القاديانية طائفة كافرة، ونحلة هدامة، ظهرت في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في أرض قاديان من أرض الهند على يد رجلٍ اسمه ميرزا غلام أحمد القادياني، واتخذت من الإسلام شعاراً؛ لستر أغراضها الخبيثة، وعقائدها الفاسدة.
- فالقاديانية هم أتباع ميرزا غلام أحمد القادياني، وسموا بذلك نسبة إلى البلد الذي ولد فيه هذا المتنبئ الكذاب، وللقاديانية اسم آخر، فهم في أفريقيا وغيرها من البلاد الإسلامية يسمون أنفسهم: (أحمدية) تزويراً على المسلمين، والحقيقة أنه لا علاقة لهم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اسمه أحمد، وإنما النسبة لمتنبئهم أحمد القادياني. أما في الباكستان والهند فيعرفون بالقاديانية.
- والقاديانية نشأت سنة 1900م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي في القارة الهندية، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر باسم الإسلام، وكان لسان حال هذه الحركة هو مجلة الأديان التي تصدر باللغة الإنجليزية.
ولد المؤسس غلام أحمد بن مرتضى بن محمد عام 1839م أو 1840م في قرية قاديان من إقليم البنجاب في الهند لأسرة يقال إنها تعود إلى سلالة مغولية، ثم قيل فارسية. وعُرف عن أسرته الولاء للمستعمر الإنجليزي.
تلقى غلام أحمد مبادئ المنطق والعلوم الدينية، كما تعلم الطب القديم من والده الذي كان طبيباً ماهراً، ثم عمل في محكمة حاكم المديرية في سيالكوت ما بين عامي 1864 و1868. وقد ألَّف العديد من الكتب المعتمدة لدى أتباعه لنشر دعوتهم، من أهمها: براهين أحمدية، نور الحق، حقيقة الوحي، تحفة الندوة، الأربعين، تبليغ رسالت، توضيح مرام، الدر الثمين، فتح إسلام، إزالة أوهام، مكتوبات أحمدية وغيرها.
توفي غلام أحمد سنة 1908م بداء الهيضة الوبائية (الكوليرا) ودُفن في قاديان بالمقبرة التي سماها مقبرة الجنة، ويُروى في قصة وفاته أنه قد باهلَ عام 1907م عالم الحديث الهندي ثناء الله الأمرتسري في مناظرة بينهما، ودعوا الله أن يقبض الكاذب من الرجلَين في حياة صاحبه بعد أن يسلط عليه داءً يكون فيه حتفه، فأصيب غلام أحمد بالكوليرا ومات بها، وعاش بعده الأمرتسري أربعين عاماً [القادياني والقاديانية للندوي، ص23].
الحكيم نور الدين البهيروي: هو الشخصية التي تلي الميرزا في الأهمية، وهو المؤلف الحقيقي -كما يقول باحثون- لكل ما نُسب إلى غلام أحمد من الكتب والرسائل، وصاحب الفكرة الأساسية في الحركة القاديانية. وتدل قصة حياته على أنه كان ثائر الفكر عقلي النزعة، ويتمتع بطموح عال وثقة بالنفس، لذا يرى كثير من الباحثين أنه استغل غلام أحمد لتحقيق طموحه للشهرة والنفوذ، فما إن وضع غلام كتابه “براهين أحمدية” حتى ألف الحكيم كتاباً أسماه “تصديق براهين أحمدية”، ثم سارع إلى مبايعة الميرزا والدعوة لمبايعته.
وبعد موت غلام أحمد ادعى الحكيم أنه نائب المسيح الموعود، وتبنته الحكومة البريطانية فوضعت تاج الخلافة على رأسه، ثم سمّى نفسه مثيل أبي بكر الصديق وحظي بمبايعة القاديانيين.
محمد علي: هو أمير القاديانية اللاهورية، درس دراسة عصرية عالية ويقال إن الإنجليز حرضوه على خدمة الميرزا بعد إعلان نبوته، فكان دوره مكرساً لنشر دعوته بين المتعلمين، حيث أشرف على مجلة شهرية تحمل اسم “نشرة الأديان”، كما أوكلت إليه مهمة ترجمة معاني القرآن وفق الرؤية القاديانية إلى اللغة الإنجليزية.
بشير الدين محمود أحمد: بعد موت نور الدين عام 1914، ظهر ابن الغلام وسمَّى نفسه خليفة على العالم أجمع، وليس على أتباع القاديانية فحسب. وادعى أن الغلام هو لقمان الحكيم المذكور في القرآن وأنه هو ابنه الذي سيسير على خطاه، وقد احتفظ بسنة والده من حيث الولاء للإنجليز.
اتهمه خصومه بارتكاب جرائم عدة، ومنها قتل العديد من مخالفيه. وبعد تقسيم الهند وظهور دولة الباكستان استقر في الأخيرة؛ وأسس هناك مركزاً جديداً سمّاه “ربوة”، ثم أمر أتباعه بالهجرة إليه لتصبح موطناً خاصاً بهم، زاعما أنها هجرة {إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ ومَعِينٍ} [المؤمنون: 50].
