آثار حضارة الإسلام في قيرغيزستان (2)مقالات


فَرْغانة ومن ظهر بها من العلماء:

خرج من فَرْغانة جماعة كثيرة من أهل العلم والأدب؛ قال السمعاني: "وفيهم كثرة وشهرة في كل فن ونوع من العلوم"[1]، ومن هؤلاء العلماء:

• "أبو الوفاء محمد بن محمد بن القاسم الأخسيكثي": كان إمامًا في اللغة والتاريخ.. توفي سنة 520 هـ (1125 م)، وأخوه "أحمد بن محمد بن القاسم" كان أديبًا فاضلًا شاعرًا.. ولد سنة 466 هـ (1074 م) في فرغانة (أخسيكث) واشتهر بالأدب، وحسن الصنعة في الكتابة، واختاره الحُكَّام والسلاطين ليكون كاتبهم، له مصنفات في الأدب، منها كتابه (الزوائد) في شرح سقط الزند - للمعري، وتوفي بمَرْو سنة 538 هـ (1134 م).

• ومنها "حسام الدين محمد بن محمد بن عمر الأخسيكثي" وهو فقيه حنفي أصولي، له كتاب (المنتخب في أصول المذهب)، المشهور بالمنتخب الحسامي، الذي شرحه مجموعة من العلماء، وتوفي سنة (1246 م).

• وممن ينسب لفَرْغانة "أحمد بن كثير الفرغاني" الذي عاش في زمن الخليفة العباسي "المتوكل"، وقد انتقل من فرغانة إلى بغداد حيث اشتهر في علم الهيئة، ثم طلبه حاكم مصر إلى القاهرة فأنشأ بها مقياس فيضان النيل بروضة المنيل.

• ومن مشاهير علماء فَرْغانة القاضي "حسن بن منصور الأوزجندي الفرغاني" المشهور بقاضي خان، وله فتاوى مشهورة (ت 592 هـ).

• ومنها "نوح بن نصر بن محمد الفرغاني الأخسيكثي": روى الحديث عن بكر بن فارس الناطقي، وأحمد بن محمد الهروي، وسمع بالعراق وخراسان والشام، وقدم همذان سنة 415 هـ (1024 م).

• وممن ينسب إلى فرغانة "حاجب بن مالك بن راكين أبو العباس التركي الفرغاني"، سكن دمشق وحدث بها عن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي، وأحمد بن حمدون، وعمرو بن علي، وعلي بن حرب، وأبي حاتم الرازي، وهلال بن العلاء... وغيرهم كثيرين، وروى عنه أبو سعيد بن الأعرابي، ويوسف بن القاسم الميانجي، وأبو بكر بن أبي دجانة، وجماعة وافرة سواهم، وكانت وفاته بدمشق سنة 206 هـ.

• وممن ينسب إليها "أبو منصور أحمد بن عبد الله الفرغاني" الذي ولد عام 327 هـ (9۳۸ م) وتوفي سنة ۳۹۸ هـ (1007 م)، انتقل إلى مصر، وسكن بها إلى أن وافته المنية، واشتهر بمؤلفاته التاريخية، منها: (سيرة كافور الإخشيدي)، وسيرة العزيز سلطان المنتسب إلى العلويين. وتكملة لتاريخ بدأه والده اسمه (التاريخ).

وبفرغانة مدينة "أوش" التي كانت تعد ثالث مدن فَرْغانة من حيث المساحة، وكان يوجد بالقرب منها رباط كبير يقصده المجاهدون من كل صَوْب.

ومن علمائها:

• المحدث "عمران بن موسى الأوشي".

• "مسعود بن منصور الأوشي": سكن سمرقند، كان فقيهًا فاضلًا، وكان يدرس في رباط حمزة، حدث عن "أبي جعفر محمد بن علي العرفي السمناني"، والعجيب أن هذا العالم وزوجه وولده ماتوا جميعًا في ليلة واحدة بمنتصف ذي الحجة سنة 519 هـ.

