المسلمون في كابردينو – بلكاريا (2)مقالات


 الشتات لأهل القبرطاي والبلكار:

شنت روسيا الحرب على قبائل الشراكسة في المنطقة ما يزيد على مائة عام؛ مما أسفر عن مقتل مليوني شركسي أو يزيد.. وتعتبر هذه الحروب الوحشية الروسية تطهيرًا عرقيًّا للشعب الشركسي وإبادة جماعية وإفناء له، بهدف تفريغ شمال القفقاس من الشراكسة المسلمين واستبدالهم بشعوب موالية كالقوازق والجورجيين والروس والأوكرانيين وغيرهم حيث تم تسكينهم في شمال القفقاس بدلًا من أصحاب الأرض الشرعيين.

وقد قام القيصريون الرُّوس بهدم مساجد المسلمين في تلك البلاد، وإغلاق المدارس الشرعية، ومُنِعَ التعليم الإسلامي بين أبناء المنطقة، وعندما قامت "الثورة البلشفية" أصبحت المنطقة جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن الاتحاد السوفيتي عام 1936م.

وفي عام 1944 م نفى ستالين "البلقار" إلى آسيا الوسطى وسيبيريا بزعم تعاونهم مع النازيين الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، وبدَّل اسم الجمهورية باسم "جمهورية كبارديا المستقلة ذاتيًّا الاشتراكية السوفيتية"، وفي عام 1957 م أعيد البلقار المنفيُّون إلى سيبيريا، وأعيد اسم الجمهورية "كبارديا بلقاريا الاشتراكية السوفيتية المستقلة ذاتيًّا"، وبعد سقوط الاتحاد السُّوفيتي في أواخر عام 1991م أصبحت الجمهورية جزءًا من روسية الاتحادية، واستمر وَضْعُ روسيا يدَها على أهل المنطقة.

 

الإسلام في كابردينو - بلكاريا:

بلغ عدد سكان كابردينو - بلكاريا عام 2020 م نحو 868 ألف نسمة، يعيش 60 ٪ منهم في المدن، المسلمون فيها أكثر من 75 ٪ من السكان، وهم متمسكون بالإسلام، ويتبعون الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس في (محج قلعة)، وهم على المذهب الحنفي.

اللغة الرسمية هي الروسية والقبرطاي والبلقارية، يتكلم القبرد (القبرطاي) لغة القبرطاي وهي اللهجة الشرقية من اللغة الأديغية (الشركسية) من مجموعة اللغة القفقاسية الغربية القديمة، كانت تكتب باللاتينية حتى الثلاثينات حيث أصبحت تكتب بالسلافية، أما البلقار فتعود لغتهم إلى أصل تركي، وتُكتَب بالأحرف السلافية.

وأهم المدن الرئيسة هي "نالتشك": العاصمة، توجد فيها جامعة كابردينو - بلكاريا الرسمية التي أُسِّسَت عام 1957م،  ومعهد للأبحاث الاقتصادية والتاريخية واللغوية والأدبية، بالإضافة إلى معهد عالي للعلوم الفيزيائية والجيولوجية.

ومن المدن الأخرى: باكسان - نارت قالا - ستاري تشيرك - بسي جانسو - ستاري ليسكين - بروخلادني - زيوكوفو - كامينوموستكويو - نارتان.

تُعَدُّ الزراعة وتربية الحيوان مصدرًا اقتصاديًّا هامًّا في جمهورية كابردينو - بلكاريا، تزرع الحبوب كالقمح والذرة وزهرة عباد الشمس في السهول، والخضر والفاكهة والعنب على أطراف الجبال حيث تتم تربية الماشية أيضًا في المراعي الخصبة هناك.