زار بشير الدين فلسطين سنة 1924 بعد صدور وعد بلفور، وأقام فيها تحت رعاية الحكومة البريطانية التي أسست له معبداً لطائفته في قرية الكبابير على جبل الكرمل بمنطقة حيفا سنة 1934، فسمى المعبد بمسجد “سيدنا محمود”، وأطلق من هناك مجلة “البشارة” التي لا زالت تصدر إلى الآن باللغة العربية تحت اسم “البشرى”.
خوجه كمال الدين: كان من أهم أعوان محمد علي، كما ادعى بعد موت الميرزا أنه مجدد مثله. جمع مبالغ مالية ضخمة من المؤسسات القاديانية في أوربا، واشترى لنفسه قصراً فخماً في بريطانيا. ويقال إنه كان يحاول استقطاب المسلمين الجدد في أوربا وادعاء أنه سبب إسلامهم، لكن الكثير منهم رفضوا الانتساب إليه وإلى مذهبه، وأعلنوا عدم وجود أي علاقة لهم به.
ظفر الله خان: وزير خارجية باكستان عند تأسيس الدولة عام 1947، ويقول خصومه إن الإنجليز والهندوس أصروا على تعيينه في هذا المنصب، وإنه حرص على تعيين 50% من موظفي وزارته من القاديانيين، كما أصبحت السفارات الباكستانية في عهده مراكز دعاية للقاديانية، فكانت المطبوعات القاديانية تطبع على حساب الوزارة وتُعرض في السفارات على أنها وثائق علمية أو أثرية.
اقترن اسمه بالدفاع عن القضية الفلسطينية، حيث ألقى كلمة في هيئة الأمم مثلت وجهة نظر حكومته المتعاطفة مع الفلسطينيين؛ لكن خصومه رأوا في هذه الكلمة مجرد وسيلة لكسب قلوب العرب تمهيداً لنشر القاديانية في بلادهم.
انتفض آلاف المسلمين في باكستان ضده وخرجوا عام 1953 بمظاهرات تطالب بعزله وبإخراج القاديانيين من وزارة الخارجية.
الميرزا مسرور أحمد: هو الزعيم الحالي للطائفة والخليفة الخامس لغلام أحمد، أعلن عام 2003 توليه للمنصب بناء على تأويل فقهاء الطائفة لإحدى إلهامات غلام أحمد التي تقول إن الله أوحى له بعبارة “إني معك يا مسرور”، ويقولون إن غلام لم يفهم وقتها محتوى الإلهام -مع أنه نبي مرسل حسب زعمهم- وإنهم أدركوا أخيراً أن حفيده الخامس هو المقصود.
يتخذ الميرزا مسرور من بريطانيا مركزاً له ولحركته، وهو يخطب الجمعة في مسجد بيت الفتوح بلندن الذي يعد من أكبر المساجد في أوربا.
القاديانية اللاهورية (الأحمدية):
1- الألوهية: تجرأ الغلام على الذات الإلهية العلية ونسب إليها صفات بشرية كالخطأ والنوم والتجسيم، ثم رفع نفسه إلى مقام الألوهية مدعيا أنه بروز لله تعالى.
2- النبوة: ادعى القادياني النبوة المستقلة، وهو بذلك يرى أن النبوة لم تختم بالنبي محمد بل هي جارية حسب الضرورة، وعندما واجهه العلماء بالآية: {مَا كَانَ مُحَمًّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيينَ} فسرها على أنها تعني أن النبي محمد هو سيد المرسلين وليس آخرهم، وقال إن كل رسول يأتي من بعده رسول آخر يكون بخاتمه وإقراره، فيحيي شرعه ويجدده.
وادعى أيضا أنه من ذرية الرسول محمد؛ وذهب إلى أنه ينتمي إليه بالنسب الروحي الذي لا يجعله من أبنائه فحسب بل من ذاته أيضاً.
ومع أنه فسر الآية كما رأينا بأن النبي محمد هو سيد المرسلين، إلا أنه ورد في كلامه ما يصرح بتفوقه على النبي، فإذا كانت روحانية النبي قد تجلت في ذلك “العهد القاصر” بصفات إجمالية إلا أنها تجلت في القرن العشرين في شخصه هو بأبهى حللها وأرقى مظاهرها، وطلب من أتباعه أن ينشروا بين الناس قوله: “إن محمداً قد نزل فينا ثانية وهو أعلى شأناً من الأول” [موقف الأمة الإسلامية من القاديانية، ص36].
وبما أن أتباعه يعتبرونه أفضل من جميع الأنبياء، فنجده يتطاول على بعضهم، كما فعل مع المسيح مع أنه بدأ دعواه بأنه حلَّت فيه روحه وقوته، ويبرر غلام أحمد سبب تطاوله عليه، مع أن الإنجليز -وهم الرعاة الحقيقيين لدعوته -يدينون بالنصرانية، قائلاً: “لقد غلا بعض القسوس والمبشرين في كتاباتهم، وجاوزوا حد الاعتدال، وخفت على المسلمين الذين يُعرفون بحماستهم الدينية أن يكون لهم ردُّ فعلٍ عنيف، وأن تثور ثائرتهم على الحكومة الإنجليزية، ورأيت من المصلحة أن أقابل هذا الاعتداء بالاعتداء حتى تهدأ ثورة المسلمين، وكان ذلك”.
