وصول الإسلام إلى باكستان (2)مقالات


الاستعمار البريطاني لشبه القارة الهندية:

بدأ الاستعمار البريطاني في شبه الجزيرة الهندية في عام 1858 م، واستمر قرابة المائة عام، وأقامت بريطانيا للسيطرة على ممالك الهند "شركة الهند الشرقية الإنجليزية" والتي احتكرت كافة الموانئ التجارية بالمنطقة، حيث أقامت ثلاثة وعشرون مركزًا تجاريًا بالسواحل الهندية لاحتكار تجارة وثروات الهند[1]، وقاموا بتقريب طائفة السيخ والهندوس واتخاذهم شوكة في ظهر المسلمين الهنود، حتى صرح اللورد "ألنبرو" بقوله: "ليس في وسعي أن أغمض عيني بأن هذا العنصر الإسلامي عدو أصيل العداوة لنا، وأن سياستنا الحقة أن نتجه إلى تقريب الهنود"[2].

ومن أبرز حركات مقاومة المسلمين الجريئة لنفوذ الإنجليز، ومحاولة تأسيس إمارة مستقلة للمسلمين في "البنجاب" حركة الإمامين الشهيدين: "أحمد بن عرفان البريلوي" (1201 - 1246 هـ) ورفيقه الشاه "محمد إسماعيل الدهلوي" (1193 - 1246 هـ) الذين قاوما توسع نفوذ السيخ على يد الإنجليز، وقاما بالجهاد ضد السيخ شمالي غربي الهند في المنطقة التي تمثل إقليم الحدود الشمالية الغربية لباكستان الحالية مثل (بشاور، وأكورة ختك)، وقام الإمام "أحمد البريلوي" بإقامة دولة إسلامية في تلك المنطقة لإعادة مجد المسلمين، لكن الانقسامات التي كانت بين صفوف المسلمين، وزرع الإنجليز الحركات الصوفية والباطنية بين أصحابه، والتي كان لها دور في تخذيل الكثير من المقاتلين عن الإمام أحمد، جعلت السيخ بمساعدة الإنجليز يحاصرون الإمام وصحبه في وادي "بالاكوت" في عام 1246 هـ - 1831 م، ليستشهد هو و"إسماعيل الدهلوي" ومن معهما، وتوأد تلك المحاولة لإقامة إمارة إسلامية[3].

وقد ارتكب الإنجليز أفظع المجازر ضد المسلمين أثناء ثورة الهند الكبرى عام 1857 م، منها اغتصاب النساء، وفُجِّرَ الرجال بواسطة ربطهم بفوهات المدافع، ففي كتابه (The Last Mughal) ذكر المؤرخ "ويليام داريمبل" التأثيرات على السكان المسلمين في "دلهي" بعد استعادة البريطانيين للمدينة. وقال أن السيطرة الفكرية والاقتصادية للمدينة تحولت من المسلمين إلى الهندوس لأن البريطانيين في ذلك الوقت رأوا أن هناك يد إسلامية وراء التمرد[4].

وقيل أن عدد قتلى المسلمين في تلك الثورة تجاوز 27 ألف مسلم، في مجزرة متصلة لاستئصال شأفة المسلمين ونسلهم بشبه القارة الهندية[5].

 

استقلال باكستان:

نتيجة للحركات السياسية العديدة التي قامت بالهند في القرن العشرين، ونتيجة لتنامي مساعي السخط بين المسلمين والهندوس، تم إعلان تقسيم الهند إلى دولتين مستقلتين في 14 أغسطس عام 1947 م، وكان السيد "محمد علي جناح" هو أول رئيس لدولة باكستان الإسلامية.

