إغلاق

تابع محتوى الدولة

الليبرالية

وقت الظهور : القرن السابع عشر الميلادي
  • التعريف

الليبرالية لها مفاهيم متعددة بحسب ما تضاف إليه، ويجمعها الاهتمام المفرط بالحرية، وتحقيق الفرد لذاته، واعتبار الحرية هدفًا وغاية في ذاتها.

فالليبرالية هي "نظرية الحرية"، وهي نظرية ذات أطياف متعددة وجوانب مختلفة، وبمقادير متفاوتة.

والحرية –كما يلاحظ الباحث المدقق– مفهوم عام يمكن أن يعني به الحرية المطلقة دون معنى محددًا، وقد يريد به البعض معنىً محددًا معينًا.

ولكن المفهوم الفلسفي لهذا المذهب الفكري هو الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود الا ما كان فيها تجاوز لحريات الآخرين على قاعدة (تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين).

ومن استعمل هذا المصطلح لغير هذا المفهوم الشمولي؛ فهو غير مصيب في استعمال المصطلح في غير مجاله، وكان الأولى به البحث عن لفظ يناسب معناه غير هذا المصطلح.

وهذا يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم للإسلام المناقض له من الجذور والأصول.

  • أبرز الشخصيات

  • الأفكار والمعتقدات

  • تعددت مجالات الليبرالية بحسب النشاط الإنساني. وذلك أن الليبرالية مفهوم شمولي يتعلق بإدارة الإنسان وحريته في تحقيق هذه الإرادة فكل نشاط بشري يمكن أن تكون الليبرالية داخلة فيه من هذه الزاوية، وبهذا الاعتبار. 
  • إن خصوصية الليبرالي عامة أنه يرى في الحرية أصل الإنسانية الحقّة وباعثة التاريخ. وخير دواء لكل نقص أو تعثر أو انكسار. 
  • وأبرز هذه المجالات شهرة: المجال السياسي، والمجال الاقتصادي. 

أولًا: ليبرالية السياسة: 

  • في موسوعة لالاند الفلسفية:

" الليبرالية: مذهب سياسي يرى أن من المستحسن أن تزاد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة الإجرائية التنفيذية، وأن يعطى للمواطنين أكبر قد من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم".  

  • ويقول منير البعلبكي:

" الليبرالية liberalism فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر.. تعارض المؤسسات السياسية والدينية. التي تحد من الحرية الفردية، وتنادي بأن الإنسان كائن خيّر عقلاني، وتطالب بحقه في التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة.

  • وتعتبر الديمقراطية من النظم الليبرالية التي تسعى لإعطاء الفرد حقوقه وهي نوع من التطبيق العلمي للفكر الليبرالي. يقول الدكتور حازم البيلاوي:

" فنقطة البدء في الفكر الليبرالي هي ليس فقط أنها تدعو للديمقراطية بمعنى المشاركة في الحكم، ولكن نقطة البدء هو أنه فكر فردي يرى أن المجتمع لا يعدو أن يكون مجموعة من الأفراد التي يسعى كل فرد فيها إلى تحقيق ذاته وأهدافه الخاصة.