توجد فيها مكامن لكثير من المعادن والخامات المهمة أبرزها "التنغستين" و"الفحم"، أما الصناعة فتُشكِّل نحو 60 ٪ من عائدات البلاد، وتحتل الصناعات الثقيلة وتوليد الطاقة الكهربائية واستخراج المعادن وتصنيعها مكانة بارزة، بالإضافة إلى صناعة الآلات والتجهيزات الكهربائية وبعض الصناعات الخفيفة، هذا وتقوم معظم الصناعات في العاصمة "نالتشك" التي ترتبط بخط حديدي وطريق برِّي وجوِّي مع موسكو وبقية مدن القفقاس.

كما يوجد فيها جامعتان تستوعبان نحو 11500 طالب، هذا ويوجد في الجمهورية 250 مكتبة وثلاثة متاحف و231 مركزًا ثقافيًّا إلى جانب العديد من المسارح، كما تصدر جرائد باللغتين القبردية والبلقارية[1].

ويوجد بالعاصمة "نالتشيك" عدد من المساجد، من أهمها المسجد المركزي الكبير، والذي أعلنت الإدارة الدينية الإسلامية في جمهورية قبردينو - بلقاريا عام 2020 م عن أعمال تطوير وترميم في المسجد حيث جرى تجديده وترميمه لأول مرة منذ افتتاحه في عام 2004م، وللمسجد مئذنتان بارتفاع 30 م بجوار المدخل.

وينتشر في مدنها مثل "بكسان" و"نرتان" و"ترانوز" و"نرتكلا" و"تيرك" و"مايسكي" نحو 200 مسجد وإمام من المشرفين الدينيين على هذه المساجد.

ونجد أن انتهاء الحكم الشيوعي أدَّى إلى قيام حركة نشطة للمسلمين من أجل استعادة قيمهم الإسلامية المتمثلة في بناء المساجد وتأسيس جمعيات إسلامية، ويتمسَّك أهل القبرطاي والبلكار بالإسلام ويعتزون بتلك الهُوِيَّة التي ميَّزَت قبائلهم.

 

• اتخذت "كابردينو - بلكاريا" اسمها من قبيلتين وهما: "القابراد" أو "القبرطاي"، و"البلكار" ولكل منهما لغة خاصة بها، وينتمون إلى الشراكسة الشرقيين.

• يشتهر "القبرطاي" بتربية الخيل، ولهم عادات وتقاليد جبلية يحافظون عليها.

• وصل الإسلام منطقة القوقاز بالكامل أثناء الفتوحات الإسلامية لبلاد الخزر في القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي.

• استمر انتشار الإسلام بين شعوب القوقاز، حتى استقر في نفوس أهله، ودخلت شعوب "القبرطاي" و"البلكار" بأكملها في الإسلام في القرن الحادي عشر الميلادي.

• تعرض "الشراكشة" المسلمون لنفس الظروف التي تعرض لها إخوانهم في المناطق الأخرى في ظل الحكم الروسي، من إرهاب وتعذيب وحملات إبادة وتنصير.

• كانت حملة التهجير الجماعي للشراكسة من وطنهم إلى الدولة العثمانية من أشد المحاولات الروسية لإنهاء الوجود الشركسي في القوقاز لشدة مقاومتهم للروس.

• شنت روسيا الحرب على قبائل الشراكسة في المنطقة ما يزيد على مائة عام؛ مما أسفر عن مقتل مليوني شركسي أو يزيد.

• في عام 1944 م نفى ستالين "البلقار" إلى آسيا الوسطى وسيبيريا بزعم تعاونهم مع النازيين الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية.

• المسلمون في جمهورية "كابردينو - بلكاريا" أكثر من 75 ٪ من السكان، وهم متمسكون بالإسلام، ويتبعون الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس في (محج قلعة)، وهم على المذهب الحنفي.

• من أهم مساجد المنطقة المسجد الكبير في العاصمة نالتشيك، وينتشر في مدنها الأخرى نحو 200 مسجد.

 

[1] شعوب شمال القفقاس، بدر الدين أواري الداغستاني، تحرير وتدقيق: ثناء صلاح الدين كم الماز، مكتبة الأسد- دمشق، 2012 م، صـ35-37.