الإسلام في الباراغوايمقالات

خالد رزق تقي الدين

المصدر: موقع حب الإسلام، 13 أغسطس 2009.

 

جمهورية الباراجواي " Paraguay " هي إحدى دول أمريكا الجنوبية و " باراجواي " كلمة هندية تعني النهر المزدان، نسبة إلى نهر الباراجواي الذي يخترق الدولة، وصل إليها الإسبان عام 1526م ولم يستطيعوا احتلالها، وخضعت للرهبان اليسوعيين وظلت تحت سيطرتهم إلى أن طردتهم إسبانيا عام 1767م، نالت البلاد استقلالها من الاستعمار الإسباني عام 1814م بعد الثورة التي انطلقت عام 1811م، وبعدها دخلت الباراجواي في حرب طاحنة مع جيرانها (البرازيل، الأرجنتين، الأوروجواي ) خسرت على إثرها الكثير من أراضيها وأعداداً هائلة من سكانها بلغت نصف عدد السكان، ثم دخلت بعد ذلك في حرب ضد بوليفيا استمرت ثلاثة أعوام 1935م إلى 1938م فقدت بعدها مساحة كبيرة من إقليم "تشاكو".

تقع الباراجواي في وسط أمريكا الجنوبية ولا يوجد لديها أية منافذ طبيعية، يحدها من الشرق البرازيل والأرجنتين ومن الغرب والجنوب الأرجنتين ومن الشمال بوليفيا، وتبلغ مساحتها 406,752 كيلومتراً مربعاً، وعاصمتها أسنسيون " Asuncion " وتنقسم إلى 17 مقاطعة، أهم مدنها أسنسيون " Asuncion "، سداد دل إيستي " C. Del Este "، إنكرنسيون " Encarnecion "، كولنيل أوفيدو " Colonel Oviedo"، ومتوسط درجة الحرارة صيفاً 27 درجة مئوية وشتاءً 17 درجة مئوية.

يبلغ عدد سكانها 6،191،368 مليون نسمة - إحصاء 2004م، وهم عبارة عن 91% خليط من أجناس مختلفة، 3% هنود، 2% ألمان، 4% أجناس أخرى، وتعتبر الإسبانية هي اللغة الرسمية للدولة، ويتقن الشعب لغة محلية وهي " الغواراني " وهي لغة هندية قديمة يتحدثها الشعب بطلاقة وتدرس في المدارس الحكومية، ويعد المذهب الكاثوليكي الديانة الرسمية لأهل البلاد بنسبة 98%، والبقية من أديان ومذاهب أخري، توجد في الباراجواي خمس جامعات رئيسية يدرس فيها 30,000 ألف طالب، وتبلغ نسبة الأمية 24% " إحصاء 1991م ".

يعتبر " الغواراني " العملة الرسمية للبلاد والدولار الواحد يساوي " 2050 " غواراني، ومتوسط الدخل السنوي للفرد 3600 دولار أمريكي.

نظام الحكم جمهوري، والسلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية الذي ينتخب كل خمسة أعوام، والرئيس الحالي هو فيرناندو لوغو، وأهم الأحزاب السياسية الحزب الوطني الجمهوري ويشتهر بالحزب الأحمر وهو الحزب الحاكم، والحزب الليبرالي ويشتهر بالحزب الأزرق.

تحتل الزراعة المرتبة الأولي من مصادر الدخل القومي، نظرا لخصوبة الأراضي، وتزرع معظم الغلات والفواكه التي تصدر عن طريق البرازيل حيث لا يوجد في الباراجواي موانئ للتصدير، ويوجد بها ثروة حيوانية كبيرة من الأغنام والبقر تقوم بتصدير بعضها وكذلك بعض مشتقات اللحوم، وتشكل التجارة مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل وخصوصا بعد اعتبار مدينة " سداد دل إيستي " الواقعة على حدود البرازيل والأرجنتين منطقة حرة، مما دفع إليها رؤوس الأموال الأجنبية وكذلك السياح من الدول المجاورة وتقدر حركة رأس المال السنوية داخل المدينة بـ 8 مليار دولار على تقديرات المحلليين الاقتصاديين العالميين، وتشكل الطاقة الكهربائية مصدرا آخر من مصادر الدخل القومي حيث تبيع الباراجواي حصتها من الطاقة الكهربائية - التي تستخرج من سد " إيتايبو " أكبر سد في العالم وهو مشروع مشترك مع دولة البرازيل حيث تبلغ طاقته الإجمالية 12,000,000 مليون كيلو وات سنويا - للدول المجاورة.

