المصدر: موقع مسلمون حول العالم، 7 يونيو 2020م.
“لقد عادت إلينا شخصيتنا الإسلامية التي لا يمكن أن نفرط فيها.. إننا مسلمون وسنبقى مسلمين.. وسنعمل جاهدين على تعلُّم وتعليم أبنائنا ديننا ولغتنا وتقاليدنا الأصيلة”..
بهذه الرسالة الواضحة، أكد الشيخ سيران عريفوف؛ رئيس الهيئة التشريعية في اتحاد “الرائد” في أوكرانيا، وهي أكبر مؤسسة أوكرانية مستقلة تُعنى بشئون وقضايا المسلمين في البلاد، بأنهم ماضون على درب ترسيخ تواجدهم في أوكرانيا في ظل التمسك بهويتهم، وعدم التفريط في حقوقهم وحرياتهم، سواء الدينية أو المدنية أو العرقية.
وأشار الشيخ عريفوف – وهو كذلك مدير مركز الرضوان لتحفيظ القرآن في أوكرانيا – إلى أن وضع المسلمين التعليمي مقارنةً بالأوكران والروس جيد، إلا أنه: “قد يكون أكاديميًّا من الدكاترة والبروفيسورات ضعيفًا قليلًا عند مسلمي تتار القرم بسبب قلة ذات اليد؛ إذ إن 60 % من مسلمي القرم فقراء”.
ولفت ضيف الحوار من أوكرانيا إلى أن: مسلمي البلاد “يحترفون جميع المهن، ويعملون في العديد من الوظائف، ولكن لا يُقلّدون المناصب السياسية العليا ومناصب الجيش والأمن والقضاء”.
جاء ذلك في سياق حوار: (الإسلام والمسلمون في أوكرانيا)، وهو الحوار الثاني عن أوكرانيا، والثامن والعشرون في سلسلة: “حوارات الأقليات المسلمة على الفيسبوك”، والتي تأتي في سياق برنامج للتعريف بواقع الإسلام والمسلمين حول العالم.
أُجري الحوار على الفيسبوك خلال فبراير 2016م، ونشر على موقع مرصد الأقليات المسلمة، وإلى الحوار..
المشاركة الأولى.. من: هاني صلاح؛ رئيس تحرير الموقع الإلكتروني لـ”مرصد الأقليات المسلمة”، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 1، 2، 3):
1 ـ حول التعريف بدولة أوكرانيا من خلال:
أ ـ نبذة مختصرة عن أهمية دولة أوكرانيا، وعن الخريطة العرقية التي يتكون منها شعبها.
أوكرانيا لها اليوم أهمية جيوسياسية واقتصادية كبيرة لموقعها بين الاتحاد الروسي من جهة، والاتحاد الأوروبي والناتو من جهة أخرى، وعبْرها يُنقل معظم الغاز الروسي إلى أوروبا، وأراضيها الزراعية واسعة وخصبة وقادرة على أن تكون سلة غذائية كبيرة، واليد العاملة فيها رخيصة نوعًا ما.
عدد سكان أوكرانيا 46 مليون نسمة، نسبة 78% من الأوكران، و22% من الروس وأقليات من البيلاروس والرومانيين والتتار.
ب ـ وكذا أهميتها الإقليمية بين دول المنطقة الأخرى..
أوكرانيا ثاني أكبر دولة في أوروبا ـ بعد الجزء الأوروبي من روسيا ـ وهي عضو في منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود ((BSES.
إن قيام روسيا باحتلال جزء من أراضيها، وهي شبه جزيرة القرم عام 2014م، وسعي أوكرانيا للانسلاخ من المظلة السياسية والاقتصادية الروسية، وسعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو جعل أهميتها الإقليمية في المنطقة تتزايد.
ج ـ أيضًا أهميتها بالنسبة لدول العالمين الإسلامي والعربي وعلاقتها بهما..
تقيم أوكرانيا علاقات دبلوماسية سياسية واقتصادية مع عدد من الدول الإسلامية والعربية، ولها مع هذه الدول علاقات تجارية في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة والتصنيع العسكري، ومن هذه الدول: تركيا وإندونيسيا ودول الخليج وغيرها.
2 ـ وبشأن التعريف بمسلمي أوكرانيا من خلال:
أ ـ الخريطة العرقية لمسلمي أوكرانيا..
يزيد عدد المسلمين في أوكرانيا عن مليون نسمة، فحوالي 60% منهم من شعب تتار القرم ذي الأصول التركية، و15% من مسلمي أوكرانيا من تتار الفولغا أو يسمون تتار قازان، والباقي من الأذر والأوزبيك والطاجيك وشعوب القوقاز والعرب والأتراك وغيرهم.
