• صارت "قازان" خانية أو دويلة إسلامية سنة 842 هـ (1438 م) وحكمها "أولوغ محمد" الذي أخذ الجزية من موسكو، وحاول استعادة أملاك أجداده من حُكَّام "القبيلة الذهبية". • كانت "قازان" مركزًا تجاريًّا مُهِمًّا، وبرعت في صياغة المجوهرات، وأبدع ما أنتجته كان التاج الذهبي الذي استولى عليه "إيفان الرهيب" خلال هجومه على المدينة. • بناء الكرملين بروسيا الحالية قد أُخذ من نموذج قلعة "كرملين قازان" Qazan kirmäne التي بُنيت في عهد "القبيلة الذهبية". • من أهم مساجد تتارستان مسجد "قول شريف"، ومسجد "أبانايف"، ومسجد "المرجاني"، و"المسجد الأزرق"، وكانت المساجد تؤدي دور المؤسسة التعليمية. • في القرن الثامن عشر كانت "مدرسة أمير حانة" أحد أهم المؤسسات بين المسلمين، وفي منتصف القرن التاسع عشر وصل عدد المدارس الثانوية في قازان إلى 430 مدرسة وعدد المدارس الدينية إلى 57 مدرسة. • كانت في "قازان" مطبعة إسلامية أُسِّسَت سنة 1900 م سميت بالمطبعة الكريمية، في خلال 19 عامًا أصدرت أكثر من 1700 عنوان، وطبعت ما يقرب من 20 مليون نسخة. • انتشر المصحف القازاني بين مسلمي روسيا القيصرية والعالم الإسلامي، ثم طبع مرات عدة في زمن الاتحاد السوفيتي، وبعد استقلال روسيا أيضًا. • كانت اللغة التتارية تُكتَب بالحروف العربية حتى عام 1929 م. • ارتبط مفهوم القومية لدى مسلمي تتارستان التي عانت من الاحتلال السوفيتي منذ وقتٍ مبكرٍ بالإسلام. |
خانية قازان الإسلامية:
حكم المغول المسلمون والمعروفون بحكام دولة "القبيلة الذهبية" منطقة "نهر الفولجا" بالكامل، وكان سلطان هذه القبيلة المغولية يمتدُّ من التركستان حتى روسيا، وسيبيريا؛ بل وحكموا موسكو ذاتها، ولم يكن أمير موسكو يُنَصَّب إلا بعد موافقتهم، وأقاموا "قازان" الشهيرة في شمال نهر الفولجا، والتي أصبحت بعد ذلك عاصمتهم، کما اشتهرت من مدنهم مدينة "السرا" التي كانت العاصمة لفترة طويلة، ومدينة "البلغار" أو "البرغار" أو "بلار" كما كتبها المؤرخون المسلمون، ومدينة "الحاج طرخان" والتي حرَّفها الروس والغربيون إلى "أستراخان" فأصبحت لا تُعرَف إلا بذاك.
واختلط هؤلاء المغول الذين عُرِفُوا باسم التتار ببلغار الفولجا المسلمين اختلاطًا شديدًا، وأصبح سكان هذه المناطق يُعرَفون جميعًا باسم "التتار"[1].
وقد صارت "قازان" خانية أو دويلة إسلامية سنة 842 هـ (1438 م) وحكمها "أولوغ محمد" الذي أخذ الجزية من موسكو، وحاول استعادة أملاك أجداده من حكام "القبيلة الذهبية" الذين كانوا في حالة من الانقسام والتفتُّت؛ لكن لم تساعده الظروف السياسية؛ حيث كانت نهضة روسيا على يد القيصر "إيفان الرهيب" الذي قضى على مملكته الإسلامية - في عهد خلفائه - واحتل الممالك الإسلامية المجاورة له بالمنطقة؛ ليفقد المسلمون حوض نهر الفولجا الذي أسسوا فيه حضارة إسلامية كان أهم مظاهرها في الحكم والإدارة والعمارة والثقافة، ومن أهم سمات تلك المظاهر:
الحياة الاقتصادية:
عمل معظم سكان قازان وخانيتها بالزراعة، وكان هناك نخبة من المعماريين والحرفيين سكنت مدينة قازان، كما اشتهرت الخانية بصناعة الجلود والأحذية وصيد السمك من نهر الفولجا، وتربية النحل فانتعشت تجارة العسل والشمع، بالإضافة إلى تجارة الفِراء ذائعة الصيت بالمنطقة.
هذا إلى جانب أنها كانت مركزًا تجاريًّا مُهِمًّا، وكان من نتيجة هذه التجارة الواسعة قيام تجارة شركاء من بلغار الفولجا والتتار في ممالك أخرى؛ حيث أعطت التجارة مردودًا وفيرًا من المال لدرجة أن البعض من سكان المنطقة قام بترميم بعض المساجد خارج البلاد[2].