متى وصل المسلمون إلى الباراجواي؟

وصل المسلمون إلى الباراجواي مع بداية هذا القرن واستقروا بالعاصمة " أسنسيون " ومعظمهم كان من أصل سوري، هاجروا طلبا لحياة أفضل وعملوا بالتجارة وتزوجوا من نساء هذه البلاد وانقطعت صلتهم بالعالم الإسلامي مما عرض أجيالهم للذوبان والضياع، ومع نهاية الخمسينات بدأت هجرة جديدة من لبنان على مدينة " سداد دل إيستي " والتي تقع على حدود البرازيل، ونشطت هذه الهجرة بعد بناء جسر الصداقة بين البرازيل والباراجواي واعتبار مدينة " سداد دل إيستي " مدينة تجارية حرة، وقد زادت الهجرة من لبنان بعد اندلاع الحرب الطائفية ومازالت مستمرة إلى وقتنا الحاضر بمعدلات كبيرة، وكذلك وصل إلى المدينة مسلمون من سوريا وفلسطين وبنجلاديش وباكستان وبعض الجنسيات الأخرى، وتقدر التوقعات عدد المسلمين بحوالي 13,500 ألف مسلم.‎

يحظى المسلمون بنوع من الاحترام والتقدير من السلطات الحاكمة نظرا لنفوذهم التجاري ومكانتهم السياسية، حيث يتمتع بعض أبناء المسلمين بمكانة سياسية واجتماعية، فوزير الخارجية الحالي اليخندرو حامد فرانكو مسلم ومن المؤسسين للمركز الإسلامي في عاصمة البلاد، خلافا للكثير من أبناء المسلمين الذين تولوا وظائف حساسة داخل الدولة، وغير هؤلاء الكثيرون من مديري البنوك والأطباء ومدرسي الجامعات، ولكن معظم هؤلاء قلما يعرفون شيئا عن دينهم، ولكنهم يحملون الحب للعرب ولأصولهم الإسلامية.

تجمعات المسلمين :

(1 ) C.Del Este " سداد دل إيستي ":

ومعناها مدينة الشرق وتقع في الجنوب الشرقي لدولة الباراجواي على حدود دولتي البرازيل والأرجنتين ويفصلها عنهما نهر بارانا، وترتبط المدينة مع مدينة " فوز دو إيجواسو " البرازيلية عن طريق جسر الصداقة الذى تم الانتهاء من بنائه مع بداية الستينات، وتبعد مدينة الشرق عن العاصمة أسنسيون 338كم، وعمرها لايتجاوز 65 عاما فقد تم إنشاؤها عام 1957م، ويبلغ عدد سكانها 180,000 ألف نسمة، وترجع أهمية المدينة إلى أمرين:

 الأول / وجود سد " إيتايبو " بينها وبين مدينة " فوز دو إيجواسو " وهو من أضخم المشاريع العمرانية العالمية وقد أقيم السد على نهر بارانا " Rio Parana ".

 الثاني / شهرتها التجارية حيث تعتبر قلب الباراجواي التجاري.

يبلغ عدد المسلمين 13,000 ألف مسلم يسيطرون على معظم الحياة التجارية في المدينة فمعظم البنايات الضخمة الموجودة هي لأبناء المسلمين، وكذلك المحلات المشهورة، ورئيس الغرفة التجارية السابق السيد حسين طيجن هو أحد أبناء المسلمين، ويرتبط المسلمون بعلاقات قوية مع القيادات السياسية والدينية والعلمية في المدينة والدولة.

