المسلمون في تايوان: مجتمع صغير مزدهر (2)مقالات

آيبو زافار

مترجم عن اللغة الإنجليزية

 

المسلمون في تايوان: مجتمع صغير مزدهر (2) [1]

 

هذا وينتمي معظم المسلمين التايوانيين إلى المذهب الحنفي على عكس العديد من البلدان الإسلامية الأخرى في جنوب شرق آسيا، ومسجد تايبيه الكبير ليس فقط مسجدًا، ولكنه مكان مركزي للمسلمين في تايوان، فهو أكبر وأقدم مسجد في الجزيرة، إذ يمكن رؤية التنوع الثقافي الدولي للمسلمين هنا دائمًا، وتايوان مثلها مثل العديد من الدول الغربية نادرًا ما تُرى الثقافة الإسلامية التقليدية فيها، فمعظم المسلمين المحليين ليس لديهم لحية، ونادرًا ما يُرى الحجاب الكامل "البركع"، ولكن يمكن رؤية النساء المسلمات وهن يرتدين الوشاح، وقد تم إدراج تايوان في المرتبة الثانية في العالم من حيث التنوع الديني بعد سنغافورة من قبل مركز أبحاث PEW المرموق ومقره واشنطن العاصمة.

وفيما عدا عن بعض الكتيبات المحدودة المتوفرة في المسجد، فإن هناك موارد محدودة للغاية بالنسبة للمواطنين التايوانيين المحليين لمعرفة الإسلام، كما أن الدور السلبي الذي لعبته وكالات الإعلام في السنوات الأخيرة أسهم في تغير نظرة التايوانيين إلى الإسلام إلى صورة سيئة وسلبية، لدرجة أن بعضهم بمجرد أن يقابلوا شخصًا جديدًا ويعرفون أنه مسلم، فإنهم يسألونه عن تنظيم داعش سيئ السمعة.

"ما جي ما" طالبة جامعية هاجر والدها إلى تايبيه عام 1980م، تقول بأنها تشعر بالفخر لكونها مختلفة في مجتمع يقل فيه عدد المسلمين، ولكنها تعتقد أنه في بعض الأحيان يمثل تحديًا كبيرًا، فتقول: "أشعر بأنني مختلفة تمامًا عن الأشخاص من حولي، وأنا فخورة بوجود هذه الاختلافات، ولكن معظم الأطفال المسلمين مروا بمرحلة شعروا فيها بالحرج من هويتهم؛ لأنهم اضطروا إلى ارتداء ملابس، وتناول الطعام مختلف"، وتقول ما التي تسعى للحصول على درجة جامعية من جامعة فو جين الكاثوليكية في تايبيه: "قد يكون من الصعب جدًا على الطفل المسلم أن يتم تمييزه عن غيره"، وتقول أيضًا: "إن ارتداء الحجاب في الخارج يجذب الانتباه بالتأكيد، ويطرح الناس أسئلة نمطية حول كون المسلمين إرهابيين وعن داعش"، إذ إن فرصة السكان المحليين لمعرفة الإسلام والمسلمين قليلة جدًا، وتقتصر على ما يسمعونه من وسائل الإعلام، وهو ربما السبب في كون أعداد المسلمين قليلة في تايوان.

أما بالنسبة للمسافرين والطلاب المسلمين، فإن أصعب تحد يواجههم هو تحديد مكان يحتوي على وجبة حلال، حيث تقدم معظم المطاعم المحلية لحم الخنزير، وبصرف النظر عن لحم الخنزير، فإن من الشائع هناك طهي الطعام باستخدام زيت لحم الخنزير، وبالرغم من أن منظمات مثل CMA تحاول نشر المعلومات حول المطاعم الحلال في تايبيه ومدن أخرى عبر وسائل مختلفة، إلا أن أعداد هذه المطاعم في كل مدينة قليل جدًا، وفي معظم الأوقات بعد صلاة الجمعة، أو أحيانًا يوم الأحد تنظم لجان المساجد الطعام الحلال في العديد من الأماكن، ويقدم بعضها الطعام مجانًا، وفي الآونة الأخيرة وعد عمدة تايبيه كو وين جي بزيادة عدد المطاعم الحلال في المدينة.

دور الحكومة

الحرية الدينية هي إحدى السمات الرئيسية التي يكفلها دستور تايوان، وعلاقة المسلمين بالحكومة جيدة، وقد اعتاد الرئيس التايواني السابق ما ينج جيو استقبال قافلة الحج العائدة من مكة كل عام منذ عام 2008، وفي يوم عيد الفطر يزور عمدة تايبيه مسجد تايبيه الكبير، وأثناء مخاطبته لمجلس الدعوة الإسلامية الإقليمي لجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ في تايبيه قال الرئيس ما: "إن الإسلام مثل صديق قديم، وأن حكومته تعمل بلا كلل لحماية حقوق المسلمين".

مستقبل تاريخي

يقال إن الإسلام قد وصل لأول مرة إلى تايوان في القرن السابع من قبل التجار المسلمين، ففي القرن السابع عشر هاجر عدد كبير من مسلمي الهوي من الصين إلى تايوان، وهوي هي مجموعة عرقية معظمها من المسلمين في الصين القارية، ووفقًا للدكتور إبراهيم تشاو جاء الإسلام إلى تايوان من البر الرئيسي للصين خلال الفترة الأخيرة من عهد أسرة مينج، حيث أرسل حكام مينغ الجيش لطرد البرتغاليين الذين كانوا يحكمون جزيرة تايوان في ذلك الوقت، وبسبب ذلك جلب العديد من الجنود المسلمين عائلاتهم، واستقروا هناك فيما بعد، وحتى السنوات الأولى من القرن العشرين كان اتصال المسلمين التايوانيين بالبر الصيني الرئيسي قويًا للغاية، وكانت هناك عادة إرسال الإمام من الصين إلى تايوان، ولكن خلال الحكم الياباني كان هذا الاتصال مقيدًا، وحين غادر اليابانيون الصين بعد الحرب العالمية الثانية اضطر القوميون الكومينتانغ بقيادة تشنغ كاي شيك إلى مغادرة البر الرئيسي، ثم جاء حوالي 20 ألف مسلم إلى تايوان مع الكومينتانغ، وفي الثمانينيات جاء العديد من المسلمين من ميانمار، وتايلاند بحثًا عن حياة أفضل إلى تايوان، وأصبحوا فيما بعد مواطنين فيها.

 


[1] الترجمة نقل دقيق لمحتوى المقالة ولا يعني ذلك بالضرورة الموافقة على آراء الكاتب. يمكنكم الوصول إلى المقالة عبر الرابط التالي: https://worldbulletin.dunyabulteni.net/news-analysis/muslims-in-taiwan-a-small-thriving-community-h176106.html