طاجيكستان وانتشار الإسلام فيها (2)مقالات


روسيا القيصرية تُحكِم قبضتها على طاجيكستان:

أحكمت روسيا القيصرية سيطرتها على "طاجيكستان" وذلك في سنة 1880 م بعد أن تمزَّقت إلى دويلات صغيرة، إلا أن المقاومة الإسلامية بقيادة الشيخ المجاهد (دوكجي إيشان) أعاقت تقدم هذه الجيوش؛ ولكنها لم تَحُلْ دون سيطرة الروس بعد أن قُتِل (إيشان)، وقُضِي على المقاومة، وما زالت التحف الأثرية النادرة التي كانت تُعرَف بكنوز جيحون تُعرَض في متاحف روسيا ولندن شاهدة على قسوة الاجتياح الروسي[1].

وإبان الحرب العالمية الأولى كانت مدينة "خجند" في شمال طاجيكستان مركزًا لثورة المسلمين ضد الحكم الروسي، وقد عرفت بحركة "البصمه جي"، وبلغت ذروتها بعد انضمام الجنرال التركي "أنور باشا" إلى قيادتها لتحرير تركستان الغربية؛ لكن انتهت هذه الحركة باستشهاد "أنور باشا" عام 1922 م بعد مجيء الشيوعيين للحكم[2].

الاتحاد السوفيتي وتقسيم طاجيكستان:

بعد الحرب العالمية الأولى وقف المسلمون إلى جانب الثورة الاشتراكية التي قامت عام ۱۹۱۷م، التي وعدت بإعطائهم حريتهم واستقلالهم.. إلا أن البلاشفة ما أن أحكموا سيطرتهم على روسيا حتى بعثوا بجيشهم الأحمر لسحق الشعوب الإسلامية التي وقفت إلى جانبهم!

وبعد تشكيل الاتحاد السوفيتي في سنة 1341 هـ-1922 م، قررت الحكومة الشيوعية وَأْدَ الإسلام في "تركستان الغربية" بواسطة تقسيمها إلى عدة جمهوريات على أساس عِرْقي يحكمها شيوعيون من أبنائها، وقامت حكومتا "لينين" وبعده "ستالين" بإحصاء القوميات والأعراق الموجودة في تركستان، وقسمت المنطقة وفقًا لذلك، وهكذا خرجت إلى الوجود خمس جمهوريات سوفيتية هي: أوزبكستان وتركمنستان وقرغيزستان وطاجيكستان وكازاخستان، وألغى السوفيت رسميًّا اسم تركستان في سنة 1924 م.

ثم قُسِّمتْ أرض الطاجيك مرة أخرى عام 1895م حيث اتفقت كُلٌّ من بريطانيا وروسيا على تخطيط الحدود وضمَّت إلى أفغانستان المناطق التي يسكنها الطاجيك على الجانب الأيسر لنهر بانزا.

ومارس الشيوعيون أقسى صنوف التعذيب على علماء المسلمين بتلك المنطقة، وهدموا مساجدهم، وسجنوا الشباب خوفًا من الثورات المستمرة في طاجيكستان، ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المساجد التي كانت في طاجيكستان قبل العهد الشيوعي؛ ولكن بعض المصادر الإسلامية تقدر عددها بثلاثة آلاف مسجد، لم يَبْقَ منها إلا 17 مسجدًا في أواخر عام 1990م، إلى جانب ۱۹ كنيسة ومعبدًا يهوديًّا لغير المسلمين الذين لم تكن نسبتهم تتجاوز 30٪، والمسلمون الذين نسبتهم 70٪ لم يكن لهم إلا 17 مسجدًا حينذاك[3].

ونتيجة لتفكُّك الاتحاد السوفيتي؛ أصبحت طاجيكستان دولة مستقلة في 1991 م، وفي سنوات التغيير الأولى بلغ عدد المساجد ۲۹۷۰ مسجدًا، وعدد الجوامع 184 جامعًا، كما افتُتِحت مدارس إسلامية في "خجند" و"كورغان تبه"، وفي ضاحية "كلستان" في "دوشنبه" العاصمة، وكذلك معهد إسلامي باسم "معهد الإمام الترمذي" في "دوشنبه" في صفر عام 1411هـ، وقد تحوَّل هذا المعهد فيما بعد إلى جامعة إسلامية.

 

• تعد طاجيكستان أصغر جمهوريات منطقة تركستان الغربية، وهي تقع شمال "أفغانستان"، وتشترك معها في الحدود والأقاليم ومنابع المياه.

• يختلف سكان طاجيكستان عن بقية منطقة تركستان فهم من أصل إيراني، بينما سكان تركستان من أصل تركي.

• أكثر من نصف مساحة طاجيكستان تشغله هضبة "بامير" أعلى هضبة في العالم حتى لتعرف باسم "سقف العالم".

• يعود الفضل لوصول الإسلام لطاجيكستان إلى الفاتح "قتيبة بن مسلم الباهلي"، وأخيه "صالح بن مسلم" فيما بين عامي 94 - 96 هـ.

• ازدهرت طاجيكستان في عهد الأسرة السامانية، التي انطلقت من فرغانة وإقليم الصغد، وكانت طاجيكستان من مراكز حكمهم.

• بعد انهيار دولة المغول توزَّعت أراضي طاجيكستان الحالية بين الخانيات، التي التهمتها روسيا القيصرية.

• في عهد السوفيت الشيوعيين عانى المسلمون بطاجيكستان من حملة ممنهجة لطمس معالم الإسلام بالبلاد، إلى جانب خطة خبيثة لتقسيم أراضي طاجيكستان على أساس قومي.

 


[1] طاجيكستان.. انسداد سياسي واحتقان مجتمعي يشعله الجهل والفقر، رضا عبد الودود، مجلة الفرقان، عدد 604، 3 ذو القعدة 1431 هـ، صـ39.

[2] المسلمون في الاتحاد السوفيتي عبر التاريخ، د. محمد علي البار، دار الشروق للنشر والتوزيع، 1983م، صـ335.

[3] سفرة إلى طاجيكستان، محمد بن ناصر العبودي، صـ36.