المصدر: مجلة الوعي الإسلامي، السنة الأولى، العدد الثالث، ربيع الأول1385هـ.
اتحاد نيجيريا:
ذلك البلد الذي يقع في القسم الغربي من إفريقيا، الذي يحده الأطلسي من الجنوب، وهو بين بلدين إفريقيين هما داهومي في الشرق والكاميرون في الغرب، أما في الشمال فهناك جمهورية النيجر، ويقع هذا الاتحاد على مساحة تقدر بـ 965 ألف كم، أي ثلاثة أضعاف مساحة الجزر البريطانية التي كانت تسيطر على هذه البلاد.
طبيعة البلاد:
سكان البلاد:
تعتبر نيجيريا أكبر دولة إفريقية من حيث السكان إذ يبلغ تعدادها 55 مليون نسمة، ويختلف السكان هناك اختلافًا بينًا من حيث الجنس واللغة والدين والعادات الاجتماعية.
وقد دخل الإسلام من شمال البلاد في فترات مختلفة، وخاصة أيام المرابطين أثناء حكم يوسف ابن تاشفين.
وما زال ينتشر في هذا القسم حتى ساد، وبدأ يغزو الجنوب ويبلغ عدد المسلمين اليوم 34 مليون مسلم.
وإذا كان المستعمرون قد وقفوا في وجه الزحف الإسلامي للقضاء عليه، فجندوا المبشرين والمدارس التبشيرية، واستعملوا وسائل القوة، واستغلوا جميع وسائل الإغراء.
إلا أنهم لم يفلحوا في ذلك، وقد أعلنوا عجزهم أمام التقدم المستمر الذي يحرزه الإسلام.
أما المسيحية فقد دخلت من الجنوب عن طريق الإنجليز، أو عن طريق الذين دخلوا البلاد لامتصاص ما استطاعوا من دماء وأخذ ما قدروا عليه من غنائم وأرباح.
وقد عمل المبشرون طاقاتهم، وساهم المستعمرون بعظيم جهدهم في سبيل انتشار المسيحية في تلك الأرجاء.
وعلى الرغم من انتشار المسيحية في الجنوب فما زالت هناك قبائل وثنية لم تستطع قبول عقيدة التثليث لما فيها من تعقيد وصعوبة.
وبينما نرى عادات الشمال وقد تأثرت بالعادات العربية والإسلامية في كل مظاهرها، نجد الجنوب تأثر بالاستعمار العربي وعاداته.
الثروات:
اكتشف الفحم الحجري في جنوب شرقي البلاد وكذلك القصدير في الشمال، وقد حاولت الشركات المستغلة الغربية إبعاد العمال المسلمين عن العمل في شركاتهم واستبدالهم بأبناء دينهم، ولكنهم عجزوا في النهاية عن ذلك لما يتمتع به المسلم من مستوى رفيع في الثقافة والتفكير بالنسبة للمسيحيين والوثنيين.
شعوب الاتحاد وقبائله:
ليس في نيجيريا شعب واحد، بل يوجد فيه عدة شعوب، وتضم مجموعات قبلية تزيد عن 200 قبيلة اتحدت مع بعضها، وشكلت جمهورية نيجيريا الاتحادية.
وأهم هذه القبائل:
وهذه القبائل على درجة كبيرة من الجهل، غير أن بعض المصلحين من أمثال السيد نائبي سليمان الذي درس اللغة العربية والإنجليزية بمدرسة الشريعة في مدينة كافو، ثم زار السودان، وعرف التنظيم الإسلامي، وبدأ يحرر زاوية خاصة في جريدة الصدق الحكومية، ويترجم فيها الأحاديث النبوية إلى لغة الهاوسا.
الاستعمار:
في الوقت الذي كانت تظن أوروبا أن جهنم في تلك المناطق الحارة في إفريقيا، كان العرب والمسلمون يجوبون أقطار إفريقيا بالتجارة والرحلات، وقد اعتنق كثير من الإفريقيين الإسلام، وأسس المسلمون هناك دولًا ومراكز في تلك البلاد المتأخرة.
فقامت مملكة زنجبار على يد السلطان ماجد بن سعيد الذي وسع ملكه حتى امتد إلى دار السلام في تنجانيقا.
وفي إفريقيا الوسطى والشرقية قامت لهم ممالك بفضل (حامد بن محمد) الذي التقى بأكثر الرحالة الأوروبيين، وقدم لهم المساعدات الكبيرة، فهو الذي أرشد فاسكودي غاما إلى الطريق بعد أن ضل السبيل إلى الهند، وهو الذي صحب ليفنجستون حتى غرب بحيرة تنجانيقا، وكذلك الرحالة الإنجليزي كاميرون الذي أوصله إلى انفولد، والرحالة البلجيكي ستانلي، والرحالة الألماني هرمان.