3- عقيدة التناسخ والحلول: ادعى الميرزا أن الأنبياء كانت تتناسخ أرواحهم، وأن أرواح بعضهم تتقمص أجساد بعضهم الآخر، ومن عباراته التي تدل على ذلك قوله “إن مراتب الوجود دائرة، وقد ولد إبراهيم بعادته وفطرته ومشابهته القلبية، بعد وفاته بنحو ألفي سنة وخمسين في بيت عبد الله بن عبد المطلب، وسمي بمحمد”، وقد مهدت هذه العقيدة لادعائه حلول روح المسيح والنبي محمد في جسده هو [القادياني والقاديانية، ص72].
4- القرآن الكريم: يدَّعي القاديانيون الإيمان بالقرآن الكريم؛ إلا أنهم يعتقدون أن جبريل كان ينزل على غلام أحمد، وأنه كان يوحى إليه، وأن إلهاماته مساوية للقرآن الكريم. ويعتقدون أن لهم كتاباً منزلاً اسمه “الكتاب المبين”.
وقد استغل الميرزا القرآن لاستخراج بعض المعاني التي زعم أنها تنبأت بنبوته، فقال إنه هو المقصود في الآية {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتي مِنْ بَعْدي اسْمُهُ أَحْمَد}.
5- الحج: قدس الميرزا بلدة قاديان وجعل أرضها حرماً، ثم بالغ في تعظيمها حتى طالب الناس بالحج إليها. ويؤمن أتباعه بأن الحج إلى مكة دون إتمامه بالحج إلى قاديان هو “حجُّ جافٌ خشيب”، ويرون أيضا أن زيارة قبة المسيح الموعود البيضاء في قاديان تعادل في بركتها ما تختص به قبة النبي محمد الخضراء في المدينة المنورة.
6- منزلة أتباع القادياني: رفع الميرزا من مقام أصحابه ليجعلهم بمنزلة صحابة النبي محمد، معتبرا أن الصحابة هم رجال البعثة الأولى وأتباعه رجال البعثة الثانية، ويُنقل عنه أنه أساء في مؤلفاته لبعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب وأبي هريرة [أنوار الخلافة لمحمود بن الغلام، ص96].
7- الموقف من المسلمين: ينظر غلام أحمد إلى المسلمين الذين لا يقبلون دعوته على أنهم كفار، فلا يجوز لقادياني أن يصلي خلف مسلم، كما لا يصلي على الموتى من غير ملته، ولا تتزوج المرأة القاديانية من مسلم. ومن أقواله الميرزا المأثورة في هذا المجال “إن الإنجليز خير ألف مرة من المسلمين الذين هم أعداؤكم”.
8- العلاقة مع الإنجليز: تعد هذه العلاقة جزءاً أصيلاً من عقيدتهم؛ ويدَّعون أن القرآن الكريم أمر بذلك في قوله {وَأَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولي الأَمْرِ مِنْكُم}.
ومن أقوال غلام أحمد “إن عقيدتي التي أكررها أن الإسلام جزءان: الجزء الأول إطاعة الله، والجزء الثاني إطاعة الحكومة التي بسطت الأمن وآوتنا في ظلها، وهي الحكومة البريطانية”، وقال أيضا “لما جعلني الله مثيل عيسى بن مريم، جعل لي السلطة البريطانية ربوة أمنٍ وراحةً ومستقراً حسناً، فالحمد لله مأوى المظلومين” [الأعلام بما في الهند من الأعلام، عبد الحي الحسني، 3/ 1317].
حاولت بريطانيا الاستفادة من القاديانيين في العديد من المناطق التي أرادت السيطرة عليها. وعندما سقطت بغداد في يدها عام 1917، عينت أول حاكم على العراق من القاديانيين وهو حبيب الله شاه.
9- إلغاء فريضة الجهاد: بعد ادعائه النبوة، أصدر الميرزا تشريعه الخاص بإلغاء الجهاد، وعلى الأخص جهاد المسلمين ضد الإنجليز، فقال في إحدى مأثوراته “اليوم نُسخ الجهاد بالسيف، فمن حمل السيف على كافر بعد اليوم وسمى نفسه غازياً فقد عصى رسول الله”، وكان تحريم الميرزا للجهاد نهائياً وليس مختصاً بحالات معينة فقط. ويقول المؤرخون المسلمون في الهند إن من أغرب ما فعله القاديانيون أنهم حرموا الجهاد ضد المستعمرين الإنجليز، ثم أباحوه بالاشتراك معهم ضد الثوار المسلمين [موقف الأمة الإسلامية من القاديانية، ص28].