ب ـ الخريطة الجغرافية لمناطق تواجدهم في أوكرانيا..
يتركز تواجد المسلمين بشكل أساسي في شبه جزيرة القرم في جنوب أوكرانيا؛ حيث شعب تتار القرم، وفي شرق أوكرانيا؛ حيث يعيش تتار الفولغا، وفي المدن الكبرى؛ كالعاصمة كييف وأوديسا وخاركوف.
ج ـ الخريطة الاجتماعية للمسلمين: الوضع التعليمي والوظيفي والاقتصادي..
وضع المسلمين التعليمي مقارنةً بالأوكران والروس جيد، وقد يكون أكاديميًّا من الدكاترة والبروفيسورات ضعيفًا قليلًا عند مسلمي تتار القرم بسبب قلة ذات اليد؛ إذ إن 60% من مسلمي القرم فقراء، ويحترف المسلمون جميع المهن، ويعملون في العديد من الوظائف، ولكن لا يُقلّدون المناصب السياسية العليا ومناصب الجيش والأمن والقضاء.
د ـ الخريطة الدينية للمسلمين: سنة أم شيعة؟ وما أبرز مؤسساتهم؟
مسلمو أوكرانيا هم من السنة، أحناف المذهب، وأبرز مؤسساتهم: الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا “أمة”، والإدارة الدينية لمسلمي القرم، واتحاد المنظمات الاجتماعية “الرائد”، وتوجد إدارة دينية لفرقة الأحباش، والتي تحارب دعاة الإسلام وعلماءه.
3 ـ التعريف بضيف الحوار من أوكرانيا من خلال:
أ ـ تعريف إنساني واجتماعي ووظيفي ودعوي..
سيران عثمان عريفوف من الأقلية القرمية التترية المسلمة في شبه جزيرة القرم وجنوب أوكرانيا. بكالوريوس دراسات إسلامية جامعة الجنان – لبنان، متزوج ولدي 3 أطفال.
ب ـ ما أهم المهام التي تقومون بها حاليًّا؟
نائب رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية “الرائد” في أوكرانيا، ورئيس هيئته التشريعية.
ج ـ وما أبرز المسئوليات التي قمتم بها سابقًا؟
سابقًا نائب رئيس مكتب اتحاد “الرائد” في شبه جزيرة القرم، وخطيب وإمام المركز الإسلامي بمدينة سيمفروبل بالقرم، وعضو الإدارة الدينية لمسلمي القرم “المفتيات”.
المشاركة الثانية.. من: الشاعر التهامي فريشح؛ من مصر، وتتضمن السؤال رقم (4):
4 ـ في أي عصر من العصور دخل الإسلام أوكرانيا؟ وكيف دخل؟ وعلي يد مَن؟
عدد من المؤرخين الأوكرانيين يُرجحون وصول الإسلام إلى أوكرانيا في القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، ولكن عددًا منهم يُقرُّ – من خلال تتبع طرق التجارة التي سلكها المسلمون، وتحركات الرعاة المتنقلين من الشعوب التركية، وكذلك من خلال كتابات الرحالة العرب المسلمين الذين وصلوا المنطقة ومقتنيات المتاحف الأوكرانية من النقود والمسكوكات القديمة – يقر بأن الإسلام وصل إلى شعوب هذه البلاد مع نهاية القرن الثامن وبداية القرن التاسع الميلاديين.
المشاركة الثالثة.. من: محمد الشافعي؛ طالب جامعي من مصر، وتتضمن خمسة أسئلة (أرقام: 5 – 9):
5 ـ ما المنظمات العاملة في خدمة المسلمين في أوكرانيا؟ وما مدى جديتها واستقلالية قراراتها؟
أكبر مؤسسة أوكرانية مستقلة تُعنى بشئون وقضايا المسلمين في أوكرانيا هي اتحاد المنظمات الإسلامية “الرائد”، وهي مؤسسة أوكرانية تأسست عام 1997م، ويضم الاتحاد 20 جمعية بدأت بتقديم خدماتها للمسلمين مباشرة بُعيد استقلال أوكرانيا عام 1991م، ويشرف اتحاد الرائد على 11 مركزًا إسلاميًّا متواجدًا في جميع المناطق الأوكرانية.
وقد قام اتحاد الرائد – بالتعاون مع عدد من المؤسسات العربية والعالمية، وخلال سنوات عمله – ببناء ما يربو على مائة مسجد في جنوب وشرق ووسط البلاد، ويكفل حوالي 2200 يتيم، وبرامجه التعليمية والثقافية والإغاثية تشمل المسلمين المحليين والجالية العربية والإسلامية.
