المساجد في التبت:
بُنيت المساجد في مدن "لاسا" و"تشانغدو" و"ريكاتسه"، ويوجد في حاضرة التبت- مدينة "لاسا" - ستة مساجد ومقبرتان للمسلمين تنتمي كلها إلى ثلاث فئات من المسلمين:
الفئة الأولى: هي مجموعة المسجد الصغير التي تتبع لها ثلاث مصليات ومقبرة، وهي المصلى بالمسجد الصغير في حارة "راوساي" المتفرعة من شارع "باجياو" في مركز مدينة "لاسا"، والمصلى الكبير، والمصلى الصغير بحديقة "كاشي لينغكا" بضاحية "لاسا الغربية" ومقبرتها.
الفئة الثانية: هي مجموعة المسجد الكبير التي يتبع لها مصليان ومقبرة واحدة، وهي المسجد الكبير بخبالين داخل "لاسا"، ومقبرة "قهقشيا" شمال قرية "دودي" بضاحية "لاسا الشمالية"، والمصلى بداخلها.
الفئة الثالثة: هي مجموعة المسلمين المتنقلين من قومية "هوي" بالصين، وقوامهم الرئيسي تجار قومية "هوي" من مقاطعتي "قانسو" و"تشينغهاي"، وقد بنَوا مصلًّى بسيطًا مؤقتًا، ودعَوا إمامًا من محافظة "قوانغخه" بقانسو؛ لذلك ينتمي المسلمون المحليُّون بلاسا إلى مسجدين: المسجد الكبير، والمسجد الصغير.
والمسجد الكبير بلاسا بُني في بداية عهد أسرة "تشينغ" وتاريخه يرجع إلى ما قبل ثلاثمائة سنة؛ حيث يعود تاريخ المسجد الكبير المسجل إلى فترة الإمبراطور "تشيان لونغ"، وتفيدنا السجلات التاريخية أن المسجد الكبير بلاسا بُني في عام 1716 م تقريبًا.
وكان المسجد قد أُحرِق في أحداث تمرُّدات بالتبت عام 1959 م، ثم أُعيد بناؤه مرة أخرى على صورته الأولى.
ونجد أنه أثناء حكم "ماوتسي تونج" أيام "الثورة الثقافية" عندما حظرت كل النشاطات الدينية، استُخدِم المسجد لأغراض أخرى، وبعد إسقاط "عصابة الأربعة"[1]، رصدت حكومة المنطقة أموالًا خاصة لترميمه وشراء السجَّاد الجديد لفرش أرضيته، ففتح المسجد من جديد أمام المسلمين، وعادت إليه النشاطات الدينية تدريجيًّا، وتُقام فيه الصلوات الخمس اليومية وصلاة الجمعة.
وتبلغ مساحة المسجد ألفي متر مربع، وطرازه المعماري فريد، ويقع بجانبه "مبنى استطلاع الهلال" وهو على شكل برج ينتصب فوق سطحه هلال، وعلى الحائط الأمامي للمصلى "أدعية" وصورة لمكة المكرمة، وداخل المصلى عشرة أعمدة، على كُلٍّ منها ساعة والأرض مفروشة بالسجَّاد التبتي.
وفي مدينة "لاسا" مدرسة إسلامية ملحقة بالمسجد الكبير، لتعليم أبناء المسلمين الدين الإسلامي.
الحياة الاقتصادية للمسلمين بالتبت:
احتلَّ التُّجار المسلمون من "كشمير" و"نيبال" و"الهند" مكانة هامَّة في التجارة بالتبت، وكان عدد التجَّار المسلمين من "كشمير" كبيرًا بشكل خاص.
ويعمل معظم المسلمين في التجارة والخدمات الاجتماعية، وقليل منهم يشتغلون بالزراعة والرعي[2].
ونجد أنه في عام 1727 م، كتب شخص من قومية "هان" يُدعى "لي فنغ تساي": "بين التجار في لاسا محليون وأجانب من مختلف الدول الأوروبية غربًا، وأبناء هوي (يقصد المسلمين) وأصحاب العيون الملونة المعمَّمون، كلهم ينقلون البضائع لبيعها في أسواق شوارع المدينة، وتشتغل النساء بالسمسرة بين التجار والمشترين".
فمن هذه السجل المبكر عن المسلمين بلاسا يمكننا أن نتصوَّر حياة المسلمين وعملهم وأحوالهم العامة في تلك الفترة بصورة تقريبية[3].
وقد كانت الاتصالات الاقتصادية بين التبت وبين المناطق المختلفة الواقعة على سفوح جبال الهيمالايا الجنوبية مستمرة ولم تنقطع، وكان روَّادُها المسلمين من الطرفين.
