المالديف: مسيرة ناجحة نحو التعريبمقالات

محمود بيومي

المصدر: موقع مداد، 8/ 11/ 2007.

 

بعد جهود مكثفة، وعمل متواصل، حققت المؤسسات الإسلامية في جمهورية المالديف نجاحاً كبيراً في نشر الوعي الديني، والقضاء على الأمية، وذلك عن طريق التوسع في إنشاء المدارس القرآنية، ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم في جميع الجزر المأهولة بالسكان، كما قامت وزارة التعليم بإنشاء أكثر من مدرسة في كل جزيرة من هذه الجزر لتربية النشء المسلم تربية إسلامية صحيحة.

كما قامت لجنة من علماء الإسلام في المالديف بإنجاز أول ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم باللغة "الديفيهية" التي يتحدث بها المسلمون هناك، ويجري الآن طباعة هذه الترجمة تمهيداً لتوزيعها على المسلمين في كافة جزر المالديف.

اللغة القرآنية:

كما انتشرت في المالديف اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم، وقد ساهم حفظ القرآن الكريم في تعريب اللسان المسلم في المالديف، كما ساهم ذلك في القضاء على الأمية خلال عدة سنوات، حيث أوضحت المصادر الإسلامية في المالديف أن نسبة الذين يجيدون القراءة والكتابة قد بلغت 97% من إجمالي السكان البالغ تعدادهم حسب آخر التقديرات السكانية أكثر من 270 ألف نسمة جميعهم من المسلمين.

وقد بدأت المالديف مسيرتها نحو التعريب ونشر اللغة العربية منذ استقلالها في عام 1965 ميلادية، وقد استجابت الدول العربية لنداءات المالديف للمساهمة في نشر اللغة العربية في هذه الجزر، حيث خصصت رابطة الجامعات الإسلامية والأزهر العديد من المنح الدراسية لأبناء المسلمين في المالديف لدراسة علوم الإسلام، واللغة العربية بالكليات الإسلامية.

وتشير أحدث التقارير أن اللغة القرآنية قد أصبحت لغة تخاطب يومي، وأن القرآن الكريم وعلومه تدرّس في جميع المدارس هناكº ونظراً لأن الشعب المالديفي من الشعوب المسلمة الخالصة في قارة آسيا فقد نجحت هناك خطا التعريب بشكل إيجابي واضح، فالشعب المالديفي حريص على تفهّم كل ما جاء في كتاب الله - تعالى- والأحاديث النبوية الشريفة.

تلاشي الجرائم:

ويطبّق الشعب المالديفي أحكام الشريعة الإسلامية في كافة المجالات خاصة في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومواريث، كما أن جميع الحدود مطبقّة في المالديف - ماعدا الرجم، وقطع يد السارق - حيث تتلاشى جرائم السرقة وارتكاب الرذائل بسبب تمسك أبناء هذا الشعب المسلم بتعاليم وهدى الدين الإسلامي الحنيف، كما أن جميع المحاكم في المالديف تصدر أحكامها وفقاً للشريعة الإسلامية، ويتقبّل أبناء الشعب المالديفي هذه الأحكام بصدر رحب، ولا يُعترض عليها في كافة مراحل التقاضي باعتبارها أحكاماً عادلة تستمد حيثياتها من الشريعة الإسلامية العادلة.

وتقوم المحكمة العليا في المالديف بدور إيجابي في مراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامي في جميع المحاكم وذلك منذ إنشائها في 5 أكتوبر عام 1980 ميلادية، ويعتبر منصب رئيس المحكمة العليا من أرفع المناصب في جمهورية المالديف.

كما تقوم المحكمة العليا في المالديف بمراجعة كافة القوانين التي يقرّها البرلمان وذلك للتأكد من مطابقة هذه القوانين لأحكام الشريعة الإسلامية.

جزر للسياحة:

ونظراً لأن المالديف عبارة عن مجموعة من الجزر الصغيرة التي يبلغ عددها (1087) جزيرة فقد خصصت المالديف (84) جزيرة منها للسياحة فقط، لا يبرحها السائح إلى الجزر المأهولة بالسكان المسلمين، وقد أصدر قاضي قضاة المالديف فتوى حظرت على السائحين الذين يفدون إلى هذه الجزر ويرغبون في التنقل إلى جزر أخرى الخروج عن الآداب الإسلامية.