وهكذا فهم الأوروبي اليوم أن الحضارة هي في تسخير البشر ومص الدماء، وقتل الأبرياء، هذه هي أخلاقهم في القرن العشرين، وتلك أخلاقنا منذ مئات السنين.
وحين امتدت أوروبا بأنظارها إلى خارج بلادها كانت غايتها محاربة الإسلام أولًا، واستغلال البلاد بجميع مواردها وطاقاتها ثانيًا.
واستعانوا على ذلك بمختلف الوسائل، فحاربوا الإسلام واللغة العربية، وفرضوا القيود والغرامات على تدريس القرآن الكريم.
بدأ الأوربيون يدخلون إفريقيا لشراء الرقيق، ليحلوا محل الهنود الحمر في أمريكا، فأخذوا يشترون أولئك العبيد بأرخص الأثمان، ويسترقونهم بأبشع الطرق، وينقلونهم بأخس الأساليب، ويعاملونهم بأبشع الصور.
وحين شعرت بريطانيا بمزاحمة المصانع الأمريكية لها، والتي تديرها الأيدي العاملة الزنجية الرخيصة، بدأت حملة باسم الإنسانية لتحريم الرق، وعلى الرغم من القوانين النظرية في هذا الصدد إلا أن نظرة الأوروبي إلى سكان إفريقيا لم تتغير وهي نظرة السادة إلى العبيد، وقد جاء ذلك في أقوال مصلحيهم أمثال (مونتسيكيو) رائد الفكر الغربي، فيقول في كتابه (روح القوانين): "إن لنا حقًا مكتسبًا في أخذ الزنوج خدمًا وعبيدًا، فما هذه الشعوب إلا عناصر سوداء البشرة من قمة الرأس إلى أخمص القدم، ولا يمكن أن نتصور أن الله وهو ذو الحكمة يضع روحًا طيبة في مثل هذه الجسم الأسود".
وهكذا دخل الاستعمار إلى إفريقيا، وبدأ بالتوسع والانتشار والتعرف بشؤون البلاد، وجاء الإنجليز إلى نيجيريا منذ منتصف القرن التاسع عشر، وكانت البلاد في تلك الفترة قسمين: الجنوب والشمال، ففرق ليسود، ولكن الوعي العام تنبه أخيرًا إلى خطر الاستعمار الذي سام أبناء البلاد سوء العذاب، فناضل وكافح حتى كتب له الاستقلال، وتكونت بذلك الجمهورية النيجيرية الاتحادية، وهي تتكون من أربعة أقاليم:
التحرير والنضال:
إن أهم أحزاب نيجيريا هو حزب هيئة الشمال، ورئيس هذا الحزب هو الحاج أحمد بيللو رئيس وزراء الشمال، وقد رفض هذا الزعيم المسلم أن ينحني لإرادة الاستعمار الإنجليزي، فلقد رفض رفضًا قاطعًا زيارة وزيرة خارجية إسرائيل لبلاده، وقال إن بلده إسلامي، ولا يسمح شعبه المسلم لمن دنس حرمة فلسطين ومناطقها المقدسة أن يدخل بلاده.
ومن زعماء هذا الحزب أبو بكر تفاوه وهو رئيس الوزراء الاتحادي، وقد ساهم مساهمة فعالة في دعم استقلال البلاد، وبفضل هذا الحزب وبقية الجماعات حصلت البلاد على استقلالها في 16 تشرين الثاني عام 1960.
مسؤولياتنا:
ونحن بحكم موقفنا كأمة آمنت بالإسلام الذي لا يعرف الحدود، نشعر بثقل الواجب الذي نيط بنا، فهذه الشعوب الإفريقية قاب قوسين منا، وكلها يميل إلى الإسلام، ومعظمها يعتنقه.
ويقف رجالها من أمثال بيللو وسيكوتوري وعبدالله عثمان وغيرهم ليدافعوا بحرارة الإيمان الذي في صدورهم عن الحق الإسلامي في فلسطين، ويقولوها صريحة مدوية (إن قضية فلسطين قضيتنا) وهي ليست قضية عربية فقط، بل هي أوسع وأشمل لأنها إسلامية تخص المسلمين جميعًا.
فعلينا أن نقابل التحية بأحسن منها، وأن نشعر بالواجب فنؤديه، وأن نقدر العقيدة التي تطالبنا بنصرة قضايا الإسلام في إفريقيا، في نيجيريا وفي الصومال وفي اريتريا وفي كل مكان.
ولا بد من وعي كامل لذاتنا ولإمكانياتنا البشرية والاجتماعية، حتى نتمكن من الإسهام في تاريخ الإنسان الحديث على أساس حضاري ذاتي سليم...
وإن فجر الإسلام قريب.. والمستقبل لهذا الدين الخالد بإذن الله.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.