الحالة السياسية للتبت الآن وأثرها في المسلمين:
كانت التبت تخضع لحكم الصين في فترات قوَّتِها، وتنفصل عنها في فترات ضعفها، وبعد الحرب العالمية الأولى قوي الشعور القومي عند أهل التبت، فانفصلت عن الصين[4]، وفي سنة 1343 هـ - 1924 م استعادتها الصين وطردت حاكمها البوذي "الدالاي لاما" في سنة 1371هـ – 1951م وأصبحت ولاية صينية، وتعاني التبت الآن من التضييق الصيني على كافة أنشطتها؛ نظرًا لدعوات الانفصال التي يُنادي بها البوذيُّون بالتبت؛ مما أدَّى بحكومة الصين بقمع الحرية الثقافية والدينية بالتبت وإرسال بعض أبناء التبت للعمل بمعسكرات العمل الجماعية[5].
ورغم أن الإقليم معترف به رسميًّا كأقليم يحظى بحكم ذاتي تحت السيادة الصينية، إلا أن التغلغل الصيني داخل التبت يشلُّ كافة مفاصل الإقليم؛ حيث يحذر ناشطون أن خمسة عقود من الحكم الصيني في هضبة التبت سبَّبت لأهلها "معاناة لا حدود لها".
• تسمى التبت بـ"سقف العالم"؛ حيث يبلغ معدل ارتفاعها 4900 متر، وتمثل التبت منطقة منعزلة تحاصرها الجبال. • وصل الإسلام إلى التبت عن طريق جيرانها، من تركستان الشرقية وكشمير. • عرفت التبت الإسلام منذ نهايات القرن الأول الهجري. • نجد أنه في خلافة الخليفة الراشد "عمر بن عبد العزيز"، أرسل "التبتيون" إلى والي خراسان (الجراح بن عبد الله) أن يرسل إليهم مَن يُعلِّمهم الإسلام. • في العهد العباسي كانت هناك صلات طيبة بين الخليفة "المهدي" العباسي وملك التبت. • توسَّع ملوك الهند المسلمون في التبت، فأول غارة شنَّها حاكم مسلم على التبت، كانت بقيادة (محمد بن بختيار الخلجي) حاكم البنغال في القرن السادس الهجري. • تكررت غزوات ملوك الهند المسلمين للتبت في القرن العاشر الهجري. • أصبح الإسلام منذ القرن العاشر الهجري قوةً سياسيةً بالتبت خصوصًا في جنوب غربي التبت لمجاورته كشمير. • ظل الإسلام معروفًا بالتبت حتى عهد الاحتلال البريطاني للهند - في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري. • يُقدَّر عدد المسلمين في التبت بقرابة ربع مليون نسمة، بينما تقدرهم المصادر الصينية بعدة آلاف. • يعيش ثمانون بالمائة من مسلمي التبت في "لاسا" حاضرة التبت، ويقيم الآخرون في مدن "شانغدون" و"ريكاتسه" و"ناتشيوى" و"تسدانغ". • يوجد في حاضرة التبت مدينة "لاسا": ستة مساجد ومقبرتان للمسلمين، من أهمها المسجد المركزي الكبير بلاسا. • احتل التجار المسلمون من كشمير ونيبال والهند مكانة هامة في التجارة بالتبت، وكان عدد التجار المسلمين من كشمير كبيرًا بشكل خاص. • كانت الاتصالات الاقتصادية بين التبت وبين المناطق المختلفة الواقعة على سفوح جبال الهيمالايا الجنوبية مستمرة ولم تنقطع، وكان روَّادُها المسلمين من الطرفين. • يتعرض المسلمون الآن بالتبت لقمع السلطات الصينية التي تخشى من دعوات الاستقلال البوذية بالإقليم، وتضطهد جميع سكانه. |
[1] عصابة الأربعة هو اسم أُطلِق على مجموعة سياسية يسارية مؤلفة من أربعة مسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني، برزوا إلى الأضواء أثناء الثورة الثقافية (1966 - 1967 م) واتُّهِمُوا بارتكاب سلسلة من جرائم الخيانة.
[2]الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مج 14، صـ199.
[3] المسلمون الصينيون في التبت، موقع شبكة الصين، نشر إلكتروني.
[4] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا، سيد عبد المجيد بكر، صـ126.
[5] خبر: الصين "ترغم" الآلاف من سكان التبت على الالتحاق بمعسكرات العمل الجماعية، شبكة بي بي سي نيوز عربي، نشر بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 2020 م.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.