  • وقد أعطت الديمقراطية كنظام سياسي جملة من الحريات السياسية مثل: حرية الترشيح، وحرية التفكير والتعبير، وحرية الاجتماع، وحرية الاحتجاج، كما أعطت جملة من الضمانات المانعة من الاعتداء على الأفراد وحرياتهم مثل: ضمان الاتهام، وضمان التحقيق، وضما التنفيذ، وضمان الدفاع".  
  • "وقد أدّت الثورات الليبرالية إلى قيام حكومات عديدة تستند إلى دستور قائم على موافقة المحكومين. وقد وضعت مثل هذه الحكومات الدستورية العديد من لوائح الحقوق التي أعلنت حقوق الأفراد في مجالات الرأي والصحافة والاجتماع والدين.كذلك حاولت لوائح الحقوق أن توفر ضمانات ضد سوء استعمال السلطة من قبل الشرطة والمحاكم". 
  • ومع ذلك فإن الليبرالية تطالب من الدول الديمقراطية مزيدًا من الحريات تطالب بالتخفف من السلطة على الأفراد ليحصل بذلك الفرد على حريته.
  • ويرى سبنسر أن وظائف الدولة يجب أن تحصر في الشرطة والعدل والدفاع العسكري بمواجهة الأجنبي. 
  • ويظهر من ذلك المطالبة بغياب الدولة إلا فيما يتعلق بالحماية العامة للمجتمع، وهذا هو رأي الليبراليين الكلاسيكيين. وقد انقرض هذا الرأي في الليبرالية المعاصرة التي جنحت إلى اعتبار الحرية الفردية هدفًا ولو بتدخل الدولة. بينما كان المذهب الأساسي عند الكلاسيكيين المطالبة بغياب الدولة مهما تكن نتائجه على الفرد. 
  • وقد اختلف الليبراليون الكلاسيكيون مع الديمقراطيين في من يملك حق التشريع العام، فالديمقراطيون يرون أن الأكثرية هي التي تقرر وتشرع وتمسك بزمام السلطة. أما الليبراليون فقد اهتموا بحماية الفرد من الأذى، وأن هذا هو مهمة القانون بدل التشديد على حق الآخرين بسبب الأكثرية، وهذه من نقاط التصادم بينهم". 
  • ولكن الليبرالية اختلفت في الواقع المعاصر عمّا كانت عليه سابقًا. 
  • ويمكن أن نطلق على التوجه الجديد (الليبرالية الجديدة) وبرروا ذلك بأنه نتيجة لعدم مسايرة الليبرالية التقليدية للتطور الذي شهده العالم كان ذلك هو السبب في ولادة ليبرالية جديدة تتلاءم وظروف المجتمع الجديد، وهي ليبرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية. 
  • والفرق بينهما فيما يتعلق بالسياسة هو: 
  • أن دور الدولة في ظل النظرة الجديدة يجب أن يكون أكبر، فلها مهمة أساسية هي تحديد الإطار القانوني للمؤسسات التي يدور فيها النشاط الاقتصادي، وقد حدد منظرو الليبرالية الجديدة دور الدولة الذي يجب أن تقوم به بما يلي:

1-أن تعمل كل جهدها ضد التضخم والانكماش. 

2-أن تحد بشكل معتدل من سلطة الاحتكار وبشكل تتابعي. 

3-أن تؤمم فقط الاحتكارات التي لا يمكن للقطاع الخاص. 

4-أن تتحمل كافة الخدمات العامة. 

5-أن تعطي الفرص والموارد بالتساوي. 

6-أن تطبق التخطيط التأثيري من أجل التقليل من المخاطر التي قد تحدث. 

7-أن تطبق التخطيط المركزي عندما يقتضي أن يكون هناك عمل تغير بنائي. 

8-أن تتدخل عندما يكون هناك خلل في ميكانيكية السوق. 

ثانيًا: ليبرالية الاقتصاد: 

  • الليبرالية الاقتصادية:

"مذهب اقتصادي يرى أن الدولة لا ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية، ولا وظائف تجارية، وأنها لا يحقّ لها التدخل في العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والطبقات أو الأمم. بهذا المعنى يقال غالبًا ليبرالية اقتصادية".  

  • ويلاحظ أن هذا التعريف واقع على الليبرالية الكلاسيكية قبل التحول الكبير الذي تم في الليبرالية الجديدة على نحو ما سيأتي. 
  • ويقول البعلبكي: 

"ويطلق لفظ الليبرالية أيضًا على سياسة اقتصادية نشأت في القرن التاسع عشر متأثرة بآراء آدم سميث بخاصة، وأكدت على حرية التجارة وحرية المنافسة، وعارضت تدخل الدولة في الاقتصاد". 