التناقض بين العلمانية الرسمية وإسلام الشعب:

تعاني قيرغيزستان من الفقر والفساد؛ حيث تعتبر "قيرغيزستان" إلى جانب "طاجيكستان"، أفقرَ الجمهوريات السوفيتية السابقة، ودفعت الظروف الاقتصادية العديد من مواطنيها للهجرة لروسيا، حيث تشكل تحويلاتهم نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.. ورغم أن قيرغيزستان أقامت نظامًا سياسيًّا منفتحًا نسبيًّا، وأفرزت مجتمعًا مدنيًّا نابضًا بالحياة، وهو ما شكَّلَ تناقضًا مع جيرانها الأكثر استبدادًا، فإن الحكومات المتعاقبة على البلاد تتخوّف من ارتباط العودة للإسلام بالتطرف[2].

ويعترف القيرغيز بتراثهم الإسلامي العريق، لكنهم يؤكدون- مثل الكازاخ- أنهم دخلوا الإسلام متأخرين عن أقرانهم بآسيا الوسطى، ولا تزال معتقدات ما قبل الإسلام والممارسات الإسلامية متشابكة مع الممارسات الثقافية التقليدية للبدو القيرغيز، إلى جانب كثرة الطرق الصوفية التي سادت أوساط المسلمين خلال العصر الحديث، وشوَّهت الكثير من معالم الدين القويم لدى العامة؛ لذلك ترى السلطات القيرغيزية في القومية والتراث ما يدعم علمانيتها في مواجهة الدين.

وكانت المؤسسات الدينية ترتبط في السابق بنشاط سكان قيرغيزستان الأوزبك أكثر منه للقيرغيز، لكن تنامي الصحوة الإسلامية للدعاة القيرغيز، ورغبة الدولة في الحجر على بعض الأحزاب الإسلامية ذات الصبغة الأوزبكية الداعية للتصادم مع الدولة، فتح ذلك المجال من جديد للنشاط الإسلامي للدعاة الجُدُد والمؤسسات الإسلامية الوليدة التي تأمل في الاستفادة من حيز الحرية في دعم تعريف القيرغيز بالإسلام الصحيح، والبعد عن الممارسات الضالة.

• يمثل المسلمون الأغلبية في عدد السكان في قيرغيزستان، وتبلغ نسبة المسلمين 90% من السكان.

• بعد أن كان أيام القبضة الشيوعية على البلاد لا يكاد يوجد سوى مسجد واحد في العاصمة "بشكك"، يوجد الآن أكثر من ألف مسجد بالبلاد.

• أطلق المسلمون على "قيرغيزستان" قديمًا اسم "وادي فَرْغانة"، وكان محطة تجارية هامَّة على طريق الحرير القديم.

• لما قُسم وادي فرغانة على الجمهوريات الثلاث (أوزبكستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان) - بعد الاستقلال - نشبت المشكلات بسبب تداخل القوميات، فأصبح كثيرٌ من الأوزبك داخلَ قيرغيزستان .

•  خرج من فَرْغانة جماعة كثيرة من أهل العلم والأدب؛ منهم: الأديب أحمد بن محمد بن القاسم الأخْسِيكَثي، والفلكي أحمد بن كثير الفَرْغاني، والقاضي حسن بن منصور الأوزجندي الفَرْغاني، والمؤرخ أبو منصور أحمد بن عبد الله الفَرْغاني.

• ممن ظهر في مدينة "أوش" من العلماء: عمران بن موسى الأوشي، ومسعود بن منصور الأوشي.

• كانت المؤسسات الدينية ترتبط في السابق بنشاط سكان قيرغيزستان الأوزبك أكثر منه للقيرغيز، لكن تنامت الصحوة الإسلامية للدعاة القيرغيز مؤخرًا.

 


[1] الأنساب، أبو سعد السمعاني، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، 1382 هـ - 1962 م، (10/ 188).

[2] الجديد في حالة الإسلام والمسلمين في العالم (2010-2020): ما بعد الإسلاموفوبيا: حولية أمتي في العالم، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، مجموعة من الباحثين، 2021 م.