وتقوم الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر بتقديم الدعم اللازم للمؤسسات الدعوية والتعليمية في المالديف، حيث أوفدت هذه الدول بعثات تعليمية لدعم مسيرة التعليم الإسلامي والعربي في المالديف، ويضم معهد الدراسات الإسلامية بعثة من الأزهر للمساهمة في تخريج الدعاة والمعلمين.

وهكذا حققت المالديف اكتفاء ذاتيّاً في هذا المجال حيث توفّر عدد لا بأس به من أئمة المساجد والمعلمين اللازمين للعمل بالمساجد والمدارس المنتشرة هناك.

مع رئيس المجلس الإسلامي:

وقد أكد الشيخ محمد رشيد إبراهيم رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، ورئيس المحكمة العليا في المالديف أن لجنة من علماء الإسلام من بلاده قد أنجزت أول ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم باللغة الديفيهية التي يتحدث بها المسلمون هناك، وذلك في حوار خاص مع شبكة (الإسلام اليوم)، وأنه يجري الآن طباعة هذه الترجمة لتوزيعها على المسلمين في مختلف الجزر.

وقال الشيخ: أن اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم تنتشر في بلاده انتشاراً طيّباً، وذلك بسبب الإقبال المستمر على حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وأن المدارس الإسلامية - العربية تنتشر في جميع الجزر، وأنه تم القضاء على الأمية في المالديف بنسبة 97%، ومن المأمول القضاء نهائياً على الأمية خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأشار إلى أن المالديف دولة إسلامية خالصة في قارة آسيا، فجميع سكانها - 270 ألف نسمة - من المسلمين الذين يطبقون الشريعة الإسلامية في كل المجالات، وتناول الحوار العديد من القضايا الإسلامية المهمة.

تعريب اللسان المسلم:

- ما هي جهود المؤسسات الإسلامية في نشر اللغة العربية، وتعريب اللسان المسلم في المالديف؟

- لقد عرفت المالديف الإسلام منذ بدايات القرن الخامس الهجري، وتجاوب الشعب المالديفي مع دعوة الإسلام، حيث اعتنق الملك " ماهاكا لامنجا" الإسلام، وأطلق على نفسه اسم" محمد بن عبد الله"، وطلب من الدول الإسلامية قوافل لنشر الوعي الديني واللغة العربية بين سكان الجزر، واختلط الشعب المالديفي بالعرب والأفارقة، وقد انتشرت في المالديف لغات متعددة مثل لغة "الايلو"، واللغة "السنهالية"، واللغة "السنسكريتية"، وقد تأثرت هذه اللغات باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم، فنشأت لغة جديدة هي اللغة الديفيهية وهي لغة التدريس في جميع المدارس، وتضم هذه اللغة مفردات عربية وفارسية وبعض كلمات من اللغات المتداولة في قارة آسيا، وقد سادت الكلمات العربية في اللغة الديفيهية حتى استخدمت الأبجدية العربية في تدوين هذه اللغة منذ عام 548 هجرية.

وأضاف: لقد بدأت المالديف مسيرتها نحو التعريب منذ استقلالها في عام 1965ميلادية، ودعمت الدول العربية - وفي مقدمتها السعودية ومصر - مسيرة التعريب في المالديف، وذلك عن طريق تخصيص المنح الدراسية لأبناء المالديف لدراسة علوم الإسلام واللغة العربية بالجامعات الإسلامية، وأصبحت اللغة العربية لغة تخاطب يومي في المالديف بسبب التوسع في إنشاء المدارس الإسلامية والعربية في جميع الجزر، وقبل ذلك كله الإقبال على حفظ وتلاوة القرآن الكريم، حيث يدرّس القرآن الكريم وعلومه في جميع المدارس.

