آثار العولمة في حياة الشباب النيجيريينمقالات

الشيخ أحمد اللبيب الأبهجي

المقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه في طاعة مولاه، وبعد:

فإنه من الأمثال المحلية النيجيرية أن بيوض اليوم ستصبح ديوك الغد، لذلك لا بد من تنشئة الشباب بطرق إيجابية ليحيا الشعب حياة طيبة تطوره في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومع هذا التطور تظهر عوائق قد يزعمها الشعب وسائل أخرى إيجابية لتطوير الحياة وذلك الزعم للقالب الذي تظهر فيه العوائق، مع بؤس القلب والمقصد، ومن نماذج ذلك الغرور ما تعرفنا عليه اليوم بالعولمة، والتي هي من المصطلحات الحديثة التي ظهرت في السنوات الأخيرة مثل الحداثة وما بعدها، وما بعد الاستعمار والإمبريالية وغيرها، وللنظر إلى آثار العولمة في حياة الشباب النيجيريين، تتطرق الموضوعات الجانبية التالية قبل الخاتمة، وهي:

أ. تعريف وجيز بالعولمة

ب. مجالات العولمة ومظاهرها

ج. آثار العولمة لمجالاتها في حياة الشباب النيجيريين

 

تعريف وجيز بالعولمة:

من المعلوم أن لفظ (العولمة) مشتق من فوعلة من كلمة العالم من علم، كما يقال قولبة من قالب، وتعني عند البعض تقريب الحواجز وتمكين الموانع والمسافات والأجناس والبيئات والمجتمعات والحضارات والثقافات: وبذلك يتقرب الجميع من ثقافاتهم وحضاراتهم الكونية ولتعدد وجهات النظر إلى العولمة وتباين مسالك الغرب فيها. قد يمكن تعريفها في أوضح صورة وأفصح بيان بتغريب العالم وخلع أرديته القديمة، واستحالة أساليبه البالية ليمارس عهدًا جديدًا، مع الهيضة على العالم وجهاته السياسية والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية، والاقتصادية، والدينية، حتى لو أراد شعب أن يتمرد عنها فعاقبته الحصار أو التهكم العسكري أو الضرب المباشر ووسيلتها المُحكمة الإقبال على مصالح الأقوياء ضد الضعفاء، والأغنياء ضد الفقراء.

مجالات العولمة ومظاهرها:

لا غرو أن هناك الفرق بين العولمة والعالمية التي أتى بها دين الإسلام مستشهدًا عليها بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} لمهمة الاشتراك والتعارف اللذين ينشدهما المولى في قوله أيضًا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

وأما العولمة فهي من مصطلحات الغرب عامة وأمريكا خاصة، من دعوتها إلى فرض الهيمنة على العالم في المجال العلمي والتكنولوجي، وبقدرتها القوية المخيفة، ولمكانتها الاقتصادية..

ومظاهر العولمة الأساسية أربعة هي:

  • السياسية بجعل الجميع تحت القوة العظمى والقطب الوحيد في العالم غالبًا على حقوق الآخرين لا سيّما في بلدان المسلمين أمثال الفلبين والجمهوريات الإسلامية في آسيا وأوروبا وفي الدول العربية.
  • وفي جانب الاقتصاد كانت العولمة تقوم باستحقار جهود الضعفاء لمصلحة الأقوياء واستقلاب منفعة الفقراء للأغنياء سواء في المستوى الفردي أو الوطني أو الدولي.
  • وفي زوايا الثقافة، هناك شبه افتراض من قبل الغرب لثقافاتهم اليهودية والنصرانية والوثنية، بالتحريف الفاحش إلى تعويد الإباحيات من أثر الأدوات والآلات الجبّارة للعقل عابرة القارات والمحيطات من أجهزة الإعلام وشبكة الإنترنت.
  • ولا تخفى ظاهرة العولمة الدينية بنيّتها تصيير العالم عبر الكنائس المسيحية على اختلاف مذاهبها، وذلك ما دارت عليه أحاديث المسيحيين منذ عام 1977م في مؤتمرات أمريكا وإفريقيا بحضور جم غفير، حتى تم المؤتمر التبشيري في القاهرة في أوائل القرن العشرين عام 1906م، وفي الخليج العربي في البحرين، وخلاصة القول هي أن ضعف الدين فينا أدّى إلى المظاهر السابقة.

آثار العولمة في حياة الشباب النيجيريين:

من المسلَّم به أن الإنسان لا يدفع دفعةً واحدة على ظاهرةٍ، وإنما ينطلق من ظروف وملابسات عديدة، هذا وإن ظروف العولمة قد أدّت إلى تغيّر أوضاع الحياة في الشباب النيجيريين، فالظاهرة الاقتصادية التي تعوّدها الشباب من أثر العولمة أدّت إلى كثرة الربا والظلم وظهور إعانة الغرب للشعوب من حيث السلع والصناعات، بحيث لا تعود المنافع والأرباح منها إلَّا إلى الغرب، وفئة الشباب هي أكثر الموكلين بأمورها؛ عبر البنك والإنترنت وغيرهما، وقد تكون الصناعة لإحداث المجون؛ كأدوات الزينة والملابس الماجنة.

وثقافة العولمة مملوءة بالإباحيات حتى أباحت العري لدى الكشّافة إزاء الحفلات الرسمية، باسم الثقافة، وكذلك مصافحات الرجال للنساء، ودعوى المساواة بين الجنسين، حتى بين الأزواج وبعولتهن، فكثر الطلاق من سوء معاملتهم واستكبار بعضهم على بعض، وفشا الزّنا من أثر الاختلاط في الوظائف المشتركة...

وفي جانب الدين نشاهد ظاهرة التساهل والاستهانة بأمور الدين في قلوب الشباب ولا سيّما المسلمين، حتى نجدهم قائلين بأن الوطن النيجيري لاديني، متناسين أنهم يطالبون ولاة الأمور بالتّألّي على الله بالقرآن ومجموعة التوراة والإنجيل، ونجد كذلك من يقولون: الدّين في جنب والحياة في جنب آخر.

الخاتمة:

يمكن للقارئ العزيز بعد اطلاعه على ما هي العولمة، ومجالاتها ومظاهرها، وآثارها في حياة الشباب النيجيريين أن يصل إلى أن سلبيّات العولمة أكثر من الإيجابيات، لذا يمكنه الوقوف في الموقف الوسطيّ، حتى لا يسبح في تيّارها بغير قيود، ولا يعزل عزله التقليدي عما يدور به الفلك الاقتصادي والسياسي والثقافي والديني، ولا بد للمسلمين على الوجه الأخص الحذر الشديد في هذه الظاهرة الموسومة بالعولمة لأنها أنشئت لإخلال أنظمةٍ إسلامية من المجتمع والإقرار غيرها في العالم...

  • المراجع: الإسلام اليوم وغدًا/ للشيخ آدم عبد الله الإلوري.
  • حقوق الإنسان بين أديان السماء وقوانين الزمان/ للشيخ آدم عبد الله الإلوري.

المصدر: مجلة النور: إسلامية عربية تصدر من مركز نور الإسلام للتعليم العربي الإسلامي - أغيغي، لاغوس، نيجيريا (العدد التاسع 1437هـ).