لمحات عن الإسلام والمسلمين في نيكاراغوامقالات


المصدر: من مقال "رحلة الإسلام في وسط أمريكا والبحر الكاريبي"، تبيان، 18 مارس 2021م.

 

جمهورية نيكاراغوا:

نيكاراغوا دولة أخرى تقع في أمريكا الوسطى، تحدها شمالًا هندوراس وجنوبًا كوستاريكا وشرقًا البحر الكاريبي وغربًا المحيط الهندي. وتغطي الغابات الاستوائية نصف مساحة هذه البلاد. تعرضت للاحتلال الإسباني في عام 928 هـ/ 1522م، وانضمت في عام 1236هـ /1821م إلى اتحاد جمهوريات أمريكا الوسطى، لكنها استقلت عنه في عام 1253هـ / 1838م.

الإسلام في نيكاراغوا:

عرفت نيكاراغوا الإسلام في وقت مبكر من تاريخها، وذلك منذ القرن الخامس الهجري (الحادي عشر ميلادي) بفضل الأفارقة الذين هاجروا إليها ونشروا فيها الإسلام بين سكانها الأصليين من الهنود الحمر ولذلك تشير التقارير للإسلام على أنه أول دين سماوي عرفته المنطقة.

ويشهد لهذا الوصول المبارك للإسلام في أمريكا الوسطى آثار المساجد التي بنيت على الطراز الإسلامي الهادئ، بواسطة الأحجار والأخشاب وغيرها من مواد البناء البدائية.

وعند وصول المحتلين الإسبان في عام 928هـ/ 1522م وجدوا مجتمعات إسلامية مستقرة قد ازدانت بالقيم الإسلامية الراقية والتعاملات في كل مجالات الحياة وفق شريعة الله، ما كان السبب في انتشار دعوة التوحيد بين الهنود الحمر، فأغاظ هذا الواقع الإسبان الذين دفعهم حقدهم لإطلاق حملة إبادة مماثلة للمسلمين في الأندلس، فهاجر المسلمون على إثر ذلك من نيكاراغوا إلى بعض دول البحر الكاريبي كترينداد وتوباغو.

وأصر الاحتلال الإسباني على إعلان الحرب على كل ما يتصل بالإسلام لأكثر من ثلاث قرون في نيكاراغوا بشراسة وحقد أعمى، إلى أن نالت البلاد استقلالها في عام 1253ه /1838م وكان في ذلك إخماد جذوة الإسلام إلى حين في هذا الجزء من العالم.

وبحسب تقارير المؤسسات الإسلامية وصل عدد المسلمين في نيكاراغوا في عام 1405هـ /1985م إلى 200 نسمة فقط ووصل عددهم اليوم إلى أكثر من ثلاثة آلاف نسمة بنسبة 1% فقط من مجموع سكان البلاد، ومع ذلك يتفق الباحثون على أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارًا ونموًا في نيكاراغوا وهو النمو الذي ألقى بظلاله على الحضور الثقافي الإسلامي في البلاد.

ويرجع الارتفاع اللافت للمسلمين في نيكاراغوا لهجرة المسلمين منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى هذه البلاد وإلى اعتناق النيكاراغويين للإسلام.

وأسس المسلمون الرّابطة الثّقافيّة الإسلاميّة لجمع شتاتهم وتنظيم صفوفهم وإقامة شعائرهم، وكذلك حدا حدوهم المسلمون في مدن غرناطة وماسايا وليون وشينانديغا بتأسيس مراكز أصغر لخدمة المسلمين.

ونقل المهاجرون المسلمون الذين وصلوا إلى نيكاراغوا في عام 1410ه/ـ 1990م وعيًا أفضل بالتراث الإسلامي فلعبوا دورًا كبيرًا في الصحوة الإسلامية في هذا الجزء من أمريكا الوسطى. وفي عام 1419هـ / 1999 تم تشييد أول مسجد كبير في نيكاراغوا في منطقة سان خوان (سيوداد جاردين) يتسع لحوالي ألف شخص، وكان له نشاطات دعوية شتى.

وافتُتح المركز الثّقافيّ الإسلاميّ في عام 1428هـ/ 2007م، لكنه أثار جدلًا بشأن اتهامات بتمويله من إيران، وأغلق المركز لعدّة أشهر لعزوف المسلمين عنه.

مشاكل المسلمين في نيكاراغوا:

يفتقد المسلمون في هذه البلاد الفهم السليم للإسلام بسبب الحرب التي يعيشها هذا الدين في كل أنحاء العالم ودور الإعلام في تشويهه. كما أن حقل الدعوة ضعيف في نيكاراغوا ويعتمد فقط على الجهود التطوعية الفردية، مع أن البلاد تعتبر أرضًا خصبة للدعوة للإسلام.

وشهدت المنطقة ازدياد النفوذ الإيراني في المجتمع الإسلامي وقد سجلت التقارير في عام 1428هـ/ 2007م رفض إمام من أهل السنة الصلاة في مركز ماناغوا بسبب نفوذ الشيعة الإيرانيين الذين كانوا ينتظرون إمامًا شيعيًا فأقيل الإمام السني وعُين إمام آخر بعد إقالته بعام بحسب التقارير.

كما تأثر المسلمون بحدثين كبيرين شهدتهم البلاد، الأول هو زلزال نيكاراغوا في عام 1392هـ/ 1972م والثاني هو الثورة في عام 1399ه/ 1979م، مما دفع بالكثير من المسلمين خاصة الفلسطينيين بالهجرة إلى أمريكا الشمالية أو العودة إلى الوطن، ومن بقي منهم تأثر بالضغوط عليهم ومنهم من اندمج مع النصرانيين.

وعمومًا يعيش المسلمون نفس المشاكل في كل بلاد أمريكا الوسطى، على رأسها الافتقار إلى الموارد المالية، كما تأثر المسلمون على امتداد فترات تاريخ نيكاراغوا، بالسياسات القمعية الحكومية، التي يدفعها العداء الكاثوليكي للإسلام، مما تسبب في تنصر بعض المسلمين وهجرة آخرين.

وسُجلت ذروة القمع الحكومي أثناء بداية ثورة السّاندينية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وفي الوقت الذي مارست فيه الحكومة القمع والاضطهاد على المسلمين السنة رحّبت بالمقابل بموجة من المهاجرين الإيرانيّين الذين فرّوا من الثّورة الإيرانية عام1399هـ/ 1979م، والحرب الإيرانيّة العراقيّة في عام 1400هـ /1980م. وتوطدت العلاقات أكثر بين نيكاراغوا وإيران تحت قيادة الرّئيس دانييل أورتيغا الذي تولى الرئاسة عدة مرات في نيكاراغوا.