  • والليبرالية الاقتصادية وثيقة الصلة بالليبرالية السياسية، ويعتقد الليبراليون أن الحكومة التي تحكم بالحد الأدنى يكون حكمها هو الأفضل.. ويرون أن الاقتصاد ينظم نفسه بنفسه إذا ما ترك يعمل بمفرده حرًا، ويرون أن تنظيمات الحكومة ليست ضرورية. 
  • وأبرز النظم الاقتصادية الليبرالية هو نظام "الرأسمالية" التي رتّب أفكاره عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم). 
  • ويدخل في الحرية التي يطالب بها الليبراليون حرية حركة المال والتجارة، وحرية العمل وحرية التعاقد، وحرية ممارسة أي مهنة أو نشاط اقتصادي آخذًا من الشعار الشهير للثورة الفرنسية "دعه يعمل دعه يمر". 
  • والذي يحكم قواعد اللعبة الاقتصادية وقيمها هو سوق العرض والطلب دون أي تقييد حكومي أو نقابة عمالية. فللعامل الحرية في العمل أو الترك كما لصاحب رأس المال الحرية المطلقة في توظيف العدد الذي يريد بالأجرة التي يريد. 
  • ولكن سبق أن ذكرنا أن المفهوم الليبرالي تغير وبرزت الليبرالية الجديدة عل السطح بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة والكساد وذلك لتمركز رأس المال وظهور الاحتكارات الصناعية الضخمة، وانهيار قاعدة الصرف بالذهب وأزمة الثورات العمالية في ألمانيا مما جعل الحكومات تتدخل لإنعاش الاقتصاد فتغيرت الأيديولوجية الليبرالية إلى القول بأهمية تدخل الحكومة لتنظيم السوق. 
  • وقد فصّل صاحب كتاب "الليبرالية المتوحشة" كيفية تدخل الدولة لإنعاش الاقتصاد وإصلاح السوق، وبهذه المرحلة تغيب شمس الليبرالية الكلاسيكية حيث أبطل الواقع فكرة إصلاح السوق لنفسه لتبرز إلى السطح الليبرالية الجديدة بقوة. 
  • وقد أطيل النفس في مراحل الاقتصاد الليبرالي في الكتاب سابق الذكر، ونقد فكر الليبرالية الجديدة واقعيًا ببيان انحدار الازدهار الاقتصادي الذي حققته الرأسمالية بعد الحرب الكونية الثانية، فبدأت معدلات النمو الاقتصادي في التراجع وارتفعت معدلات البطالة والطاقة المعطلة، وانخفضت معدلات نمو الإنتاجية. 
  • ولعل أبرز تطور جديد في الليبرالية المعاصرة هو "ليبرالية العولمة" ومن دلالتها الفكرية: العودة إلى الليبرالية الكلاسيكية كمفهوم، وذلك أن من أبرز معالم العولمة: التخفيف من التدخل الحكومي في انتقال المال عبر الحدود والأسوار السياسية، وذلك لتحقيق أعلى الأرباح، فقد طبّقت الفلسفة الليبرالية عمليًا عن طريق الشاويش السياسي الذي يحمي هذه الفكرة القديمة في الضمير الغربي. 
  • لقد أصبح الاقتصاد وسيلة سياسية للسيطرة، ونقل الثقافات الحضارية بين الأمم، ولهذا فالأقوى اقتصاديًا هو الأقوى سياسيًا ولهذا اقتنعت الدول الغربية بهذه الفلسفة مع مشاهدتها لآثار الرأسمالية على الشعوب الفقيرة، ومن خلال اللعبة الاقتصادية يمكن أن تسقط دول، وتضعف أخرى. 
  • وجذر العولمة الفكري هو انتفاء سيادة الدول على حدودها ومواطنيها فضلًا عن عدم سيطرتها عل النظام الاقتصادي الحر الذي كان يطالب به الليبراليون الكلاسيكيون. 
  • يقول رئيس المصرف المركزي الألماني هناس تيتمار في فبراير من عام 1996م أمام المنتدى الاقتصادي في دفوس "إن غالبية السياسيين لا يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال، لا، بل إنهم صاروا يخضعون لسيطرتها وهيمنتها"، وسوف يكون قادة العالم في المرحلة القادمة (العولمة) هم أرباب المال، وسدنة المؤسسات الاقتصادية الكبرى. 
  • والعولمة مبنية على نظرية اقتصادية ينصح بها عدد من الخبراء والاستشاريين الاقتصاديين. ويقدمونها دون ملل للمسئولين عن إدارة دفة السياسة الاقتصادية على أنها أفضل نهج وهي (الليبرالية الجديدة new liberalisms) وشعار هذه النظرية (ما يفرزه السوق صالح، أما تدخل الدولة فهو طالح).
  • وهذا صريح في إعادة ترميم الليبرالية الكلاسيكية والارتداد إليها بعد التغير الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية.