يقول الأستاذ "مالك بن نبي" عن تلك الخطوة: "لقد استطاع (الثعلب الهرم- أي بريطانيا) أن ينشئ في شبه القارة الهندية منطقة أمان، وبعبارة أخرى: حجرًا صحيًا ضد الشيوعية، ولكنه عرف أيضًا كيف يخلق بكل سبيل عداوة متبادلة بين ‌باكستان والهند، وكان من أثرها عزل الإسلام عن الشعوب الهندية من ناحية، والحيلولة دون قيام اتحاد هندي قوي من ناحية أخرى؛ ولقد بذل هذا السياسي الإنجليزي غاية جهده لتدعيم هذه التفرقة، وتعميق الهوة بين المسلمين والهندوس؛ تلك الهوة التي انهمرت فيها دماء ملايين الضحايا، من أجل هذا التحرر الغريب، فكان الدم أفعل في التمزيق من الحواجز والحدود، حتى إن (باتل) - كان (باتل) وزيرًا للدفاع في أول وزارة هندية أعقبت الاستقلال - كان يثور عندما يتحدث عن ‌باكستان، بعد أن بذلت الرابطة الإسلامية أقصى وسعها لتشجيع أعمال الفوضى والاضطراب، أضف إلى ذلك مشكلة كشمير المزعجة، وهي ليست أقل عقبة في طريق الصلح بين الأخوين المتخاصمين"[6].

وقد ترجمت مخاوف كل من "مالك بن نبي"، و"أبو الأعلى المودودي" لحقيقة ماثلة في الوقت الرهن، وحرب مستمرة بين كل من الهند وباكستان، ما زالت أصداء مأساتها تتجلى في "إقليم كشمير المسلم" المتنازع عليه بين الدولتين.

 

• معنى كلمة "بَاكِسْتَانْ" باللغة الأردية: "الأرض الطاهرة"، وتتألف "باكستان" من أربع أقاليم تحكم بطريقة فيدرالية، وهي: "بنجاب، والسند، وخيبر بختونخوا، وبلوشستان".

• اتفقت الأقوال أن اتصالات العرب بشبه القارة الهندية كانت قائمة حتى قبل ظهور الإسلام، وذلك عن طريق التجار العرب الذين تعاملوا مع موانئ سواحل الهند.

• كان أول فتح إسلامي لمنطقة السند في عهد الخليفة عمر بن الخطاب.

• يعد "محمد بن القاسم الثقفي" هو فاتح منطقة السند والهند، واستمرت الفتوحات فيما بين سنة (92-96 هـ).

• توالى على السند عدد من الأمراء وقادة الجيوش الإسلامية يوسعون رقعة الفتوحات، واستقلوا بحكم المنطقة عن الخلافة العباسية الضعيفة.

• من السلاطين الذين كان لهم دور كبير في حركة الدعوة الإسلامية في السند: السلطان محمود الغزنوي، والسلطان محمد بن تغلق، والسلطان "أورنكزيب عالم كير".  

• ارتكب الإنجليز أفظع المجازر ضد المسلمين أثناء ثورة الهند الكبرى عام 1857 م.

• تم إعلان تقسيم الهند إلى دولتين مستقلتين في 14 أغسطس عام 1947 م، وإعلان دولة باكستان المسلمة.

• بعد الاستقلال قامت حرب بين كل من الهند وباكستان، ما زالت أصداء مأساتها تتجلى في "إقليم كشمير المسلم" المتنازع عليه بين الدولتين.

 


[1] حقائق عن باكستان، محمد حسن الأعظمي، صـ27.

[2] باكستان، محمود شاكر الحرستاني، صـ26.

[3] تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند، مسعود الندوي، دار العربية- بيروت، 1370هـ- 1951م، صـ169-170.

[4] -

The Last Mughal: The Fall of a Dynasty، Delhi 1857, page: 374.

[5] الدعوة الإسلامية في باكستان: مشاكلها، وطريق النجاح فيها، محمد يعقوب طاهر، صـ20.

[6] وجهة العالم الإسلامي، مالك بن نبي، دار الفكر المعاصر بيروت- لبنان، ط1، 1986م، صـ105.