الليبرالية لها مفاهيم متعددة بحسب ما تضاف إليه، ويجمعها الاهتمام المفرط بالحرية، وتحقيق الفرد لذاته، واعتبار الحرية هدفًا وغاية في ذاتها.
فالليبرالية هي "نظرية الحرية"، وهي نظرية ذات أطياف متعددة وجوانب مختلفة، وبمقادير متفاوتة.
والحرية –كما يلاحظ الباحث المدقق– مفهوم عام يمكن أن يعني به الحرية المطلقة دون معنى محددًا، وقد يريد به البعض معنىً محددًا معينًا.
ولكن المفهوم الفلسفي لهذا المذهب الفكري هو الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود الا ما كان فيها تجاوز لحريات الآخرين على قاعدة (تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين).
ومن استعمل هذا المصطلح لغير هذا المفهوم الشمولي؛ فهو غير مصيب في استعمال المصطلح في غير مجاله، وكان الأولى به البحث عن لفظ يناسب معناه غير هذا المصطلح.
وهذا يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم للإسلام المناقض له من الجذور والأصول.
"الليبرالي (أول استعمال للفظة) هو الحزب الأسباني الذي أراد نحو 1810م أن يدخل في أسبانيا من الطراز الإنكليزي".
ويذكر الأستاذ وضاح نصر:
" أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي الحديث نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وذلك على الرغم من أن لفظتي ليبرالي وليبرالية لم تكونا متداولتين قبل القرن التاسع عشر.
وقال منير البعلبكي:
" الليبرالية(liberalism) فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع، ثم اتخذت منذ ذلك الحين أشكالًا مختلفة في أزمنة وأماكن مختلفة.
كما يطلق لفظ الليبرالية كذلك على حركة في البروتستانتية المعاصرة تؤكد على الحرية العقلية.
ومن الصعب تحديد تاريخ معين لنشأة الليبرالية فجذورها تمتد عميقة في التاريخ.
أولًا: الليبرالية الكلاسيكية:
" وهي التي يمكن أن يحددها بعضهم بـ" ليبرالية ألوكز" وهي التي أوضحها جوك لوك وطورها الاقتصاديون الكلاسيكيون، وهي ليبرالية ترتكز على مفهوم التحرر من تدخل الدولة في تصرفات الأفراد،سواء كان هذا في السلوك الشخصي للفردأم في حقوقه الطبيعية أم في نشاطه الاقتصادي آخذًا بمبدأ دعه يعمل".
ثانيًا: الليبرالية المعاصرة:
(1) مرحلة التكوين، والمفهوم الأساسي في هذه المرحلة هو مفهوم ذات الإنسان باعتباره الفاعل صاحب الاختيار والمبادرة.
(2) مرحلة الاكتمال، ومفهومها الأساسي هو مفهوم الفرد العاقل المالك لحياته وبدنه وذهنه وعمله، وعلى أساس هذا المفهوم شيد علم الاقتصاد العقلي المخالف للاقتصاد الإقطاعي المتفكك، وشيد علم السياسة العقلية المبني على نظرية العقد، والمخالف لسياسة الاستبداد المترهل المنخور.
(3) مرحلة الاستقلال، ومفهومها الأساسي هو مفهوم المبادرة الخلاّقة من المحافظة على الحقوق الموروثة، والاعتماد على التطور البطيء، وهو تطور من العقل الخيالي إلى الملك الواقعي.
(4) مرحلة التقوقع، ومفهومها الأساسي هو مفهوم المغايرة والاعتراض وترك مسايرة الآراء الغالبة، لأن الخلاف والاعتراض يبعد عن التقليد ويولد الإبداع.
ليس الغرض من بيان مراحل الليبرالية تاريخ تطور الفكر الليبرالي بل تحديد منظومة الأفكار المختلفة التي يتبين من خلالها خطأ إعطاء تعريف واحد لهذه الفلسفة صاحبة المفاهيم المتعددة.