6 ـ ما الوضع الاقتصادي لمعظم المسلمين؟ وما نسبة المتعلمين منهم بمختلف الدرجات العلمية؟
يمكن أن نقول: إن غالبية المسلمين من تتار القرم الذين يسكنون جنوب البلاد في شبه جزيرة القرم فقراء، ومن المشاكل الكبيرة التي تواجههم: مشكلة البطالة، وعدم توافر فرص العمل، وتصل نسبة البطالة بين المسلمين إلى 49%، وقد زادت – للأسف – بعد سيطرة روسيا على شبه الجزيرة عام 2014م، كما أن حوالي 25 ألفًا منهم هاجروا مضطرين إلى أوكرانيا؛ بسبب الضغوطات التي يتعرضون لها من قِبل السلطات الروسية.
أما أوضاع المسلمين في شرق أوكرانيا، فهي ليست أفضل حالًا، خاصة بعد سيطرة الانفصاليين المدعومين من روسيا على أجزاء كبيرة من مقاطعتي دونتسك ولوغانسك، والتي يقنطها حوالي 120 ألف مسلم من تتار الفولغا، أو يسمون أيضًا تتار قازان؛ مما اضطر الكثير منهم لترك بيوتهم وأعمالهم والانتقال إلى وسط وغرب أوكرانيا.
يحرص المسلمون اليوم على تعليم أبنائهم وتعويضهم عن الحرمان الذي مارسه الشيوعيون على آبائهم وأجدادهم؛ إذ إن نظام ستالين الدموي هجّر المسلمين من أراضيهم، وحرمهم من حقوقهم في التعليم العالي والوظائف العليا.
7ـ ما الذي ينقص المسلمين من الناحية المؤسسية ويحتاج إلى مساعدة إخوانهم المسلمين من الأقطار المختلفة؟
بلا شك لا يمكن الاستغناء عن خبرة ومساعدة إخواننا، وخاصة مسلمي أوروبا، فنحن نطمح دائمًا للتطور وتقديم الأداء المؤسسي الأفضل.
8 ـ ما وضع مسلمي شبه جزيرة القرم بعد استقلالها عن أوكرانيا؟
مسلمو شبه جزيرة القرم عانوا الأمرَّين وما يزالون؛ فقد تمَّ تهجيرهم عن وطنهم الأصلي شبه جزيرة القرم منذ أن سيطر عليها القياصرة الروس عام 1783م، ثمَّ تمَّ تهجيرهم عن بكرة أبيهم عام 1944م على يد الشيوعيين بتهمة الخيانة والتعامل مع الألمان، ثم برَّأهم مجلس السوفيت عام 1989م، وبدؤوا بالعودة تدريجيًّا لوطنهم مع استقلال أوكرانيا، ليجدوا بيوتهم قد سُكنت من قِبل المستوطنين الجدد من الروس والأوكران، فسكنوا الجبال والقرى النائية التي تفتقر للبنية التحتية.
ولقد بدأ المسلمون نضالهم من أجل الحصول على حقوقهم تحت شعار: “لقد عادت إلينا شخصيتنا الإسلامية التي لا يمكن أن نفرط فيها. إننا مسلمون وسنبقى مسلمين، وسنعمل جاهدين على تعلُّم وتعليم أبنائنا ديننا ولغتنا وتقاليدنا الأصيلة”.
وفي عام 2014م، سيطر الروس على شبه جزيرة القرم، وبدأت السلطات الجديدة حملة جديدة من سياسة تقييد حريات العمل الإسلامي، والتضييق على أرزاق المسلمين، بسبب رفضهم للوجود الروسي غير الشرعي.
9 ـ ماذا يحتاج المسلمون في أوكرانيا من الناحية الإعلامية؟
المسلمون في أوكرانيا لديهم منابر إعلامية من صحف ومواقع إلكترونية متخصصة وغيرها، ومؤخرًا أسس “الرائد” مؤسسة إعلامية متخصصة “إيخا ميديا” تقوم بإنتاج وتسويق البرامج الوثائقية والتلفزيونية عن الإسلام لقنوات أوكرانية.. وما زال العمل الإعلامي بحاجة لتطوير ودعم بالتأكيد.
المشاركة الرابعة.. من: سعيد محمد؛ مدير موقع “مباشر أوروبا” الإلكتروني من ميلانو/إيطاليا، وتتضمن أربعة أسئلة (أرقام: 10 – 13):
10 ـ هل هناك اختلاف في مواقيت الصلاة كما نلاحظ في أغلب الدول الأوروبية من وجود أكثر من توقيت؟
لا، الحمد لله.. مواقيت الصلاة موحدة.