  • الانتشار

  • بعد سقوط الشيوعية كآيديولوجية كانت تهدد الفكر الليبرالي الغربي اغتر الغربيون كثيرًا بمبدأ (الليبرالية)، وصاروا يبشرون به في كل محفل، ويزعمون أنه هو خيار الإنسانية الوحيد، فوظفوا طاقاتهم الفكرية والإعلامية بدعم سياسي واقتصادي رهيب لنقل هذا النور !! الى الإنسانية كلها.
  • ولعل أبرز نتاج فكري يدل على الغرور الكبير بهذا المبدأ عند الغربيين كتاب (نهاية التاريخ) لمؤلفه فرانسيس فوكوياما وهو أمريكي الجنسية ياباني الأصل، وقد ظهر فيه بوضوح مدى الغرور الكبير بهذا المنهج (الليبرالية) حيث اعتبرها فوكوياما نهاية التاريخ الإنساني وليس الأمريكي فحسب.
  • ولقد استغل الغربيون الليبراليون الإمكانيات الكبيرة المتاحة لديهم لنقل هذا المذهب إلى أقصى الدنيا، وصناعة الحياة الإنسانية على أسسه ومبادئه عن طريق القوة السياسية والاقتصادية، وتوظيف وسائل الإتصالات التي تمكنهم من مخاطبة كل الناس وفي كل الأرض، ولعل من أبرز نتائج الليبرالية في مجال الاقتصاد: (العولمة) وما تحمله من مضامين فكرية وقيم أخلاقية وأنماط حضارية، وهي تحمل الرغبة الغربية في السيطرة في كل اتجاه: الحربي والسياسي والقيمي والحضاري والإقتصادي، فضلًا عما تحمله من الدمار للإنسانية في معاشها الدنيوي، وقد ظهرت آثار الرأسمالية في الحياة الغربية قبل مرحلة العولمة التي هي تعميم للرأسمالية على العالم كله، مما جعل البعض يعتبر القرن الحادي والعشرين هو قرن المفكر الشيوعي كارل ماركس لما يرى من تكدس الثروة بيد طبقة من الناس، وانتشار الفقر والعوز في الناس، و أخذ الأموال من البشر بأي طريق، والتفنن في احتكار السلع الضرورية، وتجويع البشر وإذلالهم باسم الحرية الاقتصادية. لقد أصبح من الواضح الجلي تأثير العالم الغربي في الحياة الإنسانية في كافة المجالات، ونحن المسلمين جزء من هذا العالم الذي يتلقى التأثير من الغرب في كل وقت، بل ربما نكون نحن معنيين بهذا التأثير أكثر من غيرنا لأننا –مع ضعفنا وهواننا على الناس– أمة منافسة في قوة الدين الذي نحمله وهذا ما جعل هنتجتون في مقاله (صراع الحضارات) يرشح المسلمين للصراع في المرحلة الحالية والقادمة كبديل للشيوعية بعد سقوطها أكثر من الجنس الأصفر (الصين واليابان ودول شرق وجنوب آسيا) لأن الدين الذي يحمله المسلمون فيه من عوامل البقاء والقدرة على الصراع وإمكان التفوق والصعود مرة أخرى ما يلاحظه أي مراقب في الحركة التاريخية والمسيرة الواقعية له، والدعوة الإسلامية إذا استطاعت أن تواجه المشكلات الداخلية فيها -مثل التفرق والفوضوية و مخالفة الهدي النبوي وغيرها– فان أكبر ما يواجهها هو التيار الليبرالي في البلاد الإسلامية.

  • مراجع للتوسع

من كتب الليبرالية:

1- تاريخ الفكر السياسي: لجورج سابين، أو لجان توشار، أو لجان جاك شوفالييه.
2- الأمير: لميكافيلي.
3- اللفياثان: لتوماس هوبز نشر دار الفارابي.
4- رسالتان في الحكم المدني: لجون لوك نشر البولسية.
5- العقد الاجتماعي: لجان جاك روسو.
6- أسس الليبرالية السياسية ويحتوي رسالتين: عن الحرية، ومذهب المنفعة العامة لجون ستيوارت مل،  نشر مكتبة مدبولي.
7- النظرية العامة للتشغيل: لجون كينز نشر دار كلمة.
8- الطريق إلى العبودية: لهايك نشر دار الشروق.
9- نظرية في العدالة والعدالة: كإنصاف لجون رولز.
10- الليبرالية وحدود العدالة: لمايكل ساندل نشر المنظمة العربية للترجمة.
11- مفاهيم الليبرتارية: نشر دار رياض الريس.

من الكتب الناقدة: 

1- نقد الليبرالية: للطيب بوعزة. 

2- حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها: عبد الرحيم صمايل السلمي.

3- العقلية الليبرالية في رصف العقل ووصف النقل: عبد العزيز الطريفي. 

4- الفكر الليبرالي تحت المجهر: محمود الصاوي.


  • عدة شخصيات   
  • القرن السابع عشر الميلادي
  • مذاهب فكرية معاصرة