"إن معنى الحرية الصحيح هو أن كل إنسان نفترض فيه أنه خلق عاقلًا يستطيع حسن التصرف، يملك حقًا لايقبل التفويت في أن يعيش مستقلًا عن الآخرين في كل ما يتعلق بذاته وأن ينظم كما يشاء حياته الشخصية"
فرنسيس بيكون (1626م) وإسهاماته التجريبية، وتوماس هوبز (1679م) بماديته ونظريته في السيادة، وعقلانية ديكارت (1650م)، وباروخ اسبينوزا (1677م) وتأسيسه لنقد الكتب المقدسة برسالته في اللاهوت والسياسة، ثم جون لوك (1704) وتطويره لعقلانية ديكارت ومساهمته الأساسية في الفكر السياسي التنويري برسالتيه في الحكومة ورسالته في التسامح، ثم فيزياء إسحاق نيوتن (1726م) ودعم النظرة المادية الآلية للكون، ثم التنويريان الفرنسيان جان جاك روسو (1778) وعقده الاجتماعي، وفولتير (1778) ورسالته في التسامح وكتابه المهم: رسائل فلسفية، ثم مونتسكيو (1755م) وكتابه روح القوانين، وصاحب الموسوعة دينس ديديرو (1784م)، ثم الألماني لسنج (1781م) وكتابه المهم: تربية الجنس البشري، ثم فيلسوف ألمانيا الأعظم عمانوئيل كانط (1804) وكتبه النقدية الثلاثة، وفلاسفة إنجلترا جريمي بنتام (1832م)، وآدم سميث (1790م) واضع النظرية الاقتصادية الليبرالية، وفي أمريكا توماس بين (1809)، وتوماس جيفرسون (1826م)، وبنجامين فرانكلين (1790).
أولًا: ليبرالية السياسة:
" الليبرالية: مذهب سياسي يرى أن من المستحسن أن تزاد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة الإجرائية التنفيذية، وأن يعطى للمواطنين أكبر قد من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم".
" الليبرالية liberalism فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر.. تعارض المؤسسات السياسية والدينية. التي تحد من الحرية الفردية، وتنادي بأن الإنسان كائن خيّر عقلاني، وتطالب بحقه في التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة.
" فنقطة البدء في الفكر الليبرالي هي ليس فقط أنها تدعو للديمقراطية بمعنى المشاركة في الحكم، ولكن نقطة البدء هو أنه فكر فردي يرى أن المجتمع لا يعدو أن يكون مجموعة من الأفراد التي يسعى كل فرد فيها إلى تحقيق ذاته وأهدافه الخاصة.
1-أن تعمل كل جهدها ضد التضخم والانكماش.
2-أن تحد بشكل معتدل من سلطة الاحتكار وبشكل تتابعي.
3-أن تؤمم فقط الاحتكارات التي لا يمكن للقطاع الخاص.
4-أن تتحمل كافة الخدمات العامة.
5-أن تعطي الفرص والموارد بالتساوي.
6-أن تطبق التخطيط التأثيري من أجل التقليل من المخاطر التي قد تحدث.
7-أن تطبق التخطيط المركزي عندما يقتضي أن يكون هناك عمل تغير بنائي.
8-أن تتدخل عندما يكون هناك خلل في ميكانيكية السوق.
ثانيًا: ليبرالية الاقتصاد:
"مذهب اقتصادي يرى أن الدولة لا ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية، ولا وظائف تجارية، وأنها لا يحقّ لها التدخل في العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والطبقات أو الأمم. بهذا المعنى يقال غالبًا ليبرالية اقتصادية".
"ويطلق لفظ الليبرالية أيضًا على سياسة اقتصادية نشأت في القرن التاسع عشر متأثرة بآراء آدم سميث بخاصة، وأكدت على حرية التجارة وحرية المنافسة، وعارضت تدخل الدولة في الاقتصاد".
من كتب الليبرالية:
1- تاريخ الفكر السياسي: لجورج سابين، أو لجان توشار، أو لجان جاك شوفالييه.
2- الأمير: لميكافيلي.
3- اللفياثان: لتوماس هوبز نشر دار الفارابي.
4- رسالتان في الحكم المدني: لجون لوك نشر البولسية.
5- العقد الاجتماعي: لجان جاك روسو.
6- أسس الليبرالية السياسية ويحتوي رسالتين: عن الحرية، ومذهب المنفعة العامة لجون ستيوارت مل، نشر مكتبة مدبولي.
7- النظرية العامة للتشغيل: لجون كينز نشر دار كلمة.
8- الطريق إلى العبودية: لهايك نشر دار الشروق.
9- نظرية في العدالة والعدالة: كإنصاف لجون رولز.
10- الليبرالية وحدود العدالة: لمايكل ساندل نشر المنظمة العربية للترجمة.
11- مفاهيم الليبرتارية: نشر دار رياض الريس.
من الكتب الناقدة:
1- نقد الليبرالية: للطيب بوعزة.
2- حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها: عبد الرحيم صمايل السلمي.
3- العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل: عبد العزيز الطريفي.
4- الفكر الليبرالي تحت المجهر: محمود الصاوي.