11 ـ ماذا عن مشكلة اللحوم والطعام الحلال.. هل هناك مجازر خاصة بكم؟
ليس لدينا مجازر خاصة بنا، ولكن لدينا مؤسسة تشرف وتراقب منتجات الحلال المصنعة والمنتجة في أوكرانيا من اللحوم والدجاج والمنتجات الغذائية الأخرى، وتُصْدر شهادات معتمدة في ذلك المجال، ولديها عدد من المشرفين والمتخصصين الذين يراقبون عمليات الذبح والتصنيع.
12 ـ ماذا عن أوضاع المساجد في عموم أوكرانيا.. كم عددها تقريبًا؟ وهل يتوفر لها عدد الأئمة الكافي؟ وهل هناك صعوبات في تراخيص بناء المساجد؟
عدد المساجد في أوكرانيا مع شبه جزيرة القرم يزيد عن 300 مسجد، وعدد الأئمة المؤهلين ليس كافيًا – للأسف – حتى الآن، ولا توجد بشكل عام مشاكل في الحصول على تراخيص لبناء المساجد في القرى والبلدات، ولكن توجد صعوبات في التراخيص والبناء في المدن الكبيرة.
13 ـ ما أهم التحديات أو أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في أوكرانيا؟
أبرز التحديات هي على المستوى الديني والثقافي؛ إذ يواجه المسلمون المحليون خطر الذوبان في المجتمع، وفقْد شخصيتهم وعاداتهم وتقاليدهم بسبب وجودهم كأقلية، وهنا تكمن أهمية المراكز الإسلامية والمساجد التي تحافظ على الأسرة المسلمة من الضياع، وتكمن الأهمية الكبرى في تأمين المدارس الإسلامية للمسلمين المحليين وأبناء الجاليات المسلمة في المدن الكبرى.
المشاركة الخامسة.. من: حسين الصيفي؛ ناشط في مجالات الدعوة والإعلام في البرازيل، ومدير مكتب هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في البرازيل، وتتضمن ثلاثة أسئلة (أرقام: 14 – 16):
14 ـ ما الطريقة المتبعة عندكم في تحفيظ القرآن الكريم؟
الحفظ يتم عن طريق التلقين والحفظ اليومي مع التكرار والمراجعة الدائمة.
15 ـ هل هناك إحصاء لعدد حُفاظ القرآن الكريم في أوكرانيا؟
في أوكرانيا حوالي 30 حافظًا للقرآن الكريم من الجنسين، ومن المسلمين المحليين، والمسلمين الجدد والمقيمين من الجالية الإسلامية، والحمد لله لدينا مركز لتحفيظ القرآن الكريم في القرم، وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم للجنسين في المركز الإسلامي بالعاصمة كييف وبعض المدن.
16 ـ ما أخبار الدعوة الإسلامية في أوكرانيا؟
الحمد لله، الدعوة الإسلامية ماضية، وعدد المقبلين على الإسلام والمهتدين الجدد في ازدياد، ولدينا عدد من المتخصصين في الشريعة والدعوة الإسلامية.
المشاركة السادسة.. من: محمد سرحان؛ صحفي مصري وباحث في شئون الأقليات المسلمة، وتتضمن سؤالين (أرقام: 17، 18):
17ـ ماذا قدم المسلمون للمجتمع الأوكراني في مجالات الحياة العامة؟
المسلمون في أوكرانيا جزء من المجتمع الأوكراني، وقضاياه هي قضاياهم، وهم يشاركون في جميع المناشط السياسية والاجتماعية والثقافية، وساهموا ويساهمون في مد جسور التواصل بين أوكرانيا والعالم الإسلامي.
18ـ التغطية الإعلامية حول مسلمي أوكرانيا للجمهور العربي جيدة، وذلك عن طريق تقارير صحفية وتلفزيونية تُنشر باستمرار، لكن ماذا عن النوافذ الإعلامية المحلية لمسلمي أوكرانيا للتعريف بدينهم؟
يوجد لدينا – والحمد لله – عدة مواقع إلكترونية باللغتين الأوكرانية والروسية للتعريف بالمسلمين وقضاياهم وأنشطتهم، وكذلك مؤسسة “إيخا ميديا” تنتج العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية باللغة الأوكرانية حول الإسلام ووجهة نظره في القضايا المختلفة.
المستودع الدعوي الرقمي نسعى لتكوين أكبر مستودع معرفي ومعلوماتي للدعوة والدعاة حول العالم، من خلال توفير الملفات والتقارير والبيانات الخادمة للعاملين في الدعوة إلى الله.