والمسلمون في مدينة سداد دل إيستي ينقسمون إلى أكثر من مذهب حيث يوجد " أهل السنة والجماعة " وهم الذين يديرون مسجد التوبة، " والشيعة " وهم قسمين قسم يتبع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وقد قاموا ببناء حسينية كبيرة أطلقوا عليها " حسينية الإمام الصدر " إضافة إلى مدرسة لتعليم اللغة العربية معترف بها من قبل حكومة الباراجواي تم افتتاحها عام 1994م وتكلف المشروع حوالي 600,000 ألف دولار أمريكي، والقسم الثاني من الشيعة يعتبرون مرجعيتهم السيد محمد حسين فضل الله وقد قاموا بتعمير مسجد تكلف 400,000 ألف دولار يحمل اسم " الرسول الأعظم " تم افتتاحه نهاية عام 1996م، " والدروز " ولديهم مركز كبير أيضا في مدينة " فوز دو إيجواسو " الحدودية.

بدأ نشاط أهل السنة فى المدينة أواسط عام 1987م، بعد وصول الشيخ. خالد رزق تقي الدين، خريج كلية الدعوة وأصول الدين من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، مبعوثا من قبل الندوة العالمية للشباب المسلم، حيث قام باستئجار صالة كبيرة اتخذت مكاناً للصلاة وممارسة الأنشطة الإسلامية المختلفة لمدة عام بدعم من الشيخ سليمان الراجحي، قام بعدها صاحب البناء السيد حسين طيجن بالتبرع بالصالة لوجه الله تعالى وأطلق عليها " مسجد التوبة ".

تقدم المسلمون في عهد الرئيس " ستروسنر " بطلب رخصة للعمل الإسلامي ولكن طلبهم قوبل بالرفض في ذلك الوقت، ثم تقدموا بطلب آخر في عهد الرئيس " رودريجز " فسمح لهم بممارسة الشعائر الإسلامية بالباراجواي تحت اسم " المركز الإسلامي بالباراجواي " برخصة رقم 9411 بتاريخ 2 مايو 1991م.

يدير المسجد الآن مجموعة من الشباب المسلم، وبرعاية الشيخ عتيق الرحمن الأثري مبعوث وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، ويحمل المركز الآن اسم " المركز العربي الإسلامي الباراجوائي".

ونظرا للهجرة المتتابعة على المدينة والسفر الدائم من وإلى البلاد العربية، فالمسلمون أسعد حالا من بقية المناطق الأخرى في أمريكا الجنوبية، حيث تبادل الزيارات والحضور الاجتماعي القوي في المناسبات المختلفة، والمظاهر العربية والإسلامية التي تراها في الشوارع من محلات ومطاعم ومدارس ومساجد مما يوحي إليك أنك في بلد عربي، ونظرا لازدياد عدد المصلين داخل مسجد التوبة فالمسلمون هناك، بحاجة لبناء مركز إسلامي متكامل يليق بمكانتهم ووضعهم داخل المدينة والدولة، ومعلما من معالم الحضارة الإسلامية في هذه البلاد البعيدة.

(2) Asuncion " أسنسيون ": العاصمة وتقع على حدود الأرجنتين " وهي العاصمة الوحيدة التي تقع على حدود دولة أخرى، ويبلغ عدد سكانها 1304087" إحصاء عام 1992م " ويوجد بها حوالي سبعون عائلة من أصول عربية ومسلمة، وقد بدأ الشيخ خالد تقي الدين زيارات لهذه المدينة بدايات عام 1988م، كان من نتيجتها تأسيس المركز الإسلامي بها في أكتوبر 1989م بعد زيارة قام بها وفد مكون من المشايخ أحمد صالح محايري، أمين الكرم، محمد حسان، خالد تقي الدين، وقد قام الوفد في ذلك الوقت باستئجار مكان للصلاة وتدريس اللغة العربية على أن يكون مقرا للمركز الإسلامي، وتم تفريغ الشيخ محمد حسان من قبل رابطة العالم الإسلامي لإدارة المركز في العاصمة وقد قام بجهد مشكور أثمر عن الحصول على رخصة المركز الإسلامي، وتلقي الكثير من أبناء الباراجواي العلوم العربية والإسلامية داخل المركز، وتم إيصال صوت المسلمين إلى كثير من الجهات المعنية، وعمل على شراء مقر دائم للمركز مما دفع العديد من الجهات والهيئات الإسلامية للمشاركة في هذا العمل، وقد خلف الشيخ محمد حسان فضيلة الشيخ السعيد متولي مبعوث وزارة الأوقاف المصرية، ثم توالى مبعوثي وزارة الأوقاف المصرية على المركز الإسلامي هناك، وقد تعاقب على رئاسة المركز عدة رؤساء هم بالتتالي مهدي صفوان، أكرم سلوم، أحمد رحال، ومحمد أبو عرابي وقد استلم رئاسة المركز في ديسمبر 1996م، ويتولى الرئاسة الآن السيد أحمد رحال والمسلمون هناك بصدد بناء مركز كبير يتلاءم مع وضع المسلمين في هذه العاصمة وهم بحاجة لمساعدة أهل الخير.