ترجمة معاني القرآن الكريم:

- سمعنا عن إعداد ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الديفيهية فما أهمية إنجاز هذه الترجمة ما دامت اللغة العربية منتشرة في المالديف؟

- الشعب المالديفي من الشعوب المسلمة الخالصة في قارة آسيا، ويتحدث فعلاً باللغة العربية، إلا أن نشر هذه اللغة ما زال في المهد، والشعب المالديفي في حاجة إلى أن يتفهم كل ما جاء في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، وكلها باللغة العربية، لذا فإن الشيخ مأمون عبد القيوم رئيس جمهورية المالديف شكّل لجنة تضم كبار علماء الإسلام الذين يجيدون التحدّث باللغة العربية ويحفظون القرآن الكريم عن ظهر قلب لإعداد أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الديفيهية لمساعدة المسلمين على فهم تعاليم وهدى الدين الإسلامي الحنيف، وقد تمت مراجعة هذه الترجمة، وهي جاهزة للطبع لتوزيعها على المسلمين في كل أنحاء جزر المالديف بحيث يتوافر لكل مسلم نسخة من المصحف الشريف، ونسخة من الترجمة الصحيحة لمعاني القرآن الكريم باللغة الديفيهية.

تطبيق الشريعة:

- ما مدى تطبيق الشريعة الإسلامية في المالديف، ودور المحكمة العليا في هذا المجال؟

- دعني أؤكد لكم أن الشريعة الإسلامية مطبّقة في المالديف في جميع المجالات خاصة في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومواريث، وأن جميع الحدود مطبقة فيما عدا الرجم وقطع يد السارق، وجميع المحاكم في المالديف تُصدر أحكامها وفقاً للشريعة الإسلامية.

كما تقوم المحكمة العليا في المالديف بدور إيجابي في مراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامي في جميع المحاكم، وقد أُنشئت المحكمة العليا بالمالديف منذ الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1980 ميلادية، وتتولى مراجعة كل القوانين التي تصدر عن البرلمان المالديفي للتأكد من مطابقة هذه القوانين لأحكام الشريعة الإسلامية.

1087 جزيرة:

- تضم المالديف العديد من الجزر السياحية التي يقصدها السياح من كل أنحاء العالم، فهل يلتزم السياح بمراعاة مشاعر المسلمين؟

- المعروف أن المالديف تضم (1087) جزيرة صغيرة تقع جميعها في المحيط الهندي في غرب سريلانكا، وقد خصصنا (84) جزيرة منها للسياحة فقط، فهذه الجزر خالية من السكان، وتضم فنادق لتقديم خدماتها للسياح، وبالرغم من ذلك فنحن نلزم السائح باحترام قوانين البلاد الإسلامية، فلا عُري ولا خروج على الآداب العامة، وقد أصدر قاضي قضاة المالديف الشيخ موسى فتحي قاسم فتوى بعدم إباحة الفطر علناً خلال شهر رمضان المبارك.

جامعة إسلامية:

- وهل توجد في المالديف جامعة إسلامية؟

- لقد تأسس في المالديف منذ عام 1980 ميلادية معهد الدراسات الإسلامية لتخريج الدعاة والمعلمين اللازمين للعمل بالمساجد والمدارس، وتدريس علوم الإسلام واللغة العربية، وتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره، وتيسير فهم الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية.

وأضاف الشيخ محمد رشيد إبراهيم: ونحن نسعى لتحويل هذا المعهد إلى جامعة إسلامية في منطقة المحيط الهندي، حيث وجّه الشيخ مأمون عبد القيوم رئيس الجمهورية نداء إلى الدول العربية والإسلامية بضرورة المساهمة في دعم هذا المشروع، وإيفاد الأساتذة للعمل بهذه الجامعة الإسلامية.

القضاء على الأمية:

- المالديف من الدول الإسلامية التي عانت كثيراً من الأمية، نرجو تسليط الضوء على جهودكم في محو أمية الشعب المسلم في المالديف؟

- لقد تغلبنا بفضل الله - تعالى- على آفة الأمية حيث أسست حكومة المالديف العديد من المدارس في كل الجزر، وكل جزيرة الآن بها أكثر من مدرسة، وقد تمّ محاصرة الأمية بحفظ القرآن الكريم ونشر التعليم، وأؤكد لكم أن نسبة 2.5 في المئة فقط من إجمالي السكان، وعددهم 270 ألف نسمة هم الذين يُعانون من الأمية، وقد نجحنا بتوفيق من الله - تعالى- في محو أمية أكثر من 97 في المائة من إجمالي عدد سكان المالديف، وخلال السنوات القليلة المقبلة سوف نقضي على الأمية نهائياً في جميع جزر المالديف.