كيف دخل الإسلام التبت؟ (1)مقالات


نبذة عامة عن هضبة التبت:

تقع هضبة التبت في آسيا الوسطى، وتُسمَّى بـ"سقف العالم"؛ حيث يبلغ معدل ارتفاعها 4900 متر، تحدُّها "الصين" من الشرق، و"التركستان الشرقية"- إقليم شينجيانج بالصين حاليًّا- من الشمال، و"كشمير" من الغرب، و"الهند" و"نيبال" من الجنوب، وتمثل التبت منطقة منعزلة تحاصرها الجبال، وتغطي الهضبة معظم منطقة التبت ذاتية الحكم، ومقاطعة "تشينغ هاي" في غرب الصين، وكذلك جزءًا من "لدخ" في ولاية "جامو وكشمير" في الهند، وتمتد مسافة 1000 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب و2500 كيلومتر من الشرق إلى الغرب.

ويمارس أهلها الزراعة بالمناطق الخصبة حول الوديان؛ حيث يتوفر الجو الملائم للزراعة، وأهم زراعتهم الحبوب والفاكهة.

يبلغ عدد السكان أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة - حسب تقديرات 2020 م- غالبيتهم من التبت، ويدينون بالبوذية، وهناك أقلية مسلمة وأخرى مسيحية، واللغة الرسمية هي الصينية.

 

كيف وصل الإسلام التبت؟

• وصل الإسلام إلى التبت عن طريق جيرانها، فوصلها عن طريق التركستان الشرقية "شنجيانج بالصين"، ثم وصلها عن طريق كشمير - الإقليم المسلم بالهند -[1].

• وقد عرفت التبت الإسلام منذ نهايات القرن الأول الهجري؛ إذ ذكرت وثائق الحكومات الصينية أن العرب كانوا أصدقاء لأهل التبت، فكانت هناك صلات بين أحد ملوك التبت والعرب، ونجد أنه في خلافة الخليفة الراشد "عمر بن عبد العزيز"، أرسل "التبتيون" إلى والي خراسان (الجراح بن عبد الله) أن يرسل إليهم مَن يُعلِّمُهم الإسلام وليفقِّههم في الدين، فأرسل "سليط بن عبد الله الحنفي" إليهم.

• في العهد العباسي كانت هناك صلات طيبة بين الخليفة "المهدي" العباسي وملك التبت، ويُقال: إن أحد ملوك التبت قد أسلم في خلافة "المأمون" العباسي.

• كان المحور الأكثر فاعلية في نقل الإسلام إلى أهل التبت هو المحور القادم من جارتهم "كشمير"، خصوصًا بعد خضوع شمالي الهند للنفوذ الإسلامي، وتوسُّع ملوكها المسلمين، فأول غارة شنَّها حاكم مسلم على التبت كانت بقيادة (محمد بن بختيار الخلجي) حاكم البنغال في القرن السادس الهجري.

• ثم تكررت الغزوات في القرن العاشر الهجري، فغزاها "مير مزيد" بين سنتي (920هـ - ۹3۰هـ)، ونَشرَ الإسلام فيها، و"حيدر مرزا" سنة 955هـ، وأصبح الإسلام منذ القرن العاشر الهجري قوة سياسية بالتبت خصوصًا في جنوب غربي التبت لمجاورته كشمير.

• نجد في القرن العاشر الهجري أنَّ منطقتَي "لداخ" و"بلستان" أكثر مناطق التبت تأثرًا بالإسلام.

• ظل الإسلام معروفًا بالتبت حتى عهد الاحتلال البريطاني للهند - في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري - الذي ضيق على الدعوة الإسلامية التي كانت تصل للتبت بانتظام من كشمير ووسط آسيا[2].

• شجع هذا التراجع الإسلامي نفوذ الديانات الوثنية بالتبت من جديد.

 

المسلمون في التبت:

يتكوَّن المسلمون في التبت من المهاجرين إليها، ويُطلق عليهم "الأرغونيون" وهم من آباء وأمهات تبتيات، ويُقدَّر عدد المسلمين في التبت بقرابة ربع مليون نسمة، بينما تُقدِّرهم المصادر الصينية بعدة آلاف.

وقد هاجر ثلاثة أرباع هؤلاء المسلمين إلى التبت من مقاطعات "تشينغهاي" و"قانسو" و"سيتشوان"، وتربط معظمهم صلات قُرْبى بقومية "هان" الإسلامية، وحوالي سدسهم جاء من "كشمير" و"الهند" و"باكستان" و"نيبال" ومناطق أخرى، والباقون من أبناء القومية التبتية الذين اعتنقوا الدين الإسلامي بعد الزواج من أبناء قومية "هوي"، وهم جميعًا ينتسبون إلى قومية "هوي" مهما كانت أصولهم.

ويعيش ثمانون بالمائة منهم في "لاسا" حاضرة التبت، ويُقيم الآخرون في مدن "شانغدون" و"ريكاتسه" و"ناتشيوى" و"تسدانغ"[3].

 

[1] الموسوعة الجغرافية للعالم الإسلامي، مج 14، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1419 هـ - 1999 م، صـ198.

[2] الأقليات المسلمة في آسيا وأستراليا، سيد عبد المجيد بكر، دار الأصفهاني للطباعة بجدة، 1393هـ، صـ129.

[3] المسلمون الصينيون في التبت، موقع شبكة الصين، نشر بتاريخ 19-6-2002 م.