ولعل أهم ما برعت فيه قازان كان صياغة المجوهرات، وأبدع ما أنتجته كان التاج الذهبي الذي استولى عليه "إيفان الرهيب" خلال هجومه على المدينة، ومِنْ ثَمَّ أخذه إلى موسكو[3].
العمارة الإسلامية:
برع المسلمون في تشييد عدد من المساجد والقصور والمدارس والوكالات التجارية والفنادق الصغيرة، وكلها كانت مزوَّدة بنظم للتدفئة المركزية[4]، وأُسِّست على الطُّرُز الفنية المميزة لتتار القبيلة الذهبية؛ ولكن سياسة التذويب والتدمير التي انتهجها الرُّوس القياصرة والشيوعيون أدَّت لطمس معالم تلك الثروة الهائلة من تلك المنشآت، حتى إننا نجد أن الكرملين بروسيا الحالية قد أُخذ من نموذج قلعة "كرملين قازان" Qazan kirmäne التي بُنيت في عهد "القبيلة الذهبية" عندما غزا القيصر "إيفان الرهيب" "قازان" واحتلَّها عام 1552 م، وقد كانت هذه القلعة الحصن التاريخي الرئيسي في "تتارستان".
المساجد في قازان:
وكان أول شيء فعله الرُّوس عند احتلالهم خانية قازان، هو تدمير المساجد، فدُمِّرت في المدن كلها، وما بقي إلا عدد قليل منها في القرى البعيدة، ففي سنة 1742 م بقي 118 مسجدًا فقط، حيث ذكر أحد المؤرخين بأنه لم يبقَ في مدينة "قازان" في ذلك الزمن أي مسجد مبني من الحجر؛ بل ما بقي منها كان الخشب الضعيف وذو سقوف تتخللها الأمطار والثلوج التي كانت تنزل على رؤوس المصلين[5].
ونجد أنه بعد حدوث انفراجة واسعة وانفتاح كبير أواخر عهد الرُّوس القياصرة قامت نهضة ثقافية إسلامية عارمة بالبلاد، وأُعيد إنشاء عدد من المساجد والمدارس الإسلامية على أنقاض المنشآت السابقة التي هُدمت، والتي أعيد هدمها وتدميرها أيام حكم الشيوعيين من جديد، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية في روسيا عام 1991م بدأ العمل من جديد في بناء المساجد في تتارستان، ففي زمن "البيروسترويكا" عام 1990 م كان في قازان مسجد واحد فقط، ثم ازداد عددها من 333 سنة 1992م إلى 695 مسجدًا عام 1997م، واليوم يوجد في تتارستان حوالي 1200 مسجد، ويوجد الكثير من المدارس الإسلامية المنتشرة في مختلف المناطق[6].
ويُعَدُّ مسجد "قول شريف" هو المسجد الوحيد الذي يعود تاريخه إلى قبل الغزو الروسي، بُني هذا المسجد في القرن السادس عشر، سُمِّيَ نسبة لـ"قول شريف" الذي توفي هو وطُلَّابه أثناء الدفاع عن "قازان" ضد القوات الروسية في حصار قازان 1552 م، ودُمِّر المسجد خلال اقتحام قازان مِن قِبَل إيفان الرهيب عام 1552 م، وقد بُني ورُمِّم حديثًا عام 2005 م.
ومن المساجد المُهِمَّة أيضًا في قازان: مسجد "أبانايف" الذي بُني عام 1771 م، ومسجد "عظيموف" الذي بُنِي عام 1890 م، ومسجد "المرجاني" الذي بُنِي نسبة للعالم "المرجاني" عام 1770 م، وهو أول مسجد حجري تم بناؤه في قازان، ومسجد "إسكي طاش" الذي بُنِي عام 1802 م، ومسجد "نور الله" الذي تم بناؤه عام 1849 م، ومسجد "بورنايف" الذي انتُهي من بنائه عام 1898 م، والمسجد الأزرق الذي بُنِي عام 1819 م.
[1] المسلمون في الاتحاد السوفيتي عبر التاريخ، د. محمد علي البار، دار الشروق للنشر والتوزيع، 1983م، صـ82-83.
[2] Türkler,“Idyll (Volga) Bulgarian State: Social and Economic Life” , www.ozturkler.com, 27/5/2004.
[3] أقليات إسلامية منسية: المسلمون في تتارستان (روسيا)، القرم (أوكرانيا)، مقدونيا، اليونان، سعيد إبراهيم كريديه، دار جداول، 1430 هـ - 2009 م، صـ40.
[4] Hisotry of Kazan. www.kcn.ru/tat_en/kazan/capital.html. 17/5/2004.
[5] أقليات إسلامية منسية: المسلمون في تتارستان (روسيا)، القرم (أوكرانيا)، مقدونيا، اليونان، سعيد إبراهيم كريديه، صـ49.
[6] الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية تتارستان، قازان: منشورات الإدارة، 2001 م، صـ9.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.