحية ومسائية.. وقد تخرج فيها عدد كبير من أبناء المسلمين في توجو.
وأضاف التقرير الأزهري: إن الذين تخرّجوا في هذه المدارس قاموا بافتتاح عدد كبير من الكتاتيب لتحفيظ النشء المسلم القرآن الكريم وتعلمّ اللغة العربية.. كما قامت البعثة الأزهرية بافتتاح (20) مدرسة قرآنية ملحقة بالمساجد الجامعة في توجو.. كما خصص الأزهر العديد من المنح الدراسية لأبناء المسلمين في توجو لدراسة علوم الإسلام واللغة العربية بالمعاهد والكليات الأزهرية.. كما وجه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة.. الدعوة إلى قادة العمل الإسلامي في توجو للمشاركة في أعمال المؤتمر الإسلامي الذي يُعقد في القاهرة في كل عام.
ومن أشهر المؤسسات الإسلامية العاملة في توجو.. الاتحاد الإسلامي، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وجمعية حفظ القرآن والسنة، ومكتب البحوث الإسلامية وغيرها.. وقد جاءت زيادة أعداد المسلمين في توجو مؤشراً طيباً على استرداد المسلمين في هذه الدولة لمكانتهم الأولى.. والتأكيد على أن العمل الإسلامي الجماعي هو طريق المسلمين للحفاظ على هويتهم العقديّة.
مواجهة التحديات:
وقد شهدت توجو أخطر مواجهة بين الدعاة وأعداء الإسلام.. كان من أبرز نتائجها: القضاء على عديد من الخرافات التي روّجت لها المؤسسات المعادية للإسلام والمسلمين هناك.. وإعادة المسلمين الذين غُرّر بهم إلى حظيرة الإسلام من جديد.. إذ عمدت وسائل التنصير للعمل بين قبائل "كو تو كلي".. كما تدخل دعاة الإسلام لدى المؤسسات التنصيرية لمنع إجبار التلاميذ من أبناء المسلمين من التردد على الكنائس أيام الآحاد.. وقد تم منح التلاميذ شهادات تثبت انتظامهم للدراسة بالمساجد بالحلقات القرآنية وتعلم اللغة العربية.
مع رئيس البعثة الإسلامية:
يقول الشيخ محمود عطية رئيس البعثة الإسلامية التي أوفدتها وزارة الأوقاف المصرية للعمل في توجو:
لقد كانت القبائل الزنجية الوثنية تمثّل 75 % من عدد سكان توجو.. وقد غادرناها وقد أصبح عدد المسلمين 65 % من عدد السكان هناك.. وعدد القبائل الوثنية 15 % فقط وعدد المسيحيين 20 % من إجمالي عدد السكان.. ويوجد في توجو قبائل وفدت إليها من نيجيريا ـ من قبائل اليوربا ـ وقبائل "الهوسا".. وتُعرف المناطق التي يعيش بها المسلمون باسم "حي الزنجو".
وعن المساجد في توجو قال: توجد في العاصمة "لومي" ثلاثة مساجد كبيرة هي.. "مسجد الهوسا" و"مسجد اليوربا أناجو" و"مسجد اليوربا الوطني"، وقد مضى على بناء هذه المساجد أكثر من قرن أي أنها من المساجد الأثرية هناك.. أما المساجد الأخرى المنتشرة في المدن فهي: "مسجد سوكودي" في الشمال، و"مسجد بالمي" في الجنوب.. ويبلغ عدد المساجد الأثرية الجامعة في توجو 20 مسجداً غير مئات من المساجد المخصصة للصلوات الخمس يومياً.
وأضاف: ويقوم إمام المسجد بإلقاء خطبة الجمعة باللغة العربية.. ثم يقوم أحد المسلمين بترجمتها إلى اللغة المحلية المتداولة في منطقة التيب التي يقع المسجد في نطاقها.. وغالباً ما تتم الترجمة إلى "الهوسا" و"اليوربا" و"كو تو كليه".. وهذا ما يتم أيضاً بالنسبة للأحاديث الدينية التي تذاع بوسائل الإعلام المسموعة والمرئية.
مدارس بالجهود الذاتية:
ويواصل الشيخ محمود عطية قائلاً: تمكن المسلمون في توجو من إنشاء ثلاثة مدارس إسلامية بالجهود الذاتية.. تضم كل مدرسة 18 فصلاً، ونظام الدراسة بها على فترتين ـ صباحية تستوعب التلاميذ الذين لا يذهبون إلى المدارس التنصيرية من الجنسين ـ كما تضم بعض الكبار.. أما في المساء: فتُخصّص للبنين فقط ومدة الدراسة ثلاث ساعات من الخامسة حتى الثامنة مساء.. وتُدرّس فيها علوم القرآن الكريم وحفظه وترتيله وبعض المواد الدراسية الأخرى، وسنوات الدراسة ثلاث سنوات دراسية.. وهذه المدارس إحداها بالعاصمة "لومي" والثانية في "بالمي" والثالثة في "سوكودي".
وبعد انتهاء هذه الدراسة ـ يقول رئيس البعثة المصريةـ يُسمح للمتخرجين فيها بالالتحاق بالمعاهد الإسلامية الإعدادية بالدول العربية والإسلامية.. وبعض الذين تخرجوا في هذه المدارس.. سمحت لهم سلطات توجو بافتتاح العديد من كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم بالمدن والقرى في توجو.. حيث يقومون بتدريس ما درسوه في هذه المدارس لأبناء المسلمين هناك.
نظام فريد:
من الأمور التي تنفرد بها "توجو" أن يبدأ اليوم بعد الانتهاء من صلاة الفجر، وقد استثمر الدعاة هناك هذه الظاهرة فافتتحوا الكثير من حلقات تحفيظ القرآن الكريم بجميع المساجد هناك.. وتستمر هذه الحلقات القرآنية حتى صلاة الظهر.. وقد لاقت هذه الحلقات القرآنية إقبالاً متزايداً من أبناء المسلمين في توجو.
ومن الظواهر الفريدة التي تنفرد بها توجو.. أن رئيس الدولة يواظب على حضور صلاة الجمعةـ ولو كان مسيحياًـ وكذلك كافة الاحتفالات الدينية الإسلامية.. حيث يسود الاعتقاد أن رئيس الدولة الذي لا يحصل على البركة والدعاء من إمام المسجد يُعدّ مغضوباً عليه من الله - تعالى -.. ويحظى أئمة المساجد في توجو باحترام رئيس الدولة وجميع المسئولين هناك.
والمذهب المالكي هو المذهب السائد بين المسلمين في توجو.. وتخلو البلاد من الطرق الصوفية.. وقد حاولت التيجانيّة أن تجد لها مكاناً هناك لكنها لم تتمكن من الانتشار، إذ لا تجد الطرق الصوفية تجاوباً من المسلمين.. كما لا توجد في توجو أية مذاهب هدّامة بعد أن وجدت مقاومة كبيرة من المسلمين هناك.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.