(3) Encarnacion " أنكارنسيون ": وهي مدينة تجارية، تقع على حدود الأرجنتين وتبعد عن العاصمة 400كم، ويبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، ويوجد بها حوالي مائة عائلة مسلمة هاجروا إليها منذ خمسة عشر عاما، وقد قمنا بزيارة المدينة أكثر من مرة لدفع العمل الإسلامي بها، والحمد لله يوجد بها مركز إسلامي الآن تابع للمركز الإسلامي بالعاصمة وتتولى وزارة الأوقاف المصرية إرسال أحد الدعاة للعمل بين أبناء الجالية.

(4) Pedro Juan Caballero " بيدرو خوان كاباليرو: وهي مدينة تجارية تقع على حدود دولة البرازيل ويفصلها عن مدينة " Ponta Pora " البرازيلية شارع طويل، ويبلغ عدد سكانها 30 ألف نسمة، ويوجد بها حوالي أربعون عائلة مسلمة هجرتهم حديثة للمدينة، ويعملون بأنواع التجارة المختلفة، ولا يوجد بها أي نشاط إسلامي.

مشاكل المسلمين :

رغم المكانة التي يتمتع بها المسلمون في الباراجواي والتي لا تتهيأ لغيرهم من التجمعات الإسلامية الأخرى في أمريكا الجنوبية، إلا أنهم يعانون معاناة شديدة بسبب بعدهم عن البلاد الإسلامية، وعدم الاهتمام اللازم من المؤسسات الإسلامية المحلية والعالمية، وكذلك هم عرضة للذوبان في المجتمع لكثرة وسهولة طرق الانحراف إذا لم تتقدم الأيدي المخلصة لدعم وجودهم ومساعدتهم في الحفاظ على هويتهم، وحتي يتم هذا الأمر فهناك بعض المقترحات التي تساعد في النهوض بأوضاع المسلمين في الباراجواي:

(1) دعم وجود المسلمين في مدينة " سداد دل إيستي " لتأسيس مركز إسلامي متكامل يليق بوضعهم ومكانتهم في المدينة، ويكون رمزا للتواجد الإسلامي في تلك الدولة.

(2) دعم مشروع بناء المركز الإسلامي ليكون المقر الدائم للمسلمين في العاصمة " أسنسيون ".

(3) العمل على إيجاد داعية متفرغ يتجول على تجمعات المسلمين.

(4) ارسال مكتبات متكاملة باللغة العربية والإسبانية، وبرامج الكومبيوتر، وغيرها من البرامج الإعلامية.

(5) دعوة بعض الشخصيات الإسلامية في الباراجواي لحضور المؤتمرات المختلفة التي تعقد هنا وهناك لإيصال صوت المسلمين إلى إخوانهم في شتى بقاع المعمورة.

وختاماً:

نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى وأن يجزي خيرا جميع من يقدم عونا للأقليات المسلمة في شتى بقاع الأرض.

عناوين مهمة:

المركز العربي الإسلامي الباراجوائي

Centro Arabe Islámico Paraguayo

Zona Comercial de Ciudad del Este

Ciudad Del Este, Alto Paraná , PARAGUAY

المركز الخيري الثقافي الإسلامي في أسنسيون

Centro Benefico Cultural Islamico Asuncion

Iturbe No1659 e/Roma y Acuña Figueroa

Asuncion, Paraguay , PARAGUAY

www.centroislamico.com.py

info@centroislamico.com.py

المسجد والمركز الخيري الثقافي الإسلامي بأنكارنسيون

Mezquita de Encarnación

Carmen De Lara Castro,563

Encarnacion, Itapua , PARAGUAY

‎ والله ولي التوفيق.

خالد رزق تقي الدين - إمام وخطيب مسجد " غواروليوس " البرازيل - نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل.

0 شخص قام بالإعجاب